| 
				
				بل قابل للتنفيذ لو كانت هناك إرادة (1)
			 
 
			
			أخي الحبيب (الراعي)
 أشكرك جزيل الشكر لإهتمامك بمُشاركتي ، و كذلك أشكر كل إخوتي ، وأخص بالشكر حبيبي The_Lonley_Wolf على مديحه الذي لا أستحقه ، وكذلك أشكر كل الذين ساهموا بالتعقيب على مُشاركتي المُتواضعة ، الرب يعوض الجميع تعب محبتهم ثلاثين و خمسين و مائة.
 
 كنت أود التعقيب على المُتعصب المحمدي shergoo الذي هبط علينا من كوكب آخر (حسب وصفك الدقيق له) ، ولكنك عزيزي تكفلت بعمل اللازم معه.
 
 عودة إلى تعقيبك على مُشاركتي أقول :
 
 نعم عزيزي ، لنكن أكثر شجاعة ، ونواجه أنفسنا بحقيقة غالبيتنا تتعامى أو تسكت عنها : الدور السياسي الذي تلعبه الرئاسة الدينية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية (التي أتشرف بأن أكون واحدا من أبنائها) ، لأنها بين شقيَ رحى :
 * فهي من ناحية تظهر بأنه عاجزة عن كبح جماح المُتحمسين من أبنائها أمام الحكومة المُتأسلمة المُتعصبة ، التي لن ترضى بأي موقف تتخذه القيادة الكنسية ، حتى لو أوقدت أصابعها العشرة شمعا لها.
 * كما أنها سوف تظهر أمام شعبها مُتخاذلة مُتهاونة في إستجلاب حقوقه المهضومة (خاصة المُتحمسين و المظلومين منهم) من ناحية أخرى.
 علما بأن هذا الدور السياسي الذي تلعبه كنيستنا الآن ، جاء في مُعظم الأحيان نتيجة لدفع تلك الحكومة الخبيثة الماكرة كنيستنا للقيام به ، ولم يجيء نتيجة تطوع الكنيسة الإختياري  للقيام بذلك الدور ، كما إنها لم تدعي في يوم ما على إنها حامية حمى الحقوق السياسية المهضومة لجميع المسيحيين في مصر على إختلاف إنتماءاتهم الطائفية . كما أن إمعان الحكومات المُتأسلمة الفاشية المُتعاقبة منذ إنقلاب العسكر عام 1952 (بمُعاونة إخوان الخراب المحمدي) على تهميش الدور القبطي العلماني في المُجتمع المصري ، رسخ لدى كل المُتابعين للشأن القبطي فكرة أن الكنيسة القبطية الأرثوذكية هي المُمثل الشرعي و الوحيد لجميع المسيحيين المصريين ، وهذا هو بالضبط أصل كل داء و بلاء أصابنا و يُصيبنا في الماضي و الحاضر و ما سوف يصيبنا في المُستقبل إذا لم ننتبه إليه و نُعالجه فورا.
 
 و لكي تربأ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عن تبعات تلك المُعضلة ، ولكي تخرج من بين شقيَ الرحى التي وُضعت بينهما كُرها ، فلابد لها أن تعلنها صراحة ، ودون مواربة أو خجل بأنها لن تتدخل مُطلقا في المُستقبل بشئون الأقباط السياسية أو الإجتماعية مُطلقا ، وأنها سوف تفَوض اللجنة الموحَدة (التي أنادي بتكوينها) ، لكي تكون هي المُتحدث الرسمي لجميع أقباط مصر ، و إنها لا سلطان لها على أبنائها إلا في أمورهم الدينية و الروحية فقط ، وما عدا ذلك ، فهو ليس شأنها و لا إختصاصها ، وبذلك تكون الكنيسة قد نجحت في الإفلات من الإختبارات السياسية الخبيثة التي لا تكف الحكومة عن وضعها فيها ، وستكون قد غسلت يديها و للأبد من لوَم شعبها المُستمر لها بالتخاذل و الخنوع لإرادة جلاديه الحكوميين.
 
