رسول الله
30-06-2006, 07:57 AM
جمعية الحجر الأسود السكنية وحكاية الكللب المفقود .. فشلت في تأمين مسكن للمواطنين .. ونجحت في إيواء متسكعي الليل
مزن مرشد
mouzon@hotmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 1390 - 2005 / 12 / 5
ضياع طفل. تلك قضية , أما ضياع كللب, فلا احد يكترث لذلك .
ولكن, ماذا لو كان البحث عن الكللب يوصلنا إلى طفل , وصبية , وامرأة, ومراهق محروق, ولص فار?!
ليس حيا مهجورا , ولا نائيا , بل هو حي من أكثر أحياء ضواحي دمشق اكتظاظا, ولا يبعد عن وسط العاصمة أكثر من ثلث ساعة فقط لا غير.
عندما تنبهنا إلى قضية الأحياء العشوائية وأردنا أن نجد لها الحلول بالبدء بمشاريع الإسكان المنظم عن طريق الجمعيات السكنية, كنا موفقين نظريا بالفكرة,وفاشلين بالمطلق من الناحية العملية , فقد عودتنا هذه الجمعيات ان تسير بسرعة السلحفاة , ليبقى البناء معلقا عشرات السنين والمسكن الذي يستكتبه الأب قد يستلمه الحفيد هذا إذا اكتملت الجمعية وأنهت أعمالها.
قد يتساءل البعض ما علاقة الكللب بالقصة ?
الكللب هو كل القصة . وتعالوا لنعرف كيف?
حي عشوائي مكتظ بالسكان. في الوسط تماما بناء طابقي يعود لإحدى الجمعيات السكنية قد يكون حلاً للبدء بتنظيم الأحياء العشوائية مقابله تماما تقوم إحدى المشافي الخاصة , وسوبر ماركت فيه لبن العصفور وصيدلية وطبيب ومحامي ...يعني من مجاميعه, والقاطن في هذه الجمعية لن يحتاج أن يغادر الحي أبدا فكل ما يطلبه على مقربة منه, لكن البناء بقي على حاله ( على العظم ) منذ عشر سنوات فقط ليصبح مأوى للفارين واللصوص والصيع , ولهذا قامت إدارة الجمعية بوضع باب حديدي على مدخل البناء وأقفلته بجنزير ضخم لتمنع هؤلاء من اللجوء إليه . لكن على مين?!
بما أن الحاجة أم الاختراع قام هؤلاء اللذين يتخذون من البناء ملاذا بفتح فجوة كبيرة بالسور الخلفي وأمسوا يدخلون منها وهي بالنسبة لهم أكثر راحة لأنها بعيدة عن أعين أهل الحي وهنا يأتي دور الكللب, حيث قام احد الجيران بشراء *** مدرب وربطه عند تلك الفجوة, لكن الكللب اختفى بعد أقل من أسبوع ولم يكلف احد نفسه عناء السؤال أين ذهب الكللب?
وطبعا لا احد من أهالي الحي يجرؤ على دخول المبني الذي تحول إلى منبع للخوف بالنسبة لهم.
الحاجة عيوش معراوي التي تقطن قريبا من المبنى تصف المبنى ببؤرة للشيطان وتقول بأن شيطان هذا المبنى مسها شخصيا فهي أرملة وكان عمر ابنها خمسة عشر عاما عندما دخل مع شلة من الشباب إلى البناء ليلعب معهم الورق فحاول ابنها إشعال بعض النار ليدفئ المكان بواسطة القليل من البنزين فاشتعلت النار بجسده.
أصاب وجهه التشوه , والتصقت ذراعاه بجذعه, وهو الآن يتلقى العلاج عند أخته في مدينة حلب لأن والدته لا تملك كلفة علاجه. تقول عيوش : (الشرطة لم تستطع عمل شيء لأنه ما من قانون يمنع الدخول إلى المباني المهجورة وما من قانون يمنع إشعال النار وما من قانون يمنع لعب الطرنيب لذلك لم يكن هناك أي أسباب جرمية تجعل الشرطة توقف أحدا- هكذا قالوا لي- وأنا إنسانة مؤمنة بالقضاء والقدر, وهذا نصيب ابني , ولكن لو لم يكن البناء مهجورا هل كان القدر سيصل إلى هذا الحد?(
وهنا يحضرني تساؤل آخر , لماذا يلتجئ مراهق إلى مبنى مهجور مع شلة فاسدة ليلعب الورق ? اعتقد ان الكثيرين يملكون الجواب على ذلك فلو كان عندنا مؤسسات ترعى الشباب في هذه العمر وتشغلهم بنشاطات مفيدة ولو كانت بسيطة تملأ وقتهم وتعزز ثقتهم بأنفسهم وتفتح لهم مجالات الوعي هل كان سيلجأ أي من المراهقين لمثل هذه الرفقة ?
