مصر في ضوء المعطيات التي طرحتها إلي أين تتجه من وجهة نظركم؟
- المستقبل في حالة غموض شديد، فقصة التوريث قائمة ومطروحة وتذهب التوقعات إلي أنها ستحسم خلال عامين، والآلية التي تمكن من ذلك جاهزة، بموجب المادة ٧٦ من الدستور، وأغلبية الحزب الوطني في مجلس الشعب، وليس الأمان في أن يتولي شخص بسرعة إدارة البلاد بحكم الرئاسة، إنما الأمان في أن يستقر هذا الشخص بالوطن، كما استقرت به الحكومات المتعاقبة من عبدالناصر وحتي الآن، فعبدالناصر استقر بالشرعية الثورية، واستقر السادات بشرعية التحرير، وحسني مبارك استقر بخلافة أنور السادات، والذي يأتي بعد حسني مبارك لن تكون له أي من هذه الشرعيات.
.. هل هناك رهانات ما علي منع سيناريو التوريث؟
- أنا لا أعرف طريقة لمنعه، كما أنه لا توجد قوة سياسية قادرة علي إيقافه، والقوة الوحيدة القادرة علي منعه غير سياسية ولا أعرف ماذا ستفعل لحظتها؟
.. ما هي المخاطر التي ستؤدي إلي افتقاد الرئيس القادم لشرعية مماثلة لشرعية الرؤساء السابقين؟
- أتوقع اضطراب الأحوال، وفتح شهية المتطلعين إلي الغنائم وهم لا يحصون عددا من المدنيين وغيرهم، وفي المؤسسات النظامية أو غيرها، وربما يتصارع هؤلاء لاقتناص مغانم وأنا أظن أن مصر بأوضاعها الإقليمية والدولية الحالية لا تحتمل الصراع، وهذا أخطر ما يواجهنا، ويجعلني أتحدث دائما عن توحد القوي الوطنية ليس لحماية النظام القائم أو إسقاطه، وإنما لحماية الوطن من مخاطر لا نستطيع التنبؤ بها قد تحدث إذا تولي الأمر شخص غير مؤهل بمشروعية تمكنه من البقاء.
.. هل يمكن أن يصل بنا هذا إلي سيناريو الفوضي والكوارث، أو انتقاضات وليس توارثا، وما يتحدث عنه البعض من انتفاضة جياع وفقراء من حزام العشوائيات المحيط بالقاهرة وغيرها، هل يمكن أن يكون سيناريو التغيير بهذا الشكل كارثيا؟
- هناك ثلاث مجموعات يمكن أن تؤدي إلي التغيير الكارثي، الأولي هي مجموعة الفقراء والمهمشين حول القاهرة والمدن الكبري في باقي المحافظات، كنت في المنيا في العام الماضي ولم أزرها من ٢٥ عاما فوجدتها محاطة بحزام من العشوائيات، أما المجموعة الثانية فهي المظلومون في الوظائف الخاصة والعامة، والمقصود بالوظائف الخاصة هم نتاج الخصخصة الذين أنهيت خدماتهم بمكافآت ٧٠ و٨٠% من المستحق، وهؤلاء بالآلاف موجودين في الشوارع والمقاهي، وتشاهدهم علي المقاهي يتفرجون علي مباريات كأس العالم، هؤلاء أهل البطالة الذين لم يتمكنوا من دفع المبلغ الذي يتيح لهم مشاهدة المباريات في بيوتهم، بما يعني أن حزام الفقر يحيط بالمدن وداخل البيوت أيضا، أما المجموعة الثالثة فهي القوي السياسية المحظورة، وليس المقصود بذلك الإخوان المسلمين، صحيح أن الإخوان أكبرهم وأكثرهم تأثيرا، لكن كم حزب ممنوع من الشرعية حتي الآن وكم مجموعة قبطية غير قادرة علي التعبير عن رأيها بأن الكنيسة تهيمن علي القرار المسيحي الوطني والسياسي والديني يوجد أيضا من القوي المرشحة لعمل فوضي، الجيوش الجرارة من جنوب الأمن المركزي ومن يشابههم فهؤلاء محرومون من كل شيء، وإذا انفجرت الأوضاع في أي مدينة من المدن لا أضمن أين يقف هؤلاء، هل يقفون مع الوضع المتفجر أم ضده؟ يمكن أن تقع مصر في الفوضي غير المنتظرة، وغير الخلاقة، ولاشك أن هناك طوابير من عملاء إسرائيل، وتجار الممنوعات والمخدرات.
.. أين يقع اللعب علي الطائفية في هذا السيناريو؟
- انعقد مؤتمر أقباط المهجر في أمريكا وهذه أول مرة يحضر فيها ممثل عن الحزب الوطني هو صديقنا الدكتور جهاد عودة، وهذا دليل علي شعور الحزب الوطني بمخاطر السيطرة الكنيسية علي الأقباط، والتي يمكن أن تدفعهم إلي الانفجار في أي لحظة، إما يتفجرون تعاطفا مع الموقف الكنسي كما حدث أيام وفاء قسطنطين ومري عبدالله، أو يتفجرون ثورة علي الكنيسة.
.. معني ذلك أن هناك فئتين من الأقباط فيما يتعلق بالعلاقة مع الكنيسة؟
- هناك فئتان من الأقباط في مصر، واحدة ملتزمة ومنظمة ولا تخالف أمر الكنيسة في قليل أو كثير، وهناك فئة مكبوتة لو خرجت إلي الشارع سيكون الخطر.
.. خروج الفئة الثانية لن يكون من أجل قضية وطن وإنما طائفة؟
- نعم، هو خروج طائفي وعندئذ سيأتي التدخل الأجنبي، الذي لا يأتي إلا ونحن منقسمون، ولنتذكر أسلوب «فرق تسد» الذي اتبعه الإنجليز أيام استعمارهم مصر مع المسلمين والمسيحيين، وكيفية مواجهة المشايخ والقساوسة له، ذهب القساوسة للمساجد، وذهب المشايخ للكنائس ليخطبوا في الناس «نحن أمة واحدة» هذا لن يحدث الآن للأسف.
.. لماذا؟
|