عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 15-07-2006
الصورة الرمزية لـ makakola
makakola makakola غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 6,270
makakola is on a distinguished road
3 ـ منذ بداية الثمانينيات بدأ الفكر الوهابى يسيطر على جامعة الأزهر ، بعد انحسار الوصاية الصوفية عنه. كان لى الفضل فى مواجهة الفكر الصوفى وقهره خلال رسالتى للدكتوراة وصراعى مع النفوذ الصوفى فى الأزهر بسببها فيما بين 1977 الى 1980، ثم فى كتبى اللاحقة 1982 ـ 1984 ، وكنت سنيا معتدلا وقتها أطمح الى اصلاح الفكر السنى أسوة بما فعلته فى التصوف. واندلعت الحرب بينى وبين شيوخ الأزهر السنيين سنة 1985 حين أحالتنى جامعة الأزهر للتحقيق بعد تأليفى خمسة كتب للترقية لأستاذ مساعد وقمت بتدريسها للطلبة ، كان أهمها كتاب :"الأنبياء فى القرآن الكريم ".لم تكن تهمة "انكار السنة " قد جالت بخاطرهم بعد . لذا اتهمونى بانكار شفاعة النبى محمد عليه السلام وانكارعصمته المطلقة وانكار تفضيله على الانبياء السابقين عليهم السلام. وطلب مجلس التأديب الذى أحالونى اليه تقريرا عن كتبى من بعض الأساتذة ومن الأمين العام لمجمع البحوث الاسلامية وقتها وكان الشيخ عبد الجليل شلبى. جاء تقرير عبد الجليل شلبى أكثرها رفقا بى اذ اختلف معى فكريا الا انه أشاد بمشاعرى الاسلامية واجتهادى وشدد على عدم الاضرار بى وبسمعتى ومعالجة الأمر بهدوء داخل الجامعة.

طبقا لقرارتهم جلست فى بيتى عامين محروما من الترقية لاستاذ مساعد ومن السفر للخارج ومن العمل داخل الجامعة، بل صادروا معظم مستحقاتى المالية السابقة واللاحقة حتى اتراجع عن عقيدتى فلم أرضخ. أحس بمشكلتى صديق فاضل يعمل رئيسا لقسم التاريخ وقتها فى جامعة المنصورة فجعل رئيس جامعة المنصورة يخاطب جامعة الأزهر للموافقة على نقلى الى قسم التاريخ هناك حلا للمشكلة، فأرسلوا اليه انذارا يأمره بالابتعاد عنى، وعزز الأمر بتأييد من مباحث أمن الدوله فاضطر عميد القسم ورئيس الجامعة فى المنصورة للانسحاب خوفا.

لأنه كان هينا فى تقريره ضدى فقدعوقب الشيخ عبد الجليل شلبى بعدم التجديد له فى مجمع البحوث بينما تمت ترقية الشيخ سيد طنطاوى رئيس اللجنة التى كانت تحاكمنى فأصبح مفتى مصر لموقفه المتشدد معى. خلال العامين قدمت استقالتى فرفضوها فرفعت ضدهم دعوى لارغامهم على قبول استقالتى فاضطروا الى اصدار عزلى من الجامعة.

أعطواالفرصة للشيخ عبد الجليل شلبى ليكفر عن خطئه فاسندوا له وظيفة جديدة هى كتابة العمود اليومى "قرآن وسنة" فى الجمهورية بعد موت الشيخ محمد سعاد جلال. قام الشيخ عبد الجليل بالهجوم على شخصى يتهمنى بكل ما يسىء لدينى وشرفى وخلقى وعلمى. نسى الشيخ ـ وكان وقتها يقترب من الثمانين من عمره ـ ما كان أوصى به زملاءه الشيوخ من عدم الاضرار بى ومعالجة الأمر بهدوء بعيدا عن الصحافة ، فكان هو الذى استمر فى الهجوم الصحفى علىّ بطريقة كانت لا تخلو أحيانا من سفاهة ، كأن يقول عنى اننى أتهمت النبى محمدا فقلت " ووجدك ضالا فهدى" ناسيا أنها آية قرآنية. الا أنه كان يلح دائما على اتهامى بتلقى الملايين من الخارج لأخرب الاسلام ، حتى يفلت من مناقشة آرائى القرآنية.

بعد تركى الجامعة فى مارس 1987خططوا للقبض علىّ وعلى أخوانى القرآنيين بتهمة جديدة هى انكار السنة، فتوالت مقالات الشيخ شلبى فى عموده اليومى "قرآن وسنة " تتهمنى بتلقى الملايين من الخارج فى الوقت الذى كنت عاجزا فيه عن شراء ملابس العيد لأولادى. ان انسى لا أنسى أن كنت يوما بصحبة ابنى الأكبر محمد نسير فى شوارع العتبة وأسواقها التجارية. كان محمد قد ازداد طولا ويرتدى الملابس القديمة التى تقاصرت عليه ، وكانت آخر ملابس اشتريها له منذ تركت الجامعة. طافت بى عواصف الأسى وتساءلت فى نفسى : ما ذنب أولادى فى الذى يجرى لى ؟ وهل عليهم دفع الثمن لمجرد انهم ابنائى ؟ وأين خصومى وافتراءاتهم لينظروا حالنا؟ أقول هذا الآن لأحمد الله سبحانه وتعالى وأنا أرى أولادى قرة عين لى ولعائلتى برجولتهم وثقافتهم بما تعلموه معى من الصبر على الشدائد !! كنت قد خرجت من الجامعة محالا على المعاش وأنا فى الثامنة والثلاثين من عمرى بعد عمل فى جامعة الأزهر استمر خمسة عشر عاما فقط استحققت عليه معاشا شهريا لم يبلغ فى سنته الأولى 86 جنيها لا تكفى نفقة اسبوع ، بينما ينعم الشيوخ الأفاضل حتى بعد السبعين من أعمارهم بمعاشات ومكافآت بكل العملات الصعبة والسهلة من الوظائف المختلفة فى اللجان الشرعية فى البنوك الاسلامية و الجمعيات المختلفة الحكومية والشعبية والرسمية وشبه الرسمية.

