reyad
07-11-2006, 10:31 AM
كتبت : اقبال السباعي
لماذا نلوم الفتاة المصرية التي اختارت النقاب بإرادتها أو مذعنة، لماذا نهاجمها إذا كانت تتبع ما علمناه لها، وأشرنا إليه كطريق وحيد إلي الجنة؟ من حق الفتاة المصرية أن ترتدى النقاب وأن تدفن نفسها بالحيا.. من حقها أن تعلن الحداد على شبابها وأحلامها وطموحاتها ومؤهلاتها ومواهبها وقدراتها.. وأن تسدل الستار على روحها وجسدها وتختبىء خلف قطعة من النسيج الأسود.
أليس هذا ما يراد بها.. ألم يقل لها البعض أن هذا دليل التقوى والورع وتقرب إلى الله وهروب من شرور الحياة الدنيا وخطاياها.. فلماذا لا تصل فى هذا الطريق إلى مداه؟ ألم تلقن منذ نعومة أظافرها أن جسدها عورة وشعرها عورة.
إن ارتداء النقاب ما هو إلا ثورة المرأة ضد الاضطهاد الفادح الذى تلاقيه فى المجتمع العربى، وهوالخطوة الأولى نحو الانسحاب الكامل من هذا المجتمع، الذى مازال إلى يومنا هذا وبعد نزول القرآن الكريم بأكثر من أربعة عشر قرنا هجريا يسود وجهه وهو كظيم إذا بشر بالأنثى.. إن النقاب لغة تخاطب تستخدمها الفتاة المصرية مع من لايفهمون لغة غيرها، الذين أصدروا قرار احتجابها ووصموا جسدها بأنه عورة، الذين انتقصوا من حريتها وساوموها على وجودها وكبلوها بالمحظورات والمحرمات. بالنقاب تصرخ الفتاة المصرية لتلفت أنظار العالم كله، بالتحول إلى خيمة سوداء تقول أنظروا ماذا فعل بنا دعاة القرن الحادى والعشرين، كيف أعادونا إلى الجاهلية، وكفروا أمهاتنا وجداتنا وأجدادنا والعالم كله لينفردوا هم بالسطوة على عقول المسلمين.
النقاب ليس البداية ولن يكون النهاية، فالطريق طويل ويزداد وحشة ووعورة، بدأ فى أوائل السبعينيات بمطالبة المرأة العاملة بالعودة إلى البيت والاحتجاب عن الحياة العامة وإقناع طالبات الجامعة بأن تعليم المرأة حرام، فارتدين الحجاب وأعلن توبتهن عن التعليم وامتنعن عن الذهاب إلى كليات القمة التى سهرن الليالى ليحصلن على مجموع يؤهلن للدراسة بها، ثم بدأت هوجة تحريم الفن وانسحاب الفنانات واحدة تجر الأخرى من ساحة التمثيل وإعلانهن التوبة عن ممارسة الفن الحرام، وتسابق علماؤنا الأجلاء، رجالا ونساء، فى الانضمام إلى ميدان الهداية عبر الفضائيات العربية التى كرست أكثر من برنامج لتشجيع الفتيات على ارتداء الحجاب، ووصل الأمر إلى تكفير الرياضة وارتدى الشبان سراويل إسلامية بدلا من «الشورت»، وأعلنت بطلة مصر والعالم فى سباحة المسافات الطويلة ندمها الشديد وتوبتها عن ممارسة السباحة الحرام وارتدت الحجاب وسط زفة من التهليل والتحبيذ فى إحدى الفضائيات العربية، والحكايات كثيرة وسوف يتفرغ باحثون فى المستقبل لرصدها، ولن تكون آخرها تحجيب الدراما المصرية بعودة المحجبات إلى التمثيل و«لحسهن» الكلام المعيب الذى قلنه فى حق الفن، الفن الذى أعطاهن ومازال على استعداد لمنحهن الملايين.
من حق الفتاة المصرية فى خضم البلبلة والتناقضات الصارخة فى حياتنا مابين الإصرار والإلحاح على العودة إلى قيم الماضى وأفكاره وأعرافه وأزيائه، وفيض البرامج العربية والأجنبية الذى يتدفق عليها العصر الحديث بكل معطياته الإيجابية والسلبية.. من حقها أن تفر من الحياة العامة، وترفع الراية السوداء لتعلن مخاصمتها هذا المجتمع المريض بالشيزوفرانيا الذى فقدت الأمل فى علاجه، لقد لبت الدعوة إلى التعلم وتفوقت فى الجامعات والتحقت بكل مجالات العمل فأثبتت جدارة ملحوظة وسبقت أقرانها الرجال. تعلموا على يديها فى المدارس والجامعات، وتشربوا المهن منها كرئيسة ومديرة فى المكاتب، وعملوا تحت قيادتها كوزيرة وسفيرة ورئيسة للإذاعة والتليفزيون، وعشقوا مواهبها كنجمة يشار لها بالبنان فى المسرح والسينما والصحافة والإذاعة والتليفزيون والأدب، وقرأوا كتبها فى العلم والأدب وبعضها احتفى به العالم وترجم إلى العديد من اللغات، ومنحوها الجوائز التشجيعية والتقديرية وجوائز الدولة ومبارك وجوائز أخرى عربية وعالمية كعالمة وكاتبة ومفكرة.. كل هذا التفوق والاجتهاد والسبق لم يشفع لها، ولم يساوها بأخيها الذكر، ومازالوا يرونها عورة، فإذا كان الجسد والشعر والصوت عورة، لماذا لا يكون الوجه عورة، بل كل المرأة عورة؟!
