kittyy
15-03-2007, 05:45 AM
سري سمور (http://www.alarabiya.net/Articles/2007/03/15/32573.htm)
يحصل الشاب العربي على شهادة جامعية ويبدأ البحث المضني عن وظيفة ،وإذا لم يحالفه الحظ في الحصول على الواسطة أو ما يسمى في عرف الكوميديا السوداء العربي بـ"كرت غوّار" فانضمامه إلى صفوف العاطلين عن العمل وسجلات وإحصائيات البطالة هو أمر شبه مؤكد ،على الرغم من أن كثيرا من الوظائف العامة هي في حقيقة الأمر بطالة مقنعة ،ولا يوفر الراتب الذي يتقاضاه الموظف الحد الأدنى من متطلبات الحياة التي تزداد ولا أمل له في الحد المعقول من العيش الكريم وترى الموظف يغرق في السلف والديون والقروض قصيرة أو طويلة الأجل من البنوك والمؤسسات.
الحل السحري عند كثير من الشبان يكمن في السفر إلى ما يعتبر –بالنسبة لهم- جنة موعودة أو على الأقل خلاصا مما هم فيه من حالة مزرية سببها البطالة أو تدني الدخل في حال الحصول على وظيفة،هناك من يهاجر بطرق غير مشروعة في ما يسمى بـ"قوارب الموت" وهناك من يجد طريقة في الوصول إلى كندا أو أستراليا أو إحدى الدول الاسكندنافية ثم يطلب حق اللجوء الإنساني أو السياسي أو غيره ،وعبر الزواج من امرأة في سبيل الحصول على الجنسية أو الإقامة تتغير حياة هذا الفرد تماما،طبعا هناك من يهاجر بطرق تتوافق تماما مع قوانين البلد الذي حطت رحاله في أرضه.
و يعود الشخص الذي هاجر لوطنه في إجازة قصيرة أو في سبيل الاستقرار بعد أن جمع مبلغا من المال يمكنه من إقامة مشروع يبدأ به حياة جديدة ،وحين تسأله عن طبيعة عمله في غربته يجيب بلا حرج وبتفاخر أحيانا:"كنت أغسل الصحون في أحد المطاعم...أو كنت أعمل سائقا لسيارة أجرة ...أو كنت أعمل حارسا لمؤسسة ما..أو بائعا في سوبرماركت...أو...!" حتى لو كان حاملا لشهادة جامعية وحصل على درجات لا بأس بها فإنه يعمل هناك في المهن البعيدة عن تخصصه وكأنه لم يتعلم أو يدخل جامعة في حياته!
نفس الشخص يرفض أن يعمل في مجال لا يتعلق بدراسته في وطنه ،بل يخجل أن يغسل الصحون في مطعم في مدينته أو سائقا في منطقته أو خارجها ،وربما يعتبر هذه المهن والأعمال عارا لا يغسل إن قبل على نفسه امتهانها لأنها لا تليق بوضعه ومركزه الاجتماعي الذي يتصوره أو الذي يفترض أنه فيه ولكنه يعتبر الارتزاق من هذه المهن في غربته شرفا كبيرا وكفاحا عظيما في سبيل العيش الكريم!
