الاختيار الثالث: التهجير الجماعي للأقباط خارج مصر (أو الهروب الكامل)
و هو حل سيرفضه الغالبية الساحقة من الأقباط رفضا قاطعا ، و قد يتهمني البعض بالجنون ، و لكن القليل من الجنون المبرر قد يكون مطلوبا أحيانا ، و نحن نطرح كل الحلول المتاحة كأفكار لمزيد من الرؤية الواضحة.
هذا الحل قد ينال استحسانا من عوام المسلمين في مصر ، فهم يريدونها اسلامية ، و نحن سنتركها لهم كما يريدون ، و لكنني أتوقع أن القيادات السياسية المصرية لن تقبل هذا الحل ، ليس لأنهم اقل اسلاما ، بل لأنهم أكثر فهما للواقع السياسي. فإن تهجير الاقباط خارج مصر سيترك الحكومة المصرية بلا كبش فداء امام الجماعات الاسلامية ، و بلا غطاء سياسي أما الدول الغربية و العالم الحر ، و بالتالي سوف تكون بداية النهاية لأي علمانية في مصر ، حتى و ان كانت مزيفة. فدائما ما تحاول الحكومة استغلال ورقة الضغط على الاقباط لاثبات اسلامها أمام الجماعات الاسلامية ، و تستغل نفس الورقة أمام الغرب وتؤكد أنه لا يمكن فتح باب الديمقراطية على مصراعيه و إلا وصلت الجماعات الاسلامية إلى الحكم و ضاعت الاقليات ( ومنهم الاقباط). و بخروج الأقباط ستضطر الحكومة للدخول مكشوفة في اللعبة السياسية ، و سوف تكون أيامها معدودة . و إذا انهارت الحكومة المصرية و في غياب الاقباط ستتحول مصر إلى افغانستان جديدة ، و ستتولى الجماعات الاسلامية مسئولية تدمير نفسها بنفسها. و أيضا لن تسمح الحكومة المصرية بهذا الحل لأسباب اقتصادية يمكن تلخيصها بأنه من المؤكد أن هجرة الاقباط الجماعية سوف تحدث صدمة هائلة في الاقتصاد المصري ، حيث أن 40% من القطاع الخاص في يد الأقباط.
لماذا التفكير في هذا الحل؟
و الجواب أن هذا الحل مثله مثل الأختيار الثاني ، حل من الحلول الجراحية القاسية الأقل دموية ، و التي يمكن اللجوء لها في حالة فشل الحل الأول ، و عدم القدرة على الدخول في مواجهة عسكرية كما يقترح الحل الثاني. و هو محاولة لفصل الفريسة عن الصياد ، و ايقاف النزيف المعنوي و المادي و الروحي للأقباط من المحتل الاسلامي ، و محاولة لبدء مرحلة من الأمل في نفوس الأقباط من الشباب ، الذين يشعرون بالحصار الاجتماعي و المادي و الديني داخل مصر، ولا يجدون فرصة للهروب و البدء من جديد . ففي ظروف الحرب على الارهاب أقفلت العديد من الدول الغربية أبوابها في وجوه الشباب من دول العالم الاسلامي ، دون تمييز بين الجاني و الضحية ، بين الشباب المسلم المؤمن و المفجر لنفسه أمثال محمد عطا ، و الشباب القبطي المقهور في وطنه دون أمل في الهروب إلى مساحة أكبر من الحرية. فهو حل من أجل الشباب و المستقبل ...
هل من الممكن أن يتم هذا على أرض الواقع؟
و الاجابة نعم ... إذا نجح الاقباط في المهجر في الحصول على دعم شعبي و حكومي من الدول الغربية لتسهيل حصول الاقباط على تأشيرات الدخول إلى هذه الدول . مع تسهيل الحصول على لجوء ديني أو سياسي في هذه الدول . و إذا كان الغرب قد نجح في تهجير ملايين اليهود إلى أرض الموعد ، فلماذا لا يمكن أن يتحقق نفس السيناريو مع الأقباط.
