. . .
لا املك الا ان استعجب من منطق التفكير الذي يتطابق حرفيا في الجانبين .. تلاحقني كلمات من يقف بجانبي : عدوك عدو دينك .. دي حاجه معروفه
..
نجلس جميعا واحس بحميميه رهيبه بين الجالسين ارضا .. يضع اثنان ايديهم على كتفي يربتون مشجعين لي بالهتاف .. يسألني رجل عن اسمي فاقول مينا , مينا ابراهيم .. وهو اسم احد اصدقائي .. كنت قد ادركت ساعتها انني المسلم الوحيد داخل الحلقه , اجلس في منتصف غاضبين يتهجمون على من يدعو للتهدئة منهم.. فما بالك بدخيل من صفوف اعدائهم , كان منطقيا ان ارحل غير ان شيئا دفعني للبقاء ومتابعة مايجري الى النهايه
..
و كما لو كان القدر يرتب احداثا لارهابي .. صرخ احدهم : في مسلمين ما بينكم بقولكم .. مش عايزين يهوذا مابينا
..
تلقائيا انزلت اكمامي المشمرة .. لتخفي كوني لا احمل وشما للصليب .. كما يحمل كل من حولي تقريبا .احسست ساعتها بكوني اقلية في جماعة لا تقبلني اساسا ...شغلت نفسي بالتحدث الى من بجواري .. حتى يزول تأثير التحذير .. و فجأه رأيت ابرام
..
ابرام صديق قديم .. كان زميلي في المدرسه .. و انضممنا معا لعدة نشاطات في الجامعه .. هو جاري .. و يملك والده احد اهم محلات الذهب في المنطقه .. كان ابرام يحمل صليبا خشبيا مذهبا .. و يصرخ في من تجمعوا حوله باعلى صوته : كيريالَيسون , كيريالَيسون
===============================
لم اكن اتصور ابدا ان يكون ابرام بين هؤلاء .. كان دوما بين الطف من عرفت .. و اكثرهم احتراما للجميع .. الآن انا في مشكله .. عن يميني من ينادي بكشف المتخفين بينهم من مسلمين .. وعن يساري ابرام .. يقود مجموعة من اصدقائه هاتفا .. و قد امتطى كتف احدهم .. يعرفني جيدا .. واي انطباع منه يدل على هويتي .. قد يعني الفتك بي حالا
..
شاء القدر ان يخرج لحظتها ... احد القساوسه .. و بجواره اب هو عضو في المجلس الملي .. رآهما الناس فسكتوا تماما وانتهزت الفرصه فخرجت عن الحلقه .. ووقفت على جدران الكنيسه .. اتابع الرجل .. الذي تحدث فدعا الى الهدوء و التعامل المتحضر .. ونبذ العنف : ماتركبوش نفسكم غلط .. لو فعلا بتحبوا الكنيسه .. و شعب الكنيسه .. ماتعتصموش في الشارع اعتصموا جوه الكنيسه
..
ليس لي خبرة بنظام الكنائس القبطيه .. غير ان الهدوء و الاحترام الذي لف المكان في البدايه .. لم يوح لي ابدا برد فعل المتجمهرين على كلام الاب .. في الحقيقه تفاجأت .. فقبل ان ينهي الاب طلبه للمتظاهرين بدخول الكنيسه .. ظهرت صيحات الخيانه و التخوين !! وصرخ العشرات ان الرجل مدفوع من الحكومه .. وانه سيضيٍع دم الشهيد .. وحقهم .. وان امثاله هم الذين بلوا اقباط مصر بمحنهم ... و بدت لي سلطة الرجل ساعتها ضعيفة ضعيفة .. حتى عندما حاول ان يتلوا صلاةَ: انجنا يا الله , لم يردد خلفه سوى قلائل .. بينما ماج الباقون بالهتاف ضده وضد المتواطئين مع الحكومه و المسلمين من اجل اضطهاد الاقباط المستمر
..
..
الآن تخرج من الكنيسه لافتات قماشيه حُمِلَت على عصي خشبيه كتب عليها : لا لإضطهاد الاقباط .. بالعربيه والانجليزيه .. و رسم عليها بدم القتيل الذي يبلل بلاط الكنيسه صلبانا صغيره .. حمل بعضهم البعض الاخر فوق اكتافهم .. و بدأوا جميعا في الهتاف : كيريالَيسون , كيريالَيسون ... حسني مبارك يا طيار الامن القبطي مولع نار .. حسني مبارك فينك فينك امن الدوله بينا و بينك .. عصر الشهدا راجع تاني عصر الشهدا راجع تاني .. و هكذا دواليك
..
على سور الكنيسه استمع بارهاف الى احاديث الناس .. سيده هستيريه تصرخ : ده دين سفك دماء .. احنا مش بنقتل ولا بنعمل حاجه .. دول مجرمين
..
ترد عليها اخرى : ربنا بينتقم منهم .. في الحج بيموتوا و في البحر بيغرقوا
..
يصل لي كلام آخر : البلد دي بتاعتنا و هما اللي جم ..احنا بنمارس عبادتنا في الخفاء .. و دول بتوع مظاهر .. الإسلام ده دين مظاهر
..
يحادثني كهل : البوليس منهم .. دول عصابه في بعضيهم .. احنا نروح فيهم فين
..
اعود الى السيدة الاولى .. تتحدث عن ضعف القرآن او ماشابه : خليهم بس يعرفو يفسروا آيه واحده .. خلي حد يورينا انه مقتنع و فاهم اللي داوشينا بيه ليل نهر ده
..
