عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 09-02-2006
ayman20106 ayman20106 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 48
ayman20106 is on a distinguished road
الإخفاق والمحاكمة :
أخفقت المسيرة نحو أورشليم ، والاعتصام داخل البستان وَضُح عدم جدواه . وكما أن هنالك ثماراً للانتصار فإنَّ هناك ثمناً يلزم أن يُدْفع عند الاندحار . وكانت العواقب وخيمة ! فكانت المحاكمة ، وكانت المحنة ، وكان الاضطراب ، وكان العرق ، وكان الدم .
وسحب الجنود الرومانيون عيسى عليه السلام من بستان جيشِمِين إلى آناس ، ومن آناس إلى كايفاس ، رئيس الكهنة ، ومن ثَمَّ إلى السنهدرين ( مجمع الأحبار ) الذي يباشره أحبار اليهود للمحاكمة وتنفيذ الحكم .
بينما كانوا يتداولون يسوع بين أيديهم ويسوقونه نحو مصيره ، أين كان صناديده الأبطال الذين كانوا يدقون بأيديهم على صدورهم قائلين : نحن مستعدون يا سيد أن نموت من أجلك ، ومستعدون أن نذهب إلى السجن فداءً لك " . يقول القديس مرقس وهو من أوائل من دوّنوا الإنجيل ، دون خجل أو وجل يقول : " فتركه الجميع وهربوا " ( مرقس 14: 50 ) .
ولم يستطع واضعو 27 إنجيلا تُكوِّن " العهد الجديد " أن يجدوا مثل هذا الغَدْر الجبان في كتاب اليهود المقدس ( التوراة أو العهد القديم ) لكي تتحقق النبوءة ، ولو كان لمثل هذا الغدر نظير لأسرعوا في استغلاله .
الإعجاب بالهزيمة :
وخلال مناظرة بين الإسلام والمسيحية مُذاعة بالتلفاز ، قال أحد المشتركين الذين يَدّعون أنهم وُلدوا من جديد ( لاشتغالهم بالتبشير ) : إنه يفخر بكلمة " أسلموه " وينطقها حرفاً حرفاً " أ س ل م و ه " مما يعني أنها كانت تعني الفخر والنصر عنده ، ولا تعني مرارة الهزيمة وعارها . أن الحرفيين من أصحاب الإنجيل ، قد ابتدعوا مرضاً جديداً هو الافتتان بالخسَّة والعار . وكُلُّ منهم ، ذكور وإناثاً ، لن تعُوزهم الحيلة كي ينسبوا خطاياهم وآثامهم وفُسوقهم وسُكْرهم وعربدتهم إلى هذا المشجب . ويبدو أن الإنسان يلزمه أن يكون من حثالة البشر ، ليكون عضواً في زمرة الذين ولُدوا من جديد .
( ثم يورد المؤلف ما نشرته جريدة " ديلي نيوز " بتاريخ 25 مارس عام 1975 ، من أن جثة سيدة عجوز تدعى سيكورسكي تغمز بعينها للحانوتي الذي تولَّى تجهيزها للدفن ، بعد صدور شهادة طبية لوفاتها ، مُقَدِّما صـورة فوتوغرافية للموضوع كما نشرته الجريدة المذكورة ) .


7 الفصل السَّادسْ وَقَائِع محاكمَة يَسُوع

انصرفوا ساعة الحاجة إليهم :لا يوجد في تاريخ العالم مثل هذا الخُذْلان المتخاذل والخيانة . لقد لقى عيسى عليه السلام استجابة هي أضعف التجاوب من حوارييه .
" كان تلاميذه المباشرون لا يفهمونه ولا يفهمون أعماله . كانوا يريدونه أن ينصِّب نفسه ملكاً لليهود . كانوا يريدونه أن يستنزل النار من السماء . كانوا يريدون أن يجلسوا عن يمينه وعن يساره في ملكوته . كانوا يريدونه أن يُريَهم أباه ، وأن يجعل الله مرئياً لعيونهم المجسمة ، كانوا يريدونه أن يعمل ، وكانوا يريدون هم أنفسهم أن يعملوا أي شيء وكل شيء يتعارض مع خطته الكبرى . تلك كانت الطريقة التي عاملوه بها حتى النهاية . وعندما حلَّت النهاية تركه الجميع وهربوا " .
ولو كان محمد صلى الله عليه وسلم أعظم رجل فـي التاريخ كما قال مايكل م . هارت . ولو كان محمد عليه السلام هو أكثر الشخصيات الدينية نجاحاً كما قررت الطبعة 11 من الإنسيكولوبيديا البريطانية . ولو كان محمد عليه السلام هو أعظم قائد في التاريخ على مَرِّ كل العصور كما يؤكد جولز ماسرمان بمجلة " تايم " . ولو كان محمد عليه السلام هو أعظم إنسان عاش على وجه الأرض كما أكد لامرتين في كتابه " تاريخ الترك " ، فإنه يمكن أن يزعُم من يشاء أن عيسى عليه السلام كان " أبأس الرسُل حَظّاً " .
أساء حواريو المسيح عليه السلام فهمه . وحَرَّف اليهود دائماً ما يَنْطق به . وأتباعه الذين يزعمون أنهم أتباعه أساءوا دائماً تطبيق تعاليمه حتى اليوم . ولو كان يسوع يابانيّاً بَدَلَ أنْ يكون يهودياً ، لكان من المؤكد أن ينتحر بطريقة " الهارى كارى " بدلاً من أن يتحمل زيغ وعدم إخلاص أتباعه .

