makakola
23-10-2006, 05:57 AM
مسيحيو سوريا والخوف على المصير
GMT 15:15:00 2006 الأحد 22 أكتوبر
سليمان يوسف يوسف (http://arabic-media.com/newspapers/elaph.htm)
(تحية الى كوليت خوري)
سوريا، بحدودها التاريخية والثقافية المعروفة، شكلت(المسيحية المشرقية)، بلغتها وثقافتها السريانية(الآرامية)، هويتها الوطنية لحقبة تاريخية طويلة امتدت حتى نهاية القرن الثامن الميلادي، حيث حدثت في المنطقة تبدلات وتحولات ديمغرافية واجتماعية وثقافية كبيرة مع انتشار الإسلام. ومنذ أن ظهرت دولة (سوريا) بحدودها السياسية الحالية في العصر الحديث عاش فيها المسيحيون دون أن يميزوا أنفسهم عن بقية أقوام ومكونات المجتمع السوري. الذي ميزهم لاحقاً هم (الأغلبية المسلمة) التي وضعت دستوراً يحرم على (المسيحي) تولي رئاسة البلاد وأخذت من (الشريعة الإسلامية) مصدراً أساسياً للتشريع، وبالتالي أنزلت مرتبة
المواطنة للمسيحيين السوريين وانتقصت من حقوقهم المدنية والسياسية، وبذلك وضعت مانعاً أو عائقاً قانونياً ودستورياً في طريق تحقيق العدالة و مساواتهم مع الأغلبية المسلمة( شركائهم في الوطن). مع هذا اندمج المسيحيون في المجتمع السوري وبروح من المسؤولية الوطنية العالية شاركوا في صناعة استقلال سوريا وأخذوا دورهم في بناءها وتطويرها في كل مناحي الحياة وانخرطوا في معظم الأحزاب، لا بل كان لهم الدور الأبرز والفضل الكبير في تشكيل وتأسيس أهم ثلاث أحزاب سياسية في سوريا وبلاد الشام(البعث، الشيوعي، السوري القومي). ويعتبر (فارس الخوري)، مهندس مفاوضات الاستقلال، أحد ابرز الرجالات السياسية الوطنية في تاريخ سوريا الحديث، تسلم رئاسة البرلمان المستحدث لسنوات طويلة، ثم رئاسة الوزراء لمرات عديدة. وأنا أكتب هذه المادة تناقلت وسائل الإعلام بشيء من الاهتمام خبر تعين الأديبة (كوليت الخوري) – حفيدة فارس الخوري- مستشارة للرئيس السوري بشار الأسد. وأفيد نقلاً عنها:بأن هذا التعيين يرتبط بأسباب سياسية، يحمل رسائل الى الداخل ولبنان والغرب، وقالت (كوليت) في تصريح لها لوكالة الأنباء الايطالية (آكي): (( أن القرار فيه ما يبعث على التطمين للمستقلين والدمشقيين والمسيحيين الذين يشعرون بأنهم مهمشون ولا دور لهم في مواقع القرار)). بالطبع، مثلما لا يجوز أن نقلل من أهمية أن تعين (مسيحية) مستقلة مستشارة لرئيس دولة مثل سوريا، كذلك يجب أن لا نستكثر على المسيحيين في (وطنهم الأم) هكذا منصب وهم الفئة الثانية من حيث العدد والإمكانيات والمؤهلات العلمية والسياسية على الخريطة المذهبية والدينية في سوريا، وأن لا نضخم أو نبالغ من أهمية هذا الحدث، خاصة والكل يعلم طبيعة (النظام السوري)، الذي يتميز بـ(مركزية شديدة) وهيمنة العقلية الأمنية(العسكرية) على العقلية السياسية(المدنية)، وأولوية (القرار الأمني) على (القرار السياسي)، الى درجة أقصيت السياسية عن المجتمع وغيبت حرية الرأي والتعبير، حتى في أصغر القضايا السياسية، إذ يستبعد أن يكون لمستشاري الرئيس أو لنوابه، أي دور مهم أو تأثير في صناعة واتخاذ القرار السوري، خاصة تلك المتعلقة بالتوجهات السياسية للنظام، داخلياً وخارجياً. بالطبع نتمنى للسيدة (كوليت) النجاح