عرض مشاركة مفردة
  #37  
قديم 01-08-2006
copticdome
GUST
 
المشاركات: n/a
الجزء السادس من كتاب - الأقباط عبر التاريخ



بقلم د. سليم نجيب، رئيس الهيئة القبطية الكندية

ssnaguib@sympatico.ca




الكنيسة القبطية في المهجر

عرفت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هجرة قوية منذ منتصف القرن الماضي وهي ظاهرة جديدة عليها، واليوم نجد في كل مكان في المهجر مجتمعات قبطية قد تشكلت وتجمعت في ابروشيات يخدمها الكهنة والرهبان الذين يرسلهم بطريرك الأقباط الأرثوذكس، وهناك أعداد كبيرة جدا من الأقباط يعيشون في الولايات المتحدة وكندا وشرق أفريقيا واستراليا حيث توجد جاليات قامت بشراء الكنائس أو بنائها لاقامة الخدمة التي طلبتها تلك الجاليات وحصلت عليها بواسطة القساوسة والرهبان الأقباط من مصر.

وفي أوروبا أيضا توجد جاليات ذات أعداد كبيرة وهناك رعويات وكنائس قبطية يقوم بالخدمة فيها كهنة ورهبان أتوا من مصر، وتمتد أنشطة هؤلاء أيضا على مستوى التعليم الديني ودراسة الكتاب المقدس.

ويهتم قداسة البابا شنودة الثالث اهتماما كبيرا بكنائس المهجر، ففي حين كان عدد الكنائس القبطية الأرثوذكسية في المهجر عام 1971 لا يزيد على سبع كنائس، فان عدد الكنائس القبطية خارج مصر يزيد الآن على سبعين كنيسة.

ففي كندا ثمة ست عشرة كنيسة قبطية أرثوذكسية تنتشر في طول البلاد وعرضها وفي الولايات المتحدة هناك خمس وثلاثون كنيسة وفي استراليا تسع بالاضافة الى دير قبطي في ملبورن ومركز قبطي في كانبيرا، أما في أوروبا فهناك خمس وعشرون كنيسة قبطية موزعة في أرجاء القارة، وحتى في البندقية "فينيسيا" نجد مركزا ثقافيا قبطيا أرثوذكسيا (كان ذلك سنة 1992 أما الآن سنة 2006 فقد تضاعفت أعداد الكنائس بالمهجر).

ونضيف الى ما ذكر الكنائس القبطية المتعددة القائمة في أفريقيا وليبيا وكينيا وزامبيا والقدس والسودان ولبنان والكويت.

التأثير القبطي في النوبة

كانت المسيحية منذ بداية نشأتها ديانة تبشيرية ولم يتأخر الأقباط الأوائل في التبشير بالانجيل اذا قورنوا بغيرهم، وقد ذهب المبشرون المسيحيون من مصر الى أرجاء القارات الثلاثة المعروفة في المسيحية القديمة ونجحوا أكبر نجاح في أفريقيا حيث نشروا الايمان المسيحي.

وربما كانت المنطقة التي كان تأثير المسيحية المصرية فيها أعظم ما يكون هي أعالي وادي النيل في ثغور مصر الجنوبية حتى سيين "أسوان الحالية"، وكان قدماء المصريين يعرفون هذه البقاع منذ الأسرة الثامنة عشرة، أي قبل الميلاد بحوالي 1500 عام وتنتشر معابدهم وآثارهم العظيمة في أرجاء النوبة. وقد جعلت الاضطهادات المتوالية الأقباط يهربون من وجه مضطهديهم في اتجاه واحات الصحراء الغربية حتى النوبة، كما أن تطور الرهبانية المتوحدة المنعزلة قد أمد الديانة الجديدة بمهاجرين متدينين دخلوا مناطق الجنوب كجنود للمسيح.

وتكشف الحفريات الأثرية في شمال السودان أن المسيحية قد كانت لها جذورها في هذه المناطق البعيدة منذ القرن الرابع، ونمت علاقات طيبة بين نظام الرهبنة الأنطونية والنوبيين، وفي عام 955 كان الأقباط قد نجحوا في نشر الايمان المسيحي في النوبة، وبفضل تعاطف ومشاركة الامبراطورة ثيودورا تم تنصيب أسقف على أسقفية ناباتا عاصمة مملكة النوبة، وكان اسم هذا الأسقف لونجينوس.

وتحولت المعابد القديمة تباعا الى كنائس مسيحية وبنيت كنائس جديدة في هذا الجزء من أفريقيا، ودخلت الرهبنة الى بلاد النوبة، وبنى النوبيون عديدا من الأديرة في وادي النيل. ويعتبر دير القديس سمعان هو النموذج الأكثر تأثيرا لهذه الأديرة وهو يقع على مقربة من الضفة المقابلة للنيل عند مدينة أسوان الحالية، وعلى الرغم من أن جيوش صلاح الدين قد قامت بتخريبه ونهبه عام 1172 فلا زالت خرائبه المهيبة تقف شاهدا حيا على الروعة المعمارية والقيمة الفنية والروحية للأديرة القبطية في تلك الفترة.

