تسجيل الدخول

View Full Version : حكومة الإخوان


abomeret
14-02-2012, 02:03 PM
حكومة الإخوان

بقلم د. عمرو الشوبكى - المصرى اليوم

حديث الإخوان عن استعدادهم لتشكيل حكومة ائتلافية ينقل النظام السياسى المصرى خطوة كبيرة للأمام، ويدفع تياراً رئيسياً فى المجتمع والحياة السياسية المصرية إلى التصرف باعتباره حزباً سياسياً طبيعياً، بعيدا عن حديث «إخوان الدعوة» عن الزهد فى السلطة ودعم كل من يطبق شرع الله، إلى حديث «إخوان السياسة» فى إعلان رغبتهم المشروعة فى الوصول إلى السلطة وتطبيق برنامجهم السياسى ماداموا حصلوا على الأغلبية.

والمؤكد أن «الإخوان المسلمين»، على خلاف جماعات سياسة أخرى، تتسم بصفتين رئيسيتين: الأولى هى قيام الجماعة بنشاط دينى دعوى وسياسى فى الوقت نفسه، والأخرى أنها لا تقوم بأى مراجعات فكرية تذكر إلا بعد تغير الظروف السياسية المحيطة، لا بسبب مراجعات نظرية يقوم بها مفكرون بمعزل عن الواقع.

ونظرياً فقد أقدم الإخوان بعد ثورة ٢٥ يناير على تأسيس حزب سياسى جديد «الحرية والعدالة»، منفصل عن الجماعة «التى مازالت غير قانونية» لكنه عملياً لايزال واقعاً تحت تأثيرها، وإن كانت تحولات الواقع السياسى ستجبر الحزب على الانفصال التنظيمى والسياسى عن الجماعة آجلا أم عاجلا، ولعل موضوع تشكيل الإخوان للحكومة سيفرض تحديات جديدة أمام الجماعة، وسيثير تساؤلات حول قدرتها على استمرار هيمنتها على الحزب السياسى، فى حال تشكيله أى حكومة قادمة.

والمؤكد أن طرح موضوع تشكيل حكومة ائتلافية يقودها الإخوان مخالف للإعلان الدستورى الذى أعطى للمجلس العسكرى هذا الحق لحين إجراء انتخابات الرئاسة، ويبدو أن تخبط المجلس العسكرى والضغوط التى مارسها عليه بعض الجماعات الثورية فتحا شهية الإخوان للتقدم والتفكير فى تشكيل حكومة جديدة حتى لو كان الأمر مخالفا للإعلان الدستورى الذى حرصوا طوال الفترة الماضية على الالتزام الحرفى به.

والحقيقة أن حكومة، وربما حكم الإخوان القادم سيرث دولة تبدو من كل المؤشرات التى حولنا أنه لا أحد حريص على إصلاحها، فهناك خطاب احتجاجى يسعى إلى تفكيك كل شىء يقف أمامه خطاب محافظ يُبقى تقريباً على كل شىء دون أى إصلاح خوفاً من الاحتجاجات الفئوية والمزايدات الصارخة، التى لا تجعل هناك أى رغبة فى مواجهة أى فاسد، فما بالنا إذا كانت التهمة انعدام الكفاءة والإهمال، التى يصعب تحديدها إلا بتوافق كل القوى السياسية على ضرورة تحمل ثمن الإصلاح المؤسسى لأجهزة الدولة.

إن معارك تفكيك الدولة مسؤولة عنها أحزاب مدنية وائتلافات ثورية ومجلس عسكرى، وكلها على طريقتها فككت فى بنية هذه الدولة، وقدموها هدية لأى حكم جديد، الذى عليه أن يعى أن أخطاء الآخرين لا تعنى سهولة النجاح، لأن تركة هذه الدولة بمؤسساتها شبه المنهارة أصعب بكثير من أن يحل مشاكلها تيار واحد، والطريق السهل للوصول إلى قمة الدولة بعد معاناة السنين لا يعنى بأى حال سهولة النجاح.

إن الدولة التى سترثها حكومة الإخوان ستحتاج إلى ثورة حقيقية لإعادة بنائها من جديد، وخطورة هذا الوضع أن يستسلم الإخوان لغواية السلطة وبريقها فيعيدوا تشكيل «وليس بناء» مؤسسات الدولة على مقاسهم وبصورة تحمى بقاءهم فى السلطة لا أن يعتبروا أن النجاح الحقيقى لثورة مصر هو فى إعادة بناء دولة كفؤة ونظام سياسى ديمقراطى وليس العصيان المدنى ولا الاعتصام الدائم.

amr.elshobaki@gmail.com