
21-04-2006
|
 |
Gold User
|
|
تاريخ التّسجيل: May 2004
الإقامة: macira
المشاركات: 848
|
|
الشرع و الشريعة والمشرع
محمد البدرى
الولد للفراش من الفقه الإسلامي ومن دواعي الشريعة، لكن صدق الإنسان كبديهية ليست من الشريعة حتى ولو اعترف. فالمسكون عنه ومضمرا داخل العقل العربي وثقافته الإسلامية أن الإنسان حرامي ونصاب وكذاب وأفاق وانتهازي ولص. وعليه فهو متهم حتى تثبت براءته حيث يقول "ورددناه أسفل سافلين"، بعكس ما تقول به التشريعات الأكثر إنسانية في بلاد الكفر والإلحاد والعلمانية والليبرالية والديموقراطية بأن الإنسان بريء حتى تثبت إدانته.
منذ عامين تم توقيف مواطن بريطاني في ميناء الوصول إلي وطنه ليتسلم ادعاء بتهمة التجسس. وبعد تسليمه المذكرة ترك حرا. لم يتعدّ الأمر دقائق. التهمة خطيرة لكنها تجري في بلد ليس مسلما. ماذا لو أن الأمر جري في نفس البلد - انجلترا لكن بعد أن يحقق المجاهد عمر بكري – الأصولي - مشروعه برفع علم الخلافة الإسلامية علي قصر باكنجهام واخذ ملكة انجلترا كالسبايا، كما في نواياه التي أعلنها مرارا؟
وعودة إلي موضوع الفراش، وقضية البنت المسكينة هند الحناوي وابنتها البريئة لينا، فالمسكوت عنه من المشرع وعدم صراحة الفقهاء ومن ادعوا العلم - الواجب علينا سؤالهم إن كنا لا نعلم - أن تهريب الرجل من مسؤوليته من شرائع الإسلام. وإلا فما معني السعي بحماسة لإثبات صدق الفيشاوي وكذب هند مع ترك لينا دون نسب، مع الدغدغة للعواطف بان الأطفال أحباب الله؟
فمصيبتنا أن كل الناس تعلم، بل إن المادة والجماد التي يقال عنها "وان من شئ إلا ويسبح بحمده" تعلم و تقول بان البرهان، نفيا أو إثباتا، قائم في قوانين البيولوجيا. لكن المسلم، وخاصة إذا كان من الفنانين الدعاة الفاشلين، علي استعداد للتهرب منها ويساعده فقهاء ودعاه جدد يلوثون الشاشة الصغيرة بكثير من الغثاء والنادر من المعرفة.
فالخلل في السياسة والاقتصاد إضافة لإثبات النسب له مرجعية إذن كطقطقة الحنك علي لسان المشايخ وفي الضمير الديني وقوانينه الفقهية التي يقول بها العلماء. الأمر الافدح هو اعتبار هند كاذبة حتى ولو اعترف الطرف الآخر بالفعل والعلاقة أي بالفراش. كان بينهما فراش باعتراف كل منهما. لكن المراوغة الفقهية من رجال "علينا سؤالهم إن كنا لا نعلم " من الاعتراف بان هناك فراش وتجريم ما تم عليه رغم انه ليس بجريمة. ويتملصون من مواجهة قوانين الجماد والفيزياء البيولوجيا رغم الصفحات المجانية والكاذبة التي تفرد لهم باسم العلم والإيمان والإشارات العلمية في القرآن الكريم. فما السر إذن في كل هذا الغثاء وأطاله عمر القضية لتكبر لينا عاما ونصف ولا تجد لها أبا؟
لا نجد جوابا سوي أن الأمور كلها تجري علي السنة الفقهاء والمشرعين علي قاعدة أن الشريعة هي قانون عقابي وليس استعادة حقوق أو وضع الأمور في نصابها. تَلّوُّث العقل العربي والإسلامي بمفهوم العقاب جعله يسحب مفهوم العقاب ليطال الأبرياء مثل لينا قبل أن يبحث لها عن حل عادل الجميع يعرفه، بما فيهم القضاة والفقهاء والدعاة وكهنة الأديان ولا يملون من التهرب أمام المواطن المسلم البسيط المطلوب منه سؤالهم بحجة أنهم علماء بالزهو علينا "إنما يخشى الله من عباده مثل هؤلاء". فما الدرس الذي يخرج به المواطن بعد سعيه إليهم بحثا عن حل او سؤال عن فتوي ولا يجد سوي المرمطة والعقاب والنكد؟
ولان العقل النقدي والفكر الفلسفي يختفي في ظل مثل هذا النوع من الأوصياء علي الناس باسم الدين، فان الشريعة بعد ان بات لها كهان يحتكرونها اتت بنتائج عكس ما يدعيه رجال الدين العلماء. فالعالم طبقا للعلم الحديث وليس العلم الديني حريص دوما علي التساؤل عن نتائج معادلاته وقوانينة وتشريعاته التي وضعها ليتحقق من صدقيتها وتوافقها مع مادة الكون ومصالح العباد. هؤلاء العلماء الطبيعيون والوضعيون اثبتوا طوال التاريخ العلماني الديموقراطي للانسانية انهم يتحلون بالنزاهة العقلية والضمير العلمي الذي يعترف بقصور فكره لو ان هناك من اثبت بالبرهان عكس الطرح السابق. لكن ما حدث من تناقضات – وهو حادث فعلا طوال التاريخ الاسلامي – من الحكم بالشرائع السماوية جعل تعدد الفقهاء ظاهرة مرضية وليست صحية. فكلهم ذوو صدقية وفتاويهم كلها صالحة. فتراكمت فتاوي متناقضة جعلت الزواج غير محدد وله اكثر من وجه في الاسلام بينما هو واضح الدلالة في المجتمع العلماني الموصوم بالكفر. ولتبرير الوضع يفتري علينا الفقهاء ويخترعون مقولة لزيادة الطين بللا بالقول ان تعدد الفقهاء رحمة لتبرير تزاحمهم علي رقاب العباد وعدم اتباعهم القاعدة العلمية في اسقاط النماذج الغير صالحة وخروجها من التاريخ ومن كتبهم الصفراء. فرغم التعدد الذي يتشدقون به فلم نجد أي رحمة، بين كل هذه الفتوي، بطفلة رضيعة وأم مهضوم حقها. ثم يتشدقون وتنبري حناجرهم علي شاه لو عرجت في الشام لسؤل عنها عمر يوم القيامة. فشاه عمر الذي يسترضون الله عليه كلما ذكر اسمه لا نجد قيمة مماثلة لها للطفلة لينا وامها. فالطبل والزمر للخلفاء وللموتي اهم عندهم من عودة حق لأناس وبشر أحياء خاصة لو ان الحق لن يكون في صالح داعية اسلامي فاشل من قبيلتهم التي يدافعون عن مصالحها.
www.kimit-sagi.co.nr
|