
27-10-2006
|
Registered User
|
|
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: EGYPT
المشاركات: 7,419
|
|
وكان البنا يلح على ضرورة الإفراج عن بعض رجاله معلنا أنه «لا يستطيع أن ينكر الأخطاء التى ارتكبها الإخوان وأنها قد هزته إلى درجة أنه هو نفسه قد شعر بضرورة حل الجماعة». وقال: إن التحكم فى سير الأحداث يحتاج إلى رجال معينين يمكن للشيخ من خلالهم السيطرة على الموقف. لكن عبدالهادى لم يقتنع بمنطق الشيخ ولم يكتف بالبيان الذى أصدره وأخذ مصطفى مرعى يلح على ضرورة تسليم محطة الإذاعة السرية للإخوان وكل ما بقى لدى الإخوان من أسلحة. وبعد يومين من صدور «بيان للناس» قبض على أحد قادة الجهاز السرى وهو يحاول نسف محكمة استئناف مصر، ولنترك الحديث للشاهد الأول فى قضية اغتيال البنا «محمد يوسف الليثى» الذى كان فى هذا الوقت واحدا من القلائل الذين يلتقون حسن البنا، وهو أيضا الذى حضر ساعة اغتياله ويقول الشاهد: «حصل حادث نسف محكمة الاستئناف وأنا قابلت الشيخ البنا، وكان متأثرا جدا من هذا الحادث، وكان معتقدا أن الإخوان مش هم اللى عملوا الحادث، ولما عرف أنهم هم اللى عملوا الحادث زعل خالص وبكى وقال أنه لا تهمه الحكومة وإنما يهمه الشعب الذى يصدق إن الإخوان المسلمين إرهابيون، وقال أنه استعجب كيف حصل هذا الحادث، وحصلت بعد كده مفاوضات بينه وبين مصطفى مرعى بخصوص المعتقلين، وصالح حرب باشا اتصل بمرعى بيه علشان يجتمعوا بالشيخ البنا. وتفاهموا.. ومرعى بيه قال للشيخ البنا تعمل بيان كما قلت لك فى الأول وأنت رفضت. لازم تعمل بيان. وتفاهموا على إصدار بيان بعنوان «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين» ثم استمرت الاتصالات».
وهكذا وعندما يدخل الصيد إلى المصيدة تصبح التصرفات غير محسوبة. وعلى أية حال فقد كان الشيخ الذى فى قفص حريته يعانى أكثر من رجاله فى السجن. ويتعرض لضغوط مريرة عنيفة. آلاف الأسر بلا عائل، وإخوانه فى السجن، وهو بلا حول ولا طول. وبيانه الأول أثار استياء أعضاء الجماعة بالسجون ويقال أنهم وجهوا له رسالة يقولون فيها أنهم يعتقدون «أن البيان مدسوس فإن كان صحيحا فإن كان صحيحا فإن يوم الحساب آت بعد الإفراج عنا».
الرجل بين فكى كسارة البندق سجين ضغوط خصومه، وضغوط رجاله، لكنه لا يملك من أمر نفسه شيئا.
وماذا يبقى من الشيخ؟ رجاله فى السجون يبعثون له يهددونه، وهو يتهم أخلص خلصائه.. الذين أقسموا له على المصحف والمسدس يمين الطاعة التامة فى المنشط والمكره.. يتهم «رهبان الليل وفرسان النهار» بأنهم «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين». بل يتردى إلى مديح الحكومة التى تعذب رجاله أشد العذاب ويقول أنها حريصة على أمن الشعب وطمأنينته فى «ظل جلالة الملك المعظم».. بل يحرض الشعب على التعاون مع الحكومة «للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة». «رهبان الليل وفرسان النهار» أصبحوا فى آخر بيان الشيخ «أولئك من العابثين وجهادهم أصبح «سفاسف».
