عرض مشاركة مفردة
  #50  
قديم 06-06-2006
copticdome
GUST
 
المشاركات: n/a
http://www.elakhbar.org.eg/issues/16887/1302.html




برلين :
الخامسة والنصف، عصر الخميس
جاءني هاني عازر وعندما اخبرته بوجود الدكتورة رضوي عاشور الاديبة والاستاذة الجامعية البارزة، أصر علي لقائها ومصافحتها ثم اتجهنا إلي مكتبه، ومكتبه مبني مؤقت من طابقين يدير منه العمل، يقع علي ضفة نهر السبراي، يقول هاني عنه 'أنا حولت المجري بتاعه سبعين مترا ورديته تاني من غير حركة القطارات ما تقف'.
بمجرد اجتياز عتبة الباب لاحظت وجود ماكينة صغيرة لتنظيف وتلميع الاحذية كتلك التي نراها في الفنادق، قال انه كان حريصا علي نظافة المكان رغم ان الموقع كان يشبه ميدان حرب، المكتب رغم بساطته مرتب، نظيف كأنه مستشفي، اجهزة كمبيوتر، نموذج كامل دقيقة للمحطة تكلف اعداده مليون يورو، نموذج للقنطرة الحديدية الضخمة التي تزن الفا ومائتي طن التي صممها وشيدها رأسية، ثم قام بتنفيذ عملية هندسية تعد الأولي من نوعها في العالم، إذ بدأ امالة البرج الذي يتقاطع مع مسار القطارات، أقل خطأ كان سيؤدي الي انهياره وتدمير المحطة بالكامل، كانت تلك العملية ادق وأخطر ما تم خلال ست سنوات استغرقها البناء، اطلعني علي طريقة امالة البرج الذي أصبح الآن قنطرة، صمم نموذجا صغيرا للعملية تم استنساخ الاف النسخ منه لعرضها علي الأطفال.
تفاصيل فنية عديدة رواها لي هاني عازر، لن تتسع لها هذه اليوميات، لذلك ارجئها الي حوار مفصل سينشر في أخبار الأدب الأسبوع المقبل، حوار قال فيه ما لم تعرفه الصحافة الألمانية حتي الآن.
بعد ان اطلعني علي مراحل البناء، علي حفل الافتتاح الذي وقف فيه عدة مرات لكي يرد علي تصفيق الجمهور عند ذكر اسمه من كبار المسئولين الذين وصفوه بالبطل المصري، حاكم برلين قال بانفعال، انه ليس لديه المال الذي يكفي لمكافأة هاني حلمي عازر، لكنه سيمنحه ما لا يستطيع احد ان يشتريه بالمال، وانه سيعلن هذا في تقليد غير مسبوق، إذ تقرر منحه وسام الدولة في اكتوبر القادم تقديرا لما قدمه الي المانيا وإلي الشعب الألماني وإلي الانسانية.
رأيت هاني في تسجيل الحفلة يقف وعلي وجهه علامات التأثر، وذلك الخجل المصري نتاج الحضارة العريقة التي تفصح عن اجمل ما فيها عندما تتاح لها الظروف الصحية، لكم بدا هاني عازر متواضعا، حييا، وعظيما في نفس الوقت، وجهه الاسمر النحيل، واضح الملامح، كأنه نحت مصري صميم.
حصل هاني عازر علي وسام الجمهورية 'الألمانية طبعا' وهذا وسام رفيع لا يمنح إلا لعدد محدود من الذين قدموا خدمات استثنائية لالمانيا، واذا تقرر منح الوسام لشخص والعدد مكتمل فعليه ان ينتظر حتي يرحل احد من يحملونه عن الدنيا، هاني عازر لم ينتظر، لقد تقلده بالفعل، فهل يتقلد وساما من وطنه الأول مصر، مصر التي اقترنت بفضله بأهم واشهر واحدث محطة قطارات في العالم، كل من يمر بها، كل من يقصدها، الآن وفي المستقبل يتذكر ويتحدث عن المصري الذي بناها.
صحبني الي المحطة، الكل يرحب به، قلت مداعبا 'تبدو كأنك صاحب المحل' قال بخجل، انها مثل ابنة لي، انا لسه بأراعيها، المحطة مفتوحة من اسبوع، وبأتابع أولا بأول أي مشاكل في التشغيل.
مع الاشادة بالعبقري المصري في الصحف الالمانية، تتردد تساؤلات عن المشروع المقبل لهاني عازر، ماذا سيبني؟ الكل يسعي للاستئثار به الآن، وعندما رشح لبناء مطار برلين الدولي، قيل ان المطار صغير علي حلمي، اذن.. ماذا سيبني؟
اما أنا فبقدر فخري وتأثري بصحبته، كنت اتساءل: كم مهندسا عبقريا مثل هاني حلمي عازر في مصر، لكنهم لا يجدون الفرصة في ظل المناخ السائد، ليس جديدا ان اسأل عن سر نبوغ المصريين في الخارج، لكنني لن أكف عن السؤال: إلي متي؟ لكن أتمني ظهوره في مصر والاحتفال به، فالرجل يقطر مصرية، حميمة، وعبقرية.


الرد مع إقتباس