boulos
26-01-2007, 08:45 AM
بقلم/ مجدي خليل
في السنوات الأخيرة، وفي الشهور الأخيرة خصوصا، تزايدت المساحة الصحفية والإعلامية في مصر التي تتناول الشأن القبطي، ورغم أن تناول الشأن القبطي بصفة عامة يعد أمرا إيجابيا إلا أن الموضوع ليس بهذه البساطة، فالشيطان يكمن في التفاصيل كما يقولون، وطريقة تناول الصحافة والأعلام المصري للشأن القبطي هي التي سوف تبرز في التحليل النهائي ما إذا كان هذا التناول يعد مسألة إيجابية أم لا. إذا اعتبرنا أن هناك محاورا رئيسية فيما يتعلق بالشأن القبطي تعالوا نرى باختصار شديد كيف تناول الأعلام المصري هذه المحاور:
المحور الأول: أوضاع الأقباط ومشاكلهم
هناك ندرة في الأقلام التي تتناول أوضاع الأقباط ومشاكلهم بشكل موضوعي وحقيقي وشامل، ولا يعود ذلك بالطبع إلى قلة الكتاب الذين يعرفون حقيقة الأوضاع القبطية وتفاصيلها وإنما إلى مساحة المسموح به في هذا الإطار والرقابة الذاتية لدى الضمير الجمعي للأغلبية. بعد كل حادثة تقع ضد الأقباط تخرج بعض الأصوات من المسلمين المنبهة والمحذرة والمستنكرة لما يحدث، ولكن لا يوجد إطار شامل لتشريح هذه المشاكل ووضع حلول جادة لها على أرضية المواطنة، فالأمر في النهاية يندرج تحت بند التعاطف والمواساة أكثر من كونه تيارا عاما جادا ينادى بحقوق المواطنة المتساوية.
وبالطبع هناك مساحة واسعة، وخاصة في صحف التيار الديني الإسلامي تليها الصحف المعبرة عن النظام، التي يتراوح خطابها بين نفي المشاكل والتهوين منها، بل وتتبجح بعض الأصوات وتقول أن الأقباط في وضع حقوقي أفضل من المسلمين.
في نفس الوقت يضيق الإعلام المصري ويهرب من الأصوات التي تتحدث بشكل موضوعي حقيقي عن هذه الأوضاع.
وسوف أعطيكم مثالا، ففي نوفمبر 2005 أجرت معي صحيفة الأهرام عبر مراسلها في واشنطن حوارا حول المشاكل القبطية بمناسبة مؤتمر الأقباط الذي عقد في واشنطن ولكن لأن الحوار يحمل أرقاما وحقائق موجعة عن الأوضاع القبطية تم حذف الحوار في القاهرة كما قال لي مندوب الأهرام وقتها.أيضا مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط في واشنطن أجرى معي حوارا بمناسبة إصدار الرئيس مبارك لقرار بتفويض المحافظين بتصريح إعادة بناء الكنائس وترميمها وبلغني المراسل أنه رفض نشر الحوار في القاهرة. وينطبق ذلك أيضا على العديد من الصحف الخاصة حتى أن صحفيا يعمل في المصري اليوم كان في زيارة لواشنطن وأجرى معي حوارا في سبتمبر 2006 بمناسبة ذكري 11 سبتمبر ورفض الحوار في القاهرة، وقس على ذلك العديد من الصحف الحكومية والخاصة أيضا التي تجري حوارات معي ولا تنشرها رغم أن كبريات الصحف في العالم تجري معي حوارات آخرها ما نشر في واشنطن بوست بتاريخ 22 يناير 2007 .
وحتى لا يفهم أحد أن ذلك لكوني قبطي أعيش في المهجر، فقبل هجرتي رفضت الصحف لي عشرات المقالات المكتوبة بمنتهى الموضوعية والمهنية.. ففي النهاية الحقائق موجعة والإطار العام للإعلام المصري لا يتناول الموضوع بشكل جاد، إلا في استثناءات معدودة من الأقلام وما حدث معي يحدث مع الكثير غيري من الأقلام الجادة.
