mahdy
23-07-2008, 09:27 PM
تحية طيبة لكل الزملاء في المنتدى
أود أن أعبر عن بعض الأفكار التي تجول بخاطري بشأن المسألة القبطية في مصر بصفتي مصري يهمه أمر بلاده كما أظنه يهمكم جميعًا هنا، آملاً أن نتشارك سويًا في حوار عله يقدم ولو نصف فكرة في صالح وطننا الذي يحتضر، ولتعتبروا هذا الموضوع بصفته أول ما أكتبه بموقعكم الجميل بمثابة تعارف عن طريق التفكير بصوت عالي، وأتمنى ألا أكون ضيفًا ثقيلاً على أحد.
أولاً وقبل كل شئ أعرفكم بي، أنا شخص مصري عادي كملايين المصريين الذين تقابلونهم في الشارع، بوجوههم السمراء وأجسادهم المتوسطة، ربما كان أجدادي من الغزاة الذين توافدوا على مصر من شتى البقاع، ربما كانوا أقباطًا أرهقتهم الجزية فأسلموا هربًا منها وأوروثني دينهم الجديد، ربما كانوا من العرب المسالمين الذين هاجروا لمصر على دفعات فرارًا من اضطهاد الأمويين أو من المجاعات التي عمت جزيرتهم، بل وربما كنت حفيدًا لقبائل الغرب التي توافدت على مصر طمعًا في خيراتها، لا أعرف يقينًا، ولكن ما أعرفه أنني ولدت على هذه الأرض، وأنني بغض النظر عن الدين والأصل ابنًا لهذه الأرض، وأحلم بنهارٍ يشرق على مجدها من جديد.
القضايا المصرية كثيرة ومعقدة للغاية، والمسألة القبطية أو اضطهاد المسيحيين بالأحرى هي واحدة من أهم هذه القضايا وأعقدها، ودعونا نبدأ بسؤال له إجابة فورية لدى كل طرف، ألا وهو:
هل المسيحيون مضطهدون في مصر؟
المشكلة أن الإجابة نعم من طرف ولا من الآخر وبشكل فوري، وطرف نعم (المسيحيون) إجابته مبررة دون الكثير من التمحيص، فعندما تشكو فئة في المجتمع من الاضطهاد علينا ألا ننفي وجود هذا الاضطهاد دون أن نتحقق منها، بعكس ما يحدث من الطرف (لا) والذي يردد بسماجة في وسائل إعلامه كلها أنه لا يوجد اضطهاد ولا شبهة اضطهاد ولا أي حاجة، وكل هذا مجرد أوهام، ولكنني أود أن أعطي مثالاً للاضطهاد لا ينكرونه ويبين مدى وقاحة منكروه حتى من يدعون الليبرالية والاعتدال أمثال عمرو أديب وخلافه، إنهم حينما يتحدثون عن التبشير يتحدثون عنه جميعًا بصفته جريمة، ومؤامرة لتنصير مصر، وعمل يستوجب الملاحقة وربما التحريض الرخيص كما يفعل أبو إسلام وغيره، ولكنهم يتناسون تمامًا وجود معاهد لتخريج الدعاة وكلية لأصول الدعوة، بل عندما يتحدثون عن الدعوة الإسلامية بمعزل عن القضية القبطية يتحدثون عنها بكل فخر، وهذه الازدواجية في المعايير ليست غريبة على إعلامنا حتى ما يسمى بالإعلام الحر، فنحن عميان تمامًا حينما نتحدث فيما يخصنا ولنا ألف عين ترى عيوب الآخر، بالطبع هذا من أقل مظاهر الاضهاد التي لو أردت أن أعددها لكان تكرارًا مملاً، لذا سأنتقل للسؤال الثاني والذي هو محور الموضوع أصلاً:
