
08-06-2006
|
Registered User
|
|
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 350
|
|
العزيز عبد المسيح حمدلله ع السلامة.
لا أعتقد أن خلافك مع كلامي بل خلافك مع أمور لم أقلها :).
أنا مقتنع إن الحوار دائما أفضل وسيلة لفهم الأخر فشكرا على الخلاف معي للمساعدة على توضيح الأمر.
"تكون قوانينه كلها مستمدة من مبدأ واحد ( خير و مصلحة كل المواطنين دون النظر لديناتهم أو ألوانهم و موافقا للتطور العلمي )"
هذا المبدأ أنا لا أختلف معه إطلاقا وسبب عدم خلافي معها هو سبب كتابي " عد 15 :16 شريعة واحدة وحكم واحد يكون لكم وللغريب النازل عندكم" (عد 15:15- عد 12:29- عد 35:15،...)، فبالنسبة لي لا خلاف بين أي إنسان مهما كان إنتمائه الفكري فالجميع خُلق على صورة الله. لكن هل "المجتمع المدني" - استخدامي للكلمة بين علامتي تنصيص بدلا من من كتابة ما يسمى بالمجتمع المدني – يستطيع أولا أن ينفذ هذا الأمر، ثانيا أن يقدم له أساس أو منهجية؟
في كل المجتمعات سجب أن تكون هناك تفرقة بين الجماعات المختلفة في هذا المجتمع. فلا يوجد مجتمع واحد يضمن حقوق متساوية للجميع، بل الأمر يصل إلى تجريم ممارسات بعض جماعات هذا المجتمع. مثلاً لا يوجد مجتمع يرى أن الذبائح البشرية التي يمارسها عبدة الشيطان هي أمر طبيعي وحرية عبادة، لا يوجد مجتمع يرى أن عبادة أكل لحوم البشر التي كانت تُمارس في أفريقيا هي مجرد حرية عبادة، ونفس الأمر ينطبق على الأمور غير الدينية فالمجتمعات تنحاز ضد مجموعات معينة مثل إنحياز المجتمع ضد اللصوص، القتلة،... وإعتقد أنك تتفق معي في هذا.
الأمر الذي يجب طرحه هو لماذا تقبل ب‘نحياز المجتمع ضد جماعة معينة في حالة وترفضه في حالة أخرى. فلو كنت ترى أنه من حق المجتمع تجريم الذبائح البشرية فقد أعطيت الحق في نفس الوقت لهذا المجتمع لتجريم أي أمر يراه بما في ذلك المسيحية.
الأمر الثاني هو أنه يجب تحديد المفاهيم نفسها ولنأخذ مثلا جملة "خير ومصلحة كل المواطنيين"
وهذه الدعوة التي قدمها جون ستيوارت ميل في القرن التاسع عشر مع إختلاف بسيط هو إنه كان يطالب بأكبر خير لأكبر عدد ولي خير ومصلحة الجميع حيث أن خير ومصلحة الجميع أمر مستحيل. فلا يمكنك أن تسعى لخير ومصلحة المجرم والضحية في نفس الوقت مثلا.
المهم لنفترض موقفا في "مجتمعا مدنيا" يسعى لأكبر مصلحة ممكنة لأكبر عدد من الناس ونرى نتيجته المنطقية. لنفترض أن لديك مغتصب و قاتل في ذلك المجتمع قتل عدد من الناس، ولم يتمكن النظام من الإمساك به. هذا الموقف سيتسبب في إرباك المجتمع ككل. وسيؤثر على حركة البيع والشراء لأنه يمنع كثير من السيدات من الخروج مساء بمفردهن، يتسبب في عدم ثقة المجتمع في الشرطة، يتسبب في كثير من النفقات في محاولة تأمين المجتمع،... وغيرها. ما هو الحل الأمثل الذي يجلب أكبر مصلحة لأكبر مجموعة؟ ما حدث في مواقف مماثلة ويمكن إثباتها تاريخيا هو أن الشرطة ألقت القبض على شخص غير محبوب في المجتمع، لا أهل له، وتمت محاكمته وإعدامه ومن ثم تم الإعلان عن أن الشرطة قام بدورها وعادت الأمور لطبيعتها. طبعا أنا وأنت نتفق أن هذا ظلم صريح لكن في نفس الوقت نتفق أن هذا حقق أكبر مصلحة لأكبر عدد. نعم هناك شخص واحد مات لمن في نفس الوقت هناك مئات أو ألاف إستفادوا. مثل هذا النظام الذي يسمح منطقيا بمعاقبة البريء لا أعتقد أنه نظام صالح لحكم مجتمع.
"أي أن الانسانية هى دستوره و محركه , أما المعتقدات الدينية فهي خاصة بكل فرد في الدولة"
أتفق معك في أن المعتقدات الدينية خاصة بكل فرد، لكن ماذا لو تعارض ما يطالب به المجتمع مع معتقدك الديني، ولم يكن التعارض مجرد أمر إختياري لكنه إجبار كما يحدث في الصين مثلا. لا يحق لك إنجاب أكثر من طفل واحد وإذا تم حمل في طفل ثاني يجب إجهاضه.
