جريمة عمرها 25 سنة!
بقلم: د. الشافعي بشير
جريمة بشعة.. مارسها نظام الحكم طوال الخمس وعشرين سنة الماضية.. وسجلتها عليه تقارير المنظمات الدولية والطب الشرعي المصري ومحاكم الجنايات.. ولم تكن تلك التقارير متجاوزة للواقع المؤلم في أقسام الشرطة والسجون والمعتقلات، التي وضعت اسم مصر في قائمة النظم التي امتهنت التعذيب واتخذته أسلوباً للحكم، وأدمنت ممارسته تحت مظلة قانون الطوارئ المطبق منذ 1981 حتي اليوم. وللحقيقة والتاريخ..
كانت منظمات حقوق الإنسان الوطنية والدولية منصفة للعشر سنوات من حكم الرئيس السادات.
إذ سجلت عدم تسلمها لبلاغات عن التعذيب في السجون والمعتقلات، إلا فيما ندر بعد قرارات سبتمبر المشئومة عام ،1981 التي سبقت اغتيال الرئيس السادات في السادس من أكتوبر 1981..
ولكن المنظمات الدولية سجلت علي نظام حكم الرئيس مبارك اعتياده علي ممارسة التعذيب في أقسام الشرطة والسجون والمعتقلات.. وقالت منظمة العفو الدولية في تقريرها المنشور في شهر يوليو 1989: »لقد أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع عدد كبير من المعتقلين السابقين.. وكانت وسائل التعذيب التي تعرضوا لها منذ منتصف عام 1986 تشمل:
1 - التعليق من المعصمين الموثقين أو المقيدين بسلاسل خلف الظهر ومن الكاحلين أو الركبتين.
2 - الضرب.. وأدوات الضرب تشمل الأسلاك والعصي الغليظة والسياط.
3 - إطفاء السجائر في جسد الضحية.
4 - الصدمات الكهربائية الموجهة عبر أسلاك أو هراوات إلي مناطق حساسة من الجسم مثل الفم وحلمة الثدي والأعضاء التناسلية.
5 - ضروب أخري من الاعتداء الجنسي، بما في ذلك إدخال العصي أو المواد الأخري في الشرج.
6 - التهديد باغتصاب المعتقل أو أقاربه أو الاعتداء عليه أو عليهم جنسياً، بما في ذلك التهديد باغتصاب زوجة المعتقل أمامه.
- وأفاد معظم المعتقلين بأنهم كانوا معصوبي العينين طيلة فترة التعذيب حتي لا يتعرفوا علي معذبيهم.. وهو ما استندت عليه دائرة من دوائر القضاء في الحكم ببراءة عدد من الضباط والجنود بحجة أن المعتقلين كانوا معصوبي العينين ولا يتعرفون علي أشخاص معذيبهم، وهو ما انتقدناه بشدة في المؤتمرات الوطنية والدولية عن حقوق الإنسان، واعتبرناه حلقة في سوء إدارة العدالة في مصر لعدم استقلال القضاء.
- ولم تكن منظمة العفو الدولية متجنية علي مصر في تقريرها عام ،1989 إذ أيدتها في ذلك المنظمة العربية لحقوق الإنسان في تقريرها المنشور بجريدة »الوفد« في 3 أغسطس 1989.. كما تجمع لدينا عدد وافر من تقارير الطب الشرعي وأحكام محاكم الجنايات بإدانة التعذيب في العديد من القضايا، فضلاً عن إفادات العديد من ضحايا التعذيب.. وقد قدمناها جميعاً إلي لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة CAT عندما طلبت شهادتنا المضادة للتقرير الذي قدمه مندوب مصر في ذلك الوقت المستشار رجاء العربي النائب العام السابق.. قدمنا شهادتنا حسبة لله سبحانه وتعالي، وإبراءً لذمتنا من نظام حكم يعذب الناس حتي الموت، ويكذب علناً وينكر التعذيب كسياسة ومنهج له في الحكم حتي شهر يونيو من هذا العام ،2006 عندما نشرت جريدة »المصري اليوم« خبر »إحالة ضابط بأمن الدولة للجنايات بتهمة تعذيب مواطن حتي الموت«.. وتابع الخبر.. بأن النيابة اتهمت ضابط أمن الدولة بتعذيب المجني عليه أشرف مصطفي حسين صفوت حتي الموت.
- والمصيبة أن نظام الحكم ينكر باستمرار وجود تعذيب للمحتجزين والمعتقلين والمسجونين في مصر كمنهج وأسلوب في التعامل مع المعارضين والنشطاء السياسيين، رغم الأدلة الدامغة ضده في تقارير منظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية.. وقد تابعنا ممارسات التعذيب في مصر خلال ربع قرن منذ عام 1981 وكتبنا عنها ستة عشر مقالاً بجريدتي »الشعب« و»الوفد« مطالبين الرئيس مبارك بالتدخل لمنع ممارسات التعذيب في أقسام الشرطة والمعتقلات والسجون، والالتزام بنصوص اتفاقية الأمم المتحدة لمنع التعذيب لعام ،1984 التي وقعت وصدقت عليها مصر ونشرتها بالجريدة الرسمية في العدد الأول يوم 7 يناير 1988 التي تنسب المسئولية عن جرائم التعذيب إلي: رئيس الدولة ـ ورئيس الحكومة ـ ووزير الداخلية ـ والضباط والجنود الذين مارسوا التعذيب أو علموا به وسكتوا عنه وكان في إمكانهم منعه أو إيقافه.
- لقد اعتبرت الاتفاقية الدولية ممارسة التعذيب خطيئة وجريمة نظام الحكم من القمة للقاع في السلطة.. وهي جريمة لا تسقط بالتقادم وتعرض المسئولين عنها للمحاكمة الجنائية الوطنية والدولية مهما طال الزمن حتي موتهم أو فضحهم بعد الموت.
- وستوجه أدلة الإدانة ضد هؤلاء جميعاً في عشرات ومئات التقارير الموثقة بشهادات الأحياء من ضحايا التعذيب عن أنفسهم وعن زملائهم الذين أزهق التعذيب حياتهم.. وفي تقارير الطب الشرعي وأحكام المحاكمة الوطنية.. المنشورة علي الإنترنت عن التعذيب في مصر عامي 2005 و2006..
|