pavnoti
04-11-2003, 10:23 AM
أعرب من الخيال
قصة 4 مليارات دولار وصلت من الخارج بأسماء 22 فلاحا
تحقيق يكتبه : مصطفي بكري
هناك شيء من الحقيقة في الحدث، هذه ليست شائعات ولا واحدة من قصص الخيال العلمي، هذه وقائع شهودها أحياء، وتفاصيلها لدي البنك ولدي الجهات الأمنية المعنية. هناك محاضر حررت ومواطنون ألقي القبض عليهم، وهناك مبالغ مجهولة المصدر وصلت إلي بنك التمويل المصري السعودي ويقال إنها تعدت الأربعة مليارات دولار. ترددت كثيرا قبل الخوض في التفاصيل، توقفت، تعجبت، لم أصدق بعض ما روي، ومازلت مترددا في التصديق، لكنني في النهاية قررت أن أخرج بالقضية إلي العلن، علنا نتلقي ردا يشفي الغليل، ويضع حدا لأزمة 22 فلاحا فقيرا من قرية شنشور مركز أشمون بمحافظة المنوفية يتعذبون منذ أكثر من ثلاث سنوات ويعيشون علي حلم هو كالخيال.
في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي نشرت الصحف المصرية خبرا مثيرا حول احباط محاولة للاستيلاء علي مبلغ 59 مليون دولار أمريكي من بنك شهير بالدقي.
وفقا لما نشرته صحيفة الأهرام فإن الخبر يقول 'تمكنت أجهزة الأمن بالاشتراك مع إدارة أحد البنوك الاستثمارية الكبري بمنطقة الدقي من احباط محاولة للحصول علي مبلغ 59 مليون دولار حاولت موظفة بالإسماعيلية الحصول عليه عن طريق حوالة مرسلة لسيدة أعمال.
ويضيف الخبر: 'إلا إن المتهمة قامت بتزوير بطاقة شخصية باسم سيدة الأعمال بالاشتراك مع جواهرجي شهير بمحافظة الإسماعيلية ليتمكنا من الحصول علي المبلغ من البنك إلا أن محاولتهما قد باءت بالفشل. ويقول الخبر: 'إنه جري القبض علي السيدة التي أدلت بأوصاف وعنوان شريكها، حيث أمرت النيابة بسرعة ضبط المتهم، كما أمرت بحبس المتهمة 4 أيام علي ذمة التحقيقات.
ويضيف الخبر: 'إن منطقة الدقي هي التي شهدت أحداث هذه الجريمة عندما قام مدير بنك التمويل المصري السعودي بشارع محيي الدين أبو العز بإبلاغ أجهزة الأمن بالجيزة بقيام إحدي السيدات التي حضرت إلي مقر البنك باسم نجاح نصر عبدالحليم وتريد صرف حوالة بمبلغ 59 مليون دولار أمريكي مرسلة من بنك 'أوف' بالولايات المتحدة علي حساب باسم هذه السيدة، إلا أن مدير البنك شك في تصرفاتها فقام بإبلاغ أجهزة الأمن وتم ضبط السيدة وتبين أنها انتحلت اسم سيدة الأعمال وأن اسمها الحقيقي هدي أحمد أحمد مرزوق وتعمل موظفة بمديرية الزراعة بالإسماعيلية وتبين أن البطاقة التي تحملها مزورة بالاضافة إلي العثور علي 20 جواز سفر مزورة كانت داخل حقيبتها بالاضافة إلي مبلغ 2500 جنيه'.
إلي هنا وانتهي الخبر الذي نشرته الأهرام بتاريخ 25 سبتمبر الماضي.
