PDA

View Full Version : التفاحه السوداء‏!‏


waterman
29-05-2005, 04:13 PM
الكتاب
جريدة الأهرام
43265 ‏السنه 129-العدد 2005 مايو 21 ‏13 من ربيع الاخر 1426 ه السبت


صباح السبت
التفاحه السوداء‏!‏
بقلم‏:‏ عادل حموده



كان البحر يستيقظ من نومه ويفرك عينيه من النعاس حين قررت امراه منتقبه الاستمتاع بالسباحه بعيدا عن العيون في تلك القريه السياحيه القريبه من الساحل الشمالي‏..‏ غرب مدينه الاسكندريه‏..‏ لكنها نزلت الماء بكامل ملابسها الثقيله‏..‏ متعدده الطبقات‏..‏ وقبل ان تتلقي البحر بصدرها اطمانت الي ان زوجها الذي يصر علي اطلاق لحيته وارتداء الملابس الباكستانيه يقف لها كالحارس علي الشاطئ‏.‏

لم تستمتع المراه بالبحر طويلا‏..‏ فقد سحبتها الامواج بعيدا عن حدود الامان‏..‏ وبدات دوامات المياه تربك حركتها‏..‏ ومع ثقل ثيابها الذي تضاعف بتشرب المياه بات موكدا انها ستغرق‏..‏ ستغرق‏..‏ وبالفعل راحت المراه تصرخ وتصيح وتستغيث طالبه النجده‏..‏ ومن حسن حظها ان عامل الانقاذ كان يقظا‏..‏ علي انه قبل ان يلقي بنفسه في المياه لينقذها وجد زوجها يحذره من ان يلمس زوجته‏..‏ فهي عورته التي لا يجوز لمسها حتي ولو كان ذلك انقاذا لحياتها‏..‏ بل ان الزوج سارع وامسك به بعنف‏..‏ فكان ان طلب عامل الانقاذ منه ان ينزل بنفسه وينقذها‏..‏ لكن الزوج اعلن بكل ثقه انه لا يعرف العوم‏.‏

في تلك اللحظه كان عامل انقاذ اخر لم يسمع حوار الرجلين ولكنه سمع صراخ المراه يمر بالصدفه فالقي بنفسه في البحر ووصل اليها‏..‏ ونجح في اخر لحظه في انقاذها‏..‏ وعندما وضعهاعلي الشاطئ ممدده وبدا في التقاط انفاسه وجد الزوج المتشنج المتشدد يلكمه في وجهه وينهره بشده لانقاذ زوجته‏..‏ بل ان الزوج سارع ليشكوه الي اداره القريه التي صدق او لا تصدق عاقبته بخصم ايام من راتبه‏..‏ غير مباليه بدفاعه المقنع‏:‏ انه ادي عمله المكلف به ولو لم يفعل لعوقب بالطرد منه‏.‏

تذكرت تلك الواقعه اللافته للنظر والمثيره للدهشه بينما تقفز امامي صوره اخري للمراه في قضايا الفساد مخالفه تماما لصوره تلك المراه الضعيفه‏..‏ المستسلمه‏..‏ المكسوره الجناح‏..‏ لقد حدث في اسبوع واحد ان حققت النيابه العامه مع امراتين من عينه اخري‏..‏ واحده ادعت انها متزوجه‏(‏ عرفيا‏)‏ بعدد من المسئولين الكبار‏..‏ بعضهم وزراء‏..‏ واخري كانت وسيط الرشوه بين المسئولين عن مشروع قومي كبير والمقاولين المنفذين‏..‏ وجري تصوير الوقائع التي قدمتها الرقابه الاداريه بالصوت والصوره‏.‏

لا تخلو المراه الاولي التي ترتدي الحجاب من جمال ريفي يوحي بالبراءه وذكاء فطري تكشفه بسهوله من نظره عينيها‏..‏ وقد بدات حياتها سكرتيره لمقاول صغير ساعدته علي تكوين ثروه كبيره‏..‏ لكنها اوصلته ايضا الي السجن‏..‏ والمثير للدهشه ان دفتر تليفوناتها كان يحوي غالبيه الارقام السريه والخاصه لشخصيات شديده الاهميه‏..‏ ولم تكن لتتردد امام ضحاياها من الاتصال بهم احيانا‏..‏ فهل كان ذلك نوعا من الخدعه المسرحيه لكي تحقق ماتريد بسهوله؟

