أحمد حسني الشيخ
04-10-2006, 03:34 PM
أطالع في هذه الأيام كتاب "المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية" للأستاذ طارق البشري، وهو سفر كبير، يتناول العلاقة بين عنصري الأمة المصرية، في مراحلها التاريخية المتعاقبة، وما شابها من توترات، حينا، وما سادها من إخاء في أحيان أخرى، وأنصح الإخوة الأحباب لمن عنده وقت أن يطالع هذا الكتاب المهم.
أود هنا إذا سمحتم لي أن أقتبس مما اقتبسه الكتاب من بعض الأبيات التي سطرها شعراء بدايات القرن العشرين، على إثر توتر شديد اللهجة ثار بين عامي 1908 و 1911، وكانت ساحة التوتر صحف يقوم عليها بعض الأقباط، وأخرى يقوم عليها بعض الشيوخ، للطرف الأول كانت صحيفتا "الوطن" و"مصر"، وللطرف الثاني صحيفتا "المؤيد"، و "اللواء"، وما لبثت هذه المرحلة أن انتهت إذ كانت رياح ثورة 1919 قادمة لتصهر كل تلك الخلافات وتعيد المخطئ إلى صوابه.
هذه هي الاقتباسات التي أشرت إليها:
مقدمة:
كان الطابع العام في الجدل هو طابع العتاب والمجاملة، يغلب على لغة المتحاورين العاملين على حصر الخلاف، الناقدين لأي بادرة تهور أو جنوح، ولم يعرف من أحد طعنٌ في الدين ذاته، أو تعرض له بما يمس التوقير اللازم له، وكان حذر "العقلاء" دائما من أن الخلاف لن يفيد إلا المستعمر، كما كان غالب الجدل المتبادل يصدر بلغة المصلحة الوطنية ومن أرضها. وأقسى ما يوجهه أحد الكاتبين إلى الآخر هو التشكيك في الولاء المشترك للوطن المصري السابغ ظله على الجميع، وهو اتهام يجد مضاءه في الاتفاق المصري العام على معاداة الاحتلال الأجنبي...
وأهم ما حاوله رمزي تادرس في هجومه على دعاة الجامعة الإسلامية أو على الحزب الوطني، هو إنكاره صفة "المصرية" على خصمه، ليحاول بذلك عزله عن عامة "القبط المسلمين" حسب تعبيره.
النصوص:
وكتب عوض واصف يقول:
أبناؤها عبد المسيح وأحمد والموسوي وليس ثمة دخيل
لا فرق بين العالمين وأرضهم وطن وحيد والجميع سليل
هل في السماء مذاهب وعناصر هل ثم إلا صاحب وخليل
ويصدر عوض واصف عن منطلق ديني أساسه وحدة الأديان في السماء
وكتب آخر يقول:
فالدين لله يوم الحشر يسألنا عنه ويسألكم والخلق تزدحم
ما للديانة دخل في صوالحنا بتنا شطورا وبات الغير يغتنم
ويصدر هذا الشاعر عن وجوب إعلاء الدين على الحياة السياسية ورفض الإنقسام في مواجهة العدو
ووجه عبد الرحمن شكري حديثه إلى الأقباط بعنوان "مصري عربي يخاطب أخاه القبطي"::
بني البهاليل من علياء شاهقة ومحتد الصيد لا تمشي له الريب
إذا تناءى بكم عن مجدنا نسب فأنتم في مراقي مجدكم عرب
إذا الأواصر لم تجعل لنا سببا فحرمة الود فيما بيننا سبب
يدان إن تقطعونا تقطعوا يدكم كذاك نحن لنا في عزكم أرب
إني على شغفي بالأهل يطربني أنى إليكم إذا فاخرت أنتسب
ويتلمس عبد الرحمن شكري بهذه الأبيات روابط من الأصول المشتركة القديمة ولكن لا يعبأ بها، ولا يهتم إلا بالترابط العضوي لأجل الوطن الواحد وينتسب إليه.
وكتب أمير الشعراء أحمد شوقي يقول:
نعلي تعاليم المسيح لأجلهم ويوقرون لأجلنا الإسلاما
الدين للديان جل جلاله لو شاء ربك وحّد الأقواما
هذي ربوعكم وتلك ربوعنا متقابلين نعالج الأياما
هذي قبوركم وتلك قبورنا متجاورين جماجما وعظاما
فبحرمة الموتى وواجب حقهم عيشوا كما يقضي الجوار كراما
وينظر أحمد شوقي بنظرته الفلسفية وانتمائه العاطفي لـ"حرمة الموتى"، ويجد في ذلك أساسا للوحد.
