برزت الدعوة إلى تطهير المسيحية من إغريقيتها، أولاً، بالصلة مع المسلّمات الأساسية لحركة "الإصلاح" (المقصود "البروتستانتي") في القرن السادس عشر. وإذ نظروا إلى تراث اللاهوت"السكولاستي"*، اعتبر "المصلحون" أنهم بإزاء نظام إيمان قامت الفلسفة بتكييفه بصورة شاملة، أن أن تمفصل الإيمان كان يستند إلى نظام فكري غريب عنه. وبناءً عليه، بدا لهم أن الإيمان لم يعد يظهر كـ"كلمة" تاريخية حية، وإنما كعنصر من عناصر نظام فلسفي طاغٍ. من جهة أخرى، فإن مبدأ Sola ******ura كان يبحث عن الإيمان في شكله الصافي، والأساسي، أي كما وُجِدَ أساساً في "الكلمة" الإنجيلية. وبدا (لهؤلاء "المصلحين") أن الماورائيات هي مقدمة منطقية تُشتق من مصدر آخر، ينبغي تحرير الإيمان منه لكي يعود الإيمان إلى تحقيق ذاته بصورة كلية. وحينما أعلن "كانط" أنه كان بحاجة لأن يضع التفكير جانباً لكي يوسّع حيّز الإيمان، فإن كلامه كان يعني دفع هذا البرنامج إلى أبعد بكثير مما كان يمكن لـ"المصلحين" أن يتوقّعوه. وبناء عليه، فقد أرسى "كانط" الإيمان في العقل العملي بصورة حصرية، وحرم عليه إمكانية بلوغ الحقيقة الإجمالية.
يتبع القسم الثاني
* حسب قاموس "المورد" فإن "السكولاستية: الفلسفة النصرانية السائدة في القرون الوسطى وأوائل عصر النهضة، وقد بُنِيَت على منطق أرسطو ومفهومه لما وراء الطبيعة ولكنها اتسمت في أوروبا الغربية خاصة، بإخضاع الفلسفة للاهوت ومن أبرز رجالها توما الأكويني الذي حاول أن يقيم صلة عقلانية بين العقل والدين"
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
|