makakola
14-04-2006, 03:33 AM
http://www.annaqed.com/article.aspx?article=10980
رسالة الى د. فيصل القاسم! ـ وفاء سلطان
بقلم وفاء سلطان 4/10/2006
تريثت أياما قبل ان اردّ على مقالة السيّد الدكتور فيصل القاسم "اشتم العرب والمسلمين واصبح مشهورا في امريكا" كي اتيح الوقت لأغلبية قرّاء المواقع التي نشرتها ان تقرأها، فتصبح تلك الاغلبية قادرة على ان تتذكر من قصد السيد الدكتور في مقالته تلك.
لا شكّ ان المتتبع للصحافة العربية والعالمية والذي قرأ المقالة المذكورة يدرك، ودون ادنى شك، بأن وفاء سلطان قد وقعت ضحيّة الارهاب الفكري الذي يمارسه ملاّكو الرغيف في قطر عموما وفي الجزيرة خصوصا على السيّد القاسم!
**************
انا ولدت لأكتب.. وهاجرت لأكتب..
على باب السفارة الامريكيّة في دمشق وبعد ان قضيت ليلا بكامله وقعت عقدا بين وبين السماء: امنحيني الحريّة ايتها السماء ونذرا لك ان ادافع عن حريّة الآخرين حتى امنحها لهم او اموت دون ذلك!
منذ اليوم الأول التي وطأت به قدمي ارض المهجر بدأت الكتابة ولم انحرف قيد انملة عن الخط الذي رسمه اول حرف صغته!
سبعة عشر عاما وانا انتقل بين الصحف العربية المحليّة هنا في لوس انجلوس، تطردني الواحدة للأخرى!
هذا مؤجور من قبل صدام وذاك من قبل السعودية وآخر يقتات على فضلات السفارة السوريّة وانا اتوسل للجميع كي ينشروا لي مقالا مقابل ان ادفع لهم ثمن اشتراك!
استخدموا جميعهم مقالاتي كورقة رابحة ليضغطوا بها على الجهات الممولة لهم فتزيد من دعمها. وعندما كان الناشر يحقق مأربه كان يرفض الاستمرار في نشرها.. بعضهم يعتذر برفق والبعض الآخر يشتمني.
هذه قصة بداياتي والتي استمرت حتى قرر الأخ الاستاذ بسّام درويش انشاء موقعه الالكتروني"الناقد" ودعاني مشكورا كي احلق في آفاقه الرحبة.
منذ اليوم الاول لولادة ذلك الموقع لم تعرف أجنحتي حدودا، فالسماء لا حدود لها!
في العام الماضي، وتحديدا في اواخر تموز، اتصل بي السيّد القاسم ودعاني للمشاركة في برنامجه " الاتجاه المعاكس".
ليس في بيتي قناة الجزيرة وانا، عموما، لست من عشاق التلفزيون واكاد لا اتفرج عليه الاّ بالمناسبات.
لا اعرف كيف وصل القاسم الى وفاء سلطان، ولا اعرف حتى تلك اللحظة من كان وراء اختياري ولماذا اختاروني!
معلوماتي عن البرنامج كانت ضحلة للغاية ولم يسمح لي قصر الزمن ان ابحث عن طبيعته، فقبلت العرض دون شروط ليس حبّا بالظهور وانّما ايمانا برسالتي!
كانت موضوع الحلقة: علاقة الاسلام بالارهاب...
لا داعي لشرح الزوابع التي اثارتها فالكلّ يعرف...
لكنني لا املك حيالها الا ان اشكر السيّد القاسم الذي ساهم في توسيع رقعة جمهوري وتعريف شريحة اوسع من الناس في الوطن العربي عليّ، فالتلفزيون يملك عموما شريحة اوسع بكثير من شريحة الصحف سواء كانت مطبوعة ام الكترونيّة.
لم يطل الزمن اكثر من بضعة اشهر لأفاجأ بالسيّد القاسم يتصل بي ويقترح مشاركة اخرى لي في برنامجه حول موضوع "صراع الحضارات"، ورحبت مرّة اخرى بالفكرة علما بانني لم اكن اتوقعها وتساءلت: عجبا هل نسي السيّد القاسم من انا؟!
وكانت الحلقة..
ولكنها اخذت هذه المرّة بعداً آخرَ شكّل نقطة الانعطاف الاكثر خطورة في عمري الكتابي!
