
02-01-2006
|
Registered User
|
|
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: كوكب يســــــLOVEـــــوع
المشاركات: 2,137
|
|
وفي كانون الثاني عام 1942، اجتمع عدد من كبار المسؤولين في الحكومة الألمانية لتنسيق الفروع العسكرية والمدنية للآلة النازية، لغرض تنظيم عملية قتل جماعي لليهود. وكان هذا الاجتماع، الذي أطلق عليه اسم مؤتمر ( فانزيه ) بداية لعملية التصفية الكلية والشاملة (لليهود)، كما أنه وضع الأسس لتنظيم العملية التي بدأت فور انتهاء المؤتمر.
حسب التعبير المنمّق الذي استعمله النازيون، خُصّصت لليهود "معاملة خاصة" للموت . وكانت "المعاملة الخاصة" تعني أن اليهود رجالاً ونساءً وأطفالاً، ستجري تصفيتهم وإبادتهم بانتظام لكن بالغاز السام. وفي المستندات الدقيقة التي تم حفظها في معسكر الموت ( أوشفيتس )، استُعمل الحرفان( SB ) للإشارة إلى سبب موت اليهود الذين تم تسميمهم بالغاز. ويرمز هذان الحرفان إلى الاصطلاح الألماني "معاملة خاصة".
بين كانون الثاني عام 1942 وربيع تلك السنة قام النازيون بتأسيس ستة مراكز لإبادة اليهود في بولندا، وهي: شيلمنو، وبيلزيك، وسوبيبور، وتربيلينكا، ومايدانيك، وأوشفيتس.
وأقيمت كل هذه المعسكرات بالقرب من سكك الحديد، التي يتم نقل اليهود إليها بكل سهولة. وأقيمت شبكة من المعسكرات أطلق عليها أسم "Lagersystem" لتعضيد معسكرات الإبادة. وكانت لهذه الشبكة مهمات متنوعة: فبعضها كانت معسكرات عمل عبوديّ، وبعضها معسكرات انتقال، وبعضها معسكرات تجميع لها تقسيمات داخلية، وبعضها كانت معسكرات موت معروفة بفظاعتها. بعض هذه المعسكرات قامت بكل هذه العمليات معاً، وبعضها قامت بجزء من العمليات. إلا أن المشترك بينها جميعاً كان القسوة والوحشية إلى أقسى حد.
وكانت هناك عدة معسكرات كبيرة للتجميع، بينها: رافنسبروك، ونوينجامه وبيرجن- بيلزن، وزاكسنهاوزن وجروس- روزن وبوخنفالد وترينزينشتات وفلوسنبورج، وناتسفايلر-ستروتهوف، وداخاو، وماوتهاوزن وشتوتهوف، ودورا نوردهاوزن، وغيرها.
وفي غالبية الدول التي اجتاحها النازيون أُجبر اليهود على وضع علامة على ثيابهم تشير إلى يهوديتهم ، وتم تجميعهم في جيتوهات أو في معسكرات اعتقال، ومن ثم نقلهم إلى معسكرات الإبادة. وكانت معسكرات الإبادة هذه في الواقع معامل لقتل اليهود، حيث قام الألمان بنقل الآلاف من اليهود إليها كل يوم. وفي خلال ساعات قليلة من وصولهم، تم تجريدهم من كل ما يحملونه وما يمتلكونه من أموال وممتلكات شخصية وملابس ، ثم تم تسميمهم بالغاز وحرق أجسادهم في محارق خاصة صُمّمت لهذا الغرض. وتم في معسكرات الإبادة قتل حوالي 3,5 مليوناً من اليهود.
مع هذا، فإن الكثير من الشباب الأقوياء الأصحاء لم يُقتلوا على الفور. فقد تطلب المجهود الحربي، وكذلك "الحل النهائي"، الكثير من الطاقات البشرية. وهكذا قام الألمان بالاحتفاظ بطاقات عمل كثيرة للعمل الإجباري، ولم يدفعوا الجميع إلى المحارق في الحال. وأُجبر هؤلاء الناس، الذين كانوا مسجونين في معسكرات الاعتقال، على العمل في مصانع الذخيرة الألمانية، مثل معامل ( آي.جي فاربن ) ومعامل ( كروبس ) ، وحيثما احتاج النازيون إلى عمال. وسُخّروا للعمل من الفجر وحتى الظلام، ولم يوفر لهم سوى حد أدنى من الطعام والحماية من الظروف القاسية. ومات منهم الألوف، أو قضي عليهم نتيجة العمل الشاق تحت أوامر الألمان والمتعاونين معهم.
في أواخر أيام الرايخ تحت حكم هتلر، عندما تراجعت الجيوش الألمانية، قام النازيون بسوق السجناء الذين ظلوا على قيد الحياة في معسكرات الإعتقال إلى المناطق التي كانت لا تزال تحت السيطرة الألمانية. ومات غالبيتهم أو أطلق عليهم الرصاص وهم في الطريق. وهكذا قضي على نحو ربع مليون من اليهود نتيجة لمسيرات الموت.
