الجزء الثالث
فوريو كولومبو ، الذي يحمل تصريح خاص بفضل زيه الثلاثي كصحفي ويهودي وضحية ، لم يكن في حاجة إلى التقاط شكاوى المختارين . فقد عبر هو نفسه عنها بالبشاعة اللازمة في صحيفة "لونيتا" تحت عنوان "بابا مراجع" .
البابا هو مراجع لأنه حاول أن يقول أن الألمان أيضًا كانوا ضحايا خدعوا من دكتاتورية إجرامية .
"إنه تكلم كألماني" وليس كعضو حقيقي للديانة العمومية .
"لم يذكر ستالين ولا هتلر من بين شرور العالم " ." لم يذكر الوردة البيضاء " .
ذكر قائمة من "الضحايا الآخرين" لم تنل إعجابا لأنه قد أعطى انطباعًا بأنه يخلط بها الشعب المختار وإلى ما هنالك من هذا الكلام .
وأسوأ هذه التهم هي الأولى مما يترتب عليها من عواقب .
فقد شدد الحاخام "دي سيني" على الجملة التي قالها عن الشعب الألماني "وكأن هذا الأخير كان ضحية وليس جزءًا من المضطهدين".
وآخرون ذكروا أن الألمان كانوا "قتلة هتلر النشطين" وذلك ردّ مناسب في إطار الليتورجية مقابل المراجعة البابوية المخجلة .
وفي هذه المراجعة بذرة لحكم علماني لكونه تاريخيا فلا يمكن أن تقبله الديانة العمومية فكما أن هناك ضحية جماعية وبريئة واحدة كذلك يجب أن يكون هناك مذنب جماعي ميتافيزيقي وأبدي يثبته الطقس بشكل قاطع .
وفي أية حال من الأحوال فإن بنديكتس ربما تجنب ما هو أسوأ من ذلك فقد تحاشى أن يذكر المعاناة الحالية للفلسطينيين وخنقهم ونقص الأدوية لعلاجهم .
فتلك المعاناة علمانية وتافهة وهي جزء من سرد الأحداث وليس من التاريخ المقدس .
بيد أن هذه الشكاوى تقول لنا شيئا مقلقا وهو أن أي ديانة عمومية تقبل حتمية النفاق وغالبا ما يكفيها أن يقوم المرء بالأفعال الخارجية وهي الطقوس الدينية في أغلب الأحيان .
إنما هنا موضوع العبادة وهم اليهود يصرون على أن يكون للبابا انتماء الضمير الحميم إلى القصة المقدسة وإلى التضحية التأسيسية لليهودية العظمى دون أدنى احترام للدين الذي يترأسه البابا والذي لا تستحق قصته المقدسة وتضحيته التأسيسية أي احترام ولا قيمة لهما على الإطلاق .
لا أحد طالب بحق البابا في أن يسرد قصته لأن ذلك يجب أن يبقى حميمًا وخصوصيًا ، كأنه حلم أو جنون شخصي ، ولا يطالب بوضع ديني معترف به .
وهذا يفسر لنا بوضوح أن عبادة المحرقة ليست الديانة المدنية العصرية فقط إنما هي الديانة الوحيدة المتبقية التي لا تقتنع بالمراسم بل تطالب بطقوس مقدسة .
إضافة إلى ذلك ، فإن هذه الديانة المدنية ليست مسالمة كالكنفوشية . فإن لها عواقب سياسية على الإنسانية جمعاء في يومنا هذا . وعواقب وخيمة كحروب واضطهادات . والآن أليس رفض رفع البخور لقيصر - الله الجديد هو واجب ملزم على المسيحيين ؟
بعض القساوسة اليائسين قد كتبوا لي بهذا الخصوص .
ولكن لا نتهم بنديكتس ، فعقب المجمع (مجمع الفاتيكان الثاني) اعتدنا كلنا أن نعطي اهتمامًا قليلا للأفعال الطقوسية لأننا قد فقدنا حسّنا بالقيمة الطقوسية . لذا فقد أصبح من السهل الانضمام إلى الديانة المدنية الاستبدادية دون الوعي الكامل بما يعني ذلك .
ولكي نعود مسيحيين ، ينبغي أن نسلك في طريق طويل يؤدي بنا إلى الوراء . وللآن فإننا كنفوشيون .
ماوريتزيو بلوندي
|