abomeret
26-12-2007, 11:41 PM
المــلف الـقـبـطي بين صحافة الريموت كنترول.. والمعارضة الحكومية «١ - ٢»
بقلم د. وليم ويصا ٢٦/١٢/٢٠٠٧
أنا واحد من الذين شاركوا في مؤتمر شيكاغو الأخير للأقباط، وأريد في هذا المقال، وبعد انتهاء الضجة التي أثيرت حوله، أن أتوقف في هدوء شديد عند موقف الدولة من هذه المؤتمرات والأسباب التي دعتني وتدعوني لحضور مؤتمر مثل هذا في الخارج.
وأقول في البداية إنه لا يعنيني هنا علي الإطلاق أن أتوقف عند ردود الأفعال الهستيرية وحالة الصرع الإعلامي والسياسي التي تصاب بها عشوائيات صحفية وسياسية بعد الإعلان عن كل مؤتمر للأقباط في الخارج، لسبب بسيط أنها ردود أفعال اعتاد أصحابها الهذيان بها بمجرد الضغط علي «الريموت كنترول» الإعلامي والسياسي.
وكل ما أشعر به حقيقة تجاه ردود الأفعال هذه، هو الرثاء والشفقة. ولعل ذلك هو أقل ما يمكن أن يشعر به الإنسان في مواجهة هذه الاتهامات المزمنة بالخيانة أو وصف أقباط الخارج بال**** أو دعوة شركائهم في الوطن إلي قتلهم بالفؤوس، كما طالب بذلك أحد أعضاء مجلس الشعب .
ولعل السؤال الأول الذي يطرح نفسه هو: لماذا تنعقد مؤتمرات للأقباط في الخارج؟
وأقول في معرض الرد عليه إنه إذا كان طرح هذه المشاكل، فيما بيننا وفي داخل مصر أمراً مطلوباً علي وجه التأكيد، لكن ما العمل إذا كان طرح قضايا الملف القبطي للنقاش الحر العام والتشخيص السليم وتقديم العلاج الصحيح، أمراً يكاد يكون مستحيلا داخل مصر؟
ولعل حالة الصرع الإعلامي والسياسي التي نشهدها في كل مرة ينعقد فيها مؤتمر قبطي في الخارج هي أكبر دليل علي استحالة انعقاد مثل هذه المؤتمرات في جدية وهدوء داخل الوطن. وعندما حاول البعض من غير الأقباط عقد مؤتمر حول مشاكل الأقليات منذ عشر سنوات لم يكن ذلك ممكنا واضطروا لعقده في قبرص.
وإذا كان من غير المقبول أو المطروح استعداء الخارج ضد الوطن، فإننا يجب أن نعي أن العالم الذي نعيش فيه لم يعد فقط قرية صغيرة، وفق التعبير الشهير لماكلوهان أبو علم الاتصال المعاصر، ولكن أصبحت فيه قضايا حقوق الإنسان شأنا عالميا يحتل مقدمة الأولويات في عمل المنظمات الدولية، والمنظمات الحكومية وغير الحكومية. ومن هذا المنطلق فإن قضايا حقوق الإنسان تطرح خارج مصر فيما يتعلق بنا أو بغيرنا، سواء طرحها الأقباط أو لم يطرحوها، شئنا أو لم نشأ.
ولهذا لن يجدي تصدير أغنية «الشأن الداخلي»، التي نقوم بترديدها بشكل تلقائي، ولم يعد توصيفنا اليوم لكل مشاكلنا علي أنها شأن داخلي، يتوافق مع مقتضيات عالمنا المعاصر الذي تحتل فيه قضايا حقوق الإنسان مقدمة الأولويات علي المستوي الدولي.
لكل ذلك لم يعد من المقبول أن يجري تسليط العشوائيات الصحفية والسياسية لنهش الذين يحاولون في صدق التعامل بجدية مع مشاكل هذا الوطن أيا ما كانت طبيعتها. ويجب أن نجد علاجا لحالة الهوس السياسي والصرع الإعلامي التي تطلع علينا عند أي محاولة لطرح مشاكل الملف القبطي.
وإذا كانت هناك نية حقيقية للإصلاح يجب أن نكف عن ترديد الأغاني المزمنة الكئيبة التي تري في ذلك محاولة «لتشويه سمعة مصر» في الخارج والنيل من مكانتها، وأن وراءها «مؤامرة ومخططاً خارجياً» و«أصابع خفية» أو «أيدي خفية» أو «قلة مأجورة في الداخل والخارج».
إن المرء يشعر بالضجر الكبير من عدم قدرة هذه العشوائيات الصحفية والسياسية، ومن يقفون وراءها، علي اختراع أغان جديدة، ولحسن الحظ، غير تلك الأغاني المزمنة التي تكشف عن حالة من التفاهة الفكرية والسياسية منقطعة النظير.
