شبيب رامه
07-05-2005, 05:38 PM
يظل اسم ستالين مقروناً بالإرهاب وتظل فترة حكمه من أسوأ ما حاق بالاتحاد السوفيتي السابق من كوارث . ذلك أنه أخذ الناس بالشدة والقهر حتى صار المجتمع السوفيتي بأسره يعيش في رعب لا مثيل له . وقد ظهر هذا الطاغية كواحد من أولئك الرجال الذين حققوا الانتصار البلشفي في روسيا عام 1917 ، وعُيّن بعد الثورة في منصب مفوض الشعب للتفتيش العمالي والفلاحي ، وأسندت إليه مهمة مكافحة البيروقراطية ، إلا أن المؤتمر الحادي عشر للحزب الذي انعقد في آذار ـ نيسان 1922 ، وكان آخر مؤتمر يحضره لينين كان حاسماً بالنسبة له ، إذ تم تعيينه في منصب سكرتارية الحزب التي أنشئت عام 1919 ، وازدادت وظائفها مع مرور السنوات ، وأصبحت جهازاً على درجة أولى من الأهمية ، فقد كانت تعدّ جدول أعمال المكتب السياسي ، وتقدم إليه الوثائق التي يستند إليها في نقاشاته وتبلغ قراراته للمنظمات المحلية وتهتم كذلك بقضايا التعيين . وإذ وضع ستالين يده عليها وأصبح أمينها العام ، فهو بذلك انتزع إحدى الهيئات الأكثر نفوذاً في التنظيم على الأقل إذا لم يكن الأكثر مهابة . وبعد موت لينين عام 1923 تشكّلت قيادة جماعية من كل من ستالين وزينوفييف وكامنييف ، ورأى ستالين أن الطريق إلى الانفراد بالسلطة لا بدّ أن يمرّ بالقضاء على كل زعماء الثورة وفي مقدمتهم تروتسكي ، وتوصّل إلى هدفه في كانون الثاني ـ ديسمبر 1928 . واعتقد ستالين لدى نشوب الحرب العالمية الثانية عام 1939 أن هذه الحرب لا تعني الاتحاد السوفيتي مباشرة ، بل هي حرب بين الدول الرأسمالية سوف تؤدي في النهاية إلى إضعاف تلك الدول جميعها ، واحتفاظ الاتحاد السوفيتي بقوته ، وتحت تأثير هذا الاعتقاد الخاطئ لم يتنبأ ستالين بإمكانية هجوم ألمانيا على الاتحاد السوفيتي ، لذلك جاء الهجوم الكاسح للجيوش الألمانية نحو الشرق مفاجأة تامة لسيد الكرملين ، وكان من المقرر أن يتحول الهجوم النازي إلى كارثة تامة لولا يقظة الشعب الروسي وتعلقه المعروف بأرضه وتفانيه في الدفاع عن وطنه. ولولا عبقرية كبار القادة العسكريين وخصوصاً المارشال جوكوف الذي تمكّن من دحر الجحافل الألمانية في معركة ستالينغراد سنة 1943 . وبعد القضاء النهائي على الزحف الألماني احتكر ستالين شرف النصر لنفسه ، وعملت أجهزة إعلامه على إظهار عبقريته الحربية التي حققت هذا النصر الباهر . ولذلك خرج من الحرب حاكماً مطلق الصلاحية وأشدّ استعداداً للتسلّط والاستبداد مما كان عليه قبل الحرب ، وأحيط بهالة من العظمة شبيهة بالتقديس ، وأصبح ستالين "الأمل الوحيد" في خلاص الشعوب من القهر ، وهو "المنقذ الوحيد" للبشرية بأسرها من "لعنة" الرأسمالية واستغلال الإنسان للإنسان . والواقع أن كل طاغية مستبدّ يعتقد أن له ولاية على المجتمع ووصاية على الشعب . ولو نحن فتّشنا التاريخ بحثاً عن أكثر هؤلاء المستبدين أمانة وإخلاصاً وكفاءة في الولاية على "المصالح" لوجدناه في شخص ستالين الوصي المستبدّ والطاغية على شعبه . فلا أحد يشك في أن ستالين نقل المجتمع السوفيتي من أكثر الدول تخلّفاً في أوروبا إلى أكثرها تقدماً في فترة حكمه من عام 1928 إلى عام 1953 . لكن في المقابل لا أحد يشك في أنه قتل الملايين من أبناء شعبه في سبيل ما يعتقد أنه الصالح العام..