سيدة اخرى من سكان الحي قالت : ) الجميع يعلم أن هناك أفعال منافية للحشمة تحصل في الداخل بالرغم من تركيب باب حديدي للمبنى وقفله إلا أن ( الزعران) فتحوا فجوة في الجدار الخلفي للبناء يدخلون منها على هواهم وهي بنفس الوقت بعيدة عن أعين أهل الحي وبذلك يستطيعون ان يدخلوا اليه ومعهم من يشاءون دون أن يراهم احد , لكننا نشعر بما يحصل في الداخل ونغلق أبوابنا خوفا من شرورهم).
بعد جولة مستفيضة في الحي, اكتشفت أن أحدا لم يفكر في إبلاغ الشرطة عما يحصل في هذا البناء خوفا من شر اللصوص, فهل أمسى الجاني أقوى من القانون وهل ضعفت ثقة المواطن بالجهات المعنية , ثم لماذا وصل البعض إلى الحد الذي لم يعد يثق فيه بأن صوته سوف يسمع حتى لو اشتكى.
رائد الاحمد صاحب السوبر ماركت المقابلة قال :( لم نشتك أبدا, ولماذا نشتكي ?, ما الذي ستفعله الشرطة? , سيأتون في النهار وطبعا في هذا الوقت لن يجدوا أحدا وسيقولون لنا اخبرونا عندما تلاحظون أي شيئ ? وفي الليل لن يرد هاتف المخر علينا وأنا متأكد من ذلك والاهم من ذلك نحن لا نريد وجع الرأس سيأتينا وجع رأس اذا ابلغنا الشرطة فمنذ عام ابلغ احد الجيران المخفر بوجود زعران بالمبنى أتت الشرطة ولم تجد احد لكن الرجل افاق بعد يومين على تكسير نوافذ منزله وكانت هذه رسالة لكل أهل الحي )
ويقول رائد بأنه بنفسه يرى أشخاصا يطلون من شرفات البناء دون خوف من احد ويشعلون الإطارات الكاتشوكية ليلا لينبعث الدخان الخانق والمقرف على كامل الحي وهو منفى لكل شيئ يسكرون يلعبون القمار وكل شيء.
اضاف :(وأنا متضرر شخصيا من وضع البناء على هذه الحال لأن أهل الحي لايمروا من هنا بعد الساعة الخامسة مساء وبالتالي تتوقف عندي حركة البيع والشراء وما لنا الا الله).
هذا الشاب الذي لا يتجاوز العشرين من عمره يعتمد على نفسه في كل شيئ فهو من اشترى ال*** المدرب - الذي ضاع لاحقا - وربطه عند الفجوة المفتوحة في سور البناء وهو يؤكد بإلحاح بأنه لن يخبر الشرطة لأنه واثق بعدم جدوى الشكوى من جهة ويخشى هؤلاء الخارجين على القانون من جهة أخرى وعندما سألته عن اعتقاده بأن المجرمين أقوى من الشرطة هز رأسه وقال: ( ما بعرف) .
لم أشأ أن أخبر رائد بأنني عندما دخلت الى المبنى وجدت جثة كللبه المدرب.
في الصيدلية المواجهة للبناء قالت الصيدلانية بأنها لم تر شيئا, لكنها منذ ان فتحت في الحي تعلم قصة البناء ولذلك تغلق صيدليتها مع بداية المساء, وتقول الله يغنيني بدوام نصف اليوم فقط.
الغول يسكن البناء
أما أم روان فزوجها يعمل خارج القطر وهي تعيش وحدها مع بناتها الثلاث في منزل مطل على البناء تقول :( أسمع أصوات مختلفة في الليل, ضحك أحيانا ( كأن أحدا فقد عقله) , وأحيانا أصوات مشاجرات, ومرات قليلة ميزت أصوات نساء ,.... ونادرا صراخ مفزوع , إلا أنني لا أجرؤ حتى على الإطلال برأسي من النافذة لأستوضح الأمر بل على العكس تماما اقفل بابي وأتأكد من إغلاق نوافذ منزلي جيدا وأقول يا رب احميني أنا وبناتي ).
