هاني عازر: وسام مصري على صدر المانيا
قاد هاني عازر فريق عمله المؤلف من اربعمائة مهندس ، وتقني، وخبيرفني ، في مجالات متعددة، واستطاع حل الكثير من الإشكالات المعقدة، هندسياً وبيئياً ، قاد كل هؤلاء وببرود اعصاب كامل - تحت ضغط الوقت - نحو هدفه، برغم كل تقارير التقييم الهندسية من أعظم الشركات الهندسية في العالم، القاضية باستحالة التنفيذ قبل بدء بطولة العالم لكرة القدم في المانيا ، وذلك لوجود عقبات هندسية، صعبة للغاية، من بينها مثلاً، ضرورة طي، أي ثني الأعمدة الأربعة الرئيسية الحاملة على جانبي المبنى الرئيسي للمحطة، وبزوايا معقدة للغاية - بحيث تصبح " مشاجب تعليق " هياكل المستويات المتعددة، وتمتد فوق القاعة الزجاجية العملاقة بطول المحطة، ليتسنى لركاب القطارات المارة في برلين، ولو لدقائق معدودة فقط ، رؤية معالم المدينة الرئيسية من كافة الاتجاهات ، بما فيها قصر المستشارية، والبرلمان، والحي الحكومي بالكامل، وغير ذلك، وللقارئ ان يتخيل ذلك، اذا علم ان طول القاعة الزجاجية يبلغ نحو 320 متراً، وان وزن نصفي الجسر المحمولين وحدهما فقط ، دون بقية الهياكل الأخرى يبلغ قرابة 1200 طن ، وهما جسران محمولان بحبال مجدولة من الفولاذ قطرها 30 سنتيمتراً، في التحام هيدروليكي ، وليس ميكانيكي - فوق المفاصل الضرورية للحركة.
لم يدع عمالقة الهندسة في العالم، والذين أبدو رأيهم في تنفيذ هذا التصميم قبل بدء العمل، ان الإمكانية معدومة لترجمة ذلك التصميم إلي واقع، لكنهم، اشاروا إلي ان هذا المشروع لايمكن تنفيذه في المدة التي اشترطتها الحكومة الألمانية، هذا علاوة على ان التصميم بعد التنفيذ سيترك فجوات في مناطق عدة في المستويات المتعددة ، وعلى المرء التفكير هندسياً في طريقة اغلاق تلك الفجوات بحيث ، لا تبدو وكأنها أجزاء منفصلة عن الهيكل الأساسي، لكن المهندس المصري هاني عازر، أثبت خطأ تقييماتهم جميعاً بخصوص ذلك، حيث لم ينجم في النهاية، الا فجوة وحيدة، عرضها سنتيمتران فقط ، أغلقت بلحام غير ظاهر
هذا هو بعض ما قام به المصري العبقري المهندس هاني عازر في العاصمة برلين . لكن من شابه أباه فما ظلم فهاني عازر ، ابن مهندس مصري في خطوط السكك الحديدية يعيش في مصر ، سافر إلي المانيا لدراسة الهندسة بعد حصوله على الثانوية العامة في القاهرة عام 1973. ، وبمجرد انهاء دراسته للهندسة في مدينة بوخوم الألمانية كُلف – نتيجة مشاريعه أثناء الدراسة – ونتيجة لمراقبة اساتذة الهندسة المدنية في الجامعات الألمانية لتلك العبقرية الصاعدة - عام 1979 ببناء نفقه الأول ووضع إلى جانب ذلك مخططات لبناء بيت خاص به وبزوجته الألمانية وولديه. يقضي هاني عازر منذ عام 1994 معظم وقته في برلين حيث قاد في بادئ الأمر بناء نفق القطارات الألمانية الرئيسي تحت منطقة تيرجارتن. التي تحوي نهراً كبيراً هو نهر " شبري " وتصدي منذ ذلك الوقت لبناء وانهاء أصعب المشروعات الهندسية في المانيا وحتى الآن، بما فيها المشروعات التي تمت عقب الوحدة مباشرة، والتي استهدفت تحويل جزئي العاصمة الألمانية إلي نسيج هندسي واحد، برغم الفروق الكبيرة في تصميم وبناء البنية الأساسية بين الشرق والغرب في ذلك الوقت
ولذا فقد كانت بادرة غير مسبوقة – ولانه أجنبي استثنائي في برلين - ، أعلن رئيس حكومة برلين – وعمدتها –كلاوس فوفريت أثناء افتتاح المشروع المذكور ، وأمام كبار السياسيين في المانيا، بمن فيهم المستشارة الألمانية ميركل ، ووبجانبها السفير المصري محمد العرابي، - أعلن - عن خروجه على العرف العام في اعلان منح الأوسمة، والتي لا يُعلن عنها الا في الأول من اكتوبر سنوياً باعتباره يوم اصدار الدستور الألماني عام 1950 – عن منح المهندس المصري – هاني عازر، أعلى وسام تمنحه حكومة برلين، وترشيح اسمه للحصول على أعلى الأوسمة الألمانية قاطبة، والتي لا تُمنح الا لعظماء الألمان والعالم ، وذلك لاعتقاده – فوفرايت – ان أي تكريم مادي آخر، مهما كان حجمه – لن يعبر بالفعل عن امتنان الأمة الألمانية لما فعله هاني عازر لألمانيا.
فتحية وتقدير للمصري الأصيل هاني عازر
nagi.abbas@web.de
|