وفي اليوم التالي نشرت الأهرام خبرا يقول 'إن نيابة الدقي قررت حبس موظفة الإسماعيلية وأمرت باستدعاء مدير بنك التمويل السعودي فرع الدقي وضابط مباحث الجيزة لاستكمال التحقيقات'. ويضيف الخبر 'إن وائل حسين رئيس نيابة الدقي استمع إلي الموظفة التي انتحلت صفة سيدة أعمال وقد أكدت أن جواهرجيا بالإسماعيلية كلفها بالذهاب إلي البنك للسؤال عن حوالة قيمتها 59 مليون دولار أمريكي مرسلة من بنك 'أوف' بالولايات المتحدة علي حساب بالبنك، وإنها لم تذهب إلي البنك بهدف صرف قيمة الحوالة وإنما ذهبت بتكليف من الجواهرجي للسؤال عما إذا كان التحويل قد وصل إلي البنك أم لا؟
واعترفت الموظفة في التحقيقات بإشراف المستشار حاتم عبدالهادي المحامي العام لنيابات شمال الجيزة بحيازتها للكارنيه المزور المضبوط بحقيبتها وقررت النيابة استدعاء مدير بنك التمويل السعودي فرع الدقي لمواجهة الموظفة.. وقررت محكمة الدقي تجديد حبس الموظفة 15 يوما'.
ثم بعد ذلك انقطعت أخبار القضية تماما، بلا حس ولا خبر.
قرأت الخبر شأني شأن كل من قرأه، إلا أنني توقفت أمام عدد من التساؤلات الطبيعية..
من هي هذه السيدة التي جاءإليها تحويل قدره 59 مليون دولار من بنك 'أوف' في أمريكا؟ ماذا تعمل؟ وما هي تجارتها حتي يصل إليها تحويل يساوي بسعر السوق أكثر من أربعمائة مليون جنيه مصري دفعة واحدة؟
وإذا كانوا يقولون وفقا لما هو منشور إن سيدة الأعمال صاحبة التحويل اسمها نجاح نصر عبدالحليم، فهل هناك أحد فيكم سمع بهذا الاسم من قبل؟ وهل تتضمن كشوف جمعيات سيدات الأعمال في مصر اسم نجاح نصر عبدالحليم؟
لقد تحريت الدقة جيدا وسألت الكثيرين من رجال وسيدات الأعمال عن هذا الاسم، والكل انكر وجود شخصية تحمل هذا الاسم ضمن كشوف سيدات الأعمال في مصر.
الأمر الآخر : هل يعقل أن تذهب سيدة موظفة وليست جاهلة لتصرف شيكا مقداره 59 مليون دولار بكارنيه مزور؟ وهل يعقل وهي تغامر بذلك أن تصطحب معها عشرين جواز سفر مزورا؟!
لقد قالت السيدة في التحقيقات إنها ذهبت فقط لتستفسر عن المبلغ بعد أن طلب منها ذلك رجل يعمل جواهرجيا بمدينة الإسماعيلية فما هي الحكاية بالضبط؟!
كانت وجهتي في البداية السؤال عن الأمر لدي بنك التمويل المصري السعودي، قلت فلندخل البيوت من أبوابها، اتصلت بالأستاذ أشرف الغمراوي المدير العام والعضو المنتدب للبنك.. إيه الحكاية؟ فلم يعطني إجابة شافية عن كل التساؤلات التي طرحتها. كان عليٌî بعد ذلك أن أتوجه إلي نيابة الدقي، حيث التقيت بالأستاذ وائل حسين رئيس النيابة الذي تولي التحقيق في القضية، ولم تكن هناك معلومات جديدة خارج سياق التحقيق، وحتي يوم اللقاء كان قد جري التحقيق مع المتهمة المقبوض عليها وكذلك جري الاستماع لضابط الأموال العامة الذي ألقي القبض علي السيدةالتي قام البنك بالابلاغ عنها، أما سيدة الأعمال التي قيل إن اسمها نجاح نصر عبدالحليم فلم يجر استدعاؤها للتحقيق ولا أحد يعرف عنها شيئا.
مضيت من نيابة الدقي وأنا أضرب أخماسا في أسداس، وبدأت رحلة البحث عن سيدة الأعمال التي يقال إن اسمها نجاح نصر عبدالحليم، اتصالات ومقابلات وكانت المفاجأة : نجاح نصر عبدالحليم ليست سيدة بل هي رجل.
والأخطر أنه ليس رجل أعمال أو ثريا من أثرياء هذا الزمان، ولكنه مجرد فلاح بسيط جدا ربما لا يملك في جيبه مائة جنيه، راجعت الاسم جيدا، قلت ربما حدث خطأ، وهذا ليس أكثر من تشابه أسماء، إذن فلأبحث عن الاسم الرباعي، وكان الاسم الرباعي مطابقا نجاح نصر عبدالحليم عافية يسكن في قرية شنشور بمركز أشمون بمحافظة البحيرة.