هل لهذا الاضطهاد علاقة بالإسلام أم أن الإسلام منه برئ؟
الحقيقة أن هذا السؤال شائك وليس من السهل الإجابة عليه، لأنه يفترض مسبقًا أنه هناك شئ واضح وثابت ومحدد المعالم اسمه الإسلام ويجب محاكمته، في حين أن الإسلام أو المسيحية أو أي معتقد أو فلسفة أو فكر كان هو مصطلح يقصد به مفهوم البشر عن هذا المعتقد، ولتقريب الفكرة سأضرب مثالاً بالمسيحية، فالمسيحية ولا شك ديانة متسامحة للغاية بحسب المفاهيم السائدة الآن، ومن المؤكد أن أي مسيحي الآن يرفض ممارسات الكنيسة الأوروبية في العصور الوسطى من اضطهاد لفئات من البشر وحرق الكثيرين بتهم مثل الهرطقة أو ممارسة السحر، ولكن الواقع أن ملايين البشر عاشوا لعدة قرون وهم مؤمنين تمامًا أن هذه هي المسيحية الصحيحة، وأنهم حين يحرقون جاليليو فهم يقومون بعمل جيد يرضي الرب، فهل كانوا على خطأ؟ نعم ولا، فالإجابة متوقفة على قيم العصر الذي تحاكمهم به، وكذا الحال في الإسلام، فهناك ظروف كثيرة جدًا من ضمنها الغرب نفسه أدت لتمسك المسلمين بطبعة انتهت صلاحيتها منذ خمسة عشر قرنًا، وأنا لا أكتب هذا دفاعًا عن الإسلام، فهو بشكله الحالي الذي يسيطر عليه الفكر الوهابي المدعوم بأموال النفط قبيح للغاية ولا يستحق أي دفاع، ولكنني أبدأ من هذه النقطة لطرح المزيد من الأسئلة في رحلة البحث عن حلول لأزمة بشر يعانون على المستوى الرسمي والاجتماعي لمجرد بناء دار عبادة، وسأكتفي اليوم بهذه المقدمة كي لا تملونني سريعًا على أن أكمل في الغد ...
تحياتي للجميع
أود أن أعبر عن بعض الأفكار التي تجول بخاطري بشأن المسألة القبطية في مصر بصفتي مصري يهمه أمر بلاده كما أظنه يهمكم جميعًا هنا، آملاً أن نتشارك سويًا في حوار عله يقدم ولو نصف فكرة في صالح وطننا الذي يحتضر، ولتعتبروا هذا الموضوع بصفته أول ما أكتبه بموقعكم الجميل بمثابة تعارف عن طريق التفكير بصوت عالي، وأتمنى ألا أكون ضيفًا ثقيلاً على أحد.
أولاً وقبل كل شئ أعرفكم بي، أنا شخص مصري عادي كملايين المصريين الذين تقابلونهم في الشارع، بوجوههم السمراء وأجسادهم المتوسطة، ربما كان أجدادي من الغزاة الذين توافدوا على مصر من شتى البقاع، ربما كانوا أقباطًا أرهقتهم الجزية فأسلموا هربًا منها وأوروثني دينهم الجديد، ربما كانوا من العرب المسالمين الذين هاجروا لمصر على دفعات فرارًا من اضطهاد الأمويين أو من المجاعات التي عمت جزيرتهم، بل وربما كنت حفيدًا لقبائل الغرب التي توافدت على مصر طمعًا في خيراتها، لا أعرف يقينًا، ولكن ما أعرفه أنني ولدت على هذه الأرض، وأنني بغض النظر عن الدين والأصل ابنًا لهذه الأرض، وأحلم بنهارٍ يشرق على مجدها من جديد.