المحور الثاني: عقائد الأقباط
أما فيما يتعلق بعقائد الأقباط، أي تفاصيل عقائدهم المسيحية وممارساتهم الدينية وطقوسهم العبادية، فهي أما غائبة بشكل قد يكون كاملا أويتم التعاطي معها بشكل هجومي معتبرين أن تناول تفاصيل عقائد الأقباط هو نوع من التبشير للمسلمين يجب تجنبه حماية لعقائد المسلمين ولكن لا مانع من تناول ذلك بشكل رمزي في مناسبات أعياد المسيحيين
أما الهجوم على عقائد المسيحيين في مصر فحدث ولا حرج فهو مثل المرض المنتشر بشكل وبائي في الصحافة والإعلام المصري، وأيضا يأتي أما نتيجة للتعصب المستشري في الجسد المصري أو رغبة في حماية عقائد المسلمين بالهجوم على العقائد الأخرى وتشريكها وتكفيرها والاستخفاف بها والافتراء عليها. وهناك موجات للهجوم بدأت متتالية في العقود الثلاثة الأخيرة بسماح من الدولة وعبر أجهزة إعلامها بداية من متولي الشعرواي ومحمد الغزالي وكشك وعمر عبد الرحمن وصلاح أبو إسماعيل وانتهاء بالموجة الحالية والتي تضم يوسف القرضاوي ومحمد عمارة وزغلول النجار ومحمد سليم العوا وعمر عبد الكافي وأحمد الطيب وأبو إسلام أحمد وغيرهم الكثير.
المحور الثالث : الكنيسة القبطية
عادة ما يتم تناول الكنيسة القبطية بشكل سلبي هجومي عدائي. وهناك حملات مدارة أيضا للهجوم على الكنيسة القبطية، وهناك ثقافة عامة عدائية وللأسف الكثير من حملات الهجوم على الكنيسة تدار بتوجيهات من أجهزة الدولة المصرية.
وأذكر في بداية التسعينات من القرن الماضي قامت مجلة روزاليوسف بحملة هجومية ضد قداسة البابا شنودة والكنيسة القبطية وقد كنت مقيم في القاهرة وقتها ولم أكن قد هاجرت بعد، وذهبت إلى رئيس التحرير المسئول وقدمت له مقالة هادئة تصحيحا للمغالطات والتشويه فقرأها وقال لي لا أستطيع نشرها، وعلمت بعد ذلك من مصدر موثوق أن الموضوع كله كان موجها من أجهزة الدولة وتم وقف الحملة بناء على اتصال الكنيسة بالرئاسة. فالحملات على الكنيسة تأتي بتوجيهات عليا إما لابتزاز الكنيسة أو للضغط عليها إذا احتجت على أوضاع الأقباط... وهكذا ترتهن إرادة الكنيسة من دولة تبتزها وتتربص بها وتراقب دقائقها..
وفي زيارتي الأخيرة للقاهرة تقابلت مع عدد من الصحفيين الشباب من الأقباط واشتكوا لي بمرارة من أن الصحف التي يعملون بها تريد منهم فقط الكلام عن الكنيسة بشكل مثير غير موضوعي وفي بعض الأحيان عبر موضوعات مختلقة، وبعضهم ترك هذه الجرائد نتيجة لهذا الابتزاز، وقد نصحتهم وأعود أنصحهم بأنه أشرف للإنسان ألف مرة أن يجلس في بيته ولا يعمل من أن يتدنى لمستوى اختلاق قصص مثيرة ومقززة عن كنيسته تماشيا مع مزاج بعض المتعصبين أو محبي الإثارة أو جرائد تسعى للردح بدلا من تقصي الحقائق. وما ينطبق على الكنيسة ينطبق على أي موضوع آخر، فكيف يحترم الإنسان نفسه وهو يختلق روايات ويفبرك أكاذيب وينسج حكايات من خيالة.
