هل أسلمت وفاء؟
بقلم: وائل عباس
http://www.alazmina.info/issue286/22.html
لا أحد يعرف الحقيقة بالضبط حول موضوع وفاء قسطنطين. الجميع يكذب, بداية من هذه الوفاء نفسها وزميلها المسلم, مرورا بالكنيسة ومواقع الإخوان والمتأسلمين على الإنترنت وصحفهم, وكذا مواقع أقباط المهجر, وحتى الحكومة المصرية بأعلى المستويات فيها, وحتى البابا شنودة -الذي كنت أحترمه- شارك بصمته المريب لأسباب سياسية حسبها خطأ وترك شعب كنيسته يتحدث براحته كل على هواه. وتحول الموضوع إلى مولد وسيرك اختلط فيه الحابل والنابل, وكل ذي غرض ومأرب أخذ له منبر واعتلاه زاعقا ناعقا كالغراب يستعجل خراب مصر على شعبيها مسلمين وأقباط. فمن ناحية طامعين في إزاحة البابا لأنه في نظرهم شرابة خُرج وموالي للحكومة -مع أن هذا البابا كانت مكتوبة عنه تقارير مخابراتية مصرية زي الزفت في فترة السبعينات تحت يدي بعضها- ولكن الآن شخصيا أميل إلى أن الرجل قد كبر وزاد حكمة وعقلا, وهو ما لا يعجب بعض الجهلة الأغبياء من رجال الكنيسة لمصالح شخصية وأحلام بتنفيذ وعود غربية مثل التي وعد بها شنودة في أوائل السبعينات, لدرجة أنهم يزورون بعض الخطب وشرائط الكاسيت ويزعمون أنها بصوت شنودة نفسه. وهناك أقباط المهجر الذين يجاهرون بكل شر نحو بلدهم وشعبيها لأنهم يظنون أنهم على بر السلامة ولا يهمهم المركب تغرق بمن فيها من إخوة لهم في الدين قبل أن تغرق بالمسلمين, ناهيك عن أصابع مخابراتية محترفة غربية تجيد اللعب في العقول وأشياء أخرى. وعلى الجانب الآخر وجد المتأسلمون فرصة للنزول ببضاعتهم إلى السوق من عينة وفاء أختنا في الإسلام وسيرتها الذاتية في طريق الهداية حتى جعلوها رابعة العدوية للقرن الواحد والعشرين, ثم انقلبوا إلى الحديث عن تطبيق حد الردة وشتم الكفار الأقباط.
هل أسلمت وفاء؟ لم لا؟ وإن كان فهل أسلمت حقا؟ أم لغرض في نفسها؟ عموما لا يهم, فالله أعلم بها والموضع بينها وبينه, ولكن هل ارتدت؟ هل تركت الإسلام؟ هذا يعود بنا إلى سؤال: هل أسلمت حقا؟ ربما أرشدوها إلى ممارسة التقية؟ إخفاء إسلامها؟ إذاً لماذا يجعلون الأمر رسميا في قسم شرطة وعلى يد النائب العام؟ ما هذا الهبل الذي نشرته الشرق الأوسط إذاً؟ وما هذا الكذب الذي قاله زميلها في العمل المسلم؟ هل يكذب أم هل تكذب وفاء؟ هل يكذبون عمدا؟ أم أنه مضغوط عليهم؟ من هو الضاغط؟ المصلحة الوطنية؟ الوحدة الوطنية؟ الكنيسة؟ الحكومة المصرية وجهازها الأمني؟ تهديدات بالقتل من أتباع هذا الدين أو ذاك؟ ماذا حدث بالضبط؟ ولماذا حدث؟ هل هدأ الموضوع حقا؟ أم أن النار مازالت تحت الرماد؟ ولماذا اشتعلت النار أصلا؟ وما الضمانات على عدم اشتعالها مرة أخرى؟ ومن المسؤول؟ هل المسؤول معروف؟ هل بيد أحد إيقافه ومحاسبته؟ أم أن ذلك هو باب فتنة آخر وصندوق باندورا يخاف الجميع من فتحه؟. واحدة وأسلمت, أو واحدة مسلمة وكفرت, بتحصل كتير, إيه المشكلة؟ لا مشكلة دي مرات قسيس. طب وإيه يعني هي مش بني آدمة؟ طبعا بني آدمة... لكن فيه ناس ما بتصدق تصطاد في المية العكرة, وهم للأسف هذه المرة من الجانب المسيحي, وأقولها بلا حرج, والجميع يعرف أنني لست من يتحيز لهذا أو ذاك. وهذا الجانب بدون أدنى تقدير ولأسباب داخلية محضة ولخلافات داخل الكنيسة التي لا تتكون من ملائكة بالطبع, قرر بعضهم الاستثمار مع الشيطان والاستفادة, أو لنقل المقامرة وهدم المعبد على من فيه, والضحية شباب أهبل متخلف هتفوا باسم شارون وبوش, وطلبوا منهم المعونة, لأن أسيادهم من بعض رجال الدين المسيحي قد استغلوا العاطفة الدينية لهم, ويموت من يموت ويصاب من يصاب ويعتقل من يعتقل, أو حتى تقوم فتنة طائفية يداس تحت أقدامها المذنب والبريء من شعبي مصر, بينما سيجد هؤلاء المحرضين الذين ربما يقتنون أكثر من جنسية وباسبور أبواب السفارات والطائرات مفتوحة لهم على مصراعيها إلى بر الأمان, وملعون أبو شعب الكنيسة المصرية المطحون زيه زي المسلمين بالضبط, لا فرق إلا ما يهيئه لهم هؤلاء المحرضين. والكل هنا ملام, سواء كانوا محرضين بسواء مع من وقفوا