makakola
20-04-2006, 06:01 AM
http://www.al-ahaly.com/articles/06-04-19/1275-inv01.htm
حريق الإسكندرية.. يطرح الأسئلة الصعبة
هل نحتاج لأن نكون متخلفين عقلياً لنصدق بيان الداخلية؟
عبدالرحيم علي (sml1)
طوال أكثر من ثلث قرن وبالتحديد منذ أن أسند الرئيس الراحل أنور السادات ملف الفتنة الطائفية لأجهزة أمن الدولة المصرية - بعد أحداث كنيسة الخانكة في نوفمبر من عام 1972 - محملا إياهم ما لا يستطيعون تحمله بفعل طبيعة وظيفتهم، سقط علي أرض مصر عشرات القتلي من الأقباط في حوادث اعتداء بشعة تعرضوا لها داخل دور عبادتهم وفي الطرقات المؤدية إلي منازلهم وفي أحضان زراعاتهم، بل إن البعض أجبر علي التهجير من دياره إبان تأجج الأعمال الإرهابية في المنيا بين عامي 1995 و1997 والمفارقة الواضحة أن أحدا من المسئولين عن هذه الاعتداءات الآثمة لم يقدم إلي المحاكم المصرية ليأخذ عقابه العادل والرادع، بينما اعتداء واحد تعرض له السيد الرئيس حسني مبارك علي أرض غير مصرية - في أديس أبابا - نال خمسة من مخططيه حكما بالإعدام، هذه المفارقة ذكرتني بمفارقة أخري لا تقل أهمية عنها، عندما أعلن أحد مراسلي الفضائيات العربية مساء الأحد الماضي أن كل شيء هادئ في المدينة الساحلية الجميلة الإسكندرية وأن صلحا وقع بالفعل وبشكل عفوي بين المسلمين والمسيحيين هناك.
المفارقة هذه المرة أن صلح أحداث قرية العديسات التابعة لمدينة الأقصر، والمعروفة بأحداث درب النصاري، لم يكن قد مضي عليه أسبوع واحد، وقد جاء الصلح قبل تقديم المتهمين بحرق كنيسة العديسات وقتل أحد الأقباط وجرح العشرات تمهيدا لاستخدامه في الحصول علي حكم بالبراءة، إجراء دأبت أجهزة الأمن علي استخدامه في مجمل الأحداث الطائفية التي جرت في مصر المحروسة طوال ما يقرب من ثلث قرن، حتي بات من الحقائق المعروفة أن دم القبطي في مصر ليس له دية، أقول هذا الكلام وأنا أتألم لغياب دولة القانون وسيادة مجموعة من الأعراف التي أدت وسوف تؤدي إلي مزيد من الفوضي يوما بعد يوم.
تقرير حول الوقائع
إن هذا التقرير يشرح بالوقائع كيف تعاملت حكومتنا الرشيدة مع الاعتداءات علي الأقباط طوال هذه السنوات الطويلة، إنه صرخة لكل ذوي الضمائر في مصرنا المحروسة - نعم مصر وليس سواها فالقضية تخصنا وحدنا - أن يهبوا لإنهاء هذه المظالم ووضع حد لفوضي التعامل الحكومي مع ظاهرة من أخطر الظواهر في المجتمع.
الخانكة وتسليم الملف لأمن الدولة
بدأت مأساة الأقباط الحقيقية - من وجهة نظري - مع بداية حكم الرئيس الراحل أنور السادات، الذي بدأه بالتصالح الشهير مع جماعة الإخوان المسلمين، والقطيعة الكبري مع رجال ورموز الحقبة الناصرية، تمهيدا لانقلابه الكبير علي كل موروثات حقبة سلفه الرئيس جمال عبدالناصر.
وكانت حادثة كنيسة الخانكة بداية تحويل ملف الأقباط والفتنة الطائفية برمته إلي جهاز مباحث أمن الدولة، فبعد تشكيل لجنة تقصي الحقائق برئاسة جمال العطيفي، وبعد أن وضعت اللجنة تقريرا أشارت فيه لأسباب الاضطراب في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين ووضعت برنامجا ناجعا لعلاج تلك المشكلات - التي مازالت بالمناسبة قائمة إلي يومنا هذا - وبعد أن أثني مجلس الشعب علي ذلك التقرير.. تم إيداعه أدراج المجلس وتم تسليم الملف برمته لأمن الدولة.