*****************
سبعة عشر عاما من هذا العمر قضيتها هنا في امريكا دون ان يعرف جاري الامريكي الذي يسكن بيتا مجاورا لبيتي ما اسمي او من انا. كلّما التقت عيناه بعينيّ يرمي عليه التحية: اسعدت وقتا فافا! فهو لايعرف ان يلفظ اسمي ويختصره بفافا!
وتقتصر معظم دردشاتنا على حديقتي التي تنافس بجمالها حديقته!
سبعة عشر عاما حققت في حياتي المهجريّة نجاحا لا يمكن ان تحقق اكبر منه امرأة اخرى.
فأنا، باختصار، اغنى واسعد امرأة في العالم.
بيتي الذي اشتريته بعرق جبيني منذ عشرة اعوام لا تستطيع كلّ قصور ملوك وامراء النفط ان تنافسه.
لا بمساحته ولا بزخرفته وفخامته، وانّما بالحبّ الذي يعمره وبالسعادة التي تسكنه!
قصورهم مبنيّة على جماجم الناس ومجبولة بعرقهم ودمائهم ومسروقة من رغيف خبزهم، وبيتي مبنيّ على دعائم من حبّ ومجبول بعرقي وعرق زوجي واولادي.
حديقتي هي كنزي.. ازهارها واشجارها تتربع على قمّة جدول اعمالي.. كل زهرة فيها مرويّة بيدي وكلّ شجرة شهدت ولادة مقالة، على الاقل، من مقالاتي.
الساعة التي اقضيها كلّ فجر مع زوجي نحتسي قهوة الصباح واقرأ صحيفة لوس انجلوس تايمز في احدى المقاهي القريبة من بيتي هي اسعد وقت في حياتي، ولا استبدلها بكنوز قطر وكل جيرانها!
احتاج لاستمتع بقهوتي مع قطعة كيك الى بضعة دولارات ولا احتاج الى ملايين. ايّ عمل شريف في امريكا كفيل بتأمين تلك البضعة من الدولارات.
بضعة دولارات كل يوم، وهي بالمقياس الامريكي مبلغ ضيئل للغاية، تكفي لصناعة سعادتي اليوميّة.
فنجان قهوة وقطعة كيك وصحيفتي المفضلة!
تلك هي السعادة في قمتها، على الاقل بالنسبة لي!
لن آكل ولن ألبس ذهبا، لا يعنيني ولست من هواة جمعه! اعرف تماما أنّ الحياة قصيرة ولن آخذ في حقائبي للعالم الآخر سوى ما قدّمته للبشرية خلال حياتي.
لن اترك لأولادي سوى علمهم وشهاداتهم التي يتلقونها من افضل جامعات العالم وبورصة تأمين على حياتي وحياة والدهم.
كلّ بنوك العالم ليست قادرة ان تدفع لي ثمنا لكتاباتي فهي تفوق بقيمتها كلّ ثمن.
عائلات باولادها في وطني الأم تعيش على مساعدتي وهذا عامل آخر من عوامل سعادتي.
المبالغ التي ارسلها لهم لا تؤثر على وضعي المادي، بل تصنع الكثير في حياتهم.
تعود ابنتي من مدرستها وتلقي ببعض القطع النقديّة في حصالتها وهي تقول: هذه القطع تكفي لشراء طعام لطفل سوريّ.
علمتهم قيمة القرش لا كي يبخلوا على انفسهم بل كي يحسّوا بحرمان غيرهم!
يوم واحد في الاسبوع نمتنع فيه عن ارتياد المطاعم كي نضمن طعاما لعائلة سورية في الشهر.
في المحلات التجارية اختار الحذاء الأرخص من غيره بثلاث دولارات، لا لأنني أبخل على نفسي بل أقرّشها بالعملة السوريّة فأقول: ثلاث دولارات كافية لشراء حقيبة مدرسيّة لطفل سوري!
بعد سبعة عشر عاما من وجودي في امريكا ما زلت أقرّش مصروفي هنا بالعملة السوريّة، رغم تفاهتها، لا كي ازيد من رصيدي في البنوك الأمريكيّة بل كي ازيد من رصيدي في بنوك الاسر السوريّة المستورة التي تضوّر جوعا وتبكي ظلما!
