عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 23-11-2006
الصورة الرمزية لـ babylonian
babylonian babylonian غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2003
المشاركات: 7,663
babylonian is on a distinguished road

الكاتب الكويتي الاستاذ أحمد الجارالله : لن يفلح العدوان على لبنان




بكل اشكال الكلام فإن الجهات التي تحدث عنها الزعيمان اللبنانيان سعد الحريري ووليد جنبلاط, واشارا الى إنها هي التي اغتالت الوزير بيار امين الجميل, لم تفهم حتى هذه اللحظة ان سياسة القتل التي تعتمدها تؤدي الى عكس ما ترمي إليه, اي الى توحيد الشعب اللبناني بدل تفريقه, والى وحدة الكيان اللبناني بدل تمزيقه...هذه الجهات التي لم تحسن قراءة النفسية اللبنانية, وفشلت في جذب قلب مواطن لبناني واحد إلى محبتها, لاتزال تعتدي على لبنان, ولم تقتنع بعد, كما اشرنا, بأن سياستها في الاغتيال والتصفية لن تسفر عن نتيجة اللهم الا زيادة التلاحم اللبناني, وزيادة ارتفاع جدران الكراهية والقطيعة, والتي تسهم في اعلائها دائما انظمة حاكمة بلا رؤية تؤثر الغرق في الاستبداد, وفي ظلم شعوبها.
بعد اغتيال الوزير اللبناني الشاب بيار امين الجميل لاحظنا هذا النظام العام اللبناني الذي يدفع الناس الى الالتصاق بقادتها, ولاحظنا انه من هذا الموقع طلب والد القتيل الرئيس اللبناني الاسبق امين الجميل تحويل ليلة القتل الى ليلة صلاة, والابتعاد عن الانفعال ومحاذرة الوقوع في المخطط الذي قصدته الجهات القاتلة من ارتكاب الجريمة... الجميل الاب, في ظروف لبنان العصيبة هذه الايام, كان كبيرا, لم يأخذه الحزن الى القرارات الانفعالية, واخذه اكثر الى ضرورة اجهاض مخطط القتلة من خلال فهمه للعبة, وادراكه ابعاد المؤامرة. وفي كل الاحوال فإن الجهات المتهمة باغتيال الوزير الجميل ثبت انها لم تفهم الفكر السياسي اللبناني, ولا النفسية اللبنانية العامة, ولذلك لم تفلح في زعزعة اركان الجبهة الداخلية, وفي تحريض مكونات الشعب اللبناني على بعضها بعضا.
الجهات المتهومة ذاتها اعتمدت سياسة العدوان على لبنان لاجهاض حريته واستقلاله,ومنع قيام الدولة فيه... عملت كل ما باستطاعتها, بما في ذلك اللجوء الى الاغتيال واعمال التخريب, فلم تفلح في تحقيق اهدافها.. حرضت »حزب الله« الموالي لها على التحرش باسرائيل وخطف عدد من جنودها, وفي حسبانها ان اسرائيل سترد بتوجيه ضربة الى لبنان لن يقوم بعدها, وكانت النتيجة ان لبنان صمد, وجنوب لبنان أصبح في عهدة جيوش العالم كله, و»حزب الله« الذي كان يغتصب سلطة الدولة في هذا المكان قد أصبح خارج اللعبة, ولم يعد قادرا على دخول الحياة السياسية الا بأساليب التهديد ووضع المسدسات فوق الرؤوس, واذا كان هذا الحزب مستقويا بالدعومات الايرانية, فقد اصبح الآن ورقة بيد ايران تساوم عليها على الوضع في العراق وعلى تسهيل البرنامج النووي. لقد استقوى هذا الحزب بإيران وسورية, واستفرد بعلاقة خاصة بالدولتين, وكأنه حكومة لها الحق في نسج علاقاتها وسياستها الخارجية كما تريد وكأن في لبنان لاتوجد دولة ولاتوجد حكومة, فأين هو هذا الحزب الآن, وقد اصبح في دائرة المشبوهية والالتباس الوطني, ويندفع اكثر واكثر نحو العزلة اذا لم يعد عن جميع مواقفه, ويعلن عودته الى شرعية الدولة اللبنانية وعودة وزرائه الى حكومة لبنان.
الجهات المتهومة باغتيال الوزير الجميل, لم تفشل لوحدها في التعامل مع الخصوصية اللبنانية, بل وفشل معها ازلامها المحليون, والذين هم في الحقيقة كناية عن وجود طفيلي غريب يعيش على هامش الحياة السياسية العامة في لبنان... هذه الجهات كما قلنا لم تعرف من تجمع ومن تفرق, ظنت انها بالاغتيال ستفرق اللبنانيين فثبت لها ان سياسة القتل والارهاب تجمعهم ولا تفرقهم, وكلنا يذكر ان اغتيال الحريري اخرج الامة اللبنانية في صف واحد تمكن من اخراج سورية من لبنان واخراج مصالحها معها والى الابد.
من يعلن الحرب على لبنان ويمارسها ضده لن تعود عليه هذه الحرب بالنتائج التي يرغب بها, اي لن يغرق لبنان في الحرب الاهلية, ولن تأكل الحرب الاهلية الدولة في لبنان, وكما رأينا فاللبنانيون ازدادوا وحدة والمحكمة الدولية التي سعوا إليها لمحاكمة قتلة الحريري ومن بعده قد تشكلت, وفي يوم اغتيال الوزير الجميل.
ولهذا فإن متوالية الاندحار والهزيمة ستحل بشكل متواصل في اعمال الذين يعلنون الحرب على لبنان, وستنتهي الى ذرى جديدة قد تتجلى قريبا في قفص اتهام داخل المحكمة الدولية وبداخله كل الذين قتلوا واعتدوا ومارسوا على لبنان ابشع انواع الجرائم وتسببوا له في جفاف المآقي.


أحمد الجارالله