عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 27-02-2006
الصورة الرمزية لـ makakola
makakola makakola غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 6,270
makakola is on a distinguished road

http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=49881

القضية القبطية(2): مزيد من الأمل .. و اقتراح حلول سياسية


ابراهيم القبطي
mideast_spirit@yahoo.com
الحوار المتمدن - العدد: 1371 - 2005 / 11 / 7


استكمالا للمقال الأول بعنوان "القضية القبطية: أسباب الأمل" في عدد 1362 بالحوار المتمدن
لاحظت أن الكثير من الاقباط يعرضون المشاكل دون الحلول ، و يبكون على الأحوال دون محاولة تغييرها ، و هذا من خواص الثقافة الشرقية عموما . فهذا يرصد الواقع السياسي و يترحم على أيام زمان ، و ذلك يؤكد أن على مدى الاضطهاد الواقع على الأقباط و قسوته ، و لكن التفكير في الحلول ينزلق من الذاكرة القبطية ، فقررت أن أبدا التفكير في الحلول لعلها تكون البداية لطرح المزيد من الحلول ، و لعل الظروف قد صارت مواتية لمزيد من النضج السياسي في الشارع القبطي ، و مزيد من الفصل بين الكنيسة و الحركة السياسية القبطية . فهذا الفصل هو الضمان الوحيد لحرية الحركة السياسية و الدينية معا ، و مساحة أكبر من التفكير بلا قيود من أجل الهدف المشترك : الانسان القبطي.
قبل الكتابة قررت أن أترك العنان لخيال جامح ، و اسمح بالطرق على المحظورات ، و أترك لعقلي مساحة من الجنون المقنن و المبني على أسس تاريخية و سياسية ، و أطرح كل الخيارات السياسية المتاحة . أن أكسر حاجز الخوف و أكتب كما أفكر ، أو أفكر بصوت مقروء . و كانت المحصلة ثلاث خيارات سياسية ، لا ازعم أنها كل الحلول ، و لكنها البداية، فكل من الحلول له مميزات ، و أيضا له الثمن الذي يجب أن يدفع.
****
الإختيار الأول: الاصلاح السياسي الداخلى لمصر بما يضمن المزيد من حقوق للأقليات و منها الأقباط.

و هذا هو الطريق الذي ينتهجه معظم الحركات القبطية في الخارج ، و هو الطريق الطويل الذي قد يستغرق عقودا من الكفاح السلمي ، و تحريك الرأي العام العالمي ، من أجل تحويل اتجاهات الحكومة المصرية من الوهابية الاسلامية ، إلي العلمانية و الاصلاح السياسي.
ولكن على الاقباط دفع الثمن على المدى الطويل في مزيد من المعاناة ، و مزيد من القهر الاجتماعي ، و لابد من التوقع أن الحكومات الاسلامية أو الديكتاتورية بما فيها حكومة مبارك قادرة على التسويف . و قادرة على تحقيق اصلاحات ظاهرية خالية من المضمون ، فعندما وعد الرئيس "أنور السادات" البابا شنودة بالسماح ببناء 50 كنيسة كل عام في أوائل السبعينيات ، كان وعدا أجوفا ، واجه الكثير من العراقيل البيروقراطية و التنفيذية ، و انتهى ببناء (أو ترميم) حوالي 50 كنيسة في عشرة أعوام ، هي فترة حكم الرئيس الراحل المؤمن . وهذه سمة مميزة للثقافة الاسلامية عموما ، فالقدرة على خلق الظواهر الجوفاء التي حمل الألفاظ الطنانة بلا معنى تصل إلى درجة العبقرية ، وهذا من أسباب فشل كل الايدولوجيات السياسية في مصر منذ الحكم الاسلامي ، بين خلافة أو ملكية أو جمهورية ، ديمقراطية الحزب الواحد أو تعددية الاحزاب بلا فاعلية ، ديكتاتورية عبد الناصر ، أو حكم السادات الممذوج بالصبغة الدينية . النهاية واحدة ، حكم الفرد بلا معارضة حقيقية ، كما حكم محمد رسول الاسلام و كما حكم خلفائه من بعده. و لعل الماضي القريب خير دليل على هذا عندما ضغطت الولايات المتحدة على مبارك و تم تعديل الدستور ليسمح بتعددية في مرشحي الرئاسة بدلا من نظام الاستفتاء ، فكانت النتيجة تعديلا ظاهريا بشروط تعجيزية تبعد تماما عن الشفافية و الحرية.
ومن العراقيل الاخرى التي تواجه هذا الحل أيضا، هو أن اضطهاد الاقباط مزمن ، يملأ الحياة اليومية ، هو ليس اضطهاد حكومي بقدر ما هو اضطهاد حكومي شعبي مشترك ، فعامة المسلمين يساهمون في هذا الاضطهاد ، وهنا من الممكن أن يفرض القانون دون أن يلمس أرض التنفيذ ، لأن القيادات المحلية الصغيرة ، و في بعد عن الرقابة القانونية قادرة على التحايل و عدم تنفيذ القانون .
فأين الأمل ؟
يمكن لهذا الحل أن يؤتي بثماره إذا نجحت القيادات القبطية في الخارج بإيجاد ممثليين سياسيين لها في الداخل من الاقباط ، على أن تكون الاتصالات بين الداخل و الخارج قوية و ممولة ماديا و مدعمة بحصانة و دعم خارجي قوي . وهنا يأتي دور التوعية السياسية لأقباط المهجر بأن يحركوا التبرعات المادية نحو القضية السياسية بدلا من أن تصب كلها في الاتجاه الديني.
من خلال القيادات السياسية القبطية الداخلية يمكن بناء منظمات قبطية قوية تراقب الاصلاح السياسي و حقوق أقباط الداخل ، و تنقل الانتهاكات إلي الرأي العالمي ، و ترفع العبء السياسي عن كاهل القيادات القبطية الدينية لتتفرغ للحياة الروحية . فلا يمكن أن ينجح أقباط المهجر في اصلاح القضية القبطية بالريموت كنترول دون قوى قبطية داخلية ، و هذا ما تفتقده المنظمات القبطية حاليا.
****
الاختيار الثاني: الانفصال بدولة قبطية مستقلة (أو المواجهة الكاملة)

