عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 01-12-2003
New_ManII New_ManII غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2003
الإقامة: somewhere in time
المشاركات: 1,225
New_ManII is on a distinguished road
بعدما قبلت المسيح مخلصا وربا وكنت مازلت فردا من العائلة محبوبا رغم التغييرات الجذرية التي بدأت تتبدل بلباس جديد .. هو لباس المسيح ، تلفت حولي لأجد أفراد عائلتي في ضياع ، فصليت وتضرعت وبكيت ليالي طوال للرب أن يعطيني الشجاعة والقوة والحكمة لكي أكون سببا لسعادة أسرتي ويلبسون نفس لباسي أي لباس الحق والنور والحياة .

بدأت شيئا فشيئا أتكلم معهم .. كنت أجد التجاهل أحيانا والتعنيف أحيانا أخرى والنعت بالجنون مرارا كثيرة .. زاد إصرار الروح التي تملأني للاستمرارية وبالفعل من أن أتوقف لحظة ولم أغضب منهم لحظة ولم أغضب لكرامتي ولكنني لم أكن أتوقع أبدا ما بدا لي من أهلي أحبتي .. ففي بدأ سنة 1987 في شهر يناير .. بعدما ازداد قوتي بنعمة الرب في محاربة مملكة إبليس المتمثلة في أخي وأبي .. لم يصمدوا طويلا ولم يستطيعوا أن يخمدوا نار الحق .. التي اشتعلت بداخلي وحرقت زوان القمح الذي هو للحرق .

والدي الحبيب الذي سوف يظل حبيبا أبد الدهر .. اعتاد أن ينهرني ويؤنبني في البداية وينعتني بصفة الجنون أحيانا ويغريني أحيانا أخرى لكي أنسى المسيح الإله .. فشلت محاولات والدي في إقناعي وإرجاعي ، فلجأ إلى اخوته و دعا إلى مجلس عائلتي فورا لمناقشة تلك القضية الخطيرة على العائلة ومركزها ومستواها على حد ما أسماها . ... وحضر الاجتماع كبار العائلة وكان منهم السيد المهندس (م. أ.) وزير الكهرباء السابق الذي جاء في نصف الاجتماع معتذرا بأعذار شتى ، والمفكر والمؤرخ (ف. أ.) وحبيب الملايين كما كنا ندعوه الكاتب (ث. أ.) ورجل الأعمال (و. أ.) صاحب توكيل السيارات المشهور ، ووالدي وكذلك (ر. و م. أ.) وكان حظ المرأة مبتور من هذا الاجتماع الرجالي الخطير ، وصار النقاش .. كان في البداية هادئا متزنا ثم انقلب إلى صراخ وملامات لوالدي الحبيب مما أثاره وهاج كالثور في وجهي لوضعه في ذلك الموقف وانفض الاجتماع دون اتخاذ أي قرار وجعل الحل الكامل بتصويت الجميع في يد والدي لحله سريعا وفي سرية تامة ... ولكنني لاحظت صمت عمي - ف. – أنه مقتنع بكل رد كان من تجاهي ووقف والدي في نصف الغرفة وسيجاره الفاخر في يده صارخا في وجه الجميع ووجهي سوف أحل تلك المشكلة حلا قاطعا حتى وإن اضطررت أن أقتله وأدفنه في الحديقة ... وصرخ في وجهي بأنني لست بابنه ، وأنني ابن حرام وزنا ، وقال كلمات مهينة كثيرة وصار بيتنا شعلة من نار ، ذلك البيت الذي كان يسوده الحب والسلام المزيف ، انقلب إلى وضعه الطبيعي عندما واجه النور ... عندما واجه نور المسيح ، لم تستطع الظلمة أن تصمد في وجه النور ...

ورجع والدي إلى استخدام محاولات كثيرة ... لجأ إلى معلمه الأكبر محمد القرشي ... الإقناع و تم ذلك بوسائل كثيرة ، ومنها أن جاء بالشيخ الشعراوي ، وقد ذكرت حواراتي مع هذا الشيخ المنافق (سوف يعلن عنه قريبا) ولكنه فشل في الإقناع .. فجرب وسيلة أخرى وهو تقديم العطايا والوعود ، وفشل ثانيا فلجأ إلى أخر سلاح كان يملكه وهو التهديد والتعذيب .

لجأ والدي الحبيب إلى الأولى والثانية والثالثة بيده التي أتحسسها و أتلمسها لكي أقبلها وأركن برأسي بين راحتيه .. تلك اليد الكريمة التي اشتهرت بسيجارها الفاخر .. ذلك السيجار الذي كان سلاح والدي المتواضع في البداية لإخافتي .. ذلك السيجار الذي سوف يدخل التاريخ من أوسع أبوابه مثل سيف محمد الذي قطع راس كل إنسان برئ ..