هل هذا تناقض؟وما السبب؟وهل من علاج لهذه المشكلة الاجتماعية؟وعلى من تقع المسئولية؟
وعلينا قبل كل شيء أن نعي أنه فوق خطر وضرر البطالة الضاربة أطنابها في ديارنا-ولو بنسب متفاوتة- فإن هناك خطر ثقافة الهجرة التي ينضم إلى صفوف الحالمين بها طابور إثر طابور ممن ضاقت بهم السبل أو ممن يريدون القفز فوق المراحل التراتبية للنمو الطبيعي للإنسان اجتماعيا وماديا،وطبعا هذا الأمر له انعكاساته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية العديدة وحسبكم ازدياد ظاهرة عنوسة البنات،وللمسألة وجوه عدة أهمها وأكثرها أثرا تتمثل فيما يلي:-
1) التربية وسلبية الثقافة الاجتماعية: منذ الصغر نربي أولادنا على أن الوظيفة الحكومية أو مهنة الطبيب أو المهندس أو المحامي أكثر راحة ماليا وأكثر "وجاهة" وأفضل من أي مهنة أخرى ،بل يقوم الأب أو الأم وأحيانا بعض المعلمين بتحذير الطفل أو الفتى من مصير "فلان" الذي يعمل في الحدادة أو"علان" الذي يعمل في البناء ،فيقولون له:أنظر للدكتور فلان ملابسه نظيفة يملك سيارة حديثة دخله اليومي كذا وكذا ومتزوج من ابنة عائلة محترمة وزوّاره من علية القوم ؛بينما فلان الحدّاد أو البنّاء فملابسه دائما متسخة ويعود إلى بيته في وقت متأخر " وغير ذلك من التحذيرات التي يعتبرونها تشجيعا للتلميذ كي لا يهمل في دروسه! ولا يغرسون في التلميذ مبدأ "العمل عبادة" بل يبذرون فيه بذور الاستعلاء والتواكل والكسل ويقتلون مواهبه ،فالصواب أن يقال للتلميذ أن الطبيب يعالج والمهندس يخطط البناء ويقوم الحداد والنجار بتركيب الأبواب والشبابيك،ولكنهم يرسخون في نفس الطفل احتقار بعض الشرائح الاجتماعية –ولو بدون قصد-
رغم أن النظرة للمجتمع يجب أن تكون متكاملة ومترابطة فالكل بحاجة إلى الكل ،وما من مهنة إلا ويحتاجها المجتمع ؛ فلو أخذنا مثالا عن شريحة قد ينظر لها الكثير أو القليل من الناس بشيء من الازدراء والتعالي وهي مهنة "عامل التنظيفات" الذي يكنس الشوارع والمباني ،فالناس يشعرون بأهميتها عندما يقوم هؤلاء بتنفيذ إضراب أو يقصرون بعملهم فتبدو الشوارع والطرقات متسخة قذرة مما يهدد بانتشار الأمراض وتفشي الأوبئة،فعامل التنظيفات مهم في موقعه كما هو الطبيب في عيادته والمهندس في مكتبه وهكذا وكل ميسر لما خلق له؛ولكننا أو كثيرا منا يحاول جاهدا تغيير خلق الله،فإن رأى في طفله الصغير ميولا نحو الميكانيكا أو المهن اليدوية لا يعمل على تنميته وتشجيع موهبته بل تراه يقتل فيه توجهه الذي فطره الله عليه؛ببساطة لأنه يريده أن يصبح "طبيبا" مثل ابن جاره أو قريبه أو شخص بينه وبينه صداقة أو عداء رغم أنه لاحظ أن توجهات طفله ليست نحو الطب،
ولقد حضرت ورشة عمل أدارها محاضر جامعي قال فيها ما يلخص هذه الممارسة التربوية السيئة وأثرها على المجتمع :"إن رغبة الأهل أحيانا في أن يصبح ابنهم طبيبا مثلا ،تدفعهم إلى بذل أقصى الجهود لتحقيق هذا الحلم ،حتى لو كانت قدرات ابنهم لا تؤهله لدراسة الطب،فيستأجرون له مدرسين خصوصيين وإذا نجح في الثانوية العامة بمعدل متدن فإنهم يرسلونه إلى بلد تقبل جامعاتها إدخاله كلية الطب،فيعود بعد سنوات حاملا شهادة الطب ولكنه طبيب ضعيف ،أما الولد الذي لا أمل منه في الحصول على أي شهادة جامعية أو حتى الحصول على شهادة الثانوية العامة فأهله يرسلونه إلى تعلم مهنة ليست سهلة مثل "ميكانيكا السيارات والمركبات" وأيضا لا يفلح بها..والنتيجة أن أجسامنا لا تعالج بشكل سليم ولا سياراتنا تصلح أعطالها بشكل سليم،ونبقى مكانك سر"
يحصل الشاب العربي على شهادة جامعية ويبدأ البحث المضني عن وظيفة ،وإذا لم يحالفه الحظ في الحصول على الواسطة أو ما يسمى في عرف الكوميديا السوداء العربي بـ"كرت غوّار" فانضمامه إلى صفوف العاطلين عن العمل وسجلات وإحصائيات البطالة هو أمر شبه مؤكد ،على الرغم من أن كثيرا من الوظائف العامة هي في حقيقة الأمر بطالة مقنعة ،ولا يوفر الراتب الذي يتقاضاه الموظف الحد الأدنى من متطلبات الحياة التي تزداد ولا أمل له في الحد المعقول من العيش الكريم وترى الموظف يغرق في السلف والديون والقروض قصيرة أو طويلة الأجل من البنوك والمؤسسات.