تلك هي وفاء سلطان وأنت من اجبرتني على البوح بهويّتها.
رسالة الى د. فيصل القاسم! ـ وفاء سلطان
بقلم وفاء سلطان 4/10/2006
تريثت أياما قبل ان اردّ على مقالة السيّد الدكتور فيصل القاسم "اشتم العرب والمسلمين واصبح مشهورا في امريكا" كي اتيح الوقت لأغلبية قرّاء المواقع التي نشرتها ان تقرأها، فتصبح تلك الاغلبية قادرة على ان تتذكر من قصد السيد الدكتور في مقالته تلك.
لا شكّ ان المتتبع للصحافة العربية والعالمية والذي قرأ المقالة المذكورة يدرك، ودون ادنى شك، بأن وفاء سلطان قد وقعت ضحيّة الارهاب الفكري الذي يمارسه ملاّكو الرغيف في قطر عموما وفي الجزيرة خصوصا على السيّد القاسم!
**************
انا ولدت لأكتب.. وهاجرت لأكتب..
على باب السفارة الامريكيّة في دمشق وبعد ان قضيت ليلا بكامله وقعت عقدا بين وبين السماء: امنحيني الحريّة ايتها السماء ونذرا لك ان ادافع عن حريّة الآخرين حتى امنحها لهم او اموت دون ذلك!
منذ اليوم الأول التي وطأت به قدمي ارض المهجر بدأت الكتابة ولم انحرف قيد انملة عن الخط الذي رسمه اول حرف صغته!
سبعة عشر عاما وانا انتقل بين الصحف العربية المحليّة هنا في لوس انجلوس، تطردني الواحدة للأخرى!
هذا مؤجور من قبل صدام وذاك من قبل السعودية وآخر يقتات على فضلات السفارة السوريّة وانا اتوسل للجميع كي ينشروا لي مقالا مقابل ان ادفع لهم ثمن اشتراك!
استخدموا جميعهم مقالاتي كورقة رابحة ليضغطوا بها على الجهات الممولة لهم فتزيد من دعمها. وعندما كان الناشر يحقق مأربه كان يرفض الاستمرار في نشرها.. بعضهم يعتذر برفق والبعض الآخر يشتمني.
هذه قصة بداياتي والتي استمرت حتى قرر الأخ الاستاذ بسّام درويش انشاء موقعه الالكتروني"الناقد" ودعاني مشكورا كي احلق في آفاقه الرحبة.
منذ اليوم الاول لولادة ذلك الموقع لم تعرف أجنحتي حدودا، فالسماء لا حدود لها!
في العام الماضي، وتحديدا في اواخر تموز، اتصل بي السيّد القاسم ودعاني للمشاركة في برنامجه " الاتجاه المعاكس".
ليس في بيتي قناة الجزيرة وانا، عموما، لست من عشاق التلفزيون واكاد لا اتفرج عليه الاّ بالمناسبات.
لا اعرف كيف وصل القاسم الى وفاء سلطان، ولا اعرف حتى تلك اللحظة من كان وراء اختياري ولماذا اختاروني!
معلوماتي عن البرنامج كانت ضحلة للغاية ولم يسمح لي قصر الزمن ان ابحث عن طبيعته، فقبلت العرض دون شروط ليس حبّا بالظهور وانّما ايمانا برسالتي!
كانت موضوع الحلقة: علاقة الاسلام بالارهاب...
لا داعي لشرح الزوابع التي اثارتها فالكلّ يعرف...
لكنني لا املك حيالها الا ان اشكر السيّد القاسم الذي ساهم في توسيع رقعة جمهوري وتعريف شريحة اوسع من الناس في الوطن العربي عليّ، فالتلفزيون يملك عموما شريحة اوسع بكثير من شريحة الصحف سواء كانت مطبوعة ام الكترونيّة.
لم يطل الزمن اكثر من بضعة اشهر لأفاجأ بالسيّد القاسم يتصل بي ويقترح مشاركة اخرى لي في برنامجه حول موضوع "صراع الحضارات"، ورحبت مرّة اخرى بالفكرة علما بانني لم اكن اتوقعها وتساءلت: عجبا هل نسي السيّد القاسم من انا؟!
وكانت الحلقة..
ولكنها اخذت هذه المرّة بعداً آخرَ شكّل نقطة الانعطاف الاكثر خطورة في عمري الكتابي!