لم تعرف الرحمة طريقا إلى قلب والدي المحبوب ، أحرق جسد ابنه فلذة كبده ... لا للرحمة .. نعم للوحشية .. نعم لازدراء الآخرين وتعذيبهم باسم الإسلام و لأجل الإسلام .. شعار مزيف لكسب لقمة العيش والحصول على السلطة والنفوذ .. أين هي الأبوة الصادقة في أبي .. لقد يأس أبي معي وأحيانا كان يكسر أي شئ أمامه حتى الثمين منها ... أمامي إنسان آخر كوحش كاسر .. كما هو أيضا أمامه إنسان آخر ليس بابنه المقرب إلى قلبه .. لقد سمح أبي لشيطانه أن يسلب فيه أسمى الأماني وهي الأبوة الصادقة المقدسة .. حين سمح أبي لنفسه أن يتلذذ بتعليقي بالجنازير وتعذيبي بالكهرباء وباستخدام المكوة الكهربائية وكان صوتا يملأ البيت فرحا وانتصارا وزهوا بصراخي وآلامي ... ولكن إن هو حاول قتل الجسد فهناك الروح الحية تحب المسيح ورفقته فهي تنبض وتهلل وتفرح مكبرة مجدا للرب ...

صدقوني إن قلت لكم وأعرف أنكم سوف تشاركوني ... بأن تلك الآلام ما أمتعها .. كنت أتلذذ بها ... فقد تألم لأجلنا .. فكل تلك الأشياء نحسبها نفاية حبا بالمسيح وتعلقا به .. داوم أبي وأخي على استخدام تلك الأساليب إلى أن سقط الجسد الضعيف من الألم وأصابه الوهن لكثرة ما لاقاه وصار الجسد جثة هامدة ولكن مازال هناك الروح المتعلقة بحبال الأمل والرجاء بيسوع المسيح ...

أربعة شهور كاملة استطاعت الحمى أن تغتال الجسد ولم تقوى أن تغتال الروح .. لا أريد هنا أن أتكلم كثيرا عن تلك الآلام الغير إنسانية التي عايشتها في بيت عائلتي .. ولكن عند التذكر والتفكير .. في تلك الأمور .. لا أستطيع أن أتصور أو أصدق رغم معايشتي لكل ذلك .. فكيف لي أن أتصور والدي وهو يتلذذ بتعذيبي وتعلو ضحكته لتملأ القصر الكبير لتجلجل بسماعها صرخات ألمي ومنازعاتي من كثرة جروحي ... كيف لي أن أتصور أحبائي والدي الحبيب يصرح بأعلى صوته لكي يتبرأ من ابنه صارخا أن الموت أفضل لي من العار الذي سوف يجلب على العائلة بسببي ... كيف لي أن أتصور أحبائي والدي الحبيب الذي كان يلبي أي احتياج لنا حتى لو مستحيل ... كيف أتصوره يعاند الجميع ويرفض غير مبالي بطلب الآخرين وخصوصا والدتي ، لم يهتم بالتوسلات المصحوبة بالدموع ... كي يحضر لي طبيبا يضمد جراحي التي تنزف ...

كيف لي أن أتصور أحبائي والدي الحبيب بدون قلب ... فقد الأبوة المقدسة لنزوات دنيوية زائلة .. ولكن ليس هذا بجديد فقد قدم محمد القرشي أولاده الذكور قديما كقرابين للشيطان ، كما ظفر الشيطان بعائشة كذبيحة متعة للشيطان .... كيف أتصور أب بدون رحمة .. بدون إنسانية ... عديم الشعور ...

والدي الحبيب يا من أسلمت نفسك لقمة سهلة للشيطان لكي تحاول قتل ابنك المحبوب ... أحبك من كل جوارحي من كل روحي ... إلى الأبد وسوف تعرف بعد قراءة تلك الكلمات يوما ما ، ما هي المحبة الحقيقية التي لا تسقط .. بعد أن سقط جسدي الهزيل فريسة للحمى وتركني والدي بدون رحمة يراقبني بشغف لكي يسمع النفس الأخير .. في بدروم القصر الكبير حيث نال الكرباج والسيجار من جسدي ، تركني جثة هامدة لا تستطيع الحراك ، ولم تتركني والدتي ، تركت كل أعمالها ... كنت أحس بروحها تختلط مع روحي لتواسيها وتعزيها ... هناك تعزيات الرب لي وحواراتي معي ورؤى كثيرة في خلال تلك الفترة ، وهي في كتاب آخر تحت عنوان (تعلمت في دروب المسيح) سوف يصدر قريبا .

في ليلة 13/7/1987 ، ... ليلة لن أنساها مدى الدهر تمجد الرب في وقته وأقام جسدي الراقد الهزيل ... آمرا إياي بالتحرك ونظرت إليه أي لا أستطيع يارب .. قال : قم وهات يدك ، وبيده المباركتين تشبثت وشعرت بجسدي الراقد يعود للحياة من جديد ومن مقود السيارة بدأت رحلة الهروب من قصر العبودية الذي ترعرعت فيه واستضافني كغريب 19 عام وثلاثة أشهر 17 يوما في كنف عائلتي الحبيبة إلى قلبي حتى الموت ...
(يتبع)
الرد مع إقتباس