الحل السحري عند كثير من الشبان يكمن في السفر إلى ما يعتبر –بالنسبة لهم- جنة موعودة أو على الأقل خلاصا مما هم فيه من حالة مزرية سببها البطالة أو تدني الدخل في حال الحصول على وظيفة،هناك من يهاجر بطرق غير مشروعة في ما يسمى بـ"قوارب الموت" وهناك من يجد طريقة في الوصول إلى كندا أو أستراليا أو إحدى الدول الاسكندنافية ثم يطلب حق اللجوء الإنساني أو السياسي أو غيره ،وعبر الزواج من امرأة في سبيل الحصول على الجنسية أو الإقامة تتغير حياة هذا الفرد تماما،طبعا هناك من يهاجر بطرق تتوافق تماما مع قوانين البلد الذي حطت رحاله في أرضه.
و يعود الشخص الذي هاجر لوطنه في إجازة قصيرة أو في سبيل الاستقرار بعد أن جمع مبلغا من المال يمكنه من إقامة مشروع يبدأ به حياة جديدة ،وحين تسأله عن طبيعة عمله في غربته يجيب بلا حرج وبتفاخر أحيانا:"كنت أغسل الصحون في أحد المطاعم...أو كنت أعمل سائقا لسيارة أجرة ...أو كنت أعمل حارسا لمؤسسة ما..أو بائعا في سوبرماركت...أو...!" حتى لو كان حاملا لشهادة جامعية وحصل على درجات لا بأس بها فإنه يعمل هناك في المهن البعيدة عن تخصصه وكأنه لم يتعلم أو يدخل جامعة في حياته!
نفس الشخص يرفض أن يعمل في مجال لا يتعلق بدراسته في وطنه ،بل يخجل أن يغسل الصحون في مطعم في مدينته أو سائقا في منطقته أو خارجها ،وربما يعتبر هذه المهن والأعمال عارا لا يغسل إن قبل على نفسه امتهانها لأنها لا تليق بوضعه ومركزه الاجتماعي الذي يتصوره أو الذي يفترض أنه فيه ولكنه يعتبر الارتزاق من هذه المهن في غربته شرفا كبيرا وكفاحا عظيما في سبيل العيش الكريم!
