عرض مشاركة مفردة
  #90  
قديم 27-10-2006
honeyweill honeyweill غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: EGYPT
المشاركات: 7,419
honeyweill is on a distinguished road
لكن من اعتاد على المناورة، ومن اعتمد عليها، يبقى مغرما بها. فبعد شهر عسل لم يدم طويلا بين البنا وإسماعيل صدقى، وقع الخلاف. وقرر البنا تخويف صدقى وإشعاره بقوة الإخوان. فقرر القيام بعدة عمليات إرهابية، وكلف الجهاز السرى بذلك ويروى الأستاذ محمود الصباغ وكان واحدا من قادة الجهاز السرى فى تفاخر مثير للدهشة تفاصيل ما قاموا به. «قمنا بتفجير قنابل فى جميع أقسام البوليس فى القاهرة فى يوم واحد هو 3-12-1946 حيث فجرت أقسام الموسكى والجمالية والأزبكية ومصر القديمة وعابدين والخليفة ونقطة السلخانة ومركز إمبابة.

ثم تمتد عملية التخويف إلى حلفاء إسماعيل صدقى فى الحكم «وعمد النظام الخاص إلى إرهاب الحزبين اللذين منحا صدقى باشا الأغلبية البرلمانية، فألقى قنبلة حارقة على سيارة محمد حسين هيكل باشا وقام بذلك الإخوانيان أحمد البساطى ومحمد مالك، وكان قد تقرر إلقاء قنبلة على سيارة النقراشى باشا ولكن لم يتم التعرف على السيارة». وهكذا ناور حسن البنا - أو خيل إليه- بين الجميع، وكسب من الجميع، لكنه وفى نهاية الأمر وعندما كانت محنة الشيخ ومحنة الجماعة اكتشف - وإن كان متأخرا جدا - أنه إذ تصور إنه يتلاعب بالجميع كان الجميع يتلاعبون به. والغريب أن تابعيه وتابعى تابعيه حتى الجيل الحالى من الإخوان لايملون من تكرار هذه اللعبة غير المبدئية التى أثبتت دوما أنها لعبة خاسرة.

والحقيقة أن «الإسلام» الذى دعا الأستاذ حسن البنا رجاله إليه هو إسلام من نوع خاص. إسلام لا يستند إلى الدراسة والمعرفة، ولاحتى إلى حفظ القرآن الكريم، ولا إلى محاولة تفهم التعاليم والأوامر والنواهى، إنما إلى مجرد قشور تكون مجرد المبرر للطاعة العمياء «فى المنشط والمكره». وحجتنا فيما نقول هى مسلك الأستاذ البنا ورجاله إزاء «مسألة التعمق فى دراسة الفقه الإسلامى».
الأستاذ محمود عبد الحليم فى كتابه «الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ- رؤية من الداخل» وهو المرجع التاريخى المعتمد من جانب الجماعة. «لأن المؤلف واحد من أوائل المؤسسين للجماعة ومن أقرب المقربين من الأستاذ البنا». يقول «كان الكثيرون من أصدقائه «حسن البنا»، ومن عارفى فضله من العلماء يحثونه على تأليف كتب فى التفسير وفى مختلف فنون الإسلام، ويلحون عليه فى ذلك حرصا منهم على تزويد المكتبة الإسلامية بنظرات عميقة وأفكار غير مسبوقة، ولكنه كان يقول: دعونى من تأليف الكتب، فالمكتبة الإسلامية متخمة بالمؤلفات فى جميع العلوم والفنون، ومع هذا فإنها لم تفد المسلمين شيئا حين قعدت هممهم وثبطت عزائمهم وركنوا إلى الدعة والخمول. والوقت الذى أضيعه «لاحظ أضيعه» فى تأليف كتاب، استغله فى تأليف مائة شاب مسلم يصير كل منهم كتابا حيا ناطقا عاملا مؤثرا. أرمى به بلدا «لاحظ أرمى» من البلاد فيؤلفها كما ألف هو»

ونحاول أن نتأمل هذه العبارات فهى كاشفة.. فالأستاذ البنا كان يقيم حزبا سياسيا مجرد حزب سياسى «يرمى» به البلاد، وما الإسلام إلا قشرة جاذبة. ويعود الأستاذ محمود عبد الحليم ليؤكد رؤية الأستاذ البنا قائلا: «إن الإسلام شقان: أحدهما للمعلومات والآخر للتنفيذ والتطبيق، ولم يشغل الشق الأول بكل ما فيه من حياة الرسول «صلى الله عليه وسلم» وحياة الرعيل الأول معه إلا جزءا من ألف جزء شغلها الشق الأخير». ولعلها المرة الأولى التى نشهد فيها هذه الاستهانة بدراسة التعاليم والفقة الإسلامى الذى أسماه سيادته «المعلومات».. كما أنه لم يفسر لنا كيف سيكون التنفيذ بدون «معلومات».. ثم يؤكد وما كان الصحابة رضوان الله عليهم، على علو قدرهم، يعرفون من الأحكام الفرعية فى الدين عُشر ما يعرفه الآن طلاب المراحل الأولى من الدراسة الأزهرية، ولكن حياتهم مع ذلك كانت ممارسة عملية لما تعلموه من المعلومات الأساسية القليلة من أحكام الدين، فكانوا يتحركون للدين ويسكنون للدين، ويفرحون للدين ويغضبون للدين» ويمضى قائلا «فالإسلام ممارسة وعلم وصبر وجهاد قبل أن يكون معلومات يتعمق فى دراستها، ويتبحر فى الخوض فيها» تحديدا هذا هو نوع «الأخ المسلم» الذى أراده الأستاذ حسن البنا أقل قدر من «المعلومات» عن الدين، ثم ممارسة عملية.
الرد مع إقتباس