ليلة القبض على كنت أكتب الجزء الثانى من موسوعة لم أتمها كانت بعنوان " شريعة الله وشريعة البشر " اناقش فيها التناقض بين سريعة القرآن والفقه السنى. الجنود البواسل الذين قبضوا على صادروا كل ما كتبته فى تلك الموسوعة وما أعددته من مادة علمية كما صادروة حوالى الف نسخة من آخر كتاب لى طبعته على حسابى وبمعونة أصدقائى ، وهو " المسلم العاصى ". تركونى أصلى ركعتين وأودع زوجتى وأولادى وأترك معهم اربعين جنيها محتفظا لنفسى بكل ما تبقى لدى من مال وكان ثمانين جنيها ، وخرجت معهم الى المجهول.

فى سجن طرة كنت انظر فى حسرة الى الثمانين جنيها مؤنبا نفسى لماذا لم أتركهم لأولادى وهم وحدهم فى تلك المحنة.لا أنسى أننى فى موقف ضعف بينى وبين نفسى اجتاحنى الغم والوساوس تأكلنى حول حال أولادى وكيف يعيشون بالقليل الذى تركت معهم وأتهم نفسى بالأنانية . سمعت صوتا ينادينى وكان أحد المساجين يقرأ فى الجمهورية يقول لى مبتسما أن الشيخ عبد الجليل شلبى يتحدث عنك هما. أعطانى " الجمهورية " لأقرأ فيها مقال الشيخ يتشفى فى سجنى ويتحدث عن الملايين التى تأتينى وكيف أنها ما أغنت عنى شيئا. لأول مرة فى تجربة السجن تلك غلبتنى دموعى من القهر ونظرت الى السماء أطلب المزيد من الصبر. لم يكن اهلى قد عرفوا بعد اين أخذونى ، وطاف أهلى يبحثون عنى فى أقسام البوليس بينما تطاردهم الصحافة المصرية فى شهامتها المعهودة تهاجمنى وتفترى أكاذيب عنى. كانت الصحف القومية هى المسموح بها فقط فى السجن دون صحف المعارضة. وقد عشت أوقاتا كئيبة وأنا أقرأ ما تكتبه الصحف القومية عنى من افتراء وهجوم دون وازع من ضمير أو شرف أو محاولة لاستطلاع رأى الطرف الآخر المسجون الذى لا حول له ولا قوة. فى هذه الأثناء ظهر فى "الأهالى "مقال فرج فودة " أحمدك يا رب " وكان الوضع قد تحسن اذ عرف أهلى اننى فى طرة ، فجاءوا فى أول زيارة لى ومعهم ما لذ وطاب من الطعام ، تسلمته عبر الأسلاك وسمعتهم يؤكدون على أهمية ورق الجرائد الذى يغلف أوانى الطعام. فتحت أوراق الجرائد فاذا بها "الأهالى " وفيها مقال فرج فودة الذى يدافع عنى بكل قوة ويهاجم مباحث أمن الدولة وتلفيقها تلك التهمة لى قائلا انه يقتنع بنفس الفكر ، وان الامام أبا حنيفة قد قال نفس ما قلته من قبل . نزل مقال " أحمدك يارب " على قلبى بردا وسلاما ، وأكد لى أن فى مصر رجالا مهما تكاثر فيها الأشرار والخصيان والأنذال. وطفقت اقارن بين فرج فودة وعبد الجليل شلبى . الأول كاتب علمانى لا يعرفنى ويندفع للدفاع عنى وكل ما قرأه لى هو الاتهامات الواردة فى الأهرام وغيرها عن كتاباتى وهى كلها دلائل اجتهاد علمى ولكن تحولت فى الزمن الأغبر الى جرائم تستحق السجن . الثانى شيخ جاوز الثمانين قرا كتبى وعرفنى وقال شهادة حق ثم تنكر لها وواصل الهجوم بالأكاذيب لمن لم يسبق له أن اساء اليه ، بل حتى لم يترفق به بعد تركه الجامعة او حين وضعوه فى السجن مظلوما. فارق هائل بين شهامة ونبل فرج فودة وموقف عبد الجليل شلبى الذى أترك تقييمه لحكم القارىء. توالت مقالات الشيخ عبد الجليل شلبى تهاجمنى بنفس الأكاذيب بعد الافراج عنى ، لم يعد الهدف هو القبض على بل دفع الارهابيين لقتلى .
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
الرد مع إقتباس