عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 22-04-2006
copticdome
GUST
 
المشاركات: n/a
6 ـ أمريكا كانت أكبر عقبة فى مشروع التوريث :
أمريكا ليست متحمسة له ، ولم تعلن رفضها العلنى له حتى تستغل مبارك لينفذ سياستها فى المنطقة فى التعامل مع السودان وحماس ومع ايران وفى العراق.
سوء وضع أمريكا فى العراق جعلها تتناسى مشروع الاصلاح ، وفى الوقت نفسه فان ظهور ايران النووية القوية أضاف المزيد من المشاكل أمام امريكا ، ففى مواجهة التحدى الايرانى لا تستطيع أمريكا ان ترد الا بالتصريحات، فقد أدى فشلها العسكرى فى العراق الى استحالة أن يوافق الكونجرس الأمريكى على حرب أخرى ضد ايران، بل ان بعض أنصار الرئيس بوش حتى من داخل حزبه الجمهورى بدءوا فى الانفضاض عنه فى وقت تزايدت فيه المعارضة له فى الشارع والاعلام .
لم يعد الموقف الأمريكى عقبة امام خطة التوريث. ثم جاء التطور الايرانى بزخم جديد.
7 ـ ظهور القوة الايرانية أدخل المنطقة فى منعطف خطير. ايران الشيعية الفارسية الآرية لا تنسى ما فعلته نظم الحكم العربية السنية معها ومع الأقليات الشيعية. عندما شن صدام حسين حربه غير المبررة على ايران جاء التأييد العربى لصدام غامرا بالسلاح والتمويل حتى اعتبروه حارس البوابة الشرقية للعروبة ، كما لو أن جيش ايران كان يتجهز لغزو العرب. استمرت الحرب أطول مما ينبغى بسبب الدعم العربى السنى لصدام ، مما سبب المزيد من مئات الألوف من القتلى وتدمير عشرات المدن على الجانبين وخسارة المئات ن البلايين. وخسرت ايران الكثير فى حرب تم فرضها عليها من ديكتاتور أحمق أخرق آثم . وليس من السهل أن تنسى ايران ما حدث. وهى التى لم تنس بيعة السقيفة ويوم كربلاء وموقعة صفين، كما لا يمكن أن تنسى الاضطهاد المستمر للشيعة فى المحيط السنى.
الآن جاء يوم الحساب، اذ سقط نظام صدام وتحول العراق لملعب ايرانى ، وتحول الطاووس الفارسى الوديع الى صقر جارح مدجج بالأسلحة النووية يجاور أنظمة حكم سنية متهالكة بدأته بالعداء ولا تزال. كان العراق هو ساحة المواجهة بين الشيعة والسنة ، حيث عانى فيه الشيعة الكثير قبل صدام وفى عهده ، وجاء عصرهم ليردوا الاعتداء السابق واللاحق بالمثل وأكثر من المثل ، ومعهم ايران تؤازر وتخطط وتساند بينما يتراجع الدور الأمريكى يحاول بقدر الامكان انقاذ جنوده من حرب لم يعد قادرا على التعامل معها.
8 ـ فى مواجهة هذا الوضع فى ايران والعراق كان لا بد من اعادة النظر فى خارطة التحالفات المحلية داخل نظم الحكم السنية العربية المتحالفة مع أمريكا. القوة الفاعلة فيها هم الاخوان المسلمون ، ونحن هنا لا نتحدث عن الاخوان كمجرد تنظيم فقط بل كثقافة تعنى تقسيم العالم الى دار الاسلام ودار الحرب كما تعنى قلب نظم الحكم السنية المتعاونة مع دار الحرب.
المشكلة الكبرى أن ايران هى الأخرى تؤمن بنفس تقسيم العالم الى معسكرين : معسكر الاسلام و معسكر الكفر. وهذا يضع التنظيمات الاخوانية بين خيارين لا ثالث لهما: اما ان تتحالف مع نظم الحكم السنية فى بلادها وهى متحالفة مع أمريكا ولكنها تنتمى مثلها للفكر السلفى السنى الذى يعادى الشيعة ، واما أن تتحالف مع ايران تحت راية أوسع وأشمل ضد امريكا واسرائيل وضد نظم الحكم العربية.
لحل هذه المعضلة نتصور أن التفاوض قائم على قدم وساق بين السلطات المصرية والجماعات المتطرفة بكل أطيافها داخل وخارج السجن. ومن يوافق على البيعة لولى العهد وتوريثه السلطة يتمتع بالافراج الفورى و مساعدة السلطات له فى البدء فى حياة جديدة ، بل يحصل على عمل فى وقت لا يجد فيه ملايين الشباب العاطلين أى وظيفة ، أكثر من ذلك يتمتع بامتيازات فى السلطة حسب خدمته لها ضد العدو التقليدى للسلطة والاخوان معا ، وهم الاصلاحيون السياسيون والقرآنيون وأقباط المهجر.