لقد أصبح طرح هذه القضايا علي الساحة الوطنية وبكل جدية أمرا ملحا. وأصبح الإقرار علانية بوجود هذا النوع من المشاكل في معرض التشخيص السليم، وكشكل من أنواع التوعية للرأي العام، أمرا عاجلا.
ولهذا يجب أن تتوفر للجميع في الداخل إمكانية عقد هذه المؤتمرات أيا ما كانت القضايا التي يراد طرحها، وأيا ما كانت المسميات والعناوين التي يريدون اختيارها.
وأقول بصدق إنه إذا توفرت للجميع القدرة علي طرح هذه القضايا داخل مصر بشكل صحي في إطار حوار جاد يستهدف التشخيص السليم وتحديد استراتيجية شاملة تسهم في إعدادها فعاليات المجتمع المدني كافة في هذا الوطن، لن تكون هناك حاجة لطرحها في الخارج، هذا فضلا عن أن ذلك يشكل في النهاية معونة للأجهزة السياسية والتنفيذية علي مواجهة هذه الأمراض اللعينة إذا صدقت النوايا.
لقد أصبح هذا الأمر ملحا الآن، اليوم قبل غد، لأن اللهب يتصاعد علي وتيرة متسارعة الآن، ولم يعد يمر أسبوع دون أن نري اعتداء هنا أو هناك ، مما أدي إلي حالة عامة من الاحتقان بين الأقباط بسبب عدم مواجهة هذه المشاكل بجدية ومحاولات التسكين الدائمة. ولم تعد جرعات الإسبرين الصغيرة والحقن المخدرة كافية لمواجهة هذه الأمراض اللعينة التي نعاني منها.
لقد أصبح الأمر ملحا أيضا في ضوء ظاهرة خطيرة، وهي أن معظم الاعتداءات التي وقعت ضد الأقباط خلال الأعوام الأخيرة كانت تتم بعد صلاة الجمعة، أو لمنع الأقباط من محاولة الصلاة في أي صالة، بسبب نقص، الكنائس وبسبب الطائفية التي تعشش في الإدارة المصرية لعرقلة بناء الكنائس حتي بعد صدور قرارات جمهورية.
ولم تعد هذه الاعتداءات تأتي فقط من تيارات متطرفة كما كان الحال مع الجماعات الإسلامية في السبعينيات والثمانينيات، ولكن من قطاع عريض من الجماهير العادية التي نجح التيار المتطرف في دفعها نحو التطرف.
وفي الحلقة التالية سوف أتناول موقف الدولة المزدوج من أقباط الخارج وضرورة فض الاشتباك بين الدولة ونشطاء الأقباط في الخارج.
http://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=87720
بقلم د. وليم ويصا ٢٦/١٢/٢٠٠٧
أنا واحد من الذين شاركوا في مؤتمر شيكاغو الأخير للأقباط، وأريد في هذا المقال، وبعد انتهاء الضجة التي أثيرت حوله، أن أتوقف في هدوء شديد عند موقف الدولة من هذه المؤتمرات والأسباب التي دعتني وتدعوني لحضور مؤتمر مثل هذا في الخارج.
وأقول في البداية إنه لا يعنيني هنا علي الإطلاق أن أتوقف عند ردود الأفعال الهستيرية وحالة الصرع الإعلامي والسياسي التي تصاب بها عشوائيات صحفية وسياسية بعد الإعلان عن كل مؤتمر للأقباط في الخارج، لسبب بسيط أنها ردود أفعال اعتاد أصحابها الهذيان بها بمجرد الضغط علي «الريموت كنترول» الإعلامي والسياسي.
وكل ما أشعر به حقيقة تجاه ردود الأفعال هذه، هو الرثاء والشفقة. ولعل ذلك هو أقل ما يمكن أن يشعر به الإنسان في مواجهة هذه الاتهامات المزمنة بالخيانة أو وصف أقباط الخارج بال**** أو دعوة شركائهم في الوطن إلي قتلهم بالفؤوس، كما طالب بذلك أحد أعضاء مجلس الشعب .
ولعل السؤال الأول الذي يطرح نفسه هو: لماذا تنعقد مؤتمرات للأقباط في الخارج؟
وأقول في معرض الرد عليه إنه إذا كان طرح هذه المشاكل، فيما بيننا وفي داخل مصر أمراً مطلوباً علي وجه التأكيد، لكن ما العمل إذا كان طرح قضايا الملف القبطي للنقاش الحر العام والتشخيص السليم وتقديم العلاج الصحيح، أمراً يكاد يكون مستحيلا داخل مصر؟
ولعل حالة الصرع الإعلامي والسياسي التي نشهدها في كل مرة ينعقد فيها مؤتمر قبطي في الخارج هي أكبر دليل علي استحالة انعقاد مثل هذه المؤتمرات في جدية وهدوء داخل الوطن. وعندما حاول البعض من غير الأقباط عقد مؤتمر حول مشاكل الأقليات منذ عشر سنوات لم يكن ذلك ممكنا واضطروا لعقده في قبرص.
