عرض مشاركة مفردة
  #41  
قديم 31-05-2006
copticdome
GUST
 
المشاركات: n/a
http://www.elakhbar.org.eg/issues/16882/0501.html


أولاد العسال: رواد التشريع القبطي


بقلم : جمال بدوي


'أولاد العسال' أبناء أسرة قبطية اشتغلت بالعلم والأدب والتشريع، وشغل علماؤها مناصب هامة في الدولتين الأيوبية والمملوكية، وكما كانوا مقربين من الدولة، كانوا مقربين من الكنيسة ويبدو أنهم ورثوا هذه الاهتمامات الثقافية من جدهم أبي بشر يوحنا المعروف باسم 'الكاتب المصري' وإن كان بعض المؤرخين المعاصرين لهم قد حاولوا نسبتهم إلي أصول شامية، ولكن القلقشندي في 'صبح الأعشي'، نفي هذا الوهم، كما روي المقريزي في الخطط، عن تاريخ الملك الصالح نجم الدين أيوب، أنه طلب أحد كتاب الديوان ذات يوم جمعة، فلم يجد لأنه يوم عطلة، فأمر بتعيين كاتب قبطي لمواجهة أي طارئ، فوقع الاختيار علي 'الأمجد' أبن العسال.
أما أشهر أولاد العسال فهم الإخوة الثلاثة: 'الصفي' أبوالفضاء * و'الأسعد' أبوالفرج هبة الله.. و'المؤتمن' أبوإسحق، ولكن لواء المجد انعقد لأولهم 'الصفي' نظرا للجهد الخارق الذي بذله في تنظيم وترتيب الشريعة المسيحية في كتابه الضخم 'المجموع الصفوي' الذي وضعه بتكليف من الكنيسة الأرثوذكسية المصرية. وأطلقت عليه الكنيسة الحبشية اسم 'قوانين الملوك'.
وترجع دوافع جمع هذه التشريعات، إلي الظروف التي كانت تمد بها الكنيسة علي عهد البطريرك الخامس والسبعين 'كيرلس بن اللقلق'، فرغم ما كان يتمتع به الرجل من علم وفضل، إلا أنه أدخل علي تقاليد البطريركية أمورا أغضبت الأساقفة، مما دفعهم إلي عقد مجمع مقدسي حضره أربعة عشر أسقفا يمثلون الوجهين البحري والقبلي لمعالجة هذه الارتباكات المؤسفة، وانعقد المجمع الأول في كنيسة حارة باب زويلة بالقاهرة وانعقد المجمع الثاني بالقلعة وحضره الصاحب الوزير معين الدين حسن بن شيخ الشيوخ، وفي هذين المجمعين وضعت نصوص القوانين والتشريعات، وكان 'الصفي' بن العسال كاتم السر، فكلفه المجمع المقدسي بكتابة مسودة قوانين المجمع الأول بخطه، كما كلف الأنبا 'يوساب' أسقف مدينة فوة بكتابة قوانين المجمع الثاني بخطه، وجمع ابن العسال كل ما أسفر عنه المجمعان من قوانين كنستة في مجموعه المذكور، وتوجد بعض مخطوطات منه في معهد الدراسات القبطية.. والمتحف القبطي، وصدر مطبوعا في سنة 1908 بجهد وتعليق العلامة جرجس فيلوتاوس، ثم نشره مرقص جرجس سنة 1927، وفي سنة 1965 قام الدكتور عبدالسميع محمد أحمد أستاذ اللغات الشرقية بجامعة القاهرة، بدراسة منهجية عن الكتاب مقارنة بترجمته الحبشية، وبذل فيه جهدا علميا ألقي فيه الضوء علي هذه الصفحة من تراثنا القبطي.
مصادر التشريع المسيحي
ولان كتاب 'قوانين الملوك' يضم المجموعة الشرعية شبه الرسمية للفقه المسيحي القبطي، وخلاصة ما توصل إليه آياء الكنيسة الأوائل، والمقتبسات من التشريعات المحلية والأعراف والتقاليد والعادات، ولان الكتاب وضع تحت سمع الكنيسة وبصرها: فقد كتبت إلي عموم الكنائس بالالتزام بأحكامه، ثم امتد صداه إلي الحبشة التي تنتسب إلي الكنيسة المصرية الأم وتستمد منها سلطانها الروحي، فتمت ترجمة الكتاب إلي اللغة الجعزية. ولقي عند الأحباش نفس المكانة التي يحظي بها في مصر.
ولما كانت أبواب الكتاب الأصلي متداخلة، فقد قام الدكتور عبدالسميع بإعادة تقسيمه علي نهج آخر تبعا للمصادر ذات التأثير القوي فيه. فبدأ بالمصادر المسيحية، ولما كان العهد القديم أسبق من حيث السياق التاريخي والتشريعي، فكان من الطبيعي أن يكون نقطة البداية، وباعتباره الناموس الذي أكمله المسيح عليه السلام، وفي كل باب من أبواب التشريع زي 'أبن العسال' يقتبس من شريعة الرسول موسي عليه السلام، مايراه صالحا لوضح القانون الكنسي، ولكنه يعطي الأولوية لما هو موجود في شريعة العهد الجديد 'الأناجيل' والأمثلة كثيرة: فقد وجد نظام الكهنة له أصول وسوابق في شريعة العهد القديم، ولكنه تطور بعد ظهور المسيحية، ولذا لا يستقي نظام الكهنة من أسفار التوراة، وإنما يستقيه من أباء الكنيسة الذين طورو هذا النظام، ووضعوا له تقاليد ورسوما خاصة.


وقد استفاد ابن العسال أكبر استفادة من هذه التشريعات ونقل نصوصها بألفاظها، بالإضافة إلي ما استوحاه من تشريعات من مصادر أخري عديدة.. ومن مجموع هذه المصادر وضع العالم القبطي 'الصفي' ابن العسال كتابه 'المجموع الصفوي' أو 'قوانين الملوك' كما وصفته الكنيسة الحبشية. ولمن أراد التوسع في الاطلاع علي هذا النشاط الفقهي المسيحي، يمكن أنه يجده في كتابي 'من عيون التراث' الذي صدر في سلسلة مكتبة الأسرة عام .1998



الرد مع إقتباس