تكملة
الشّريعة و التّمييز ضدّ غير المسلمين
بالإضافة لفرض الأخلاقيّة الإسلاميّة على غير المسلمين، فان قانون الشّريعة يملي بوجوب عدم المساواة بين المسلمين وغير المسلمين. فتحت قانون الشريعة الصارم بامكان المسلمين فقط ان يكونوا مواطنين كاملين في دولة مسلمة. العديد من الدول الاسلامية تمارس التمييز بلا اي خجل ضد غير المسلمين. ففي المملكة العربيّة السّعوديّة والكويت كونك مسلماً يعد شرطاً مسبقاً للتجنّس . للشّخص المؤمن بدين قدسيّ، كالمسيحيّة أو اليهوديّة حقوق محدودة في الدولة الإسلاميّة، فليس بامكانهم المشاركة في الحياة العامّة أو ان يستلموا مواقع سلطة على المسلمين. أي شخص آخر يعد كافرًا لا يُسْمَح له بأن يقيم بشكل دائمي في دولة إسلاميّة. بالإضافة الى ذلك، فالقرآن يعترّف فقط بــ" أهل الكتاب " كجماعات دينيّة. اما الآخرون فهم وثنيّون. الوثنيّون يجب تصفيتهم.
في كثير من الدّول الإسلاميّة، لا يسمح للرجال غير المسلمين بأن يتزوّجوا من نّساء مسلمات وفي المحاكمات الجنائيّة تصدر بحق غير المسلمين عقوبات أكثر قسوة من المسلمين. الجرائم ضد المسلمين يُعَاقَب عليها بشدّة أكثر من الجرائم ضد الآخرين. وفي بلدان اسلامية كثيرة تعد شهادة غير المسلم في المحكمة غير مساوية إلى شهادة المسلم.
لا تعني حرّيّة الدّين فقط الحرّيّة على تبني ديانة ما، بل أيضًا الحرّيّة على تغيير احدهم لدينه أو إيمانه. الرّدّة تكون عندما يدافع المسلم عن رفضه للمعتقدات الإسلاميّة أو يعلن عن رفضه للاسلام بالقول أو الفعل. ذلك يتحقق عندما يترك المسلم ايمانه او ايمانها. يواجه المرتدّون العنف الأكثر وحشيّة، وكثيرًا ما يُعَاقَبون بالموت. هذا التّمييز معاكس بوضوح لحرّيّة المعتقد والدين ومبدأ أن الدّين يجب أن يكون شأناً خاصاً بالافراد. ان ممارسة اي عنف وبخاصّة مثل هذا الإجبار العنيف في مسائل الإيمان مسالة غير مقبولة بتاتاً.
يجب أن يكون الإيمان بالدّين طوّعيّ وكمسألة شخصية، وإلا لامكن اعتبار ان النّاس لا تمارس دّينها حسب قناعاتها بل بسبب العقوبات التي ستنزل بها إذا امتنعت. عندما يصبح الامر قانوناً، لا يعد الدّين عندها بين الفرد وبين ما يعبد كماينبغي له أن يكون .
الشّريعة و حرّيّة التّعبير
تحت الشّريعة وحيثما يمارس الاسلام اظطهاده، يحرم الكتّاب، والمفكّرون، والفلاسفة، والنّاشطون، والفنّانون من حرّيّتهم في التّعبير. الانّظمة الإسلاميّة سيّئة السّمعة لقمعها حرّيّة التّعبير. وغالباً حين تصطفّ الحكومة مع الاسلام فأيّ منتقدٍ للحكومة يتّهم بتهم غامضة كالبدعة واهانة الاسلام. تحت القانون الإسلاميّ يحرم الناس من الشّراب، عزف الموسيقى، قراءة الأدب عن الفلسفة، النّشاط الجنسيّ او الفنون.
القانون الاسلامي يتبنى انتهاكات حقوق الإنسان ويؤصل التّمييز ويحرم من الاستقلالية ويسلب حق اختيار أسلوب الحياة المناسب وينتهك الكرامة الإنسانيّة. هذا القانون الوحشيّ البربريّ يجب أن يُعَارَض .
في الغرب، وحتّى في البلدان التي تقطنها أقلّيّة مسلمة كبيرة، فان فكرة الميل نحو الشريعة يجب ان تعارض بقوّة بما أنّ ذلك يتعارض مع كثير من القيم الانسانية الأساسيّة، مثل المساواة امام القانون، وان تكون العقوبات متناسبة مع حجم الجريمة، وأن يستند القانون الى ارادة النّاس .
" الرهاب من الإسلام " ** والعنصريّة
مشكلتنا في الغرب هي في كيفية معارضة انتهاكات حقوق الإنسان تلك دون ان نُتّهم بالاستعمار الجديد والعنصريّة، والاخفاق في احترام الثّقافات المختلفة. هنالك مسألة أساسيّة هنا، وهي ان حقوق الإنسان تُعْطَى للفرد، لا للمجموعة. فبمجرد أن تمنح الحقوق إلى مجموعة ما بدلاً من الأفراد فان ذلك يخلق احتمال نشوء نّزاع ليس فقط بين المجموعة وخارجها، بل بين المجموعة وأعضاءها انفسهم .أيّ مجموعة تنكر حقّ أعضاءها بالمغادرة، فانها تدخل في تعارض مع أحد مبادئ حقوق الانسان الأكثر جوهريّة. إنّه بوضوح أحد أسباب نموّ الاسلام طوال القرن الماضي حيث ان كونك مسلماً هو طريق باتجاه واحد. سواء اصبحت مسلماَ بالولادة أو التحول ( من المحتمل تاريخيًّا أن يكون تحوّلاً مكرهًا وظاهرةً مفروضة ) فبمجرّد أنك مسلم فان الطريقة الوحيدة للمغادرة او ترك الدين – حسب الشريعة - هي الموت.