وإذا كان من غير المقبول أو المطروح استعداء الخارج ضد الوطن، فإننا يجب أن نعي أن العالم الذي نعيش فيه لم يعد فقط قرية صغيرة، وفق التعبير الشهير لماكلوهان أبو علم الاتصال المعاصر، ولكن أصبحت فيه قضايا حقوق الإنسان شأنا عالميا يحتل مقدمة الأولويات في عمل المنظمات الدولية، والمنظمات الحكومية وغير الحكومية. ومن هذا المنطلق فإن قضايا حقوق الإنسان تطرح خارج مصر فيما يتعلق بنا أو بغيرنا، سواء طرحها الأقباط أو لم يطرحوها، شئنا أو لم نشأ.
ولهذا لن يجدي تصدير أغنية «الشأن الداخلي»، التي نقوم بترديدها بشكل تلقائي، ولم يعد توصيفنا اليوم لكل مشاكلنا علي أنها شأن داخلي، يتوافق مع مقتضيات عالمنا المعاصر الذي تحتل فيه قضايا حقوق الإنسان مقدمة الأولويات علي المستوي الدولي.
لكل ذلك لم يعد من المقبول أن يجري تسليط العشوائيات الصحفية والسياسية لنهش الذين يحاولون في صدق التعامل بجدية مع مشاكل هذا الوطن أيا ما كانت طبيعتها. ويجب أن نجد علاجا لحالة الهوس السياسي والصرع الإعلامي التي تطلع علينا عند أي محاولة لطرح مشاكل الملف القبطي.
وإذا كانت هناك نية حقيقية للإصلاح يجب أن نكف عن ترديد الأغاني المزمنة الكئيبة التي تري في ذلك محاولة «لتشويه سمعة مصر» في الخارج والنيل من مكانتها، وأن وراءها «مؤامرة ومخططاً خارجياً» و«أصابع خفية» أو «أيدي خفية» أو «قلة مأجورة في الداخل والخارج».
إن المرء يشعر بالضجر الكبير من عدم قدرة هذه العشوائيات الصحفية والسياسية، ومن يقفون وراءها، علي اختراع أغان جديدة، ولحسن الحظ، غير تلك الأغاني المزمنة التي تكشف عن حالة من التفاهة الفكرية والسياسية منقطعة النظير.
لقد أصبح طرح هذه القضايا علي الساحة الوطنية وبكل جدية أمرا ملحا. وأصبح الإقرار علانية بوجود هذا النوع من المشاكل في معرض التشخيص السليم، وكشكل من أنواع التوعية للرأي العام، أمرا عاجلا.
ولهذا يجب أن تتوفر للجميع في الداخل إمكانية عقد هذه المؤتمرات أيا ما كانت القضايا التي يراد طرحها، وأيا ما كانت المسميات والعناوين التي يريدون اختيارها.
وأقول بصدق إنه إذا توفرت للجميع القدرة علي طرح هذه القضايا داخل مصر بشكل صحي في إطار حوار جاد يستهدف التشخيص السليم وتحديد استراتيجية شاملة تسهم في إعدادها فعاليات المجتمع المدني كافة في هذا الوطن، لن تكون هناك حاجة لطرحها في الخارج، هذا فضلا عن أن ذلك يشكل في النهاية معونة للأجهزة السياسية والتنفيذية علي مواجهة هذه الأمراض اللعينة إذا صدقت النوايا.
لقد أصبح هذا الأمر ملحا الآن، اليوم قبل غد، لأن اللهب يتصاعد علي وتيرة متسارعة الآن، ولم يعد يمر أسبوع دون أن نري اعتداء هنا أو هناك ، مما أدي إلي حالة عامة من الاحتقان بين الأقباط بسبب عدم مواجهة هذه المشاكل بجدية ومحاولات التسكين الدائمة. ولم تعد جرعات الإسبرين الصغيرة والحقن المخدرة كافية لمواجهة هذه الأمراض اللعينة التي نعاني منها.
لقد أصبح الأمر ملحا أيضا في ضوء ظاهرة خطيرة، وهي أن معظم الاعتداءات التي وقعت ضد الأقباط خلال الأعوام الأخيرة كانت تتم بعد صلاة الجمعة، أو لمنع الأقباط من محاولة الصلاة في أي صالة، بسبب نقص، الكنائس وبسبب الطائفية التي تعشش في الإدارة المصرية لعرقلة بناء الكنائس حتي بعد صدور قرارات جمهورية.
ولم تعد هذه الاعتداءات تأتي فقط من تيارات متطرفة كما كان الحال مع الجماعات الإسلامية في السبعينيات والثمانينيات، ولكن من قطاع عريض من الجماهير العادية التي نجح التيار المتطرف في دفعها نحو التطرف.
وفي الحلقة التالية سوف أتناول موقف الدولة المزدوج من أقباط الخارج وضرورة فض الاشتباك بين الدولة ونشطاء الأقباط في الخارج.
http://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=87720