المحور الرابع: أقباط المهجر
منذ أن أعطي السادات منذ أكثر من ربع قرن إشارة البدء في الهجوم على أقباط المهجر لا توجد تهمة إلا والصقها الإعلام المصري بأقباط المهجر، ولا يمكن إحصاء عدد المقالات التي كتبت ضدهم بل أن قائمة الاتهامات أخذت تتسع وتتمدد بدءا من التخوين حتى العمالة، فشيطنة أقباط المهجر قاسم مشترك بين أغلب الصحف المصرية. كل ذلك لأنهم يقفون بقوة للدفاع عن المواطنة في مصر وحق المصريين جميعا في المساواة والكرامة والحرية والمشاركة.. ولا داعي للاستطراد فالكل يعرف ما هي صورة أقباط المهجر في الأعلام المصرى
في السنوات الأخيرة، وفي الشهور الأخيرة خصوصا، تزايدت المساحة الصحفية والإعلامية في مصر التي تتناول الشأن القبطي، ورغم أن تناول الشأن القبطي بصفة عامة يعد أمرا إيجابيا إلا أن الموضوع ليس بهذه البساطة، فالشيطان يكمن في التفاصيل كما يقولون، وطريقة تناول الصحافة والأعلام المصري للشأن القبطي هي التي سوف تبرز في التحليل النهائي ما إذا كان هذا التناول يعد مسألة إيجابية أم لا. إذا اعتبرنا أن هناك محاورا رئيسية فيما يتعلق بالشأن القبطي تعالوا نرى باختصار شديد كيف تناول الأعلام المصري هذه المحاور:
المحور الأول: أوضاع الأقباط ومشاكلهم
هناك ندرة في الأقلام التي تتناول أوضاع الأقباط ومشاكلهم بشكل موضوعي وحقيقي وشامل، ولا يعود ذلك بالطبع إلى قلة الكتاب الذين يعرفون حقيقة الأوضاع القبطية وتفاصيلها وإنما إلى مساحة المسموح به في هذا الإطار والرقابة الذاتية لدى الضمير الجمعي للأغلبية. بعد كل حادثة تقع ضد الأقباط تخرج بعض الأصوات من المسلمين المنبهة والمحذرة والمستنكرة لما يحدث، ولكن لا يوجد إطار شامل لتشريح هذه المشاكل ووضع حلول جادة لها على أرضية المواطنة، فالأمر في النهاية يندرج تحت بند التعاطف والمواساة أكثر من كونه تيارا عاما جادا ينادى بحقوق المواطنة المتساوية.
وبالطبع هناك مساحة واسعة، وخاصة في صحف التيار الديني الإسلامي تليها الصحف المعبرة عن النظام، التي يتراوح خطابها بين نفي المشاكل والتهوين منها، بل وتتبجح بعض الأصوات وتقول أن الأقباط في وضع حقوقي أفضل من المسلمين.
في نفس الوقت يضيق الإعلام المصري ويهرب من الأصوات التي تتحدث بشكل موضوعي حقيقي عن هذه الأوضاع.
وسوف أعطيكم مثالا، ففي نوفمبر 2005 أجرت معي صحيفة الأهرام عبر مراسلها في واشنطن حوارا حول المشاكل القبطية بمناسبة مؤتمر الأقباط الذي عقد في واشنطن ولكن لأن الحوار يحمل أرقاما وحقائق موجعة عن الأوضاع القبطية تم حذف الحوار في القاهرة كما قال لي مندوب الأهرام وقتها.أيضا مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط في واشنطن أجرى معي حوارا بمناسبة إصدار الرئيس مبارك لقرار بتفويض المحافظين بتصريح إعادة بناء الكنائس وترميمها وبلغني المراسل أنه رفض نشر الحوار في القاهرة. وينطبق ذلك أيضا على العديد من الصحف الخاصة حتى أن صحفيا يعمل في المصري اليوم كان في زيارة لواشنطن وأجرى معي حوارا في سبتمبر 2006 بمناسبة ذكري 11 سبتمبر ورفض الحوار في القاهرة، وقس على ذلك العديد من الصحف الحكومية والخاصة أيضا التي تجري حوارات معي ولا تنشرها رغم أن كبريات الصحف في العالم تجري معي حوارات آخرها ما نشر في واشنطن بوست بتاريخ 22 يناير 2007 .
وحتى لا يفهم أحد أن ذلك لكوني قبطي أعيش في المهجر، فقبل هجرتي رفضت الصحف لي عشرات المقالات المكتوبة بمنتهى الموضوعية والمهنية.. ففي النهاية الحقائق موجعة والإطار العام للإعلام المصري لا يتناول الموضوع بشكل جاد، إلا في استثناءات معدودة من الأقلام وما حدث معي يحدث مع الكثير غيري من الأقلام الجادة.
