وطبعا لم تسلم الصحافة التي أعادت نشر الرسوم أو تعاطفت مع حرية التعبير من الأذي، فتم أغلاق صحيفة ساراواك الماليزية، وأغلقت صحيفتان في اليمن ووضع رؤساء التحرير تحت المراقبة، وتم إيقاف صحيفة شمس السعودية، وتم فصل جهاد الموني رئيس تحرير شيحان الأردنية وبعد ذلك حبسه، وأقال رامي لكح صاحب صحيفة فرانس سوار مدير تحريرها. وأشارت منظمة "صحفيون بلا حدود" "إلى أن ردود الفعل على الرسوم الدنماركية تشير إلى تدهور خطير في حرية الصحافة".
في 12 سبتمبر 2006 القي البابا بنديكت محاضرة فلسفية عميقة في أحدي الجامعات الألمانية عن العلاقة بين "الإيمان والعقل"، أقتبس خلال محاضرته إشارات سلبية عن نبي الإسلام قالها الامبراطور مانويل الثاني باليلوجوس في القرن الرابع عشر. وقد تأسف البابا ثلاث مرات على هذا الأقتباس والألام التي تسبب فيها للمؤمنين المسلمين وقال بوضوح أن هذا الاقتباس لا يعبر عن وجهة نظره.
ولكن ردود الفعل كالمعتاد من المتطرفين المسلمين تأتي دائما خالية من العقل ومصحوبة بالعنف اللفظي والفعلي، فهم عاجزون عن أى حوار عقلانى. ففي قطاع غزة والضفة الغربية تم الهجوم على خمس كنائس وأصابوها بأضرار، وفي شمال الضفة الغربية تم الهجوم على كنيستين في طولكرم وطوباس. وقتلت راهبة إيطالية في مستشفي في العاصمة الصومالية مقديشو. وفي نيجيريا أحرقت حشود من المسلمين يوم 22 سبتمبر11 كنيسة في عاصمة ولاية جيجا وأشعلوا النيران في عشرات من المنازل والمتاجر المملوكة للمسيحيين وتعرض بيت الأسقف للنهب بحجة أن امرأة مسيحية أساءت للرسول تزامنا مع تصريحات البابا(6). وفي غزة هددت جماعة "جيش المهدي" باستهداف المسيحيين والتي وصفتهم بالصليبيين إذا لم يعتذر البابا. وأقر البرلمان الباكستاني قرارا بالإجماع يطالب البابا بسحب تصريحاته،ووصفت وزارة الخارجية الباكستانية البابا بالجهل. وأعتبر رجل الدين الإيراني وعضو مجلس الخبراء أحمد خاتمي أن تصريحات البابا تعبر عن "خفة عقل" وقال من المؤسف أن يكون زعيم المسيحيين بهذا الجهل وقلة الأدب، وطالب أحمد خاتمي البابا أن يعتذر وهو جاثيا على ركبتيه(7). وقال يوسف القرضاوي لقناة الجزيرة "لا يمكن السكوت على أذي تصريحات البابا"، ويوم 21 سبتمبر 2006 ظهر على الجزيرة مرة أخرى ولكن هذه المرة محرضا المسلمين على قتل كل من يسئ للرسول وقال " إن الإنسان إذا شتم أبوه أو أمه تملكه الغضب وبادر بالرد وقد يقتل الشاتم، فما أدراك إذا كان الشتم موجها إلى دينه ونبيه"(8). وقال مرشد الثورة الإيرانية على خامينئي "كلام البابا حلقة أخيرة من سلسلة الحروب الصليبية في إطار مؤامراة أمريكية إسرائيلية". وقال شيخ الأزهر المصري "لقد سكت البابا دهرا ونطق كفرا". ووصف رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان تصريحات البابا "بالقبيحة". وكتب الأمين العام لاتحاد العلماء المسلمين محمد سليم العوا مقال بتاريخ 18 سبتمبر 2006 بجريدة الأسبوع وصف فيه البابا "بالأبله والكذاب.. وأن ما قاله البابا لا يقل سفاهة وسوء أدب عن الرسوم الدنماركية.. وأنه كذب لا يليق بذي عقل فضلا عن صاحب دين".(9) وفي جريدة الوفد بتاريخ 28 سبتمبر 2006 وصف محمد سليم العوا البابا ايضا "بالمجرم والسفيه". وفي جاكرتا خرجت جماعة إسلامية اندونيسية متطرفة بمظاهرة رفعت لافتات تقول "أصلبوا البابا"، "الفاتيكان محور الشر"، "النبي عظيم والبابا صغير وحقير"(10). وفي بريطانيا خرجت مظاهرة إسلامية ترفع شعارات "الإسلام سوف يجتاح روما"، "المسيح هو عبد الله"(11). وفي العراق تم احراق كنائس كاثوليكية في البصرة وأصدر مجلس شوري المجاهدين، ويضم ثمانية فصائل بينهم تنظيم القاعدة بيانا جاء فيه "يا خادم الصليب أنتم والروم على موعد مع الهزيمة"، "أيها الكفرة والطواغيت نحن ماضون في جهادنا حتى يمكننا الله من رقابكم"، "سنكسر الصليب ونهرق الخمر ونضع الجزية فلا يقبل حينها الإسلام أو السيف وسيفتح المسلمون روما كما فتحت القسطنطينية من قبل"(12). ودعا أحد زعماء المحاكم الإسلامية،التى سيطرت على الصومال مؤخرا، إلى قتل البابا داعيا المسلمين إلى الثار مضيفا "ان اى شخص يهين النبى يجب ان يقتل"(13). وفى باكستان نشرت صحيفة اوساف بتاريخ 18 سبتمبر 2006 فتوى تدعو لقتل البابا موقعة باسم مركز جامتود داوا( الجناح السياسى لمنظمة عسكر طيبة الباكستانية)(14).ودعا أيمن الظواهري ومحمد معمر القذافي بابا روما لإعتناق الإسلام.أما وصف البابا بنديكت بالجهل وعدم الوعى فجاءت في أغلب البيانات والتصريحات مثل "منظمة المؤتمر الإسلامي"، "والاتحاد الدولي للعلماء المسلمين"،" المنظمة العالمية لنصرة النبى"، و"مجمع الفقهاء بأمريكا" رغم أن بابا روما الحالي يعد من أكبر الفلاسفة المعاصرين في العالم كله، وعلى حد وصف الكاتب والباحث هاشم صالح في الشرق الأوسط بأنه "أكبر لاهوتي فيلسوف في تاريخ البابوية"، وواصل هاشم "أعترف بأني قرأت المحاضرة ثلاث مرات في الترجمة الفرنسية لكي استطيع فهمها ولست متأكدا بأني استوعبتها كلها".(15)
|