والتوفيق بمهمتها ونرفع لها ألف تحية وطنية على صراحتها وإقراراها بأن المسيحيين مهمشين سياسياً ومغيبين عن مواقع القرار في سوريا. فهذه المرة الأولى التي تقر وتعترف شخصية رسمية، مسيحية وغير مسيحية، بكون المسيحيين أكثر فئات المجتمع السوري تغيباً وإبعاداً عن المشاركة الفعلية في ادارة البلاد وحرمانهم، طيلة العقود الماضية، من المناصب المهمة (سيادية) في الدولة. هذه الجرأة التي باشرت بها(كوليت) مهمتها، هي باعثة أمل وتفاؤل بمستقبل سياسي أفضل ومكانة وطنية للمسيحيين تليق بهم وبتاريخهم الوطني الذي جسده جدها (فارس الخوري)، ستبقى صورته الوطنية محفورة في ذاكرة الشعب السوري. وإن كنا لا نتوقع أن تخفف، هذه الخطوة الخجولة والمـتأخرة جداً من قبل (القيادة السورية)، من مخاوف وقلق المسيحيين السوريين وتطمئنهم على مستقبلهم في هذا الظرف الإقليمي المتوتر والمضطرب إسلامياً والمكلف جداً مسيحياً على مستوى المنطقة، و(الزمن السوري) الصعب الذي يشهد انحسار القوى الليبرالية والديمقراطية والتيارات العلمانية وتنامي الاتجاهات الإسلامية المتطرفة في المجتمع السوري و داخل البعث الحاكم والأحزاب الأخرى، من قوميين ويساريين، واستمرار نهج الهيمنة الطائفية (الإسلامية) وأحكام التمييز الديني (تفضيل المسلم على غير المسلم)، وسياسية القهر القومي على القوميات الغير عربية، وحصول اصطفافات طائفية واثنية ومذهبية، تكشف عنها الكثير من مظاهر الحياة العامة في المجتمع السوري وسلوك الموظفين في الدوائر والمؤسسات الحكومية وكذلك في المدارس والجامعات. هذه الاصطفافات المادون وطنية، تبرز بشكل فاضح ومخجل في (مهزلة الانتخابات)، (مجلس الشعب، مجالس البلديات، النقابات، انتخابات حزب البعث الحاكم ذاته، وانتخابات جميع الأحزاب الأخرى الدائرة في فلكه، من (شيوعيين وقوميين)، حيث الانتماء الديني والمذهبي والعرقي، هو الذي يشكل اليوم الاستقطاب السياسي في سوريا ويحدد اتجاهات التصويت للمواطن في جميع هذه الانتخابات. بعد أن أضحت (المعضلة الطائفية والأثنية) في سوريا، كما في جميع المجتمعات العربية والإسلامية، (ظاهرة سياسية مؤدلجة) تعمل العديد من الأطراف والجهات، بشكل أو بآخر، على تخصيبها وتسييسها وبالتالي الرهان عليها في تحقيق أهداف وتغييرات سياسية معينة. مما يوحي ويشير على أن سوريا تنحو باتجاه (الطائفية السياسية) التي نبذتها في الماضي. من دون شك، هذه الأوضاع السلبية وغيرها، تركت آثار سلبية في نفوس المسيحيين وغير المسيحيين وزعزعت ثقتهم بإمكانية أن ترتقي سوريا الى (دولة مواطنة ومؤسسات)، وبالتالي بقاءها دولة غير مستقرة سياسياً وأمنياً، إذ هناك شعور عام في الشارع السوري، بأن الاستقرار والأمن الذي تنعم به سوريا اليوم لم يعد يستند الى دعائم و مؤسسات الدولة وتماسك المجتمع المدني، بقدر ما يقوم على (استبداد السلطة) والقمع الذي تمارسه الأجهزة الأمنية، لهذا ثمة تساؤلات وشكوك حول ديمومة هذا الاستقرار السوري، خاصة إذا ما صدقنا رواية النظام حول نشاط الخلايا الإرهابية والمجموعات الإسلامية (السلفية التكفيرية- جند الشام وغيرها) التي بدأت تطل برأسها من حين لآخر وتشتبك مع قوات الأمن السورية.