من يرفض البيعة لولى العهد القادم يستمر فى السجن وقد يدخل عنبر التأديب وتنقطع أخباره الى أن يخضع ويستجيب ، واذا كان فى خارج السجن يتم تجهيز قضية له بالانضمام الى الجماعة المحظورة اياها. كما لو كانوا قد اكتشفوا فجأة أنه ينتمى الى الاخوان المسلمين. وقد يتم ـ كنوع من التغيير والفرار من السأم ـ تلفيق قضية أخرى له جنائية أو سياسية حسب مزاج السادة الضباط .، او يعتقلونه بدون ابداء الأسباب طبقا للطوارىء.
ولذلك تحدثت الأنباء عن الافراج عن ثلاثة آلاف فيما يقال من الجماعات الاسلامية فى سابقة تاريخية، ومنذ اسبوع أفرجوا عن 950 منهم . وحتى كتابة هذه السطورتأتى انباء التفاوض مع قيادات الجهاد بعد تغييب زعيمهم عبود الزمر عدة أسابيع حتى خيف اغتياله.

9 ـ من الممكن للأخوان وحدهم قلب نظام الحكم بالمظاهرات . اذ يمكنهم حشد مظاهرات يومية تتكون من عشرات الالوف.
يسير السيناريو كالآتى : يتدخل الأمن المركزى ويطلق النار فيقتل العشرات ، وفى اليوم التالى تقوم مظاهرات أكثرعددا وغضبا تشيع القتلى (الشهداء ) فيطلق عليهم الأمن الرصاص فيقتل عشرات آخرين فتقوم فى اليوم التالى مظاهرات أخرى أشد عنفا وغضبا فيقتل منهم الأمن بضع عشرات ، لتقوم مظاهرات هادرة فى كل مصر. عندها يتوقف الأمن عن اطلاق الرصاص بل وينضم أبناؤه الجوعى المساكين للشعب الثائر ، بل ربما يطلق الرصاص على قادته. عندها يفر السلطان وولى العهد وأسرته وحاشيته الى حيث توجد تحويشة العمر فى البنوك الخارجية ، ويتسلم الاخوان الحكم.
ليس هذا السيناريو مستبعدا. بل هو فى متناول الاخوان ، وسبق أن هددوا بمظاهرات ميليونية. المانع الوحيد أن الاخوان ليسوا مستعدين الآن لتسلم الحكم.
ففى ظل حركة ديمقراطية فاعلة ، وقبول اخوانى معلن بالديمقراطية لا يستطيع الاخوان قبول الحكم الآن على قاعدة الديمقراطية. عقيدتهم تأبى أن يكونوا فى موقع المساءلة أمام برلمان توجد فيه معارضة حقيقية، وعقيدتهم السلفية تأبى تداول السلطة والخروج منها عند الفشل. وهم بالقطع سيفشلون لأنه ليست لديهم برامج حقيقية لما يرفعون من شعارات مقدسة فضفاضة تحمل الحل السحرى لكل شىء .
الحل الوحيد المناسب لهم أن يحكموا وفق الطاعة المطلقة التى تنادى بها الحاكمية. أن يحكموا باعتبارهم خلفاء الله تعالى فى الأرض ، باعتبار أن ارادتهم هى ارادة الله ـ تعالى عن ذلك علوا كبيرا ـ وان من خالف ارادتهم وعصى أوامرهم فهو مستحق للقتل فى الدنيا والجحيم فى الآخرة لأنه عندهم كافر منكر للشريعة .!!
ليصلوا الى اقناع الشعب بالحاكمية بديلا عن الديمقراطية يحتاجون الى عشر سنوات أخرى يمسكون فيها بزمام التعليم والاعلام والثقافة والأزهر والمساجد ليبرمجوا المسلمين على قبولهم ممثلين للشريعة وقائمين بها. هذه هى التربية فى اصطلاح الاخوان. ولو أقتنع مئات الالوف من الشباب المسلم بهذه التربية الاخوانية وأصبحوا أداة طيّعة فى يد المرشد العام لاستطاع بهم الوصول للسلطة ليحكم منفردا بمفهوم الحاكم المتأله الناطق عن الرحمن .
اذن لا يمانع الاخوان من حيث المبدأ من الانتظار نحو عشر سنوات او أكثر ، ولا يمانع الاخوان من حيث المبدأ أن يحكم فى هذه الفترة القادمة جمال مبارك ـ كفترة انتقالية ـ ولكن فى مقابل أن تكون لهم سلطة كاملة على عقول المسلمين ليقوموا بتربيتهم على الايمان بالحاكمية. وأيضا لتكون لهم سلطة كاملة للتحكم فى الأقباط وكنائسهم ليجعلوهم رهائن فى التفاوض مع الغرب ، أو دار الحرب . وعلى هذا الأساس تدور المفاوضات بين القوتين العظميين فى مصر : العسكر والاخوان. اعتقد أن هناك اتفاقا على المبدأ وهو التوريث، الاختلاف هو مدى ما يتنازل عنه النظام العسكرى للاخوان فى الفترة القادمة.
الرد مع إقتباس