قصة 4 مليارات دولار وصلت من الخارج بأسماء 22 فلاحا
تحقيق يكتبه : مصطفي بكري
هناك شيء من الحقيقة في الحدث، هذه ليست شائعات ولا واحدة من قصص الخيال العلمي، هذه وقائع شهودها أحياء، وتفاصيلها لدي البنك ولدي الجهات الأمنية المعنية. هناك محاضر حررت ومواطنون ألقي القبض عليهم، وهناك مبالغ مجهولة المصدر وصلت إلي بنك التمويل المصري السعودي ويقال إنها تعدت الأربعة مليارات دولار. ترددت كثيرا قبل الخوض في التفاصيل، توقفت، تعجبت، لم أصدق بعض ما روي، ومازلت مترددا في التصديق، لكنني في النهاية قررت أن أخرج بالقضية إلي العلن، علنا نتلقي ردا يشفي الغليل، ويضع حدا لأزمة 22 فلاحا فقيرا من قرية شنشور مركز أشمون بمحافظة المنوفية يتعذبون منذ أكثر من ثلاث سنوات ويعيشون علي حلم هو كالخيال.
في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي نشرت الصحف المصرية خبرا مثيرا حول احباط محاولة للاستيلاء علي مبلغ 59 مليون دولار أمريكي من بنك شهير بالدقي.
وفقا لما نشرته صحيفة الأهرام فإن الخبر يقول 'تمكنت أجهزة الأمن بالاشتراك مع إدارة أحد البنوك الاستثمارية الكبري بمنطقة الدقي من احباط محاولة للحصول علي مبلغ 59 مليون دولار حاولت موظفة بالإسماعيلية الحصول عليه عن طريق حوالة مرسلة لسيدة أعمال.
ويضيف الخبر: 'إلا إن المتهمة قامت بتزوير بطاقة شخصية باسم سيدة الأعمال بالاشتراك مع جواهرجي شهير بمحافظة الإسماعيلية ليتمكنا من الحصول علي المبلغ من البنك إلا أن محاولتهما قد باءت بالفشل. ويقول الخبر: 'إنه جري القبض علي السيدة التي أدلت بأوصاف وعنوان شريكها، حيث أمرت النيابة بسرعة ضبط المتهم، كما أمرت بحبس المتهمة 4 أيام علي ذمة التحقيقات.
ويضيف الخبر: 'إن منطقة الدقي هي التي شهدت أحداث هذه الجريمة عندما قام مدير بنك التمويل المصري السعودي بشارع محيي الدين أبو العز بإبلاغ أجهزة الأمن بالجيزة بقيام إحدي السيدات التي حضرت إلي مقر البنك باسم نجاح نصر عبدالحليم وتريد صرف حوالة بمبلغ 59 مليون دولار أمريكي مرسلة من بنك 'أوف' بالولايات المتحدة علي حساب باسم هذه السيدة، إلا أن مدير البنك شك في تصرفاتها فقام بإبلاغ أجهزة الأمن وتم ضبط السيدة وتبين أنها انتحلت اسم سيدة الأعمال وأن اسمها الحقيقي هدي أحمد أحمد مرزوق وتعمل موظفة بمديرية الزراعة بالإسماعيلية وتبين أن البطاقة التي تحملها مزورة بالاضافة إلي العثور علي 20 جواز سفر مزورة كانت داخل حقيبتها بالاضافة إلي مبلغ 2500 جنيه'.
إلي هنا وانتهي الخبر الذي نشرته الأهرام بتاريخ 25 سبتمبر الماضي.
وفي اليوم التالي نشرت الأهرام خبرا يقول 'إن نيابة الدقي قررت حبس موظفة الإسماعيلية وأمرت باستدعاء مدير بنك التمويل السعودي فرع الدقي وضابط مباحث الجيزة لاستكمال التحقيقات'. ويضيف الخبر 'إن وائل حسين رئيس نيابة الدقي استمع إلي الموظفة التي انتحلت صفة سيدة أعمال وقد أكدت أن جواهرجيا بالإسماعيلية كلفها بالذهاب إلي البنك للسؤال عن حوالة قيمتها 59 مليون دولار أمريكي مرسلة من بنك 'أوف' بالولايات المتحدة علي حساب بالبنك، وإنها لم تذهب إلي البنك بهدف صرف قيمة الحوالة وإنما ذهبت بتكليف من الجواهرجي للسؤال عما إذا كان التحويل قد وصل إلي البنك أم لا؟
واعترفت الموظفة في التحقيقات بإشراف المستشار حاتم عبدالهادي المحامي العام لنيابات شمال الجيزة بحيازتها للكارنيه المزور المضبوط بحقيبتها وقررت النيابة استدعاء مدير بنك التمويل السعودي فرع الدقي لمواجهة الموظفة.. وقررت محكمة الدقي تجديد حبس الموظفة 15 يوما'.