 ففكرة إنشاء اللجنة المسيحية المُشتركة التي كتبت عنها ليست دربا من شطحات الخيال أو الرومانسية ، كما إنها ليست فكرة مجنونة لا يُمكن تطبيقها ، ولنا في بعض أحداث التاريخ عبرة ، لعلها تكون مُرشدة لنا ، ونبراسا نحتذي به :
 * لعل الكثيرون منا لا يعرفون ماذا حدث بين ألدَ عدوين تناحرا و تقاتلا في الصين و سفك كل منهما دماء الآخر بالآلاف في واحدة من أسوأ الحروب الأهلية التي عرفها العالم في القرن العشرين : الحزب الشيوعي بقيادة ماوتسي تونج ، وحزب الكومنتانج بقيادة شن كاي شك إبان الغزو الياباني للصين .
 فبالرغم من الحرب الضروس المُستعرة بين هذين الحزبين ، فقد توحدت جهودهما عقب الغزو الياباني لإقليم منشوريا (ومن بعدها كامل الأراضي الصينية) ، وتمكنا من طرد المُحتل الياباني من الصين بفضل توحدهما من ناحية ، وبفضل مُساعدة القطبين الكبيرين في ذاك الوقت لكل منهما ماديا و سياسيا و عسكريا : فالحزب الشيوعي كان مدعوما من الإتحاد السوفيتي ، و الكومنتانج كان مدعوما من الحُلفاء (و تحديدا من الولايات المُتحدة).
 طبعا نحن لن ننتهج الأسلوب المُسلح الذي إنتهجه هؤلاء الفرقاء كحلَ لإنتزاع حقوقنا المسلوبة المنهوبة ، لأن هذا الأسلوب لا يتوافق البتة مع عقيدتنا المسيحية المُسالمة من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، لأن ذلك الأسلوب الهمجي لن يُخلَف لمصرنا الحبيبة و لجميع المصريين (وليس للأقباط فقط) إلا المزيد من الدمار و الخراب و سفك الدماء .
 
 * و لدي مثال آخر : تحالف كروات و مسلمو البوسنة فيما يُعرف الآن بجمهورية البوسنة و الهرسك ضد صرب البوسنة:
 فبالرغم من العداوة المُستحكمة بين الكروات و المسلمين ، وإرتكاب كل منهما المذابح و التطهير العرقي ضد الآخر ، إلا إنهما توحدا ، و إستطاعا فرض إرادتهما على المُجتمع الدولي بالرغم من أنف صرب البوسنة المدعومين من الحكومة المركزية في بلجراد :
 - فالمسلمون وجدوا دعما ماديا و معنويا و عسكريا لا محدودا من المسلمين في شتى بقاع الأرض (و بالأخصَ دول البترو دولار الخليجية المُتعصبة المُتطرفة)
 - كما وجد الكروات دعما مُماثلا من الدول الغربية (وعلى رأسها الولايات المُتحدة للأسف) ، ناهيك عن الدعم المعنوي الذي تلقوه من كنيسة روما (نظرا لأن غالبية هؤلاء الكروات من الكاثوليك) .
 ولكن عقب إنتهاء الحرب ، و تمكين كل من المسلمين و الكروات سياسيا و عسكريا (ولا ننسى كذلك بأن أحد نتائج الحلول الأممية لتلك التسوية طرد 400 ألف صربي من قراهم و مدنهم و بيوتهم مما تُسمى جمهورية البوسنة و الهرسك إلى داخل صربيا بمُباركة المجتمع الدولي و على رأسه الولايات المُتحدة للأسف أيضا) ، ظهر وزير الخارجية البوسني (المُسلم) على شاشات التليفزيون ليُعلن أن جمهورية البوسنة و الهرسك العتيدة ستُصبح دولة علمانية ، الأمر الذي أصاب دول الخليج (و تحديدا السعودية) بخيبة أمل كبيرة على ذهاب تمويلهم المادي و المعنوي لمسلمي البوسنة أدراج الريح نظرا لفشلهم في تصدير العنصرية الوهابية السعودية لمنطقة البلقان.
 
 مرة أخرى ، هذا الحدث ليس هو المثال الذي يجب أن نحتذي به ، ولكنني أوردته لكي أوضح بأن حتى ألدَ الأعداء و أشد المُتخاصين يُمكنهم التوحد لعبور الأزمات التي يواجهونها ، وقد نجح هؤلاء أن يعبورا بأزماتهم العصيبة إلى بر الآمان ، أفلا يجب على مسيحيي مصر و الذين على الأقل لا توجد بينهم كل تلك العدوات التاريخية المُشار إليها أعلاه في المثالين السابقين أن يرتفعوا إلى مستوى التحديات الخطيرة التي تُهدد بقائهم على أرض أجدادهم و أنه آن الآوان الآن لكي يتحَدوا؟؟؟
 
 للحديث بقية ...
 
			
			
			
			
				  |