عرض مشاركة مفردة
  #89  
قديم 27-10-2006
honeyweill honeyweill غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: EGYPT
المشاركات: 7,419
honeyweill is on a distinguished road

وعليه تشكلت محكمة إخوانية لمحاكمة السندى، ويروى لنا وقائع المحاكمة واحد من قادة الجهاز السرى، وكان ضمن أعضاء المحكمة الإخوانية، وهو الأستاذ محمود الصباغ.. ونقرأ ما يثير الدهشة، وما هو أكثر من الدهشة. قال عبد الرحمن السندى «إنه تصور أن عملية القتل سوف ترضى فضيلة المرشد، ولأن فضيلة المرشد يعلم عن السندى الصدق فقد أجهش بالبكاء» وعلى أية حال فإن هذه المحاكمة الهزلية قد انتهت بحكم هزلى هو أيضا.. فقد جاء فيه نصا «تحقق الإخوان من أن الأخ عبدالرحمن السندى قد وقع فى فهم خاطئ وفى ممارسة غير مسبوقة من أعمال الإخوان، ورأوا أن يعتبر الحادث قتلا خطأ، حيث لم يقصد عبدالرحمن ولا أحد من إخوانه سفك نفس بغير نفس، إنما قصدوا قتل روح التبلد الوطنى فى بعض أفراد الطبقة المثقفة من شعب مصر أمثال الخازندار، ولما كان هؤلاء الإخوان قد ارتكبوا هذا الخطأ فى ظل انتمائهم إلى الإخوان المسلمين وبسببه، إذ لولا هذا الانتماء لما اجتمعوا على الإطلاق ليفكروا فى مثل هذا العمل أو غيره، فقد حق على الجماعة دفع الدية التى شرعها الإسلام كعقوبة على القتل الخطأ». ثم يمضى الحكم إلى ما هو أكثر هزلا«وأن تعمل الهيئة كجماعة على إنقاذ حياة المتهمين البريئين «!» من حبل المشنقة بكل ما أوتيت من قوة، فدماء الإخوان ليست هدرا يمكن أن يفرط فيها أعضاء الجماعة فى غير فريضة واجبة يفرضها الإسلام» ثم وبعد ذلك «ولما كانت جماعة الإخوان المسلمين جزءا من الشعب، وكانت الحكومة قد دفعت بالفعل ما يعادل الدية إلى ورثة المرحوم الخازندار بك حيث دفعت لهم من مال الشعب عشرة آلاف جنيه، فإن من الحق أن نقرر أن الدية قد دفعتها الدولة عن الجماعة. وبقى على الإخوان إنقاذ حياة الضحيتين«!» محمود زينهم وحسن عبد الحافظ.