ثم بعد ذلك انقطعت أخبار القضية تماما، بلا حس ولا خبر.
قرأت الخبر شأني شأن كل من قرأه، إلا أنني توقفت أمام عدد من التساؤلات الطبيعية..
من هي هذه السيدة التي جاءإليها تحويل قدره 59 مليون دولار من بنك 'أوف' في أمريكا؟ ماذا تعمل؟ وما هي تجارتها حتي يصل إليها تحويل يساوي بسعر السوق أكثر من أربعمائة مليون جنيه مصري دفعة واحدة؟
وإذا كانوا يقولون وفقا لما هو منشور إن سيدة الأعمال صاحبة التحويل اسمها نجاح نصر عبدالحليم، فهل هناك أحد فيكم سمع بهذا الاسم من قبل؟ وهل تتضمن كشوف جمعيات سيدات الأعمال في مصر اسم نجاح نصر عبدالحليم؟
لقد تحريت الدقة جيدا وسألت الكثيرين من رجال وسيدات الأعمال عن هذا الاسم، والكل انكر وجود شخصية تحمل هذا الاسم ضمن كشوف سيدات الأعمال في مصر.
الأمر الآخر : هل يعقل أن تذهب سيدة موظفة وليست جاهلة لتصرف شيكا مقداره 59 مليون دولار بكارنيه مزور؟ وهل يعقل وهي تغامر بذلك أن تصطحب معها عشرين جواز سفر مزورا؟!
لقد قالت السيدة في التحقيقات إنها ذهبت فقط لتستفسر عن المبلغ بعد أن طلب منها ذلك رجل يعمل جواهرجيا بمدينة الإسماعيلية فما هي الحكاية بالضبط؟!
كانت وجهتي في البداية السؤال عن الأمر لدي بنك التمويل المصري السعودي، قلت فلندخل البيوت من أبوابها، اتصلت بالأستاذ أشرف الغمراوي المدير العام والعضو المنتدب للبنك.. إيه الحكاية؟ فلم يعطني إجابة شافية عن كل التساؤلات التي طرحتها. كان عليٌî بعد ذلك أن أتوجه إلي نيابة الدقي، حيث التقيت بالأستاذ وائل حسين رئيس النيابة الذي تولي التحقيق في القضية، ولم تكن هناك معلومات جديدة خارج سياق التحقيق، وحتي يوم اللقاء كان قد جري التحقيق مع المتهمة المقبوض عليها وكذلك جري الاستماع لضابط الأموال العامة الذي ألقي القبض علي السيدةالتي قام البنك بالابلاغ عنها، أما سيدة الأعمال التي قيل إن اسمها نجاح نصر عبدالحليم فلم يجر استدعاؤها للتحقيق ولا أحد يعرف عنها شيئا.
مضيت من نيابة الدقي وأنا أضرب أخماسا في أسداس، وبدأت رحلة البحث عن سيدة الأعمال التي يقال إن اسمها نجاح نصر عبدالحليم، اتصالات ومقابلات وكانت المفاجأة : نجاح نصر عبدالحليم ليست سيدة بل هي رجل.
والأخطر أنه ليس رجل أعمال أو ثريا من أثرياء هذا الزمان، ولكنه مجرد فلاح بسيط جدا ربما لا يملك في جيبه مائة جنيه، راجعت الاسم جيدا، قلت ربما حدث خطأ، وهذا ليس أكثر من تشابه أسماء، إذن فلأبحث عن الاسم الرباعي، وكان الاسم الرباعي مطابقا نجاح نصر عبدالحليم عافية يسكن في قرية شنشور بمركز أشمون بمحافظة البحيرة.