يدّعي المدافعون عن الاسلام أن هذا النوع من النّقاش يقوم على فهم خاطئ للاسلام، دين السلام. هؤلاء الاعتذاريون سيستشهدون بهذه السّورة او تلك لإثبات مقولاتهم. لكنّ كما الإنجيل المسيحيّ، فلدى القرآن بالطّبع، نقاشات كافية لاسناد كل وجهات النظر الممكنة في العالم .الإجابة الوحيدة عن هذا هو باظهار الأمثلة الفعليّة لحقيقة ما يحدث في البلدان التي سقطت تحت حكم الشّريعة. وأيضًا كثيرًا ما اُدُّعِيَ أن نقّاد الاسلام متهمون بـــ أ) العنصريّة، ب) الرهاب من الإسلام**. وبما اننا نناقش الدين وليس العرق فان الاتهام الأوّل يسقط. بالتّأكيد هنالك في الغرب درجة عالية في العلاقة بين الجنس والدّين .المسلمون في بريطانيا، على سبيل المثال، يميلون إلى أن يكونوا من أصل شّرق أوسطيّ. مع ذلك، فانه من المناسب تماماً ان تحبّ المؤمن ولكنّ تكره الإيمان. البشر جديرون بالاحترام ولكنّ ليس كلّ المعتقدات يجب أن تُحْتَرَم. ان المحاولات الجارية لجعل الرهاب من الإسلام جريمة هي محاولة مقنّعة سطحية لمساواة النقاشات المعادية للإسلام بالعنصريّة. إنّه لمن الأساسيّ أن تميّز بين نقد الاسلام لحالتي الخوف من الاسلام والخوف، او كراهية أو احتقار المسلمين. لكنّ غالبا ما يستيبعد النّقد الأخلاقيّ للممارسات الإسلاميّة أو نقد الدّيانة الإسلاميّة بمثابة رهابية اسلامية (إسلاموفوبيك) .
عندما يدعو الإسلام الى العنف بالدعوة الى الجهاد لتحقيق الهيمنة العالميّة فعلاً ، وعندما يقول أن الرّجال ينبغي أن يضربوا النّساء وأنّ شهادة امرأة في المحكمة هي نصف شهادة الرجل وأنّ التابعين للاسلام لا ينبغي لهم أن يصادقوا اليهود أو المسيحيّين، لمَ لا يراودنا الخوف منه اذاً؟ لم لا ننقده؟
ان العالم هو ساحة معركة للحركات الاجتماعيّة والأفكار. لقد تكلفت الجماهير في الغرب طوال 400 سنةً من الصّراع الدّمويّ غالباً لكسب الحقّ في نقد المسيحيّة. حتى الان، لا يُعْتَرَف بهذا الحق تماماً. ففي بريطانيا، على سبيل المثال، مازال هناك قانون ضد التجديف blasphemy والعديد من رجال الدّين الإسلاميين قد قالوا بأنّ ذلك يجب أن يعمم على الاسلام أيضًا. يجب ازالة هذا القانون . لكنّ بمجرّد أنّ نُمْنَع من التّعبير عن وجهة نظرنا في سّوق الأفكار: نجد انفسنا على منزلق خطر يرجعنا ثانية إلى العصور المظلمة .
من كلّ الأيديولوجيّات والدّيانات الحاليّة، يبقى الاسلام من أكبر الاخطار على البشريّة، لانه لم يُحْبَس في القفص بعد من قبل القوى التّقدّميّة وبسبب سلطة الاسلام السّياسيّ الارهابية وبسبب العلاقات الوثيقة بين الدول ومؤسّسة الاسلام السياسي .
يجب أن نعترف أن مجتمعنا أكبر، أكثر تنوعاً وتعقيداً بكثير من مجتمع قبليّ بدائيّ صّغير كالذي ساد في الجزيرة العربيّة، منذ 1400 سنة والذي ظهر منه الاسلام. حان وقت ترك الفكرة القائلة بانه ينبغي على أي شخص في المنطقة أن يعيش تحت الشّريعة. النّاس بحاجة لدولة علمانية تحترم حرّيّة الايمان بالدين او عدمه أكثر من أي وقت مضى. ان حقوق الإنسان قد تاسست انطلاقًا من مبدأ أن السّلطة تعود الى الناس .هذا يعني رفض ادّعاءات العلماء الإسلاميّين المتزمتين بأنّه، في الدولة الإسلاميّة، تعود السلطة كلية الى ممثّل اللّه أو العدل الإسلاميّ. إنّه لمن الحاسم أن تتم معارضة قانون الشّريعة الإسلاميّة وأن يخضع الاسلام للعلمانية والدول العلمانية.
هذا البحث معدل من خطاب لآعظم كامكويان في لجنة المناقشة والحوار في 10 أكتوبر 2002، والذي نظّمته جمعيّة كلية ترنيتي الفلسفيّة الجامعية في دبلن - أيرلندا .
آخر تعديل بواسطة ABDELMESSIH67 ، 14-02-2006 الساعة 07:26 AM
|