مزن مرشد
mouzon@hotmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 1390 - 2005 / 12 / 5
ضياع طفل. تلك قضية , أما ضياع كللب, فلا احد يكترث لذلك .
ولكن, ماذا لو كان البحث عن الكللب يوصلنا إلى طفل , وصبية , وامرأة, ومراهق محروق, ولص فار?!
ليس حيا مهجورا , ولا نائيا , بل هو حي من أكثر أحياء ضواحي دمشق اكتظاظا, ولا يبعد عن وسط العاصمة أكثر من ثلث ساعة فقط لا غير.
عندما تنبهنا إلى قضية الأحياء العشوائية وأردنا أن نجد لها الحلول بالبدء بمشاريع الإسكان المنظم عن طريق الجمعيات السكنية, كنا موفقين نظريا بالفكرة,وفاشلين بالمطلق من الناحية العملية , فقد عودتنا هذه الجمعيات ان تسير بسرعة السلحفاة , ليبقى البناء معلقا عشرات السنين والمسكن الذي يستكتبه الأب قد يستلمه الحفيد هذا إذا اكتملت الجمعية وأنهت أعمالها.
قد يتساءل البعض ما علاقة الكللب بالقصة ?
الكللب هو كل القصة . وتعالوا لنعرف كيف?
حي عشوائي مكتظ بالسكان. في الوسط تماما بناء طابقي يعود لإحدى الجمعيات السكنية قد يكون حلاً للبدء بتنظيم الأحياء العشوائية مقابله تماما تقوم إحدى المشافي الخاصة , وسوبر ماركت فيه لبن العصفور وصيدلية وطبيب ومحامي ...يعني من مجاميعه, والقاطن في هذه الجمعية لن يحتاج أن يغادر الحي أبدا فكل ما يطلبه على مقربة منه, لكن البناء بقي على حاله ( على العظم ) منذ عشر سنوات فقط ليصبح مأوى للفارين واللصوص والصيع , ولهذا قامت إدارة الجمعية بوضع باب حديدي على مدخل البناء وأقفلته بجنزير ضخم لتمنع هؤلاء من اللجوء إليه . لكن على مين?!
بما أن الحاجة أم الاختراع قام هؤلاء اللذين يتخذون من البناء ملاذا بفتح فجوة كبيرة بالسور الخلفي وأمسوا يدخلون منها وهي بالنسبة لهم أكثر راحة لأنها بعيدة عن أعين أهل الحي وهنا يأتي دور الكللب, حيث قام احد الجيران بشراء *** مدرب وربطه عند تلك الفجوة, لكن الكللب اختفى بعد أقل من أسبوع ولم يكلف احد نفسه عناء السؤال أين ذهب الكللب?
وطبعا لا احد من أهالي الحي يجرؤ على دخول المبني الذي تحول إلى منبع للخوف بالنسبة لهم.
الحاجة عيوش معراوي التي تقطن قريبا من المبنى تصف المبنى ببؤرة للشيطان وتقول بأن شيطان هذا المبنى مسها شخصيا فهي أرملة وكان عمر ابنها خمسة عشر عاما عندما دخل مع شلة من الشباب إلى البناء ليلعب معهم الورق فحاول ابنها إشعال بعض النار ليدفئ المكان بواسطة القليل من البنزين فاشتعلت النار بجسده.
أصاب وجهه التشوه , والتصقت ذراعاه بجذعه, وهو الآن يتلقى العلاج عند أخته في مدينة حلب لأن والدته لا تملك كلفة علاجه. تقول عيوش : (الشرطة لم تستطع عمل شيء لأنه ما من قانون يمنع الدخول إلى المباني المهجورة وما من قانون يمنع إشعال النار وما من قانون يمنع لعب الطرنيب لذلك لم يكن هناك أي أسباب جرمية تجعل الشرطة توقف أحدا- هكذا قالوا لي- وأنا إنسانة مؤمنة بالقضاء والقدر, وهذا نصيب ابني , ولكن لو لم يكن البناء مهجورا هل كان القدر سيصل إلى هذا الحد?(
وهنا يحضرني تساؤل آخر , لماذا يلتجئ مراهق إلى مبنى مهجور مع شلة فاسدة ليلعب الورق ? اعتقد ان الكثيرين يملكون الجواب على ذلك فلو كان عندنا مؤسسات ترعى الشباب في هذه العمر وتشغلهم بنشاطات مفيدة ولو كانت بسيطة تملأ وقتهم وتعزز ثقتهم بأنفسهم وتفتح لهم مجالات الوعي هل كان سيلجأ أي من المراهقين لمثل هذه الرفقة ?