حكم قضائي قبل نظر القضية :إن مصير عيسى عليه السلام قد تم حسمه بالفعل . إن " كايفاس " رئيس الكهنة على رأس السنهدرين ( وهي الهيئة الدينية لأحبار اليهود ) لا يمكن أن يكون له اعتبار بنظر أي محكمة للعدل متحضرة بسبب رأيه المسبق في المتهم . لقد كان بالفعل قد حكم على عيسى بالموْت دون استماع إليه ( وإلى دفاعه ) . كان قد أوصى مجلسه حتى قبْلَ نظرِ القضية بقوله " … ولا تفكرون ( ) أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها " ( يوحنا 11 : 50 ) .
وتميَّعتْ قضية يسوع ! لابَحْثَ عن الصواب أو الخطأ ، أوْ عَنْ العدل أو الظلم ، كان الأمر مُبَيّتاً ! وكانت المحاكمة مهزلة . بطريقة أو بأخرى ، كانوا يريدون إدانة يسوع وانتهاء أمْرِه .. وفي منتصف الليل ، لو جاز لنا أن نعتبر الثانية صباحاً في منتصف الليل ، كان اليهود قد جهزوا شهود زور ليشهدوا ضد يسوع . وانعقاد المحكمة بعد منتصف الليل كان ضد معتقدات اليهود . لكن هذا الخروج عن الإجراءات لا يهم ورغم تشجيع وتعاطف المحققين والمحلفين للشهود فإن شهود الزور لم يستطيعوا أن يتفقوا في القرائن والوقائع التي يشهدون بها .
كان الموضوع فوق احتمال يسوع . لم يستطع أن يحتفظ بسلامه . كان عليه أن يعترض ويَحْتج . قال في دفاعه عن نفسه : " .. أنا كَلَّمت العالَم علانية . أنا علَّمت كُلَّ حين في المجمع وفي الهيكل حيث يجتمع اليهود دائماً . وفي الخفاء لم أتحدث بشيء " ( يوحنا 18 : 20 ) .
وفي جوهر أقواله أوضح أنه لم ينشر تعاليم سريَّة ولا عقائد خَفيَّة . لم يُعلِّم شيئاً في الخفاء لم يكن ليعلنه للجميع وهي القضية التي كان يمكن لليهود أن يجمعوا جيشاً من الشهود ليشهدوا ضده . ولكن يا لها من مهزلة !
إن اليهود لم يستطيعوا أن يجدوا اثنين من الشهود تتطابق شهادتهما . كما ورد في إنجيل مرقس ( 14 : 59 ) وكانت حجته قوية ، لدرجة أن ضابطاً متعصباً بلغت به القحة إلى حد أن يضربه في صمت . هل أوهن هذا من عزيمة يسوع ؟ كلا . بدلاً من أن تفل عزيمته توجه إلى متحديه قائلاً : " … إن كنت قد تكلمت رديّاً فاشهد على الردَّىَ وإنْ حسنا فلماذا تضربني " ( يوحنا 18 : 23 ) .
كانت الضحيَّة تتفلت من بين أصابعهم . فرصتهم الآن أوْ لا فُرصة لهم على الإطلاق . من الناحية القانونية لم يستطيعوا أن يُجَرِّموه . الاختلاق المباشر كان ضرورياً . يتدخل الكاهن الأكبر في المحاكمة قائلاً " خَبّرنا إذن أأنت المسيح ابن المبارك فقال يسوع أنا هو .. " ( مرقس 14 : 61 – 62 ) ( تقول إنك ) " ابن الله " كفى تجديفاً ( ) .
ولم يكن ثمة كُفْر ولا خطيئة في إفادة عيسى عليه السلام البسيطة . إن كلمة " كرايست " هـي الترجمة اليونانية للكلمة العبرية " مسيح " التي تعني الشخص الممسوح بالزيت . وهاهنا ها هي ذي كلمة " كرايست " يتم خلطها بالله ومزجها معه . ويجب أن تفْصِل هذا المعنى ( الذي انساق إليه اليهود أثناء محاكمة يسوع ) عن الإشراك في العقيدة المسيحية فيما يتعلق بالتجسيد ، حيث يتجسد الله في صورة إنسان . إن انتظار اليهود قدوم المسيح ، لم يكن يُوحِّد بين المسيح والله . حقاً إن طبيعة التوحيد اليهودي كانت تتسع لكثير من أسباب الشرك . فتعبير " ابن الله " تعبيرٌ كان جائزاً في الديانة اليهودية . ويبدو أن الله كان عنده أطنان من الأبناء في كتاب اليهود المقدس ولكن لو كان المراد هو البحث في مأزق فلا حاجة إلى الذهاب بعيداً . ستجده عند أقرب حَنْية . كان رئيس الكهنة فرحان تغمره النشوة . شَعَر أنَّ سؤاله المباغت قد فتح الثغرات في دفاع يسوع . ولكي يُضْفي طابعاً مسرحياً على نصره الذي انتزعه من براثن الهزيمة أخذ يشق ثوبه وهو يقول حسب رواية مرقس : " … وما حاجتنا بَعْدُ إلى شهود … فالجميع حكموا عليه أنه مستوجب الموت " ( مرقس 14 : 63 - 64 ) .
الرد مع إقتباس