GMT 15:15:00 2006 الأحد 22 أكتوبر
سليمان يوسف يوسف (http://arabic-media.com/newspapers/elaph.htm)
(تحية الى كوليت خوري)
سوريا، بحدودها التاريخية والثقافية المعروفة، شكلت(المسيحية المشرقية)، بلغتها وثقافتها السريانية(الآرامية)، هويتها الوطنية لحقبة تاريخية طويلة امتدت حتى نهاية القرن الثامن الميلادي، حيث حدثت في المنطقة تبدلات وتحولات ديمغرافية واجتماعية وثقافية كبيرة مع انتشار الإسلام. ومنذ أن ظهرت دولة (سوريا) بحدودها السياسية الحالية في العصر الحديث عاش فيها المسيحيون دون أن يميزوا أنفسهم عن بقية أقوام ومكونات المجتمع السوري. الذي ميزهم لاحقاً هم (الأغلبية المسلمة) التي وضعت دستوراً يحرم على (المسيحي) تولي رئاسة البلاد وأخذت من (الشريعة الإسلامية) مصدراً أساسياً للتشريع، وبالتالي أنزلت مرتبة
المواطنة للمسيحيين السوريين وانتقصت من حقوقهم المدنية والسياسية، وبذلك وضعت مانعاً أو عائقاً قانونياً ودستورياً في طريق تحقيق العدالة و مساواتهم مع الأغلبية المسلمة( شركائهم في الوطن). مع هذا اندمج المسيحيون في المجتمع السوري وبروح من المسؤولية الوطنية العالية شاركوا في صناعة استقلال سوريا وأخذوا دورهم في بناءها وتطويرها في كل مناحي الحياة وانخرطوا في معظم الأحزاب، لا بل كان لهم الدور الأبرز والفضل الكبير في تشكيل وتأسيس أهم ثلاث أحزاب سياسية في سوريا وبلاد الشام(البعث، الشيوعي، السوري القومي). ويعتبر (فارس الخوري)، مهندس مفاوضات الاستقلال، أحد ابرز الرجالات السياسية الوطنية في تاريخ سوريا الحديث، تسلم رئاسة البرلمان المستحدث لسنوات طويلة، ثم رئاسة الوزراء لمرات عديدة. وأنا أكتب هذه المادة تناقلت وسائل الإعلام بشيء من الاهتمام خبر تعين الأديبة (كوليت الخوري) – حفيدة فارس الخوري- مستشارة للرئيس السوري بشار الأسد. وأفيد نقلاً عنها:بأن هذا التعيين يرتبط بأسباب سياسية، يحمل رسائل الى الداخل ولبنان والغرب، وقالت (كوليت) في تصريح لها لوكالة الأنباء الايطالية (آكي): (( أن القرار فيه ما يبعث على التطمين للمستقلين والدمشقيين والمسيحيين الذين يشعرون بأنهم مهمشون ولا دور لهم في مواقع القرار)). بالطبع، مثلما لا يجوز أن نقلل من أهمية أن تعين (مسيحية) مستقلة مستشارة لرئيس دولة مثل سوريا، كذلك يجب أن لا نستكثر على المسيحيين في (وطنهم الأم) هكذا منصب وهم الفئة الثانية من حيث العدد والإمكانيات والمؤهلات العلمية والسياسية على الخريطة المذهبية والدينية في سوريا، وأن لا نضخم أو نبالغ من أهمية هذا الحدث، خاصة والكل يعلم طبيعة (النظام السوري)، الذي يتميز بـ(مركزية شديدة) وهيمنة العقلية الأمنية(العسكرية) على العقلية السياسية(المدنية)، وأولوية (القرار الأمني) على (القرار السياسي)، الى درجة أقصيت السياسية عن المجتمع وغيبت حرية الرأي والتعبير، حتى في أصغر القضايا السياسية، إذ يستبعد أن يكون لمستشاري الرئيس أو لنوابه، أي دور مهم أو تأثير في صناعة واتخاذ القرار السوري، خاصة تلك المتعلقة بالتوجهات السياسية للنظام، داخلياً وخارجياً. بالطبع نتمنى للسيدة (كوليت) النجاح والتوفيق بمهمتها ونرفع لها