هذا هو المنطق السليم الذى قاد الفتيات إلى ارتداء النقاب وليس التقوى ولا الإذعان للحبيب أو الزوج أو الأب، ولا الخوف من المجتمع ولا الأزمة الاقتصادية.. إنه التسلسل المنطقى للأحداث منذ ما يقرب من أربعة عقود، قبل أن تولد المنقبات.. التسلسل الذى بدأ بموجة الفكر الحنبلى المتمثل فى «الوهابية» التى هجمت على المجتمع المصرى ومازالت تهيمن على عقول دعاة الفضائيات الخليجية الذين رحبوا بالظهور على شاشاتها ليهدوا المصريين إلى دين الإسلام، جنبا إلى جنب الممثلات والراقصات والمطربات «التائبات»! لم يحتج الأزهر الشريف بل رمق الظاهرة بإعجاب وباركها وأعلن بعض شيوخنا الأجلاء أنها من علامات الصحوة الإسلامية، ولم يعترض مثقفونا من الأسماء اللامعة الذين يرمقهم الشعب بإجلال واحترام، لم يجتمعوا أبدا ولو مرة واحدة لينتصروا للمرأة المصرية وينقذوها من الغرق تحت تلك الموجة الهادرة، لم نسمع عن بيان لمجموعة من الكتاب المصريين يحتج ويرفض ويدلل على أن المرأة ليست عورة، بل تواروا جميعا وأعلنوا فى استحياء أنها مسألة حرية شخصية، وأن من حق من تريد أن تحتجب أو تتنقب أن تفعل ما تشاء، وعندما تجرأ البعض وكتبوا يعترضون على اعتبار المرأة عورة تجاهلوهم، ولم يعلق أحد على كتبهم وهكذا أرغموا على الصمت والانسحاب.
يتبع .....
لماذا نلوم الفتاة المصرية التي اختارت النقاب بإرادتها أو مذعنة، لماذا نهاجمها إذا كانت تتبع ما علمناه لها، وأشرنا إليه كطريق وحيد إلي الجنة؟ من حق الفتاة المصرية أن ترتدى النقاب وأن تدفن نفسها بالحيا.. من حقها أن تعلن الحداد على شبابها وأحلامها وطموحاتها ومؤهلاتها ومواهبها وقدراتها.. وأن تسدل الستار على روحها وجسدها وتختبىء خلف قطعة من النسيج الأسود.
أليس هذا ما يراد بها.. ألم يقل لها البعض أن هذا دليل التقوى والورع وتقرب إلى الله وهروب من شرور الحياة الدنيا وخطاياها.. فلماذا لا تصل فى هذا الطريق إلى مداه؟ ألم تلقن منذ نعومة أظافرها أن جسدها عورة وشعرها عورة.
إن ارتداء النقاب ما هو إلا ثورة المرأة ضد الاضطهاد الفادح الذى تلاقيه فى المجتمع العربى، وهوالخطوة الأولى نحو الانسحاب الكامل من هذا المجتمع، الذى مازال إلى يومنا هذا وبعد نزول القرآن الكريم بأكثر من أربعة عشر قرنا هجريا يسود وجهه وهو كظيم إذا بشر بالأنثى.. إن النقاب لغة تخاطب تستخدمها الفتاة المصرية مع من لايفهمون لغة غيرها، الذين أصدروا قرار احتجابها ووصموا جسدها بأنه عورة، الذين انتقصوا من حريتها وساوموها على وجودها وكبلوها بالمحظورات والمحرمات. بالنقاب تصرخ الفتاة المصرية لتلفت أنظار العالم كله، بالتحول إلى خيمة سوداء تقول أنظروا ماذا فعل بنا دعاة القرن الحادى والعشرين، كيف أعادونا إلى الجاهلية، وكفروا أمهاتنا وجداتنا وأجدادنا والعالم كله لينفردوا هم بالسطوة على عقول المسلمين.