رجال تصرخ بدق جرس الكنيسه .. و اخرى تهمس لابنتها : ايوه زي ماهم داوشينا بالاذان ليل نهار كده
تسألها جارتها عن المسجد المقابل .. تخبرها انهم لن يستطيعوا صلاة العصر او المغرب : خليه مقفول كده
..
اكاد ابكي .. حقيقة .. و لا اخجل من قول هذا هنا .. كم ما وجدت من عنصريه دينيه آلمني للحد الاقصى .. آالمني إبرام وهو يهتف بحرق المسجد .. و آالمتني سيدة تضرب طفلا مسلما هو ابن احد بوابي العمارت المجاوره .. و تامره بالرحيل فورا : امشي من هن يابن ال*** .. خربتوها وجايين تقعدوا على تلها
..
على الرصيف المقابل للكنيسه ... لواءات شرطه جالسون يحتسون الشاي و المياه الغازيه ... يفتح احدهم باب المسجد فيثور المعتصمون .. يحيط بالباب ثلة من عناصر الامن .. يصل فجأه حسين عبد الغني مراسل الجزيره .. فيندفع نحوه الناس باعداد مهوله .. يركض الرجل و يحول الامن بينه و بين الناس .. يعود الناس الى اماكنهم .. ليهدأوا بعد ان تأكدوا ان عدسات الجزيره تنقل كل شيء.. الهتافات و اللافتات و الاعداد.. اسمع رجلا يطلب من محادثه على الهاتف ان يجمع كل مسيحيي الحضره و فلمنج و ابوقير المعتصمين في كنائسهم لان الإعلام كله هنا في سيدي بشر
..
يعود عبد الغني ومعه مصوره .. يحاول دخول الكنيسه الا ان الجماهير تمنعه من دخولها .. " ماتدخلوش المسلم ده هنا " .. يحاول بعض رجال الكنيسه ادخاله بالقوه .. فينجح في هذا .. يثور المعتصمون اكثر و يستمرون في الهتاف .. و خلال الثوره الاخيره .. يقع ما اعتبره اغبى ما حدث خلال اليوم
===================
لم يلاحظ المتظاهرون وهم يحاولون منع عبد الغني من دخول الكنيسه .. ان لواءات وظباط الشرطه.. اتجهوا الى المسجد .. خلعوا احذيتهم .. و امروا الامام باقامة صلاة العصر .. بالطبع بعد ان صفوا نحو المائه جندي امام المسجد ... وبينما يتظاهر الغاضبون وظهورهم للمسجد .. صدح الامام بالاذان .. لتستدير الجماهير كلية و تغرق في لحظة صمت توقعت بلا شك انها تسبق العاصفه .. غير ان المتظاهرين بدأوا في غناء الترانيم و الاناشيد ردا على الاذان .. كان الموقف مرعبا .. لان الاستفزاز في تلك اللحظه كان في اقصى درجاته .. توقعت في اي لحظه هجوما على المسجد .. قنابل مولوتوف او حتى صوت طبنجات .. لكن للامانه .. لم يقم المتظاهرون باي من هذا .. فقط رفعوا صوتهم بالانشاد حتى احترقت حناجرهم .. حاولوا تشتيت المصلين عن صلاتهم .. و طالب بعضهم رجال الكنيسه بدق الاجراس .. الا ان الرفض جائهم .. فحاولوا التربص للمصلين وقت خروجهم .. الا ان الامن كان بالمرصاد
...
احسست بالضعف والرغبه في الرحيل عن المكان .. قبل ان انفذ وجدت صحافيه امريكيه , في الداخل تحاول التفاهم مع الكثيرين بلا جدوى .. تطوعت بالترجمه .. و بينما تسأل الامريكيه الشباب القبطي عن ارائه .. سمعت عشرات النظريات المريضه التي طالما سمعتها في طرفنا . عن تخطيط المسلمين لافساد فرحة المسيحيين بالعيد القادم ..و اخر عن الموساد ودوره .. و ثالث عن مبارك و مصلحته في الفتنه
..
اما مجدي جرجس وهو محاسب .. فقد اصر على الصحفيه الامريكيه ان تكتب الحقيقه للعالم .وان تفهم ان الباباشنوده لا يريد التصريح بان هناك اضطهاد حتى لا يفجره فعلا ... وقال اكثر من مره : احنا مش عايزين امريكا تدخل زي العراق .. احنا عايزين قرصة ودن بس .. دي بلدنا اساسا واحنا نخاف عليها اكتر منهم بكتير
..
ترجمت لها الشعارات و الهتافات .. ثم اتجهت من فوري الى اقرب مقهى انترنت .. حيث ادون الآن عنما حدث
..
لا اعرف نهاية الموضوع بعد .. وصلتني وانا هنا صور(اخر اثنتين) وهبها اياي مصور صحفي كان يرسلها لجريدته عبر الانترنت .. كل ماسبق كتبته بلا مراجعه او تدقيق .. مجرد انطباعات عما جرى و تسجيل لم رأيته وسمعته , قد الاحقكم بالتفاصيل او لا افعل
=================
يتبع
__________________
ان طلبنا الله فأنه يظهر لنا . . . و ان تمسكنا به فأنه يبقى معنا
(sml21) (sml21) (sml21) الآنبا أرسانيوس معلم أولاد الملوك (sml21) (sml21) (sml21)
|