ألف تحية وطنية على صراحتها وإقراراها بأن المسيحيين مهمشين سياسياً ومغيبين عن مواقع القرار في سوريا. فهذه المرة الأولى التي تقر وتعترف شخصية رسمية، مسيحية وغير مسيحية، بكون المسيحيين أكثر فئات المجتمع السوري تغيباً وإبعاداً عن المشاركة الفعلية في ادارة البلاد وحرمانهم، طيلة العقود الماضية، من المناصب المهمة (سيادية) في الدولة. هذه الجرأة التي باشرت بها(كوليت) مهمتها، هي باعثة أمل وتفاؤل بمستقبل سياسي أفضل ومكانة وطنية للمسيحيين تليق بهم وبتاريخهم الوطني الذي جسده جدها (فارس الخوري)، ستبقى صورته الوطنية محفورة في ذاكرة الشعب السوري. وإن كنا لا نتوقع أن تخفف، هذه الخطوة الخجولة والمـتأخرة جداً من قبل (القيادة السورية)، من مخاوف وقلق المسيحيين السوريين وتطمئنهم على مستقبلهم في هذا الظرف الإقليمي المتوتر والمضطرب إسلامياً والمكلف جداً مسيحياً على مستوى المنطقة، و(الزمن السوري) الصعب الذي يشهد انحسار القوى الليبرالية والديمقراطية والتيارات العلمانية وتنامي الاتجاهات الإسلامية المتطرفة في المجتمع السوري و داخل البعث الحاكم والأحزاب الأخرى، من قوميين ويساريين، واستمرار نهج الهيمنة الطائفية (الإسلامية) وأحكام التمييز الديني (تفضيل المسلم على غير المسلم)، وسياسية القهر القومي على القوميات الغير عربية، وحصول اصطفافات طائفية واثنية ومذهبية، تكشف عنها الكثير من مظاهر الحياة العامة في المجتمع السوري وسلوك الموظفين في الدوائر والمؤسسات الحكومية وكذلك في المدارس والجامعات. هذه الاصطفافات المادون وطنية، تبرز بشكل فاضح ومخجل في (مهزلة الانتخابات)، (مجلس الشعب، مجالس البلديات، النقابات، انتخابات حزب البعث الحاكم ذاته، وانتخابات جميع الأحزاب الأخرى الدائرة في فلكه، من (شيوعيين وقوميين)، حيث الانتماء الديني والمذهبي والعرقي، هو الذي يشكل اليوم الاستقطاب السياسي في سوريا ويحدد اتجاهات التصويت للمواطن في جميع هذه الانتخابات. بعد أن أضحت (المعضلة الطائفية والأثنية) في سوريا، كما في جميع المجتمعات العربية والإسلامية، (ظاهرة سياسية مؤدلجة) تعمل العديد من الأطراف والجهات، بشكل أو بآخر، على تخصيبها وتسييسها وبالتالي الرهان عليها في تحقيق أهداف وتغييرات سياسية معينة. مما يوحي ويشير على أن سوريا تنحو باتجاه (الطائفية السياسية) التي نبذتها في الماضي. من دون شك، هذه الأوضاع السلبية وغيرها، تركت آثار سلبية في نفوس المسيحيين وغير المسيحيين وزعزعت ثقتهم بإمكانية أن ترتقي سوريا الى (دولة مواطنة ومؤسسات)، وبالتالي بقاءها دولة غير مستقرة سياسياً وأمنياً، إذ هناك شعور عام في الشارع السوري، بأن الاستقرار والأمن الذي تنعم به سوريا اليوم لم يعد يستند الى دعائم و مؤسسات الدولة وتماسك المجتمع المدني، بقدر ما يقوم على (استبداد السلطة) والقمع الذي تمارسه الأجهزة الأمنية، لهذا ثمة تساؤلات وشكوك حول ديمومة هذا الاستقرار السوري، خاصة إذا ما صدقنا رواية النظام حول نشاط الخلايا الإرهابية والمجموعات الإسلامية (السلفية التكفيرية- جند الشام وغيرها) التي بدأت تطل برأسها من حين لآخر وتشتبك مع قوات الأمن السورية.