NEW_MAN
16-02-2006, 08:17 PM
أعمدة
43537 السنة 130-العدد 2006 فبراير 17 18 من المحرم 1427 هـ الجمعة
سياسة خارجية
بقلم : محمد صابرين
مئذنة في قلب أوروبا؟
برغم الزمن, فإن التاريخ الدامي الذي جمع بيننا وبين أوروبا لا يبدو أنه قد بلغ ذروته وانطفأ الي هذا علي الأقل ما يبدو الآن كإحدي النتائج المباشرة لحرب الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول( صلي الله عليه وسلم) وفي حين يدعونا خافيير سولانا مهندس السياسة الأوروبية الي تجاهل الأصوات غير المسئولة في القارة العجوز, إلا أن الوقائع علي الأرض تبدو مغايرة, وأحسب أن صندوق باندورا ـ المليء بكل الشرور ـ قد انفتح علي مصراعيه, ولن يكون بمقدورأحد إغلاقه لأن الأزمة فتحت مئات الملفات, وجميعها تسير الي حقيقة وحيدة: مئذنة في قلب أوروبا.. ماذا ستفعل بها ومعها؟!
أول الأسئلة يتعلق بحدود حرية التعبير: فتري الدعوة الي حرب صليبية جديدة ضد المسلمين داخل نطاق هذه الحرية, وهل المطالبة بترحيل المسلمين, وسحب تصاريح الاقامة والعمل بل والجنسية يدخل في أي حرية أم يعتدي علي حقوق المواطنة؟! وفي بريطانيا التي تفخر بتعدد الثقافات فإن نيك جريفين زعيم الحزب الوطني البريطاني وصف الإسلام بأنه كريه وشرير ولم يدن بتهمة التحريض علي الكراهية, بل جرت تبرئته من قبل القضاء! ولعل السؤال هنا مشروع: تري هل تترك أوروبا تعدد الثقافات تصلب علي مذبح الإسلامو فوبيا أو الخوف المرضي الذي يحرك العداء للاسلام في ربوع القارة؟.
وأعتقد أن التهوين من صعود اليمين المتطرف أو التقليل من حجم الخوف من هجرة المسلمين إلي أوروبا لن يفيد, ففي الدنمارك ضعف التسامح الديني واحترام حقوق الانسان أمر بارز حتي قبل نشر الرسوم, وثمة حركة شرسة ترغب في استرجاع الثقافة الأصلية أو مثلما عبر عنها وزير الشئون الثقافية, برايان نيكلسن لقد خضنا الحرب ضد أيديولوجية التعددية الثقافية التي تؤمن بتكافؤ الأشياء كلها وصلاحيتها جميعا علي حد سواء هناك تساؤل حقيقي آخر: هل هناك مكان لثقافة المسلمين ومعتقداتهم في الهوية الأوروبية؟ وهل هي تقف علي قدم المساواة مع الروافد الأخري؟.
** والأصوات ليست وحيدة, بل إن الحزب المسيحي الديمقراطي الإلماني الحاكم في ولاية بادن فورتمبرج أعد قائمة اسئلة لراغبي الهجرة وصفت بأنها قائمة المسلمين ويجري السؤال عن: السماح للبنات بدروس السباحة, مسئولية اليهود عن كل الأشياء السيئة في العالم, عن أي ارهابي محتمل؟! علي أي حال يبدو أن البعض في أوروبا لايرون أن المسلمين بمقدورهم تبني وجهات نظر مختلفة, وأن يكونوا مواطنين صالحين وللعقلاء في أوروبا أقول: هذه ليست حربنا بمفردنا, ولن نخسرها, ولن نكسبها إلا معا.. لأن المئذنة وجدت في قلب أوروبا كي تبقي!
http://www.ahram.org.eg/Index.asp?CurFN=AMOD2.HTM&DID=8765
43537 السنة 130-العدد 2006 فبراير 17 18 من المحرم 1427 هـ الجمعة
سياسة خارجية
بقلم : محمد صابرين
مئذنة في قلب أوروبا؟
برغم الزمن, فإن التاريخ الدامي الذي جمع بيننا وبين أوروبا لا يبدو أنه قد بلغ ذروته وانطفأ الي هذا علي الأقل ما يبدو الآن كإحدي النتائج المباشرة لحرب الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول( صلي الله عليه وسلم) وفي حين يدعونا خافيير سولانا مهندس السياسة الأوروبية الي تجاهل الأصوات غير المسئولة في القارة العجوز, إلا أن الوقائع علي الأرض تبدو مغايرة, وأحسب أن صندوق باندورا ـ المليء بكل الشرور ـ قد انفتح علي مصراعيه, ولن يكون بمقدورأحد إغلاقه لأن الأزمة فتحت مئات الملفات, وجميعها تسير الي حقيقة وحيدة: مئذنة في قلب أوروبا.. ماذا ستفعل بها ومعها؟!
أول الأسئلة يتعلق بحدود حرية التعبير: فتري الدعوة الي حرب صليبية جديدة ضد المسلمين داخل نطاق هذه الحرية, وهل المطالبة بترحيل المسلمين, وسحب تصاريح الاقامة والعمل بل والجنسية يدخل في أي حرية أم يعتدي علي حقوق المواطنة؟! وفي بريطانيا التي تفخر بتعدد الثقافات فإن نيك جريفين زعيم الحزب الوطني البريطاني وصف الإسلام بأنه كريه وشرير ولم يدن بتهمة التحريض علي الكراهية, بل جرت تبرئته من قبل القضاء! ولعل السؤال هنا مشروع: تري هل تترك أوروبا تعدد الثقافات تصلب علي مذبح الإسلامو فوبيا أو الخوف المرضي الذي يحرك العداء للاسلام في ربوع القارة؟.
وأعتقد أن التهوين من صعود اليمين المتطرف أو التقليل من حجم الخوف من هجرة المسلمين إلي أوروبا لن يفيد, ففي الدنمارك ضعف التسامح الديني واحترام حقوق الانسان أمر بارز حتي قبل نشر الرسوم, وثمة حركة شرسة ترغب في استرجاع الثقافة الأصلية أو مثلما عبر عنها وزير الشئون الثقافية, برايان نيكلسن لقد خضنا الحرب ضد أيديولوجية التعددية الثقافية التي تؤمن بتكافؤ الأشياء كلها وصلاحيتها جميعا علي حد سواء هناك تساؤل حقيقي آخر: هل هناك مكان لثقافة المسلمين ومعتقداتهم في الهوية الأوروبية؟ وهل هي تقف علي قدم المساواة مع الروافد الأخري؟.
** والأصوات ليست وحيدة, بل إن الحزب المسيحي الديمقراطي الإلماني الحاكم في ولاية بادن فورتمبرج أعد قائمة اسئلة لراغبي الهجرة وصفت بأنها قائمة المسلمين ويجري السؤال عن: السماح للبنات بدروس السباحة, مسئولية اليهود عن كل الأشياء السيئة في العالم, عن أي ارهابي محتمل؟! علي أي حال يبدو أن البعض في أوروبا لايرون أن المسلمين بمقدورهم تبني وجهات نظر مختلفة, وأن يكونوا مواطنين صالحين وللعقلاء في أوروبا أقول: هذه ليست حربنا بمفردنا, ولن نخسرها, ولن نكسبها إلا معا.. لأن المئذنة وجدت في قلب أوروبا كي تبقي!
http://www.ahram.org.eg/Index.asp?CurFN=AMOD2.HTM&DID=8765