عرض مشاركة مفردة
  #64  
قديم 02-01-2006
mena_hot mena_hot غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: كوكب يســــــLOVEـــــوع
المشاركات: 2,137
mena_hot is on a distinguished road
كان الحريق إشارة واضحة إلى سقوط الديمقراطية الألمانية. ففي اليوم التالي قامت الحكومة تحت ستار الإدعاء بالسيطرة على الشيوعيين، بإلغاء الحريات الفردية، وفي مقدمتها حرية الصحافة وحرية الإجتماع وحرية التعبير عن الرأي، والحق في حياة خصوصية. وعندما أجريت الانتخابات في الخامس من آذار، حصل النازيون على 44% من الأصوات، وحين انضم إليهم المحافظون الذين حصلوا على 8% من الأصوات، ضمن النازيون لأنفسهم الأغلبية في الحكومة.

أسرع النازيون إلى تعزيز قوتهم وتحويلها إلى دكتاتورية. وتم لهم في 23 آذار سن القانون الخاص بذلك. وعزّز القانون جهود هتلر الدكتاتورية ومكّنه من مد سلطته إلى أبعد من ذلك. وقام النازيون بإدارة آلات دعايتهم المخيفة لإسكات منتقديهم، وقاموا أيضاً بتطوير جهاز عسكري وبوليسي قوي.

وساعدت قوات الصاعقة "إس.إي" وهي منظمة ذات قاعدة شعبية، بمساعدة هتلر في نسف الديمقراطية الألمانية. وبعد 28 شباط، حصل الجستابو (البوليس السري للدولة) وهو قوة تم تجنيدها من ضباط الشرطة الممتهنين، على حرية اعتقال أي شخص. أما الـ "إس.إس." (وهي قوات الحماية) فكانت مكلفة بمهمة الحراسة الشخصية لهتلر، وفيما بعد بالسيطرة على معسكرات الاعتقال وعلى الجستابو، في حين أن "إس.دي." (خدمات الأمن الخاصة بالإس.إس.) كانت تعمل كجهاز استخبارات نازي، يقوم بالكشف عن الأعداء ومراقبتهم.

مع إتمام هذه البنية التحتية للبوليس، تم إرهاب المعارضين للنازيين، وضربهم أو إرسالهم إلى أحد معسكرات الاعتقال التي أقامها النازيون لسجن المعارضين. وكان معسكر داخاو، بالقرب من ميونخ، أول معسكر يقام للسجناء السياسيين. ثم تغير الغرض من داخاو، مع مرور الزمن، فأصبح أحد المعسكرات الوحشية التي خُصّصت لليهود.

في نهاية عام 1934 كان هتلر قد أصبح الحاكم المطلق لألمانيا، وأصبحت حملته ضد اليهود تدار بكل قوة. وادعى النازيون أن اليهود أفسدوا الثقافة النازية النقية، بتأثيرهم "الأجنبي" و "المهجّن". وقام النازيون بتصوير اليهود كعنصر شرير وجبان، وبتصوير الألمان كشعب شجاع وشريف ومنصرف إلى العمل. وادعى النازيون أن اليهود، الذين كانوا واسعي النفوذ في ميادين المال والتجارة والصحافة والأدب والمسرح والفنون، يقومون بإضعاف الاقتصاد الألماني والثقافة الألمانية.

أصبح "الآريون" أي الألمان، يُعتبرون عنصراً عالياً. وكانت دراسة لغوية قد بدأت في القرن الثامن عشر قد قررت أن اللغة الإيندو- ألمانية (المعروفة أيضاً بالآرية) تتفوّق في مبناها، وتنويعاتها ومفرداتها على اللغات السامية، التي تطورت في الشرق الأوسط. وأدت هذه الفكرة إلى التشكيك في شخصية الشعوب الناطقة بهذه اللغات، وإلى النتيجة القائلة بأن الأقوام الآرية هي أرقى من الأقوام السامية.

وهكذا التزم النازيون بالمحافظة على "طهارة الدم الألماني". ففي بداية الحرب العالمية الثانية، بدأ النازيون بالقتل المبرمج للمقيمين في الملاجئ والمشافي العقلية. وبموجب البرنامج المعروف باسم ( T-4 ) تم قتل عشرات الألوف من المعاقين والمشوهين والمتخلفين والمرضى النفسيين الألمان في غرف الغاز. ولما كان برنامج ( T-4 ) قد سبق عمليات قتل اليهود، فمن المعقول الافتراض بأن البرنامج كان يعتبر نموذجاً لـ " الحل النهائي لموضوع اليهود". صحيح أن النازيين اضطهدوا أقليات أخرى أيضاً، مثل شهود يهوه، الذين رفضوا إطاعة القوانين النازية، كما اضطهدوا مثليي الجنس، الذين اعتبروا من"الشواذ اجتماعياً"، والغجر (روما أو روماني)، الذين اعتبروا منبوذين، وكان مصيرهم التعقيم والقتل الجماعي؛ وكذلك الجنس السلافي، الذين اعتبر أبناؤه من الوضيعين عرقياً، وخصّصوا لخدمة "الجنس الآري" - الألمان. في حين أن المفكرين التشيك والروس تم قتلهم باعتبارهم عناصر غير ضرورية تنتمي إلى "عنصر العبيد". إلا أن اليهود اعتبروا العدو الأول، وحكم عليهم بالتصفية وبالإبادة التامة