المحور الثاني: عقائد الأقباط
أما فيما يتعلق بعقائد الأقباط، أي تفاصيل عقائدهم المسيحية وممارساتهم الدينية وطقوسهم العبادية، فهي أما غائبة بشكل قد يكون كاملا أويتم التعاطي معها بشكل هجومي معتبرين أن تناول تفاصيل عقائد الأقباط هو نوع من التبشير للمسلمين يجب تجنبه حماية لعقائد المسلمين ولكن لا مانع من تناول ذلك بشكل رمزي في مناسبات أعياد المسيحيين
أما الهجوم على عقائد المسيحيين في مصر فحدث ولا حرج فهو مثل المرض المنتشر بشكل وبائي في الصحافة والإعلام المصري، وأيضا يأتي أما نتيجة للتعصب المستشري في الجسد المصري أو رغبة في حماية عقائد المسلمين بالهجوم على العقائد الأخرى وتشريكها وتكفيرها والاستخفاف بها والافتراء عليها. وهناك موجات للهجوم بدأت متتالية في العقود الثلاثة الأخيرة بسماح من الدولة وعبر أجهزة إعلامها بداية من متولي الشعرواي ومحمد الغزالي وكشك وعمر عبد الرحمن وصلاح أبو إسماعيل وانتهاء بالموجة الحالية والتي تضم يوسف القرضاوي ومحمد عمارة وزغلول النجار ومحمد سليم العوا وعمر عبد الكافي وأحمد الطيب وأبو إسلام أحمد وغيرهم الكثير.
المحور الثالث : الكنيسة القبطية
عادة ما يتم تناول الكنيسة القبطية بشكل سلبي هجومي عدائي. وهناك حملات مدارة أيضا للهجوم على الكنيسة القبطية، وهناك ثقافة عامة عدائية وللأسف الكثير من حملات الهجوم على الكنيسة تدار بتوجيهات من أجهزة الدولة المصرية.
وأذكر في بداية التسعينات من القرن الماضي قامت مجلة روزاليوسف بحملة هجومية ضد قداسة البابا شنودة والكنيسة القبطية وقد كنت مقيم في القاهرة وقتها ولم أكن قد هاجرت بعد، وذهبت إلى رئيس التحرير المسئول وقدمت له مقالة هادئة تصحيحا للمغالطات والتشويه فقرأها وقال لي لا أستطيع نشرها، وعلمت بعد ذلك من مصدر موثوق أن الموضوع كله كان موجها من أجهزة الدولة وتم وقف الحملة بناء على اتصال الكنيسة بالرئاسة. فالحملات على الكنيسة تأتي بتوجيهات عليا إما لابتزاز الكنيسة أو للضغط عليها إذا احتجت على أوضاع الأقباط... وهكذا ترتهن إرادة الكنيسة من دولة تبتزها وتتربص بها وتراقب دقائقها..
وفي زيارتي الأخيرة للقاهرة تقابلت مع عدد من الصحفيين الشباب من الأقباط واشتكوا لي بمرارة من أن الصحف التي يعملون بها تريد منهم فقط الكلام عن الكنيسة بشكل مثير غير موضوعي وفي بعض الأحيان عبر موضوعات مختلقة، وبعضهم ترك هذه الجرائد نتيجة لهذا الابتزاز، وقد نصحتهم وأعود أنصحهم بأنه أشرف للإنسان ألف مرة أن يجلس في بيته ولا يعمل من أن يتدنى لمستوى اختلاق قصص مثيرة ومقززة عن كنيسته تماشيا مع مزاج بعض المتعصبين أو محبي الإثارة أو جرائد تسعى للردح بدلا من تقصي الحقائق. وما ينطبق على الكنيسة ينطبق على أي موضوع آخر، فكيف يحترم الإنسان نفسه وهو يختلق روايات ويفبرك أكاذيب وينسج حكايات من خيالة.
المحور الرابع: أقباط المهجر
منذ أن أعطي السادات منذ أكثر من ربع قرن إشارة البدء في الهجوم على أقباط المهجر لا توجد تهمة إلا والصقها الإعلام المصري بأقباط المهجر، ولا يمكن إحصاء عدد المقالات التي كتبت ضدهم بل أن قائمة الاتهامات أخذت تتسع وتتمدد بدءا من التخوين حتى العمالة، فشيطنة أقباط المهجر قاسم مشترك بين أغلب الصحف المصرية. كل ذلك لأنهم يقفون بقوة للدفاع عن المواطنة في مصر وحق المصريين جميعا في المساواة والكرامة والحرية والمشاركة.. ولا داعي للاستطراد فالكل يعرف ما هي صورة أقباط المهجر في الأعلام المصرى