وقد أباح التشريع الإسلامي ـ طبقا للرأي المعمول به ـ للرجل أن يتزوج باثنتين أو ثلاث أو أربع، بقيدين.
1ـ العدالة بين الزوجين الوارد بالآية الكريمة: «فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة».
2ـ القدرة علي الإنفاق المفهوم في تذييل الآية الكريمة: «ذلك أدني ألا تعولوا».
والعدل مطلق.. يشمل كل صور الظلم، وبذلك يكون الاقتصار علي الزوجة الواحدة واجبا علي الرجل لمجرد الخوف من الظلم، حتي لو كان هذا الخوف أمرا مظنونا في وقوعه.. والآية الكريمة: «ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم».. تؤكد أن العدل غير مستطاع، وبالتالي يكون تعدد الزوجات مستحيلا وقوعه بالصورة الشرعية التي أرادها الإسلام.. ويقتضي ذلك تحريم تعدد الزوجات.
ويري الدكتور عبدالعزيز العروسي ـ عن حق ـ أن القرآن الكريم لا يحوي سوي آية واحدة عن تعدد الزوجات، وهي جملة شرطية تحتوي شرطا ثم جزاء الشرط.. ومن البديهي ألا يكون الجزاء إلا بعد استيفاء الشرط، وأن يسقط الجزاء إذا سقط الشرط.. وأن التشريع القائم مخالف لأحكام القرآن الكريم لأنه قد أغفل الشرط إغفالا تاما وأبقي علي الجزاء.. فالآية الكريمة تضع شرطا صريحا لتعدد الزوجات هو الخوف من ظلم اليتامي.. يعقبه أمر التزوج مثني وثلاث ورباع، إذا يقول: «فانكحوا».. وهذا الزواج الذي يؤمر به القادرون من الرجال ليس للمتعة، وإنما هو واجب إنساني لأداء خدمة اجتماعية عقب الحروب لرفع الظلم عن النساء اليتامي اللاتي فقدن عائلهن.. فهو حل اضطراري لظروف استثنائية، وليس حقا مباحا لكل رجل في كل وقت وفي كل الظروف.
لم يرد نص صريح في الإنجيل يدل علي تحريم تعدد الزوجات، ولذلك كان الملك شارلمان ـ رغم تعصبه الشديد للمسيحية ـ متعدد الزوجات التي لم تأخذ بنظام وحدانية الزوجين إلا من القرن السابع عشر تقريبا.
وكانت الكنيسة المسيحية قد اعتبرت نظام تعدد الزوجات ـ مثل نظام الرق ـ حالة قانونية معترفا بها، متمشية في ذلك مع النظم السائدة في الإمبراطورية الرومانية التي انتشرت في ظلها.. ومع الشريعة اليهودية التي قيل علي لسان السيد المسيح إنه ما جاء لينقضها.
وقد أخذت الكنيسة المصرية تحرم تعدد الزوجات علي رجالها أولا.. ثم حرمت عليهم الصلاة علي تزويج ثان.. أو المضي إلي وليمة من تزوج بأختين.. ثم ألغي نظام التسري عندما حرمه البطريرك ابرآم السرياني (968 ـ970) وقد غضب لذلك أحد كبار المسيحيين ويدعي أبو السرور، فقتل البطريرك بالسم في ديسمبر سنة 970م.. (ساويرس بن المقفع، تاريخ بطاركة الكنيسة المصرية، المجلد الثاني ص 91 ـ 100).
ومشكلة تعدد الزوجات من أهم القضايا الفكرية.. وقد طالب البعض بإلغائه بلا استثناءات حتي لا تترك ثغرة تسمح بعودة هذا النظام.. وطالب آخرون بوضع قيود علي حق التعدد باشتراط إذن القاضي في حالة وجود مبرر مشرع مع توافر شرطي العدل والقدرة علي النفقة.. وقد طالب الإمام الشيخ محمد عبده العلماء بالنظر في رفع ضرر تعدد الزوجات عن الأمة.
والذي يملك حق الطلاق هو الزوج وحده، أما الزوجة فلا تملك إلا طلب التطليق وفي أحوال معينة.. والواقع أن انفراد الزوج ـ طبقا للمعمول به في المجتمع الإسلامي ـ بحق الطلاق دون الزوجة ـ ودون رقابة القضاء ـ يثير عدة مشكلات اجتماعية خطيرة.
وعقد الزواج ـ طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية ـ يعتبر أخطر عقد رضائي لأن موضوعه الحياة الإنسانية لرجل وامرأة.. وهو ينشئ التزامات متبادلة بينهما فلا يجوز إطلاقا أن تبطله الإرادة المنفردة للرجل دون المرأة، إلا إذا ألغينا اعتبار المرأة طرفا في العقد، واعتبرناها مجرد محل للعقد.. وعلي ذلك نري ضرورة أن يكون الطلاق أمام القاضي لا بيد الزوج وحده.. وأن يكون للرجل والمرأة سواء حق طلب التطليق في الحالات التي يحددها القانون.. ويري فضيلة الشيخ علي الخفيف أنه يجوز شرعا لولي الأمر أن ينظم الطلاق بأن يتطلب ألا يقع الطلاق إلا لدي المحكمة أو بإذن منها.. كما هو الحال في تونس والعراق.
|