التأثير القبطي في أثيوبيا

ترتبط كنيستا أثيوبيا والاسكندرية بوشائج تاريخية تعود الى النشأة الباكرة لكنيسة أثيوبيا، وكان البطريرك الاسكندري أثناسيوس "326-372" هو الذي أسس كنيسة أثيوبيا وعين أسقفا لها هو فرومنتيوس، فقد استقل أخوان اسماهما فرومنتيوس وايديسيوس، وكانا يقيمان في مدينة صور، ولكنها أصلا من أهل الاسكندرية، سفينة تجارية متجهة الى الهند ولكنها غرقت في البحر الأحمر قرب سواحل الحبشة وانتشلهما رجال العاهل الأثيوبي الذي جعلهما في خدمته فأصبح ايديسيوس ساقيا منادما له، واصبح فرومنتيوس سكرتيرا له ومربيا للأمير الملكي الشاب الذي لقنه التربية المسيحية.

وعندما ارتقى الأمير الامبراطوري ايزانا العرش تحول الى المسيحية وكذلك فعل رجال بلاطه وحاشيته وأعلنت المسيحية ديانة رسمية للدولة.

وعاد اديسيوس الى صور كما عاد فرومنتيوس الى الأسكندرية لنقل الأخبار السارة الى البطريرك أثناسيوس ولكي يرجوه سيامة أسقف يسهر على الحياة الروحية لهؤلاء المسيحيين البعيدين، وفي هذه الظروف سام البطريرك فرومنتيوس أسقفا وجعل له اسما دينيا هو الأنبا سلامة أي أبا السلام. فأقام الأسقف الجيد الأنبا سلامة أبروشيته الجديدة في عام 356 وبالاشتراك مع الكهنة الأقباط بهدف المعاونة على تنصير المملكة وتأسيس الكنائس في طول البلاد وعرضها.

وفي عام 356 طلب الامبراطور قسطنطين، وكان أريوسيا، الى الامبراطور الأثيوبي ايزانا ابعاد الأرثوذكسي فرومنتيوس ولكنه لم ينجح في ذلك ثم أكد الأثيوبيون التصاقهم بالايمان القبطي بعد مجمع خلقيدونية الذي انعقد عام 451.

ويعتبر انتصار الانجيل في أثيوبيا واحدا من أهم الأحداث العظيمة التي وقعت في ذلك القرن وتتويجا لجهود الأقباط في أفريقيا، وزيادة على ذلك فان من المهم أن نلاحظ أن هناك اتجاها بين المسيحيين الأفريقيين في عصرنا الحالي الى الارتباط بالكنيسة القبطية وان هذا الاتجاه يتزايد وينمو.

وحتى عام 1881 كرس بطاركة الاسكندرية مائة وثمانية من رؤساء الأساقفة لكي يرأسوا الكنيسة الأثيوبية، وعندما توفي الأنبا أثناسيوس رئيس الأساقفة الـ 108 قرر المجمع المقدس للكنيسة القبطية سيامة ثلاثة أساقفة بالاضافة الى رئيس الأساقفة ورفع عدد الأساقفة بعد ذلك الى خمسة في عام 1930.

وقد بذلت محاولات غير مثمرة لفصل الكنيسة الأثيوبية عن كنيسة الاسكندرية القبطية ابان الاحتلال الايطالي لأثيوبيا منذ عام 1935 حتى عودة الامبراطور هيلاسلاسي عام 1941، وبعد عودة الامبراطور أجريت مفاوضات بين الكنيستين لادخال التطورات التي حدثت للمسيحية في الحسبان وهي مفاوضات انتهت عام 1951 الى رفع درجة رئيس أساقفة أثيوبيا الى رتبة المطران ومنحه صلاحيات رسامة أساقفة أثيوبيين.

وأخيرا تم في القاهرة بتاريخ 25 يونيو 1959 توقيع بروتوكول بواسطة ممثلي كنيستي أثيوبيا وكرازة القديس مرقسي، وينص هذا البروتوكول ضمن شروطه على أن بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية هو خليفة القديس مرقس البشير والرئيس الروحي الأعلى لكنيسة أثيوبيا قد رفع الى رتبة البطريرك الجاثليق.

وبعد سقوط الامبراطور هيلاسلاسي أضعف النظام الاشتراكي الجديد الكنيسة الأثيوبية وطبق أساليب قمعية مقنعة وانقطعت العلاقات بين كنيستي الاسكندرية وأثيوبيا القبطيتين.

كان تأثير الأقباط في أوروبا أظهر ما يكون في فرنسا وسويسرا والجزر البريطانية ويمكن تصوير دور الأقباط في أوروبا بما حدث في حالتي نفي بطريرك الاسكندرية العظيم القديس أثناسيوس، وكان النفي الأول قد بدأ في القسطنطينية حيث نفى القديس الى "تريف"، وأمضى جانبا من عامي 336 و 337 ومن العسير أن نتصور أنه لم يقم بالتبشير خلال هاتين السنتين. أما الجانب الأكبر من نفي القديس أثناسيوس فوقع في عام 339 حتى 346، حيث عاش في ظل الادارة الرومانية في عهد يوليوس الأول فأخذ يبشر وأدخل القواعد الرهبانية التي طورها آباء الصحراء المصريون الى الحياة الدينية الرومانية كما أسس كنيسة في بلجيكا

http://www.copticnews.ca/a_drselim/a..._jul202006.htm
الرد مع إقتباس