النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة -ابن تغري بردي- ص 1983
وفي يوم الخميس ثامن المحرم سنة ثمان وستين أعيد قاضي القضاة محب الدين بن الشحنة إلى قضاء الحنفية بالديار المصرية، بعد موت بدرالدين حسن بن الصواف. وفي يوم الاثنين ثاني عشره نودي بشوارع القاهرة: أن أحداً من الأعيان لا يستخدم ذمياً في ديوانه أعني من الكتبة وغيرهم قلت: ما أحسن هذا لو دام أو استمر. فمنعت هذه المناداة أهل الذمة قاطبة من التصرف والمباشرة بقلم الديونة بوجه من الوجوه بأعمال مصر، وكتب بذلك إلى سائر الأقطار. ثم عقد السلطان بالصالحية ببين القصرين عقد مجلس بالقضاة الأربعة، وحضره الدوادار الكبير، وجماعة من الأعيان بسبب هذا المعنى، وقرئت العهود المكتتبة قديماً على أهل الذمة، فوجدوا في بعضها أن أحداً من أهل الذمة لا يباشر بقلم الديونة عند أحد من الأعيان، ولا في عمل من الأعمال، وأشياء من هذه المقولة، إلى أن قال فيها: ولا يلف على رأسه أكثر من عشرة أذرع، وأن نساءهم يتميزن من نساء المسلمين بالأزرق والأصفر على رؤوسهن في مشيهن بالأسواق، وكذلك بشيء في الحمامات. فحكم قاضي القضاة علم الدين صالح البلقيني الشافعي بإلزام أهل الذمة بذلك جميعه، ما عدا الصرف والطب بشروطه. وصمم السلطان على هذا الأمر، وفرح المسلمون بذلك قاطبة، فأسلم بسبب ذلك جماعة من أهل الذمة من المباشرين. وعظم ذلك على أقباط مصر، ودام ذلك نحو السنة