النقاب ليس البداية ولن يكون النهاية، فالطريق طويل ويزداد وحشة ووعورة، بدأ فى أوائل السبعينيات بمطالبة المرأة العاملة بالعودة إلى البيت والاحتجاب عن الحياة العامة وإقناع طالبات الجامعة بأن تعليم المرأة حرام، فارتدين الحجاب وأعلن توبتهن عن التعليم وامتنعن عن الذهاب إلى كليات القمة التى سهرن الليالى ليحصلن على مجموع يؤهلن للدراسة بها، ثم بدأت هوجة تحريم الفن وانسحاب الفنانات واحدة تجر الأخرى من ساحة التمثيل وإعلانهن التوبة عن ممارسة الفن الحرام، وتسابق علماؤنا الأجلاء، رجالا ونساء، فى الانضمام إلى ميدان الهداية عبر الفضائيات العربية التى كرست أكثر من برنامج لتشجيع الفتيات على ارتداء الحجاب، ووصل الأمر إلى تكفير الرياضة وارتدى الشبان سراويل إسلامية بدلا من «الشورت»، وأعلنت بطلة مصر والعالم فى سباحة المسافات الطويلة ندمها الشديد وتوبتها عن ممارسة السباحة الحرام وارتدت الحجاب وسط زفة من التهليل والتحبيذ فى إحدى الفضائيات العربية، والحكايات كثيرة وسوف يتفرغ باحثون فى المستقبل لرصدها، ولن تكون آخرها تحجيب الدراما المصرية بعودة المحجبات إلى التمثيل و«لحسهن» الكلام المعيب الذى قلنه فى حق الفن، الفن الذى أعطاهن ومازال على استعداد لمنحهن الملايين.
من حق الفتاة المصرية فى خضم البلبلة والتناقضات الصارخة فى حياتنا مابين الإصرار والإلحاح على العودة إلى قيم الماضى وأفكاره وأعرافه وأزيائه، وفيض البرامج العربية والأجنبية الذى يتدفق عليها العصر الحديث بكل معطياته الإيجابية والسلبية.. من حقها أن تفر من الحياة العامة، وترفع الراية السوداء لتعلن مخاصمتها هذا المجتمع المريض بالشيزوفرانيا الذى فقدت الأمل فى علاجه، لقد لبت الدعوة إلى التعلم وتفوقت فى الجامعات والتحقت بكل مجالات العمل فأثبتت جدارة ملحوظة وسبقت أقرانها الرجال. تعلموا على يديها فى المدارس والجامعات، وتشربوا المهن منها كرئيسة ومديرة فى المكاتب، وعملوا تحت قيادتها كوزيرة وسفيرة ورئيسة للإذاعة والتليفزيون، وعشقوا مواهبها كنجمة يشار لها بالبنان فى المسرح والسينما والصحافة والإذاعة والتليفزيون والأدب، وقرأوا كتبها فى العلم والأدب وبعضها احتفى به العالم وترجم إلى العديد من اللغات، ومنحوها الجوائز التشجيعية والتقديرية وجوائز الدولة ومبارك وجوائز أخرى عربية وعالمية كعالمة وكاتبة ومفكرة.. كل هذا التفوق والاجتهاد والسبق لم يشفع لها، ولم يساوها بأخيها الذكر، ومازالوا يرونها عورة، فإذا كان الجسد والشعر والصوت عورة، لماذا لا يكون الوجه عورة، بل كل المرأة عورة؟!
هذا هو المنطق السليم الذى قاد الفتيات إلى ارتداء النقاب وليس التقوى ولا الإذعان للحبيب أو الزوج أو الأب، ولا الخوف من المجتمع ولا الأزمة الاقتصادية.. إنه التسلسل المنطقى للأحداث منذ ما يقرب من أربعة عقود، قبل أن تولد المنقبات.. التسلسل الذى بدأ بموجة الفكر الحنبلى المتمثل فى «الوهابية» التى هجمت على المجتمع المصرى ومازالت تهيمن على عقول دعاة الفضائيات الخليجية الذين رحبوا بالظهور على شاشاتها ليهدوا المصريين إلى دين الإسلام، جنبا إلى جنب الممثلات والراقصات والمطربات «التائبات»! لم يحتج الأزهر الشريف بل رمق الظاهرة بإعجاب وباركها وأعلن بعض شيوخنا الأجلاء أنها من علامات الصحوة الإسلامية، ولم يعترض مثقفونا من الأسماء اللامعة الذين يرمقهم الشعب بإجلال واحترام، لم يجتمعوا أبدا ولو مرة واحدة لينتصروا للمرأة المصرية وينقذوها من الغرق تحت تلك الموجة الهادرة، لم نسمع عن بيان لمجموعة من الكتاب المصريين يحتج ويرفض ويدلل على أن المرأة ليست عورة، بل تواروا جميعا وأعلنوا فى استحياء أنها مسألة حرية شخصية، وأن من حق من تريد أن تحتجب أو تتنقب أن تفعل ما تشاء، وعندما تجرأ البعض وكتبوا يعترضون على اعتبار المرأة عورة تجاهلوهم، ولم يعلق أحد على كتبهم وهكذا أرغموا على الصمت والانسحاب.
يتبع .....