سيدة اخرى من سكان الحي قالت : ) الجميع يعلم أن هناك أفعال منافية للحشمة تحصل في الداخل بالرغم من تركيب باب حديدي للمبنى وقفله إلا أن ( الزعران) فتحوا فجوة في الجدار الخلفي للبناء يدخلون منها على هواهم وهي بنفس الوقت بعيدة عن أعين أهل الحي وبذلك يستطيعون ان يدخلوا اليه ومعهم من يشاءون دون أن يراهم احد , لكننا نشعر بما يحصل في الداخل ونغلق أبوابنا خوفا من شرورهم).
بعد جولة مستفيضة في الحي, اكتشفت أن أحدا لم يفكر في إبلاغ الشرطة عما يحصل في هذا البناء خوفا من شر اللصوص, فهل أمسى الجاني أقوى من القانون وهل ضعفت ثقة المواطن بالجهات المعنية , ثم لماذا وصل البعض إلى الحد الذي لم يعد يثق فيه بأن صوته سوف يسمع حتى لو اشتكى.
رائد الاحمد صاحب السوبر ماركت المقابلة قال :( لم نشتك أبدا, ولماذا نشتكي ?, ما الذي ستفعله الشرطة? , سيأتون في النهار وطبعا في هذا الوقت لن يجدوا أحدا وسيقولون لنا اخبرونا عندما تلاحظون أي شيئ ? وفي الليل لن يرد هاتف المخر علينا وأنا متأكد من ذلك والاهم من ذلك نحن لا نريد وجع الرأس سيأتينا وجع رأس اذا ابلغنا الشرطة فمنذ عام ابلغ احد الجيران المخفر بوجود زعران بالمبنى أتت الشرطة ولم تجد احد لكن الرجل افاق بعد يومين على تكسير نوافذ منزله وكانت هذه رسالة لكل أهل الحي )
ويقول رائد بأنه بنفسه يرى أشخاصا يطلون من شرفات البناء دون خوف من احد ويشعلون الإطارات الكاتشوكية ليلا لينبعث الدخان الخانق والمقرف على كامل الحي وهو منفى لكل شيئ يسكرون يلعبون القمار وكل شيء.
اضاف :(وأنا متضرر شخصيا من وضع البناء على هذه الحال لأن أهل الحي لايمروا من هنا بعد الساعة الخامسة مساء وبالتالي تتوقف عندي حركة البيع والشراء وما لنا الا الله).
هذا الشاب الذي لا يتجاوز العشرين من عمره يعتمد على نفسه في كل شيئ فهو من اشترى ال*** المدرب - الذي ضاع لاحقا - وربطه عند الفجوة المفتوحة في سور البناء وهو يؤكد بإلحاح بأنه لن يخبر الشرطة لأنه واثق بعدم جدوى الشكوى من جهة ويخشى هؤلاء الخارجين على القانون من جهة أخرى وعندما سألته عن اعتقاده بأن المجرمين أقوى من الشرطة هز رأسه وقال: ( ما بعرف) .
لم أشأ أن أخبر رائد بأنني عندما دخلت الى المبنى وجدت جثة كللبه المدرب.
في الصيدلية المواجهة للبناء قالت الصيدلانية بأنها لم تر شيئا, لكنها منذ ان فتحت في الحي تعلم قصة البناء ولذلك تغلق صيدليتها مع بداية المساء, وتقول الله يغنيني بدوام نصف اليوم فقط.
الغول يسكن البناء
أما أم روان فزوجها يعمل خارج القطر وهي تعيش وحدها مع بناتها الثلاث في منزل مطل على البناء تقول :( أسمع أصوات مختلفة في الليل, ضحك أحيانا ( كأن أحدا فقد عقله) , وأحيانا أصوات مشاجرات, ومرات قليلة ميزت أصوات نساء ,.... ونادرا صراخ مفزوع , إلا أنني لا أجرؤ حتى على الإطلال برأسي من النافذة لأستوضح الأمر بل على العكس تماما اقفل بابي وأتأكد من إغلاق نوافذ منزلي جيدا وأقول يا رب احميني أنا وبناتي ).