وهذا الحل أكثر تطرفا و راديكالية من الحل الاول ، و يقابل بالكثير من الرفض بين القيادات القبطية الخارجية ، أو القيادات الكنسية الداخلية . القيادات الكنسية من الممكن تفسير رفضها بالخوف من الأغلبية المسلمة ، و بأفكارها السلامية المبنية على الانجيل ، و التي ترفض الحلول النضالية ذات الطابع العسكري . اما القيادات القبطية الخارجية فترفضها بدافع الخوف ، بالتحديد الخوف من مسئولية مثل هذا الأقتراح على الأهل و الأقارب من الأقباط في مصر ، وعدم القدرة على تحمل مسئولية انهار الدماء التي سوف تسيل. و كذلك عدم وجود تركيز جغرافي للأقباط في أماكن معينة ، و الذي يجعل الاستقلال السياسي صعبا ، و لكنه ليس مستحيلا.
لماذا هذا الحل؟
هذا الحل هو نوع من الحلول الجراحية التي ينتج عنها الكثير من الدماء ، و لكن النتيجة هي فصل الورم عن الجسم ، و من المؤكد أن هذا الحل لا يمكن أن يكون الأول في قائمة الحلول ، و لكنه في نفس الوقت لا يمكن ازالته من على مائدة الحلول المطروحة ، فالحل الأول (العلاجي و الترقيعي) و الاكثر قربا من قلوب الغالبية القبطية قد لا ينتهي إلى أي نتيجة ، وتتحول القضية القبطية إلى قضية ميتة من جديد.
من الجانب الآخر متطلبات هذا الحل قاسية ، تتطلب حمل السلاح من أقباط مسالمين ، ، و تتطلب دفع ثمن من آلاف الأرواح القبطية ، و تتطلب ايمان سياسي بالقضية القبطية بعيدا عن التأثير الديني ، و لكن القارئ للتاريخ القبطي سيجد عشرات الحالات من الثورات المسلحة القبطية ، والتي نجح فيها الاقباط في الصمود ، و لكن الظروف الاجتماعية و الدينية لم تسمح لهم باستكمال المسيرة. ولعل آخرها قصة كفاح "المعلم ابراهيم" و الذي كون فيلق قبطي من الآف الاقباط في أثناء الاحتلال الفرنسي لمصر (1798-1801م) ، و كان يطالب نابليون بتخليص الاقباط من الحكم الاسلامي العثماني و المملوكي ، و عندما فشلت الحملة الفرنسية أضطر للرحيل معها خوفا من رد الفعل الاسلامي الشعبي ، و مازال قصته معتم عليها في كتب التاريخ الرسمية خوفا من "الفتنة" ، أو هو الخوف من قيام حركة مسلحة قبطية تستلهم التاريخ. ومثال آخر في قضية السودان ، فهذا هو ما فعله "جون جارانج" في قيادته للتمرد في الجنوب السوداني ، و إن اختلفت حالة الأقباط في بعض النقاط ، منها الطبيعة الجغرافية لأرض جنوب السودان (و التي تسمح بحرب عصابات) و ليس كأرض مصر المبسوطة ، ومنها أيضا أن شعب الجنوب لم يخضع للشمال إلا حديثا ، و لم يعتاد العبودية للمحتل الاسلامي لفترات طويلة كما فعل الأقباط.
و لكن الثمن لابد من أن يدفع إذا فشلت الحلول الدبلوماسية ، و هذا أفضل من تأجيل دفع ثمن الحرية للأجيال القادمة .. فلن تسامحنا الأجيال القادمة كما سامحنا نحن الأجداد. و لقد تعلمت من التاريخ أن الموت من أجل الحرية أفضل من ذبح النعاج الذي يحدث يوميا للأقباط و يتركنا تحت رحمة الغوغائية في أحداث مثل الاسكندرية أو الكشح أو غيرها..
ومع ذلك فالرافض لهذا الحل يمكنه أن يفكر في الاقتراح الثالث.
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
الرد مع إقتباس