ويراد به كل ما أكرهك غيرك عليه ، بمعنى : أقهرك عليه، وأما (الكُرْه) فهو المشقة ، يُقال : قمت على كُرْهٍ ، أي: على مشقة . راجع : لسان العرب لابن منظور 12 : 80 .
وأمّا في الاصطلاح : فقد عرّفه التفتازاني بأنه : (حمل الغير على أن يفعل ما لا يرضاه ) . التلويح على التوضيح لسعد الدين التفتازاني 2 : 196 طبعة مصر .
كما عرّفه عبد العزيز البخاري الحنفي بقوله ، هو : (حمل الغير على أمرٍ يمتنع عنه بتخويف يقدر الحامل على إيقاعه ، ويصير الغير خائفاً به) كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري 4/1503.
وعند السرخسي الحنفي ، هو : (اسم لفعل يفعله المرء بغيره ، فينتفي به رضاه ، أو يفسد به اختياره) . المبسوط ، للسرخسي 24 : 38 من
كتاب الإكراه. إذن الإكراه هو (حمل الغير على ما يكرهه) .
روى ابن القاسم عن مالك أن من أكره على شرب الخمر وترك الصلاة أو الإفطار في رمضان, أن الإثم عنه مرفوع.
وقال إسماعيل حقي في تفسيره روح البيان 5/84 في تفسيره لآية {الا من اكره } اجبر على ذلك التلفظ بأمر يخاف على نفسه، أو على عضوا من أعضائه لان الكفر اعتقاد، والإكراه على القول دون الاعتقاد، والمعنى لكن المكره على الكفر باللسان { وقلبه مطمئن بالأيمان} لم تتغير عقيدته. وفيه دليل على ان الأيمان المنجي المعتبر عند الله هو
التصديق بالقلب . راجع المصدر المذكور.
والتقية: هي أيضا الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد للغير. راجع: فتح الباري 12/ 136؟ . راجع: تفسير آيات الأحكام للصابوني 1/40.
قال المراغي في تفسيره لآية ال عمران 28 : التقية هي: ان تقول أو تفعل غير ما تعتقد لتدفع الضرر عن نفسك أو مالك أو لتحتفظ بكرامتك والتقية اسم مصدر من تقى يتقي، أو من اتقى يتقي. راجع : روح البيان 5/ 136-137. الموالاة) (أضواء البيان) 2/ 111.
قال ابن حجر (التقيــة: الحــذر من إظهــار ما في النفــس من معتقــد
وغيــره للغـير) (فتح الباري) 12/ 314.
وقال ابن القيم (ومعلــوم أن التقــاة ليســت بمــوالاة ولكـن لما نهاهــم اللـه عن مـوالاة الكفار اقتضى ذلك معاداتهم والبراءة منهم ومجاهرتهم بالعدوان في كل حال، إلا إذا خافوا من شرهم فأباح لهم التقية، وليست التقية بموالاة) (بدائع الفوائد) لابن القيم، 3/ 69.
وقال الشيــخ عبد اللطيــف بن عبد الرحمــن آل الشــيخ :(ومسألــة
ظهــار العــداوة غيـر مسألـة وجود العداوة، (فالأول) يعذر به مع الخوف والعجز لقوله تعالى «إلا أن تتقوا منهم تقاة»، (والثاني) لابد منه لأنه يدخل في الكفر بالطاغوت، وبينه وبين حبِّ الله ورسوله تلازم كُليِّ لا ينفك عن المؤمن) (الرسائل المفيدة) للشيخ عبد اللطيف، جمع سليمان بن سحمان صـ 284.
يريد الشيخ أن وجود معاداة الكفار في قلب المؤمن (المسلم) وإظهار هذه المعاداة للكفار واجبان، والواجب الأول ــ وهو وجود العداوة ــ لابد منه في كل حال، أما الآخر ــ وهو إظهار العداوة ــ فيجوز تركه عند الخوف منهم للآية المذكورة. فعُلِمَ بذلك أن التقية تجيز إخفاء معاداة الكفار، وهو نفس كلام ابن القيم، وهو يرجع إلى ما ذكره ابن حجر من أن التقية الحذر من إظهار ما في النفس، وهو هنا معاداة الكفار، فالتقية إخفاء معاداة الكفار.
وقيل أيضا : إن المؤمن إذا كان قائما بين الكفار فله أن يداريهم باللسان إذا كان خائفاً على نفسه وقلبه مطمئن بالإيمان. والتقية لا تحل إلا مع خوف القتل أو القطع أو الإيذاء العظيم) (تفسير القرطبي) 4/ 57.
وقال ابن كثير (وقوله تعالى «إلا أن تتقــوا منهــم تقــاة» أي مــن خـاف في بعـض البلدان والأوقات من شرهم فله أن يتقيهم بظاهره لا باطنه ونيته، كما قال البخاري عن أبي الدرداء أنه قال «إنا لنُكْشِرُ في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم». وقال البخاري: قال الحسن: التقية إلى يوم القيامة.) (تفسير ابن كثير) 1/357.
ولقد اختلف المسلمون في مقدار الضرر (الإكراه) الذي يبيح للمسلم العمل بالتقية فقالوا: ان القتل وتلاف الأعضاء والضرب الشديد والحبس الطويل مبيح للعمل بالتقية . لكنهم اختلفوا في الضرب اليسير والحبس كيوم او يومين . راجع : فتح الباري 12/262.
لم تقف رخصة النفاق الشرعي (التقية) عند حد السماح للمسلم ان يكفر بالله وقلبه مطمئن بالايمان ، عند الإكراه . بل شملت التقية حالات غير الكفر بالله مثال على ذلك :
تجويزهم السجود إلى الصنم في ما لو أُكره المسلم عليه . راجع الجامع
لاَحكام القرآن للقرطبي 10 : 180 . وتفسير ابن جزي ال***ي المالكي: 366 دار الكتاب العربي ، بيروت.
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 )
|