ولا يبقى للشيخ ما يقوله سوى «إنه سيطلب تجريده من جنسيته المصرية التى لا يستحقها إلا الشرفاء الأبرياء». وكان الوحيد من أصدقاء الماضى الذى يقبل أن يستقبله فى مكتبه الأستاذ «فتحى رضوان»، فقد طلب المرشد المهيض الجناح أن يعتزل فى عزبة الشيخ عبدالله النبراوى بقليوب فاعتقل البوليس الشيخ النبراوى وقد تجاوز الثمانين من العمر، ثم طلب السفر إلى أسوان ليقيم عند صالح باشا حرب فرفض الأمن طلبه فسأل الأستاذ فتحى رضوان ماذا يفعل؟ فنصحه بأن يلزم بيته لكن المرشد المسكين لم يزل يلح. ويكتب إلى رئيس الوزراء راجيا أن يسمح لمصطفى مرعى بمقابلته لعلهما يجدان حلا، ولا يرد رئيس الوزراء. الشيخ المناور القادر على أن يتلاعب بالجميع.. انتهى ليتلاعب به الصغار وهو مستسلم مهيض الجناح، كسير النفس. ثم كانت النهاية. قرر القتلة أن يطلقوا الرصاص على جثته. سحبوا الحراسة المحيطة به، واستدرجوه إلى جلسة مفاوضات أخرى أو أخيرة، وأطلقوا عليه الرصاص.
ويبقى معلقا للبحث الدقيق التاريخ الحقيقى لوفاة الإمام الشهيد المرشد العام للشيخ «حسن أحمد عبدالرحمن البنا الساعاتى». هل هو يوم 12 فبراير «1949. كما هو مثبت فى شهادة الوفاة»؟ أم هو يوم أصدر الشيخ بيانه «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين»؟ أم هو يوم أصدر «بيان للناس»؟ أم قبل ذلك بكثير، يوم سمح لنفسه أن يدخل ميدان السياسة من باب الموالاة للقصر ومخاصمة الشعب؟
وقد أثبت التحقيق أن المدبر الأساسى لمقتل الشيخ حسن البنا كان الملك فاروق. وأكد الإخوان أنفسهم أكثر من مرة أن الشيخ «قد اغتيل فى 12 فبراير 1949 الموافق 14 ربيع ثان سنة 1368 هجرية يوم عيد ميلاد الملك السابق فاروق أحمد فؤاد فكان اغتياله هدية عيد ميلاد ملك جلب الدمار لشعبه». بل لقد وصل الأمر بالجماعة إلى أنها طلبت رسميا من المحكمة التى عقدت فى أعقاب ثورة يوليو لمحاكمة قتلة الشيخ حسن البنا، تقديم متهمين جدد على رأسهم الملك السابق فاروق وذلك باعتباره محرضا وفاعلا أصليا. ولأن القاتل الحقيقى كان فاروق.. فإن الباحث لا يستطيع أن يكتم دهشته - بل ما هو أكثر من الدهشة - إذ يجد فى سجل تشريفات قصر عابدين يوم 14 نوفمبر 1951، أسماء عديدة من قادة الإخوان، أتوا إلى أبواب قصر الملك ليعربوا - مرة أخرى لقاتل شيخهم - ربما عن ولائهم، وربما عن نسيانهم لدم شهيدهم، والتوقيعات ذات دلالة.
- خليفة الشيخ البنا.. المرشد الجديد حسن إسماعيل الهضيبى.
- أقارب الشيخ البنا.. شقيقة عبدالرحمن البنا عضو مكتب الإرشاد العام.
- وصهره عبدالحكيم عابدين سكرتير عام الجماعة.
- وأقرب المقربين إليه من رجاله:
- صالح عشماوى
- عبدالقادر عودة
- حسين كمال الدين
- محمد الغزالى
- عبدالعزيز كامل
وكلهم أعضاء فى مكتب الإرشاد العام.
وحتى السكرتير الخاص للإمام الشهيد وكاتم أسراره ورفيق رحلته الطويلة سعدالدين الوليلى أتوا به معهم ليوقع هو أيضا معربا عن ولائه للملك فاروق! وطوال رحلتنا مع هذه الدراسة. تراكمت علامات استفهام وعلامات تعجب كثيرة، وتكون علامة التعجب الأخيرة مثارا لما هو أكثر من الدهشة.. وتساؤلا حول مدى وفاء هؤلاء الموقعين لذكرى شيخهم وإمامهم ومرشدهم وشهيدهم.. وحول مدى صدق ما يصيغون من تراتيل الوفاء لشيخ نسوا ذكراه على عتبات قصر قاتله!
أو هى دهشة معاكسة حول مدى صدق ما ساقوه من وفاء وولاء للملك، وحول مدى صدق كلمات المداهنة والرياء التى اعتاد الإخوان تقديمها لخصومهم دون تردد.. إنها المناورات الرديئة التى تقتاد السياسى فى نهاية الأمر، إلى ما اقتادت إليه الأستاذ حسن البنا.
http://www.rosaonline.net/alphadb/article.asp?view=1812
|