قام النازيون بمزج نظرياتهم العنصرية بنظرية النشوء والارتقاء التي وضعها تشارلز داروين، وذلك لتبرير معاملتهم لليهود. فالألمان باعتبارهم الأقوى والأكثر ملائمة، كتب عليهم أن يحكموا، في حين أن الضعفاء والمشوهين عنصرياً كاليهود محكوم عليهم بالفناء. وبدأ هتلر بتطويق اليهود بالإرهاب وبالتشريعات، وحتم ذلك إحراق الكتب التي ألفها اليهود، وإزاحة اليهود عن مهنهم وعن المدارس العامة، ومصادرة أعمالهم وممتلكاتهم، وعزلهم عن النشاطات الشعبية. وكانت أسوأ التشريعات المعادية لليهود هي قوانين ( نيرنبرج ) التي سنت في 15 أيلول عام 1935 . وكوّنت هذه القوانين الأساس القانوني لعزل اليهود عن المجتمع الألماني، كما جاءت بسياسات المضايقة التي مورست ضد اليهود في تصاعد وتزايد.

حاول الكثير من اليهود الهرب من ألمانيا، ونجح الألوف في الهجرة إلى بلجيكا وتشيكوسلوفاكيا وبريطانيا وفرنسا وهولندا. إلا أنه كان أصعب بكثير الخروج من أوروبا. إذ وقفت في وجه اليهود قوانين هجرة تضع القيود وتحدد "الكوتات"، أي الأعداد التي يسمح لها بالدخول، في أغلب دول العالم. وحتى عندما حصل البعض على الوثائق الضرورية، كان عليهم الانتظار شهوراً أو سنين قبل أن يتسنى لهم السفر. وبسبب اليأس قامت عائلات كثيرة بإرسال أولادها إلى الخارج أولاً. وفي تموز عام 1938 اجتمع مندوبون من اثنين وثلاثين دولة في مدينة إيفيان الفرنسية لمناقشة مشاكل الهجرة التي خلفها النازيون في ألمانيا. ولم يُتخذ أي قرار مهم أو عملي في مؤتمر إيفيان، في حين تبين لهتلر أن ( لا أحد يرغب في اليهود ) ، وأنه لن يلاقي أي مقاومة في تنفيذ سياساته. وفي خريف عام 1941 كانت أوروبا مغلقة عملياً، وكان اليهود قد وقعوا في الشرك.

في 9- 10 تشرين الثاني عام 1938، ازدادت الهجمات على اليهود وحشية. وقام صبي يهودي في السابعة عشرة من عمره، اسمه ( هرشل جرينشبان ) ، أصيب باليأس إثر طرد عائلته فقام بإطلاق النار على السكرتير الثالث في سفارة ألمانيا في باريس، ( أرنست فوم رات ) الذي توفي في التاسع من تشرين الثاني. واتخذ السفاحون النازيون هذا الحادث ذريعة للقيام بليلة من التدمير عُرفت بإسم"كريستالناخت" (أي ليلة البلور المهشّم)، فسرقوا ونهبوا ودمروا المساكن وأماكن العمل اليهودية، وأشعلوا النيران في الكنس. وضُرب الكثير من اليهود وقُتلوا، وتم اعتقال 30,000 يهودي وإرسالهم إلى معسكرات الاعتقال.

هاجمت ألمانيا بولندا في أيلول عام 1939 ، وبدأت بذلك الحرب العالمية الثانية. وبعد ذلك بقليل، في عام 1940، بدأ النازيون في عزل يهود بولندا في الجيتوهات . وكان أكثر من 10% من المواطنين البولنديين من اليهود، حيث بلغ عددهم حوالي ثلاثة ملايين. وتم انتزاع اليهود من بيوتهم بالقوة وإسكانهم في الجيتوهات المزدحمة، تفصلهم عن بقية السكان الأسوار والأسلاك الشائكة. وسهّلت هذه الإجراءات على النازيين، فيما بعد، نقل اليهود إلى معسكرات الإبادة. كانت الجيتوهات تفتقر إلى الطعام والماء ومتّسع العيش والخدمات الصحية، التي يحتاج إليها عدد كبير من السكان الذين يعيشون في مساحة محدودة، فتوفي عشرات الألوف نتيجة العوز والجوع.....د
---------------------

وإستمر الوضع كذلك حتى بدء تنفيذ الحل النهائي" لـ "المسألة اليهودية" :

في حزيران عام 1941، شنت ألمانيا هجوماً على الاتحاد السوفيتي، وبدأت بتنفيذ "الحل النهائي". وتم تشكيل أربع وحدات قتل تحمل اسم "آينزانتسجروبن": أ، ب، ج، د. وكانت كل وحدة تشمل عدداً من فصائل الكوماندو. وقامت الآينزانتسجروبن بتجميع اليهود في المدن، الواحدة بعد الأخرى، وسارت بهم إلى حفر هائلة تم إعدادها سلفاً، ثم أمرتهم بنزع ثيابهم، وبالوقوف في صفوف، وأطلقت عليهم النار من أسلحة أوتوماتيكية، فسقط القتلى في الحفر التي تحولت إلى قبور جماعية. وفي مذبحة ( بابي يار ) الرهيبة، بالقرب من كييف، قُتل خلال يومين ما بين 30,000 و 35,000 من اليهود. بالإضافة إلى العمليات التي نفذت في الاتحاد السوفيتي، قام الآينزانتسجروبن بإدارة عمليات قتل جماعي في شرق بولندا، وأستونيا وليتوانيا ولاتفيا. وتشير التقديرات إلى أن الآينزانتسجروبن قام، حتى نهاية عام 1942، بقتل أكثر من 1,3 مليون من اليهود.
الرد مع إقتباس