*****************
سبعة عشر عاما من هذا العمر قضيتها هنا في امريكا دون ان يعرف جاري الامريكي الذي يسكن بيتا مجاورا لبيتي ما اسمي او من انا. كلّما التقت عيناه بعينيّ يرمي عليه التحية: اسعدت وقتا فافا! فهو لايعرف ان يلفظ اسمي ويختصره بفافا!
وتقتصر معظم دردشاتنا على حديقتي التي تنافس بجمالها حديقته!
سبعة عشر عاما حققت في حياتي المهجريّة نجاحا لا يمكن ان تحقق اكبر منه امرأة اخرى.
فأنا، باختصار، اغنى واسعد امرأة في العالم.
بيتي الذي اشتريته بعرق جبيني منذ عشرة اعوام لا تستطيع كلّ قصور ملوك وامراء النفط ان تنافسه.
لا بمساحته ولا بزخرفته وفخامته، وانّما بالحبّ الذي يعمره وبالسعادة التي تسكنه!
قصورهم مبنيّة على جماجم الناس ومجبولة بعرقهم ودمائهم ومسروقة من رغيف خبزهم، وبيتي مبنيّ على دعائم من حبّ ومجبول بعرقي وعرق زوجي واولادي.
حديقتي هي كنزي.. ازهارها واشجارها تتربع على قمّة جدول اعمالي.. كل زهرة فيها مرويّة بيدي وكلّ شجرة شهدت ولادة مقالة، على الاقل، من مقالاتي.
الساعة التي اقضيها كلّ فجر مع زوجي نحتسي قهوة الصباح واقرأ صحيفة لوس انجلوس تايمز في احدى المقاهي القريبة من بيتي هي اسعد وقت في حياتي، ولا استبدلها بكنوز قطر وكل جيرانها!
احتاج لاستمتع بقهوتي مع قطعة كيك الى بضعة دولارات ولا احتاج الى ملايين. ايّ عمل شريف في امريكا كفيل بتأمين تلك البضعة من الدولارات.
بضعة دولارات كل يوم، وهي بالمقياس الامريكي مبلغ ضيئل للغاية، تكفي لصناعة سعادتي اليوميّة.
فنجان قهوة وقطعة كيك وصحيفتي المفضلة!
تلك هي السعادة في قمتها، على الاقل بالنسبة لي!
لن آكل ولن ألبس ذهبا، لا يعنيني ولست من هواة جمعه! اعرف تماما أنّ الحياة قصيرة ولن آخذ في حقائبي للعالم الآخر سوى ما قدّمته للبشرية خلال حياتي.
لن اترك لأولادي سوى علمهم وشهاداتهم التي يتلقونها من افضل جامعات العالم وبورصة تأمين على حياتي وحياة والدهم.
كلّ بنوك العالم ليست قادرة ان تدفع لي ثمنا لكتاباتي فهي تفوق بقيمتها كلّ ثمن.
عائلات باولادها في وطني الأم تعيش على مساعدتي وهذا عامل آخر من عوامل سعادتي.
المبالغ التي ارسلها لهم لا تؤثر على وضعي المادي، بل تصنع الكثير في حياتهم.
تعود ابنتي من مدرستها وتلقي ببعض القطع النقديّة في حصالتها وهي تقول: هذه القطع تكفي لشراء طعام لطفل سوريّ.
علمتهم قيمة القرش لا كي يبخلوا على انفسهم بل كي يحسّوا بحرمان غيرهم!
يوم واحد في الاسبوع نمتنع فيه عن ارتياد المطاعم كي نضمن طعاما لعائلة سورية في الشهر.
في المحلات التجارية اختار الحذاء الأرخص من غيره بثلاث دولارات، لا لأنني أبخل على نفسي بل أقرّشها بالعملة السوريّة فأقول: ثلاث دولارات كافية لشراء حقيبة مدرسيّة لطفل سوري!
بعد سبعة عشر عاما من وجودي في امريكا ما زلت أقرّش مصروفي هنا بالعملة السوريّة، رغم تفاهتها، لا كي ازيد من رصيدي في البنوك الأمريكيّة بل كي ازيد من رصيدي في بنوك الاسر السوريّة المستورة التي تضوّر جوعا وتبكي ظلما!
تلك هي وفاء سلطان وأنت من اجبرتني على البوح بهويّتها.