وبخلاف هؤلاء هناك من وجد في النيل خيط الوحدة
وراجع أيضا : الأدب القبطي لمحمد سيد كيلاني
انتهى الاقتباس
وكلمة واحدة لي في النهاية: أين نحن الآن، وأين كان هؤلاء، هل تقدمنا باتجاه الوحدة الوطنية والجامعة المصرية، أم عدنا إلى الانقسام والتشرذم والاتهامات؟ هل نتقدم أم نتراجع ولماذا؟
عذرا على الإطالة
خالص تحياتي
أود هنا إذا سمحتم لي أن أقتبس مما اقتبسه الكتاب من بعض الأبيات التي سطرها شعراء بدايات القرن العشرين، على إثر توتر شديد اللهجة ثار بين عامي 1908 و 1911، وكانت ساحة التوتر صحف يقوم عليها بعض الأقباط، وأخرى يقوم عليها بعض الشيوخ، للطرف الأول كانت صحيفتا "الوطن" و"مصر"، وللطرف الثاني صحيفتا "المؤيد"، و "اللواء"، وما لبثت هذه المرحلة أن انتهت إذ كانت رياح ثورة 1919 قادمة لتصهر كل تلك الخلافات وتعيد المخطئ إلى صوابه.
هذه هي الاقتباسات التي أشرت إليها:
مقدمة:
كان الطابع العام في الجدل هو طابع العتاب والمجاملة، يغلب على لغة المتحاورين العاملين على حصر الخلاف، الناقدين لأي بادرة تهور أو جنوح، ولم يعرف من أحد طعنٌ في الدين ذاته، أو تعرض له بما يمس التوقير اللازم له، وكان حذر "العقلاء" دائما من أن الخلاف لن يفيد إلا المستعمر، كما كان غالب الجدل المتبادل يصدر بلغة المصلحة الوطنية ومن أرضها. وأقسى ما يوجهه أحد الكاتبين إلى الآخر هو التشكيك في الولاء المشترك للوطن المصري السابغ ظله على الجميع، وهو اتهام يجد مضاءه في الاتفاق المصري العام على معاداة الاحتلال الأجنبي...
وأهم ما حاوله رمزي تادرس في هجومه على دعاة الجامعة الإسلامية أو على الحزب الوطني، هو إنكاره صفة "المصرية" على خصمه، ليحاول بذلك عزله عن عامة "القبط المسلمين" حسب تعبيره.
النصوص:
وكتب عوض واصف يقول:
أبناؤها عبد المسيح وأحمد والموسوي وليس ثمة دخيل
لا فرق بين العالمين وأرضهم وطن وحيد والجميع سليل
هل في السماء مذاهب وعناصر هل ثم إلا صاحب وخليل
ويصدر عوض واصف عن منطلق ديني أساسه وحدة الأديان في السماء
وكتب آخر يقول:
فالدين لله يوم الحشر يسألنا عنه ويسألكم والخلق تزدحم
ما للديانة دخل في صوالحنا بتنا شطورا وبات الغير يغتنم
ويصدر هذا الشاعر عن وجوب إعلاء الدين على الحياة السياسية ورفض الإنقسام في مواجهة العدو
ووجه عبد الرحمن شكري حديثه إلى الأقباط بعنوان "مصري عربي يخاطب أخاه القبطي"::
بني البهاليل من علياء شاهقة ومحتد الصيد لا تمشي له الريب
إذا تناءى بكم عن مجدنا نسب فأنتم في مراقي مجدكم عرب
إذا الأواصر لم تجعل لنا سببا فحرمة الود فيما بيننا سبب
يدان إن تقطعونا تقطعوا يدكم كذاك نحن لنا في عزكم أرب
إني على شغفي بالأهل يطربني أنى إليكم إذا فاخرت أنتسب
ويتلمس عبد الرحمن شكري بهذه الأبيات روابط من الأصول المشتركة القديمة ولكن لا يعبأ بها، ولا يهتم إلا بالترابط العضوي لأجل الوطن الواحد وينتسب إليه.
وكتب أمير الشعراء أحمد شوقي يقول:
نعلي تعاليم المسيح لأجلهم ويوقرون لأجلنا الإسلاما
الدين للديان جل جلاله لو شاء ربك وحّد الأقواما
هذي ربوعكم وتلك ربوعنا متقابلين نعالج الأياما
هذي قبوركم وتلك قبورنا متجاورين جماجما وعظاما
فبحرمة الموتى وواجب حقهم عيشوا كما يقضي الجوار كراما
وينظر أحمد شوقي بنظرته الفلسفية وانتمائه العاطفي لـ"حرمة الموتى"، ويجد في ذلك أساسا للوحد.
وبخلاف هؤلاء هناك من وجد في النيل خيط الوحدة
وراجع أيضا : الأدب القبطي لمحمد سيد كيلاني
انتهى الاقتباس
وكلمة واحدة لي في النهاية: أين نحن الآن، وأين كان هؤلاء، هل تقدمنا باتجاه الوحدة الوطنية والجامعة المصرية، أم عدنا إلى الانقسام والتشرذم والاتهامات؟ هل نتقدم أم نتراجع ولماذا؟
عذرا على الإطالة
خالص تحياتي