هل هذا تناقض؟وما السبب؟وهل من علاج لهذه المشكلة الاجتماعية؟وعلى من تقع المسئولية؟
وعلينا قبل كل شيء أن نعي أنه فوق خطر وضرر البطالة الضاربة أطنابها في ديارنا-ولو بنسب متفاوتة- فإن هناك خطر ثقافة الهجرة التي ينضم إلى صفوف الحالمين بها طابور إثر طابور ممن ضاقت بهم السبل أو ممن يريدون القفز فوق المراحل التراتبية للنمو الطبيعي للإنسان اجتماعيا وماديا،وطبعا هذا الأمر له انعكاساته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية العديدة وحسبكم ازدياد ظاهرة عنوسة البنات،وللمسألة وجوه عدة أهمها وأكثرها أثرا تتمثل فيما يلي:-
1) التربية وسلبية الثقافة الاجتماعية: منذ الصغر نربي أولادنا على أن الوظيفة الحكومية أو مهنة الطبيب أو المهندس أو المحامي أكثر راحة ماليا وأكثر "وجاهة" وأفضل من أي مهنة أخرى ،بل يقوم الأب أو الأم وأحيانا بعض المعلمين بتحذير الطفل أو الفتى من مصير "فلان" الذي يعمل في الحدادة أو"علان" الذي يعمل في البناء ،فيقولون له:أنظر للدكتور فلان ملابسه نظيفة يملك سيارة حديثة دخله اليومي كذا وكذا ومتزوج من ابنة عائلة محترمة وزوّاره من علية القوم ؛بينما فلان الحدّاد أو البنّاء فملابسه دائما متسخة ويعود إلى بيته في وقت متأخر " وغير ذلك من التحذيرات التي يعتبرونها تشجيعا للتلميذ كي لا يهمل في دروسه! ولا يغرسون في التلميذ مبدأ "العمل عبادة" بل يبذرون فيه بذور الاستعلاء والتواكل والكسل ويقتلون مواهبه ،فالصواب أن يقال للتلميذ أن الطبيب يعالج والمهندس يخطط البناء ويقوم الحداد والنجار بتركيب الأبواب والشبابيك،ولكنهم يرسخون في نفس الطفل احتقار بعض الشرائح الاجتماعية –ولو بدون قصد-
رغم أن النظرة للمجتمع يجب أن تكون متكاملة ومترابطة فالكل بحاجة إلى الكل ،وما من مهنة إلا ويحتاجها المجتمع ؛ فلو أخذنا مثالا عن شريحة قد ينظر لها الكثير أو القليل من الناس بشيء من الازدراء والتعالي وهي مهنة "عامل التنظيفات" الذي يكنس الشوارع والمباني ،فالناس يشعرون بأهميتها عندما يقوم هؤلاء بتنفيذ إضراب أو يقصرون بعملهم فتبدو الشوارع والطرقات متسخة قذرة مما يهدد بانتشار الأمراض وتفشي الأوبئة،فعامل التنظيفات مهم في موقعه كما هو الطبيب في عيادته والمهندس في مكتبه وهكذا وكل ميسر لما خلق له؛ولكننا أو كثيرا منا يحاول جاهدا تغيير خلق الله،فإن رأى في طفله الصغير ميولا نحو الميكانيكا أو المهن اليدوية لا يعمل على تنميته وتشجيع موهبته بل تراه يقتل فيه توجهه الذي فطره الله عليه؛ببساطة لأنه يريده أن يصبح "طبيبا" مثل ابن جاره أو قريبه أو شخص بينه وبينه صداقة أو عداء رغم أنه لاحظ أن توجهات طفله ليست نحو الطب،
ولقد حضرت ورشة عمل أدارها محاضر جامعي قال فيها ما يلخص هذه الممارسة التربوية السيئة وأثرها على المجتمع :"إن رغبة الأهل أحيانا في أن يصبح ابنهم طبيبا مثلا ،تدفعهم إلى بذل أقصى الجهود لتحقيق هذا الحلم ،حتى لو كانت قدرات ابنهم لا تؤهله لدراسة الطب،فيستأجرون له مدرسين خصوصيين وإذا نجح في الثانوية العامة بمعدل متدن فإنهم يرسلونه إلى بلد تقبل جامعاتها إدخاله كلية الطب،فيعود بعد سنوات حاملا شهادة الطب ولكنه طبيب ضعيف ،أما الولد الذي لا أمل منه في الحصول على أي شهادة جامعية أو حتى الحصول على شهادة الثانوية العامة فأهله يرسلونه إلى تعلم مهنة ليست سهلة مثل "ميكانيكا السيارات والمركبات" وأيضا لا يفلح بها..والنتيجة أن أجسامنا لا تعالج بشكل سليم ولا سياراتنا تصلح أعطالها بشكل سليم،ونبقى مكانك سر"