الزاوية الحمراء أول نموذج لتعامل أمن الدولة مع المشكلة:
كانت أحداث الزاوية الحمراء أول نموذج لتعامل جهاز مباحث أمن الدولة مع تلك المشكلة، وهو يذكرنا بالضبط بما حدث من تعامل مع مشكلة الإسكندرية، فإذا كنا في الحادثة الأخيرة نحتاج لأن نكون متخلفين عقليا حتي نصدق رواية وزارة الداخلية، فإن الأمر كان أشد غرابة في الحادثة الأولي، فقد وقف الرئيس السادات يشرح ما كتبه له إبانها وزير داخليته النبوي إسماعيل مشددا علي أن المسألة لا تعدو خناقة بين أسرة مسلمة وأسرة مسيحية حول قطرات من الماء العفن سقطت من شرفة إحداهن علي غسيل الأخري، كان الأمر أكثر غرابة من حالة مجنون الإسكندرية، والأغرب أن يروي تلك القصة الرئيس شخصيا.
كان الأمر بالطبع أبعد من هذا بكثير، والمفارقة أن أحداث الزاوية الحمراء كانت بروفة نهائية لاستعراض القوة قامت بها جماعات العنف الديني في مصر قبيل اغتيال السادات، ففي محاولة لتحدي أجهزة الأمن واختبار القوة، جاءت إلي القاهرة مجموعة كبيرة من قادة الجماعة الإسلامية في الصعيد لإشعال تلك الأحداث تحت دعوي منع إقامة كنيسة علي قطعة أرض فضاء بالحي، ووصل بهم التحدي إلي طلب تغيير ضابط مباحث مسيحي كان يعمل بالمصادفة رئيسا لمباحث الشرابية وتمت الاستجابة لطلبهم علي الفور ونقل الضابط المسيحي، ولكنهم علي الرغم من ذلك أشعلوا الأحداث التي راح ضحيتها سبعة عشر مواطنا بينهم مواطن مسلم، بالإضافة إلي حرق ونهب ممتلكات عديدة للأقباط ولبعض المسلمين علي السواء.
وكما تفعل أجهزة الأمن في كل حادث، واستمرارا لسياسة البعد عن وجع الدماغ، قامت بالقبض علي بعض البلطجية المسجلين خطر وقدمتهم علي أنهم أبطال الأحداث وتم إغلاق الملف.
كان هذا الاستعراض للقوة من قبل جماعة كرم زهدي الجديدة هو الأخير قبل العرض العسكري في السادس من أكتوبر 81 والذي تم فيه اغتيال السادات، والمفارقة هنا أنه لو تم اكتشاف تلك المجموعة، وعرض الأمر بصورته الصحيحة علي الرئيس في حينه لتم تجنب وإحباط محاولة اغتياله في العرض العسكري في أكتوبر عام 1981.
حريق الإسكندرية.. يطرح الأسئلة الصعبة
هل نحتاج لأن نكون متخلفين عقلياً لنصدق بيان الداخلية؟
عبدالرحيم علي (sml1)
طوال أكثر من ثلث قرن وبالتحديد منذ أن أسند الرئيس الراحل أنور السادات ملف الفتنة الطائفية لأجهزة أمن الدولة المصرية - بعد أحداث كنيسة الخانكة في نوفمبر من عام 1972 - محملا إياهم ما لا يستطيعون تحمله بفعل طبيعة وظيفتهم، سقط علي أرض مصر عشرات القتلي من الأقباط في حوادث اعتداء بشعة تعرضوا لها داخل دور عبادتهم وفي الطرقات المؤدية إلي منازلهم وفي أحضان زراعاتهم، بل إن البعض أجبر علي التهجير من دياره إبان تأجج الأعمال الإرهابية في المنيا بين عامي 1995 و1997 والمفارقة الواضحة أن أحدا من المسئولين عن هذه الاعتداءات الآثمة لم يقدم إلي المحاكم المصرية ليأخذ عقابه العادل والرادع، بينما اعتداء واحد تعرض له السيد الرئيس حسني مبارك علي أرض غير مصرية - في أديس أبابا - نال خمسة من مخططيه حكما بالإعدام، هذه المفارقة ذكرتني بمفارقة أخري لا تقل أهمية عنها، عندما أعلن أحد مراسلي الفضائيات العربية مساء الأحد الماضي أن كل شيء هادئ في المدينة الساحلية الجميلة الإسكندرية وأن صلحا وقع بالفعل وبشكل عفوي بين المسلمين والمسيحيين هناك.
المفارقة هذه المرة أن صلح أحداث قرية العديسات التابعة لمدينة الأقصر، والمعروفة بأحداث درب النصاري، لم يكن قد مضي عليه أسبوع واحد، وقد جاء الصلح قبل تقديم المتهمين بحرق كنيسة العديسات وقتل أحد الأقباط وجرح العشرات تمهيدا لاستخدامه في الحصول علي حكم بالبراءة، إجراء دأبت أجهزة الأمن علي استخدامه في مجمل الأحداث الطائفية التي جرت في مصر المحروسة طوال ما يقرب من ثلث قرن، حتي بات من الحقائق المعروفة أن دم القبطي في مصر ليس له دية، أقول هذا الكلام وأنا أتألم لغياب دولة القانون وسيادة مجموعة من الأعراف التي أدت وسوف تؤدي إلي مزيد من الفوضي يوما بعد يوم.