ماذا يمكن أن يدفع بالغرب لتبني هذه القضية ؟
و الاجابة هي من أجل تغيير التوزيع الديموغرافي للدول الاوروبية . بمعنى أن الحركات الاسلامية بدأت تجد لها مستقرا بين الدول الأوربية ، و هذا صار مصدر قلق قوي لصناع القرار في الدول الغربية هناك بسبب الهجرت المتزايدة من المسلمين إلى هذه الدول بحثا عن المال و النساء في أغلب الأحيان (ثقافة اسلامية استهلاكية) ، و لعل أوضح حالة هي الدولة الفرنسية و التي انتشرت فيها الحركات الاسلامية و منها صارت تهدد سلامة أوروبا كلها . كل هذا كان بسبب السماح بما يسمى بالهجرة العشوائية ، و بدلا من ذلك يمكن اقناع الدول الغربية بالهجرة الانتقائية ، و بأن تهجير الاقباط هو محاولة لأستعادة التوازن و عدم تغيير الثقافة الأوروبية ذات الأصول المسيحية ، بثقافة بربرية ذات أصول بدوية قد تحيل الحضارة الغربية كلها إلى رماد . و الكثير من الحركات اليمينية الأوروبية و الأمريكية سوف تؤيد هذه الفكرة.
ولا ينبغي أيضا تجاهل الدافع الاقتصادي ، فالاقباط بما يملكونه من ثروة ، و عقلية اقتصادية سوف يكونون اضافة حقيقية للأقتصاد الأوروبي (ثقافة انتاجية) الذي يعانى من الكساد و البطالة و اعانات البطالة.
المواطن القبطي أم الأرض القبطية؟
و هذا السؤال واجب الطرح في هذا الحل التهجيري ، فنحن أحفاد الفراعنة ، و نحن ابناء مصر الأصليين ، كيف نترك أرضنا للمستعمر الاسلامي ، و الاجابة تكمن في الاختيار بين المواطن القبطي أو الأرض القبطية ، و علينا أن نختار إذا طرح هذا الحل، و كلا الاختيارين صعب . فإما أن نبقي عبيدا في أرض أجدادنا و التي تنازلنا عنها تدريحيا للمحتل العربي المغتصب ، أو نبقى أحرار في أرض غريبة ، و نحتفظ بتراثنا القبطي في أرض الشتات كما فعل اليهود من قبل ، على أمل بالعودة في يوم من الأيام.
****
كما قلت من قبل هذه الحلول الثلاثة لا تمثل كل الحلول ، فمن الممكن أن يقترح البعض حلول هجينه من الحلول السابقة ، او أن يتفتق ذهن البعض عن حلول أخرى ، و لكن من وسط هذه الحلول الثلاثة التي ذكرتها ، يكتسب الأول -العلاجي الغير جراحي- الشعبية القوية بين جموع أقباط الداخل و الخارج ، العلمانيين و القيادات الدينية ، و يفضل الجميع الضغط على الحكومة من أجل الاصلاح ، بدل من الحلول الجراحية كاقتراح الدولة القبطية ، أو التهجير الجماعي ، و مع ذلك تستمر الحلول الأخرى مطروحة على الساحة ، و يفكر فيها الكثير من الأقباط بطريقة هامسة ، دون أن يجرؤ على البوح بها أحد . الحل الاول حل سلمي تعايشي يفترض حسن النية في الغالبية المسلمة و مزيد من الوعي بحقوق الانسان ، اما الحلول الثاني و الثالث ، فهما من الحلول الفصلية ، و التي تعزل الجاني عن المجنى عليه في حالة فشل التعايش السلمي.
و الحقيقة أنني لست من مؤيدي أحد الحلول عن الآخر ، أنا مجرد راصد للأحداث ، و باحث عن الحلول ، أما الاختيار فهو دور الاقباط كلهم ، وفي عرضي هذا حاولت أن أرصد الحلول دون أبداء ميول ، و في النهاية فالقرار للأقباط ، و ليس لقبطي واحد ، و لكن ترك باب الحلول مفتوحا بعد الاختيار من أساسيات نجاح القضية القبطية. فالتعايش السلمي و الديمقراطي في الحل الأول هو أكثر الحلول مثالية ، و لكن الناظر إلى التيارات الشعبية الاسلامية الحالية لا يستطيع إلا أن يتساءل ، هل من الممكن أن يتعايش المسلم مع أي أقلية أخرى من الكفار و الزنادقة على أساس المواطنة ؟ التاريخ الاسلامي يجيب بلا ، و الواقع المعاصر يجيب بلا ، و لكن لابد من المحاولة ، فالحلول الجراحية دائما ما تكون الملجأ الأخير.
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
|