متفرجين. وألوم الكنيسة والبابا على عدم اتخاذ موقف حازم من هؤلاء. ولا أعلم أي حسابات داخلية عمل البابا حسابها هي أهم من مصلحة الوطن الأم لشعبي مصر مسلمين ومسيحيين. وألوم الصحافة العربية لتغليبها هذا الرأي على ذاك, وتبنيها لموقف ندي في هذه الفتنة التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل, وهو شأن داخلي يخص شعب مصر فقط. ولا يخص عبد الباري عطوان ولا الشرق الأوسط ولا الجزيرة ولا أي كان. وألوم المؤسسة الدينية الإسلامية في مصر على هذا الموقف المهترئ وممارستهم التقية, ظنا منهم أنهم يتجنبون الفتنة ويكون الحل النهائي للموضوع أن تعود وفاء وتخفي إسلامها في قلبها, سواء أسلمت حقا أم كلاما وهربا من زواجها أو أي شيء آخر. ولا يهمني أنا شخصيا من دخل في الدين فأهلا به, ولن أستفيد أو يستفيد الإسلام شيئا جوهريا. ومن خرج من الدين فهو لن يضر أو ينال من الإسلام في شيء. وأعتقد أن موقف أي مسيحي عاقل أيضا سيكون هكذا. لكن ما يهمني هنا هو المبدأ والقاعدة والسابقة لكل ما قد يليها, فلماذا تعود من أعلنت إسلامها برضاها حقيقة أو كذبا؟ لماذا لا تترك لتعيش مستقلة؟ ولماذا لا تظهر على التلفاز وتقول لنا الحقيقة... ولماذا هذا الإذعان لابتزاز طرف من الأطراف وترضيته والتأمين على كل مزاعمه الكاذبة بأن مهندسة متعلمة وموظفة وأم يمكن أن تختطف وتجبر على أي شيء بدون إرادتها؟ في ماذا أخطأنا لنتنازل هكذا؟ هل كانت هناك ضغوط غربية؟ وأين الحقيقة؟. يبدو أنهم قد استندوا إلى إحدى فتاوى القرضاوي, أجدع واحد يمشي حاله, حيث أنه بسلامته قد أفتى أن على المرأة التي أسلمت أن تبقى تحت زوجها ولو لم يسلم. طبعا البعض هايشتموني ويقولوا اني مفتري, باتقول على الرجل مالم يقله. ثم عندما أثبت لهم أنه قال هذا الكلام سيقولون الجملة المعتادة من أنه رجل علم وأنا ايش فهمني, وايه حشرني, وأنا اجي جنبه ايه... ثم عندما أثبت لهم من الكتاب والسنة أن ما قاله القرضاوي حرام, هايقولوا انه يا حبة عيني بشر وليس ملاكا, وانه اجتهد, فإن أصاب فله أجران, وإن أخطأ فله أجر... الخ من الأسطوانات المحفوظة للحفاظ على الكهانة الجديدة واحتكار الدين والاجتهاد وقصره على من يتكسبون منه.
لكن في النهاية أنا مرغم وأجري على الله أن أقول الحقيقة, وهي أن القرضاوي فعلا قال هذا الأمر المنكر, نعم أصدره على شكل فتوى من المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث الذي يترأسه هو شخصيا. والمفاجأة هي أن يقول القرضاوي أنه استند فيه إلى كتاب أحكام أهل الذمة لابن قيم الجوزية (تلميذ ابن تيمية). وهنا حقا أقول للقرضاوي: والله لك عذرك -وهو أقبح من ذنبك- إذ اتبعت من ضل وأضل.
يالعلم القرضاوي, إنه لعالم فذ جهبز... قرأ للجوزية حته واحدة, شوفوا العلم! بس أنا مستغرب ازاي عدت عليه آية: فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن. (الممتحنة)10. وأيضا قوله تعالى: لا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا (البقرة). ثم عدى عليه كمان صحيح البخاري: باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي:
- قال عبد الوارث عن خالدٍ عن عِكْرِمَةَ عن ابنِ عَبَّاسٍ إذا أسلَمَتْ النَّصرانيَّة قبل زَوْجِهَا بساعةٍ حَرُمَتْ عليه. وقال داوُدُ عن إبراهيم الصَّائغِ سُئِلَ عَطَاءٌ عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ أهل العهدِ أسْلمَتْ ثم أسلَمَ زوجُها في العدَّة أهيَ امرأتُهُ, قال لا, إلا أنْ تشَاء هي بِنِكَاحٍ جديدٍ وصدَاقٍ. وقال مُجَاهدٌ إذا أسلَمَ في العدَّة يتزوجُهَا. وقال الله تعالى لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ ولا هُمْ يَحِلُّون لهُنَّ. وقال الحسَنُ وقَتَادَةُ في مَجُوسيَّيْن أسْلَمَا هما على نِكَاحِهِما وإذا سبق أحدُهُما صاحبه وأبى الآخر بانتْ لا سبيلَ لهُ عليها. وكتاب الطلاق: باب نكاح من أسلم من المشركات وعدتهن:
- عن ابن عباس: إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر فإذا طهرت حل لها النكاح.
|