تقرير حول الوقائع
إن هذا التقرير يشرح بالوقائع كيف تعاملت حكومتنا الرشيدة مع الاعتداءات علي الأقباط طوال هذه السنوات الطويلة، إنه صرخة لكل ذوي الضمائر في مصرنا المحروسة - نعم مصر وليس سواها فالقضية تخصنا وحدنا - أن يهبوا لإنهاء هذه المظالم ووضع حد لفوضي التعامل الحكومي مع ظاهرة من أخطر الظواهر في المجتمع.
الخانكة وتسليم الملف لأمن الدولة
بدأت مأساة الأقباط الحقيقية - من وجهة نظري - مع بداية حكم الرئيس الراحل أنور السادات، الذي بدأه بالتصالح الشهير مع جماعة الإخوان المسلمين، والقطيعة الكبري مع رجال ورموز الحقبة الناصرية، تمهيدا لانقلابه الكبير علي كل موروثات حقبة سلفه الرئيس جمال عبدالناصر.
وكانت حادثة كنيسة الخانكة بداية تحويل ملف الأقباط والفتنة الطائفية برمته إلي جهاز مباحث أمن الدولة، فبعد تشكيل لجنة تقصي الحقائق برئاسة جمال العطيفي، وبعد أن وضعت اللجنة تقريرا أشارت فيه لأسباب الاضطراب في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين ووضعت برنامجا ناجعا لعلاج تلك المشكلات - التي مازالت بالمناسبة قائمة إلي يومنا هذا - وبعد أن أثني مجلس الشعب علي ذلك التقرير.. تم إيداعه أدراج المجلس وتم تسليم الملف برمته لأمن الدولة.
الزاوية الحمراء أول نموذج لتعامل أمن الدولة مع المشكلة:
كانت أحداث الزاوية الحمراء أول نموذج لتعامل جهاز مباحث أمن الدولة مع تلك المشكلة، وهو يذكرنا بالضبط بما حدث من تعامل مع مشكلة الإسكندرية، فإذا كنا في الحادثة الأخيرة نحتاج لأن نكون متخلفين عقليا حتي نصدق رواية وزارة الداخلية، فإن الأمر كان أشد غرابة في الحادثة الأولي، فقد وقف الرئيس السادات يشرح ما كتبه له إبانها وزير داخليته النبوي إسماعيل مشددا علي أن المسألة لا تعدو خناقة بين أسرة مسلمة وأسرة مسيحية حول قطرات من الماء العفن سقطت من شرفة إحداهن علي غسيل الأخري، كان الأمر أكثر غرابة من حالة مجنون الإسكندرية، والأغرب أن يروي تلك القصة الرئيس شخصيا.
كان الأمر بالطبع أبعد من هذا بكثير، والمفارقة أن أحداث الزاوية الحمراء كانت بروفة نهائية لاستعراض القوة قامت بها جماعات العنف الديني في مصر قبيل اغتيال السادات، ففي محاولة لتحدي أجهزة الأمن واختبار القوة، جاءت إلي القاهرة مجموعة كبيرة من قادة الجماعة الإسلامية في الصعيد لإشعال تلك الأحداث تحت دعوي منع إقامة كنيسة علي قطعة أرض فضاء بالحي، ووصل بهم التحدي إلي طلب تغيير ضابط مباحث مسيحي كان يعمل بالمصادفة رئيسا لمباحث الشرابية وتمت الاستجابة لطلبهم علي الفور ونقل الضابط المسيحي، ولكنهم علي الرغم من ذلك أشعلوا الأحداث التي راح ضحيتها سبعة عشر مواطنا بينهم مواطن مسلم، بالإضافة إلي حرق ونهب ممتلكات عديدة للأقباط ولبعض المسلمين علي السواء.
وكما تفعل أجهزة الأمن في كل حادث، واستمرارا لسياسة البعد عن وجع الدماغ، قامت بالقبض علي بعض البلطجية المسجلين خطر وقدمتهم علي أنهم أبطال الأحداث وتم إغلاق الملف.
كان هذا الاستعراض للقوة من قبل جماعة كرم زهدي الجديدة هو الأخير قبل العرض العسكري في السادس من أكتوبر 81 والذي تم فيه اغتيال السادات، والمفارقة هنا أنه لو تم اكتشاف تلك المجموعة، وعرض الأمر بصورته الصحيحة علي الرئيس في حينه لتم تجنب وإحباط محاولة اغتياله في العرض العسكري في أكتوبر عام 1981.