فإذا أردنا مثالا آخر.. نأتى إلى محاولة نسف محكمة استئناف مصر كسبيل لتدمير أحراز قضية سيارة الجيب بكل ما فيها من وثائق تدين الجماعة. فعلى إثر هذه المحاولة الفاشلة أصدر الأستاذ حسن البنا بيانا هاجم فيه مرتكبى الحادث هجوما عنيفا توجه بقوله إنهم «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين» وأمام حدة الهجوم صدق البعض أقوال المرشد. لكن الأستاذ صلاح شادى وكان رئيس قسم الوحدات «وهو جهاز سرى آخر يضم أعضاء الجماعة من رجال الجيش والبوليس» يسوق لنا فى مذكراته وبنعومة شديدة ما يوحى بأن الأستاذ البنا كان هو الآمر بهذه الجريمة، فيقول :
«أبلغنى الأخ عبد الحليم محمد أحمد أنه كان من ضمن الأشخاص المكلفين بعملية نسف محكمة الاستئناف. وأن المرحوم سيد فايز هو الذى أمرهم بنفسه بتنفيذها، ومن جهتى فإننى أثق تماما فى عمق احترام سيد فايز لأوامر المرشد، كما أثق تماما فى صحة أقوال الأخ عبد الحليم محمد أحمد التى أكدها أيضا شفيق أنس الذى قام بمحاولة النسف وهذه شهادة مسلمين عدلين. وباختصار.. فإن الأستاذ صلاح شادى يحاول وبأسلوب رقيق ومغلف أن يتهم مرشده وإمامه بأنه الآمر بمحاولة إرهابية، ثم عاد فوصف مرتكبيها بأنهم ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين. أما الحجة الأخرى وهى أن الجماعة لم ترتكب عملا إرهابيا منذ عام 1965 فهى مجرد محاولة للطعن بالتقادم، والتقادم معروف فى القانون الوضعى الذى سنرى أن الإخوان يرفضونه أو إذا شئنا الدقة يعلنون التزامهم به على مضض ومن قبيل أن «الضرورات تبيح المحظورات». لكن الإسلام إذ يتطلب التوبة من الذنوب فإنه لايخضعها للتقادم إذ إن مرتكب الخطيئة ما لم يتب توبة نصوحا سيظل إثمه معلقا فى عنقه حتى يحاسب عليه يوم القيامة. والحقيقة أن التوبة فى الإسلام ليست مجرد توبة باطنية، فإن الخطأ إذا ما وقع علنا ودعا صاحبه الناس إلى أن يحذو حذوه، فإن التوبة الحقيقية تتطلب العلانية كى يرتفع عن الآثم إثم من اتبعوه إذ صدقوه وفعلوا فعلته.
لكن ما حيلتنا.. «الإخوان لايخطئون» ولهذا «فهم لايعتذرون». وقد أتقن الأستاذ البنا فنون المناورة بين القوى السياسية المختلفة، أو بالدقة تصور أنه اتقنها.
وكانت خطته فى ذلك ثابتة لا تتغير، فما أن يشعر بأن أحد أركان النظام يعانى من ضغوط شعبية حتى يتقرب منه زاعما أنه سيقدم له غطاء إسلاميا وجماهيريا، ومن هذه العلاقة غيرالمتوازنة استطاع البنا أن يحقق الكثير لجماعته. ففى مطلع الثلاثينيات كان الملك فؤاد يعانى من غضب شعبى عارم لاعتماده على حكومات الأقلية واعتدائه على دستور 1923، وخضوعه المهين للاحتلال.. وتقدم البنا ليمنح الملك المكروه شعبيا مبايعته وتأييده.

ويحاول الأستاذ صلاح شادى أن يفسر لنا أسباب اقتراب الأستاذ البنا من الملك فاروق، وسعيه لمقابلة الملك عام 1945، أى فى زمن كان الشعب المصرى يشن هجوما ضاريا على الملك وبطانته ويعتبره رمزا للفساد والإفساد فيقول: «لقد كانت فطنته تهديه دائما لتجنب العثار فى هذه المسيرة المليئة بالأشواك من كل جانب، وكان يعتقد أن مسئولية الداعية نحو الناس لا تنقطع إلا بانقطاع وسائل التبليغ» ومن ثم فلقد كان «يعمل فى كل وقت على التأثير على الملك حتى يحمله على انتهاج سياسة إسلامية تتسق مع دعوته، وكان يظن أن لقاءه معه سيحقق له هذا الأمل». إلى هنا والأمر لايعدو أن يكون اجتهادا سياسيا، قد يكون خاطئا لكنه اجتهاد على أية حال، لكن الأستاذ صلاح شادى لايلبث أن يكشف الغطاء عن مراوغة واضحة فيقول: «أن حسن البنا لم يحمل ولاء للملك ولا للنظم القائمة» ونعود فنراجع كل أساليب التملق التى ساقها حسن البنا تقربا إلى الملك وحاشيته، ثم نفسرها بهذه العبارة. فحسن البنا الذى أمر الآلاف من أتباعه كى يحتشدوا فى ساحة قصر عابدين هاتفين «الله مع الملك» ومعلنين له «نهبك بيعتنا» لم يكن فى نظر أحد أقرب المقربين منه «يحمل ولاء للمك ولا للنظم القائمة». وعندما كان الطاغية إسماعيل صدقى يجهد نفسه فى محاولة ضرب الحركة الوطنية المصرية وفيما كانت الجماهير تغلى غضبا منه ومن جرائمه.. أعلن حسن البنا تأييده لصدقى ونال مقابل ذلك الكثير.
الرد مع إقتباس