أدى القمع الألماني الساحق ووجود عدد كبير من المتعاونين مع النازيين بين السكان المحليين إلى الحد بدرجة كبيرة من قدرة اليهود على المقاومة. إلا أن المقاومة اليهودية ظهرت مع ذلك في أشكال عدة. وكان البقاء على قيد الحياة، والحفاظ على النظافة، والالتزام بالتقاليد الدينية اليهودية تعتبر بحد ذاتها مقاومة، في ظروف المعاملة اللاإنسانية التي فرضها النازيون. أما أنواع المقاومة الأخرى، فتمثلت في محاولات الهرب من الجيتوهات والمعسكرات. وأقام الكثيرون ممن نجحوا في الهرب إلى الغابات والجبال في مخيمات عائلية ومع وحدات المقاومة ضد النازيين. ومع ذلك، فقد كان عليهم، بعد وصولهم إلى الحرية، أن يتعاملوا مع السكان المحليين ومجموعات المقاومة، التي كانت تناصبهم العداء أحياناً. وقام اليهود بثورات مسلحة في جيتوهات المقاومة ( فيلنا ) و( بياليستوك ) ، وفي ( بيدزين- سوسنوفييك ) ، و ( كراكوف) و (وارسو ) .
وفي جيتو ( وارسو) نشبت الثورة الكبرى. فقد قام النازيون بنقل أعداد كبيرة من سكان الجيتو إلى معسكرات الإبادة بين تموز وأيلول عام 1942، وتم إخلاء الجيتو من معظم اليهود الذين كانوا مسجونين فيه. وعندما دخل الألمان إلى الجيتو في كانون الثاني عام 1943 لنقل عدة آلاف أخرى، قامت جماعات صغيرة غير منظمة من اليهود بمهاجمتهم. وبعد أربعة أيام، انسحب الألمان من الجيتو، إلا أنهم لم ينجحوا في إخلاء سوى عدد قليل من اليهود.
وفي 19 نيسان عام 1943، عشية عيد الفصح، عاد الألمان فدخلوا الجيتو. وقام اليهود وصمدوا أمام الألمان 27 يوماً متتالياً، مستخدمين القنابل المصنوعة في البيت والأسلحة التي كانوا قد نجحوا في سرقتها أو حصلوا عليها بالمضايقة. وحارب اليهود في الخنادق وفي المجاري، وتهربوا من الاعتقال ، إلى أن قام الألمان بإحراق الجيتو كاملاً بناية بعد أخرى. وفي 16 أيار أصبح الجيتو خراباً يباباً، وقضي على الثورة.
ثار اليهود أيضاً في معسكرات الإبادة سوبيبور وتريبلينكا و أوشفيتس. وباءت جميع أعمال المقاومة هذه بالفشل إلى حد كبير، في وجه القوات الألمانية المتفوقة. إلا أنها كانت ذات أهمية معنوية كبيرة، لأنها منحت اليهود الأمل في أن النازية صائرة إلى الفشل في يوم من الأيام وهو ما كان حلم لدى الكثيرين .
---------------------------
التحرير وانتهاء الحرب :
إثر تقدم قوات الحلفاء واندحار الألمان، تم تحرير المعسكرات تدريجياً. ففي تموز عام 1944، قامت القوات السوفيتية بتحرير مايدانيك (بالقرب من لوبلين في بولندا)، كذلك حرر السوفييت ( أوشفيتس ) في كانون الثاني عام 1945، وقام البريطانيون بتحرير بيرجن- بيلزن (بالقرب من هانوفر في المانيا) في نيسان عام 1945، وقام الأمريكيون بتحرير داخاو في نيسان عام 1945.
في نهاية الحرب، كان هناك ما بين 5,000 و 10,000 من اليهود يعيشون في المناطق التي سيطرت عليها قوات الحلفاء: الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفيتي. وخلال عام واحد، ازداد عددهم إلى حوالي 200,000 نسمة. وكان حوالي 90% من اللاجئين اليهود في المنطقة التي احتلتها القوات الأمريكية. ولم يرغب اللاجئون اليهود، ولا كان في استطاعتهم، العودة إلى بيوتهم، التي كانت تعيد إليهم الذكريات الفظيعة، كما ويكمن فيها تعرضهم لخطر الاعتداء من جانب جيرانهم اللا ساميين. وهكذا بقوا في معسكرات اللاجئين حتى أصبح بالإمكان ترتيب هجرتهم إلى أرض أجدادهم إسرائيل، أو إلى الولايات المتحدة أو أمريكا الجنوبية ودول أخرى. وتم إغلاق آخر معسكر للاجئين في عام 1957.
|