طارق صبح- خاص بـ "شرق غرب"
بعد سفر ناف الخمس ساعات من مكة المكرمة انزلتنا الحافلة التابعة لشركة حافل لنقل الحجاج عند بوابة فندق دلة الطيبة في المدينة المنورة، وضعنا امتعتنا واتجهنا للصلاة في المسجد النبوي الشريف والسلام على المصطفى صلوات الله عليه.
ابهرنا جمال ذلك المسجد الشريف الذي كان يعج بالحجاج من كل فج عميق و الذي كانت ساحاته تلفظ الناس خارجها حين بلغت درجة الحرارة اقصاها في هذه الفترة من العام.
صلينا الظهر جماعة خلف الإمام وذهبنا الى الروضة الشريفة وصلينا هناك ما قدر لنا الله ان نصلي ثم اتجهنا بعدها الى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ادينا التحية وسلمنا عليه وعلى من جاوره من الصحابة، ابو بكر وعمر رضي الله عنهما وخرجنا للساحة الخارجية للتمتع بمشاهدة المسجد الشريف من الخارج ورؤية مآذنه التي كانت شامخة فوق زواياه.
بعد وقت شعرنا بالجوع فقررت انا وصديقي النرويجي الذي ينحدر من اصول مصرية الذهاب الى اقرب مطعم وتناول طعام الغداء لننطلق بعدها الى المجمعات التجارية لمشاهدة الأسواق و شراء بعض الهدايا و ما تيسر لنا من الاحتياجات. دخلنا الحوانيت الواحد بعد الآخر وكانت كلها تقريبا تتشابه في البضائع والمعروضات من هدايا الحجاج كالسبح والسجادات الخاصة بالصلاة بألوانها واشكالها الجميلة الباهية الزاهية. مئات المحال التجارية التي تحيط المسجد النبوي كما يحيط السوار بمعصم اليد. لفت نظرنا متجراً لبيع الملبوسات وقد عرض بضاعته بطريقة جميلة، عارضاً ملابس الأطفال الجميلة التي يشتهي كل ابٍ شراءها لأبنائه، أخذنا نقلب البضائع فنختار هذا ونترك ذاك.
وهنا وقعت الطامة، وصعقت صعقة كبرى حين وقعت عيناي على أحرف عبرية تعلو احدى العلامات التجارية لبنطال جينز كنت ارغب بشرائه لابنتي الصغيرة. سألت صاحب المتجر اليمني الأصل عما اذا كان يعلم ما هي تلك اللغة، فأجاب انها لغة صينية وان كل البضائع في متجره هي بضاعة صينية. صُدم قليلاً حينما اخبرته ان هذه لغة عبرية وهذه شركة اسرائيلية لإنتاج الملبوسات، فرد قائلاً: هذه بضاعة تأتينا من ميناء جدة الإسلامي، والوكيل الموزع لهذه البضاعة وغيرها هو الموزع الوحيد الذي يغطي كافة او معظم متاجر الملبوسات في المدينة المنورة بل وفي مكة المكرمة ايضاً. صعقت مرة أخرى، لأن هذا يعني بوضح ان السلع الإسرائيلية تباع و تشترى في اقدس مكانين للمسلمين، مكة والمدينة. وأن الموزع الرئيسي والمعتمد يصول ويجول بتجارته تحت ذقون حكام السعودية الطويلة.
قبل ان اغادر النوفوتيه طلبت من صاحبه ان يسمح لي بالتقاط بعض الصور للبضاعة فلم يعارض و تعهد ان يتخذ موقفا تجاه ذلك الموزع و يخبر كافة تجار الملابس في المدينة المنورة بهذا الخبر الذي فاجأه و شكرني على ذلك الاكتشاف، وطلب مني ان لا احاول إخبار السلطات السعودية كي لا يتسبب ذلك في إغلاق متجره ويقطع رزقه، فآثرت أن احتفظ بسره وان لا اذكر اسم متجره.
وأتساءل هنا، ألا يتم الكشف على البضائع التي تدخل المملكة العربية السعودية ومصادرها، ام ان الكشف قد تم وأن كل ذلك قد قد مر بعلم السلطات؟ والله اعلم.
طارق صبح - النرويج
tariqsuboh@yahoo.com
منقول
http://www.almaraya.net/modules.php?...05ecab288aa6ce