"الدولة المدنية تبيح نقل الاعضاء لشفاء الامراض و ممكن مستقبلا تسمح باستنساخ الاعضاء البشرية , من لا يقر بهذه التشريعات نتيجة لقناعته الدينية لا يقوم بزرع أعضاء لاقربائه المرضى، هكذا ببساطة"
أحيانا لا تكون الأمور بهذه البساطة. مثلا نحن نرفض الدعارة بسبب قناعتنا الدينية.
وفي "المجتمع المدني" أنت تدفع ضرائب مقابل خدمات. أحد هذه الخدمات هي إعانة البطالة. وبما أن "الدولة المدنية" لا يجب أن تقوم قوانينها على دين ما أيا كان هذا الدين، ففي الدولة المدنية الدعارة مجرد وظيفة كغيرها. ماذا لو تقدمت فتاة بطلب إعانة بطالة فقالت لها الدولة لدينا وظيفة لكي للعمل في منزل دعارة عليك إما القبول بها أو لا يحق لك المطالبة بالمعونة.
على فكرة هذه الحادثة ليست من تأليفي بل حدثت فعلا في ألمانيا
http://www.telegraph.co.uk/news/main...30/wgerm30.xml
كما ترى التعارض بين ما يفرضه المجتمع وما تؤمن به لا يكون دائما أمرا بهذه السهولة؟.
"تقدم الانسان و خيره و معيشته في سلام هو اساس المجتمع المدني العلماني الانسان فقط هو الهدف و ليس الدين الفلاني أو العلاني الذي تقف الدولة بكل أجهزتها للدفاع عنه"
هذا الموقف نفسه موقف ديني يا صديقي فبعض العلماء يرى إلإنه من الواجب والذروري أن نبدأ سريعا جدا بقتل 90 % من البشر على كوكب الأرض لكي تتمكن الأرض من الحياة (http://sas.org/tcs/weeklyIssues_2006...-07/feature1p/ )
وهناك جماعات أخرى ترى أن البشر هم مشكلة الأرض ويجب الخلاص منهم سواء كانت "جبهة الدفاع عن الأرض" أو جماعة "عمال الأرض". وفي الفترة من عام 1900 إلى 1999 قُتل 260 مليون إنسان بواسطة حكوماتهم لكي يصلوا – حسب زعم تلك الحكومات – بالباقين لعالم أفضل.
كل هذه المواقف تنطلق من الأساس من منطلق ديني يربط الإنسان بالإنسان كفرد. الفرد بالمجموعة، المجموعات ببعضها...
وما أراه هو أنك تحاول استخدام موقف ديني صرف بعد تفريغه من محتواه أو بعد تغيير العنوان.
ولو كنت أتكلم مع شخص غير مسيحي السؤال الذي سيطرح نفسه هو لماذا الإهتمام والسعي نحو تقدم الإنسان وخيره أم جيد ولماذا يكون أساس المجتمع. لماذا لا يكون أساس المجتمع هو الخلاص من كل عنصر غير فعال وغير عامل. بأي حق تطلب مني الدولة أن أدفع ضرائب لكي تساعد المعاقين، أو المسنين، أو المرضى مرض لا شفاء منه؟ أليس من المنطقي بما أننا وضعنا الدين جانبا الخلاص من كل هذه العناصر؟ أليس هذا ما نفعله علميا في الزراعة فعندما تجد بعض الثمار مصابة تلقي بها. وعندما تجدد نباتات طفيلية تحرقها.
تخيل معي مصر مثلا لو إتبعنا نصيحة أحمد فؤاد نجم ونموت كل الجعانين، أو بلاش الجعانين. نقضي على من لافائدة له سواء بالعجز أو التخلف أو المرض أو أي سبب أخر. سينخفض عدد السكان بمقدار الثلث وستكفي المساحة والمصادر الجماعة الباقية.
في نهاية الأمر إذا قلت لي هؤلاء لا ذنب لهم فأنت تتكلم دينيا. لكن في "مجتمع مدني" هؤلاء طفيليات لا فائدة منهم. وعلى فكرة هذا الفكر مُورس في روسيا، ألمانيا، الصين، المكسيك، اليابان، بولندا، باكستان، كوريا الشمالية، لاوس، فيتنام، كموبوديا، جنوب أفريقيا، أمريكا، بريطانيا، ...
في أمريكا وحدها من عام 1972 حتى الأن يتم قتل مليون طفل سنويا تحت مسمى الخصوصية والحرية الفردية وفصل الدين عن الحياة. في الصين الرقم يرتفع إلى عدة ملايين سنويا.
مرة تاني عذرا على الإطالة
وشكرا
|