القضايا المصرية كثيرة ومعقدة للغاية، والمسألة القبطية أو اضطهاد المسيحيين بالأحرى هي واحدة من أهم هذه القضايا وأعقدها، ودعونا نبدأ بسؤال له إجابة فورية لدى كل طرف، ألا وهو:
هل المسيحيون مضطهدون في مصر؟
المشكلة أن الإجابة نعم من طرف ولا من الآخر وبشكل فوري، وطرف نعم (المسيحيون) إجابته مبررة دون الكثير من التمحيص، فعندما تشكو فئة في المجتمع من الاضطهاد علينا ألا ننفي وجود هذا الاضطهاد دون أن نتحقق منها، بعكس ما يحدث من الطرف (لا) والذي يردد بسماجة في وسائل إعلامه كلها أنه لا يوجد اضطهاد ولا شبهة اضطهاد ولا أي حاجة، وكل هذا مجرد أوهام، ولكنني أود أن أعطي مثالاً للاضطهاد لا ينكرونه ويبين مدى وقاحة منكروه حتى من يدعون الليبرالية والاعتدال أمثال عمرو أديب وخلافه، إنهم حينما يتحدثون عن التبشير يتحدثون عنه جميعًا بصفته جريمة، ومؤامرة لتنصير مصر، وعمل يستوجب الملاحقة وربما التحريض الرخيص كما يفعل أبو إسلام وغيره، ولكنهم يتناسون تمامًا وجود معاهد لتخريج الدعاة وكلية لأصول الدعوة، بل عندما يتحدثون عن الدعوة الإسلامية بمعزل عن القضية القبطية يتحدثون عنها بكل فخر، وهذه الازدواجية في المعايير ليست غريبة على إعلامنا حتى ما يسمى بالإعلام الحر، فنحن عميان تمامًا حينما نتحدث فيما يخصنا ولنا ألف عين ترى عيوب الآخر، بالطبع هذا من أقل مظاهر الاضهاد التي لو أردت أن أعددها لكان تكرارًا مملاً، لذا سأنتقل للسؤال الثاني والذي هو محور الموضوع أصلاً:
هل لهذا الاضطهاد علاقة بالإسلام أم أن الإسلام منه برئ؟
الحقيقة أن هذا السؤال شائك وليس من السهل الإجابة عليه، لأنه يفترض مسبقًا أنه هناك شئ واضح وثابت ومحدد المعالم اسمه الإسلام ويجب محاكمته، في حين أن الإسلام أو المسيحية أو أي معتقد أو فلسفة أو فكر كان هو مصطلح يقصد به مفهوم البشر عن هذا المعتقد، ولتقريب الفكرة سأضرب مثالاً بالمسيحية، فالمسيحية ولا شك ديانة متسامحة للغاية بحسب المفاهيم السائدة الآن، ومن المؤكد أن أي مسيحي الآن يرفض ممارسات الكنيسة الأوروبية في العصور الوسطى من اضطهاد لفئات من البشر وحرق الكثيرين بتهم مثل الهرطقة أو ممارسة السحر، ولكن الواقع أن ملايين البشر عاشوا لعدة قرون وهم مؤمنين تمامًا أن هذه هي المسيحية الصحيحة، وأنهم حين يحرقون جاليليو فهم يقومون بعمل جيد يرضي الرب، فهل كانوا على خطأ؟ نعم ولا، فالإجابة متوقفة على قيم العصر الذي تحاكمهم به، وكذا الحال في الإسلام، فهناك ظروف كثيرة جدًا من ضمنها الغرب نفسه أدت لتمسك المسلمين بطبعة انتهت صلاحيتها منذ خمسة عشر قرنًا، وأنا لا أكتب هذا دفاعًا عن الإسلام، فهو بشكله الحالي الذي يسيطر عليه الفكر الوهابي المدعوم بأموال النفط قبيح للغاية ولا يستحق أي دفاع، ولكنني أبدأ من هذه النقطة لطرح المزيد من الأسئلة في رحلة البحث عن حلول لأزمة بشر يعانون على المستوى الرسمي والاجتماعي لمجرد بناء دار عبادة، وسأكتفي اليوم بهذه المقدمة كي لا تملونني سريعًا على أن أكمل في الغد ...
تحياتي للجميع