الحقيقه انها كانت قادره علي التسلل تحت جلد من تشاء‏..‏ وكانت ايضا قادرهعلي اقتحام مكاتب مسئولين لا يمكن الاستهانه بهم‏..‏ اما ما كانت تفعله فهو لعب دور الوسيط والسمسار في تخليص الصفقات والمناقصات والمشروعات وقروض البنوك‏..‏ وكانت اتعابها اكثر مما هو معتاد‏..‏ وكانت حجتها انها لا تاكل وحدها‏..‏ هناك من افواه كبيره تلتهم ما هو اكبر واسمن‏.‏

والغريب ان الذين وقعوا في شباكها هم محامون وصحفيون ومقاولون وضباط شرطه‏..‏ وغيرهم من اصحاب الفطنه والجراه‏..‏ لا هم ريفيون سذج مستعدون لشراء الترام‏..‏ ولا هم جهله بالقانون لا حول لهم ولا قوه‏..‏ لكنه الطمع الذي يعمي القلوب والعقول ويفقدها التمييز والتقدير‏.‏

ولا احد من الضحايا لا يومن حتي الان انها امراه قويه تتمتع بنفوذ هائل‏,‏ وانه ادرك ذلك بحواسه الخمس‏..‏ ولكن كل هولاء لم يسالوا انفسهم سوالا واحدا بسيطا‏:‏ اين صاحبه النفوذ الان؟‏..‏ لماذا لم ينقذها نفوذها من السجن الذي تقضي فيه اياما طويله تحت التحقيق والاستجواب؟

والدور نفسه لعبته امراه اخري‏..‏ ولكن دون ان تدعي انها زوجه فلان او علي علاقه بعلان‏..‏ انها امراه مستقله‏..‏ تعتمد علي نفسها وامكاناتها في الوساطه بين المقاولين والشركات‏..‏ وتحقق لنفسها ما تريد‏..‏ عموله مناسبه علي كل عمليه‏..‏ ولا جدال ان المال اقوي في مثل هذه الحالات من النفوذ الشخصي‏..‏ فنجاحها كان مذهلا‏..‏ لم يدركه اعضاء في مجلس الشعب‏..‏ او غيرهم‏.‏

لقد تضخمت ملفات فساد النساء‏..‏ ونافست ملفات فساد الرجال‏..‏ منتهي القسوه‏..‏ ان الذين دافعوا عن حريه المراه كانوا يومنون ان الرجل مخلوق خشن‏..‏ يفجر الحروب‏..‏ ويختلس الاموال‏..‏ ويخرب الذمم‏.‏ ويتاجر في الممنوعات‏..‏ لكن يبدو ان الخشونه بهذا المعني انتقلت الي الجنس الناعم‏.‏

ولا احد توقف امام هذه الظاهره ليتساءل‏:‏ كيف تمارس المراه دورا يبتعد بهاعن تميزها؟‏..‏ كيف تكرر اخطاء الرجل؟‏..‏ تسرق‏..‏ تنهب‏..‏ ترشو‏..‏ وتهرب بعيدا عن حالات الاستقرار النفسيه والعائليه والتاريخيه التي كانت تفضلها عن كل كنوز وعروش الدنيا‏..‏ كيف تحولت من كائن شفاف مثل الكريستال الي مخلوق له شوارب وعضلات؟

لقد تركت المراه القتل بالسم وراحت تستخدم الساطور‏..‏ واعتبرت جريمه الدعاره التي كانت تشتهر بها جريمه مهينه لا تليق بها وغيرها بجرائم الكبار‏..‏ الرشوه‏..‏ والنصب‏..‏ والعمولات‏..‏ واللعب في المناقصات‏..‏ وهو علي ما يبدو جعلها ترتدي الحجاب وهي مطمئنه علي سلامه اخلاقها‏..‏ اننا في حاجه لتحديد معان جديده ودقيقه للحلال والحرام‏.‏

والملاحظه الاهم ان جرائم المال العام النسائيه لم تعد حكرا علي الطبقات العليا وهبطت

mora000
30-05-2005, 04:10 PM
لا تعليق {{yawka]] {{yawka]] {{yawka]]