مقالة رائعة من المصرى اليوم
ماذا يفعل هنا الأقباط؟
بقلم محمد سلماوي
هناك مقولة شيطانية بأن الضحية هي دائماً التي تغوي الجاني لارتكاب الجريمة، وقد جاءت أحداث كنائس الإسكندرية في الأسبوع الماضي لتثبت صحة هذه المقولة، فلماذا يتجمع الأقباط للصلاة بهذا الشكل في أكثر من كنيسة في نفس الوقت، إن لم يكن لاستفزاز المسلمين الغيورين علي دينهم؟ لقد شاهدهم أحد المسلمين الصالحين وهم يصلون علناً في كنيسة بالحضرة، فثارت بالطبع مشاعره الوطنية وفعل ما فعل، ثم انتقل إلي كنيسة أخري في الجانب الآخر من المدينة، فإذا بهم يصلون هناك أيضاً، ثم انتقل إلي كنيسة ثالثة فوجد نفس الشيء، فبالله عليكم كيف لنا أن نلومه علي ما فعل، وقد علمناه بخطابنا الديني وبإعلامنا علي مدي السنوات أن مصر دولة إسلامية! ألم يجد الرئيس السادات عام ١٩٧١ أن ذلك غير منصوص عليه بالشكل الكافي في الدستور فأضاف إليه مؤكداً أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع؟ أليس صحيحاً أن من لا يدين بالإسلام فهو كافر، كما يردد أئمة المساجد ليل نهار؟ إذن أين كان خطأ هذا المواطن المسلم الغيور علي دينه وعلي وطنه؟ لقد فعل ما كان ينبغي علي الدولة أن تفعله، وهو أن تطهر البلاد ممن ليسوا مسلمين، لا أن تكتفي فقط بالتعقيدات التي تضعها أمامهم في الخفاء، كلما أرادوا بناء كنيسة أو تجديدها، أو إذا تقدموا لشغل وظيفة حساسة - أو غير حساسة - في الدولة، إن في ذلك إخلالاً من الدولة بمسؤوليتها، وإزاء ذلك فقد قرر المواطن الصالح الغيور علي دينه وعلي وطنه، أن يأخذ زمام الأمر في يده، عملاً بما أمر به المسلم بأن يغير المنكر إن لم يكن بقلبه أو بلسانه فبيده، وهكذا أثبت لنا هذا المواطن الصالح أن المصريين - أقصد المسلمين منهم فما لنا بالأقباط - هم أصحاب همة في التصدي للمشاكل، والمشاكل هنا بالطبع هي الأقباط الذين لولا وجودهم ما كانت هناك فتنة طائفية.
إن بيانات الكنيسة تقول من واقع المسجلين لديها إن عدد الأقباط في مصر ١٢ مليوناً، أما الدولة التي تحاول دائماً التستر علي المشاكل، فهي تقول إنهم لا يزيدون علي ٥ ملايين فقط، والسؤال الذي علينا أن نسأله بكل صراحة هو: ماذا يفعل كل هؤلاء الأقباط - أياً كان عددهم - عندنا؟ وهل يكفي أن أجدادهم بنوا بعض الأهرامات، وعدداً من المعابد في صعيد مصر، حتي يكون لهم الحق في العيش معنا علي أرض الكنانة؟ إن مصر لم يعد بها متسع لكل هؤلاء، ولقد كانت أمام الأقباط سنون طويلة، كان بإمكانهم أن يهاجروا خلالها معززين مكرمين، وقد فعل بعضهم هذا فوصلوا إلي مواقع مرموقة في كندا وأستراليا والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، وأصبح يشار إليهم هناك بالبنان علي أنهم مصريون، ونحن لا اعتراض لنا علي ذلك، ولكن لماذا لا يفعل بقية الأقباط نفس الشيء فيخلصونا من هذه المشاكل المتكررة؟ إن اختفاء الأقباط من مصر سيخلي مواقع كثيرة نحن أشد ما نكون حاجة إليها، ويكفي عدد المساكن التي سنستولي عليها كما استولت إسرائيل علي بيوت وأملاك العرب في فلسطين، فإسرائيل هي الأخري دولة دينية تنص مواثيقها علي أنها دولة يهودية، وإذا كانت إسرائيل لم تنجح حتي الآن في اقتلاع الدخلاء من الفلسطينيين فإن أحداً علي الأقل لا يستطيع أن يتهم حكوماتها المتعاقبة بأنها لم تبذل قصاري جهدها لتحقيق ذلك، في الوقت الذي تكتفي فيه حكوماتنا باضطهاد الدخلاء من الأقباط دون أن ترحلهم من البلاد أو تعتقلهم أو تغتالهم كما تفعل إسرائيل كل يوم، لذلك فلا يحق للحكومة عندنا أن تعترض إن قام المواطنون الصالحون بهذه المهمة، وليس لها أن تصفهم بالجنون كلما فعلوا ذلك.
|