عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 29-11-2006
الصورة الرمزية لـ makakola
makakola makakola غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 6,270
makakola is on a distinguished road

ويبدو الرجال من أصحاب تلك الدعاوى عن النقاب بعد أن أوهموا المرأة، الأضعف في المجتمع، بالحجاب أن إدارة المجتمع تبدأ من التحكم بها وبزيها. لكن حقيقة ما يجري حولنا في المشرق العربي أن التوقف عند تلك الحجة أوقفت أيضا أي قدرة ذهنية للتفكر في أمور أكثر فائدة لناس والمجتمع. فتلك المجتمعات الخليجية الوهابية لا نشاط لها سوي مراقبة المرأة تلصصا عليها والتفتيش علي مدي التزامهم بالطقوس الإسلامية. ساعين وراء أي لحم مكشوف لإثبات تدينهم وتقواهم. متناسين أن الدين هو علاقة خاصة بين الفرد وربه لها خصوصية لا يجوز الاعتداء عليها ولها حرمة لا يجوز التفتيش فيها. وهو ذات السبب الذي جعل من أوروبا والغرب وكل بلاد العالم خارج جزيرة العرب تنعم بالحرية الدينية والفردية مناط الابتكار والإبداع والقوة. بهذا يصبح رجال الدين عندنا كأعداء لنا ومصدرا لضعفنا مستقبلا بحرصهم علي قيادة المجتمع عكس ما يفرضه التاريخ من إمكانية التقدم.

لكن يبدوا أن العقل الإسلامي البسيط لدي الفئة الجديدة من الدعاة الذين مللنا من كلامهم طوال العشرين عاما الماضية قامت بعمل رابطة شرطية- لاواعيه - بين ثروة النفط وبين التدين علي النمط البدوي القبلي بكل ما يحمله من عادات وأنماط في الزى والسلوك. تلك الرابطة أوحتها لهم الحركة الوهابية بخداع فكري وتضليل نظري لا مثيل. فلان النفط وثروته الريعية السهلة لم تظهر إلا في بلاد ذلك الزى، فإننا لو تدينا ومارسنا تلك السلوكيات في الأزياء وأصبحنا اعداءا للبشر وللحريات ولباقي الأديان فربما يتفجر النفط في أراضينا أيضا. ولان العقل المتلقي الأكثر بساطه وسطحية غير قادر علي التساؤل الصعب فانه لم يسال لماذا العالم حولنا ثري بلا ضعف وقوي أحيانا بلا ثروة؟

فالهند والصين أقوياء بلا إسلام أو نفط واليابان قوية بدون ثروات علي الإطلاق سوي الماء المالح من حولها فتحتاج لكل قطرة نفط لإدارة أمور حياتها. نتائج الأسئلة أو توابع الإجابات الصحيحة ستقلق الكثيرين خاصة أعضاء مجلس الشعب المصري الذي أثار مسالة هامشية لا قيمة لها في قضية الحجاب. وطالب بالاستقالة لمسئولين لهم رأي، لأنهم بشر، فيما يجري من حوله. فالسؤال المفترض توجيه إلي المسئولين هو لماذا تركنا الأمور تصل إلي حد أن تصبح شوارعنا تمتلئ بأشباح متحركة يفترض أنها امرأة، غاية في الجمال ومثيرة للشهوات ولن يستطع احد معها صبرا، فاختفت بين طيات ذلك الزى الشامل الخفاء. رغم علمنا بالقطع أن الجمال في مصر أصبح نادرا ولم تعد النساء في وضع أفضل مما كانت عليه في كل النواحي منذ حوالي أربعين عاما. ولماذا الرجل المسلم التقي يخاطر بأنه لو شاهد منها بأكثر من وجهها أو كفيها فلن يستطع معها صبرا؟

نتائج المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية تقول أن صيحات الموضة ووسائل التجميل هي وبشكل عام ضمن اهتمامات الطبقات الأقدر اقتصاديا وان الحجاب أو النقاب ليس سوي حل لمشكلة الفقر. ومع ذلك فان انتشاره بينهن لم يرفع مستوي الأداء الاجتماعي والمهني أو الإنتاجي ولم يثبت انه مصدرا للتدين أو ناتجا له. فإحصاءات الجريمة التي ترتكبها النساء والسجينات فان معظمهن إن لم يكن الكل ممن يرتدين الحجاب. ومع ذلك وبشكل مبتسر يتم ضم كل من تلبس الحجاب إلي فرق الإسلام المسيس كالإخوان واعتبارهن منضمات للتنظيم تلقائيا.

فانتشاره بين الطبقات الثرية أو بين الفنانات مرده أن كثيرات منهن مفتقدات لمعني الثروة وكيفية استخدامها و الفن وأهدافه. فكثيرات منهن يمكن أن يطلق عليهم ممثلات وليس فنانات. فالفنان شئ والممثل شئ آخر. لهذا تردي الأداء الفني وتراجع المسرح والسينما وتدهورت الفنون عامة إضافة لأسباب أخري سياسية ورقابية وسلوكية. فلم يجد مجال الفن سوي ممثلات يستنكرن ما فعلوه يوما بعد إرهاب ديني من بعض المشايخ أو إغراءات نفطية من الخارج. لهذا يعود البعض للنشاط الفني لو أن الابتزاز انتهت عدواه علي الضحية وعمل في اتجاه مضاد لإعادة دورته في زمن ارتفعت فيه أثمان شحنات التقوى وسعر نولون الورع باطراد مع سعر النفط مما ساعد كثيري الذنوب ومرتكبي المعاصي لإعادة دورات الابتذال والابتزاز استعدادا لتوبة نصوحة جديدة.

فالفنان نموذج شانه شان القيادة سياسيا أو فكريا أو اجتماعيا. فالانهيار هنا لا يكون إلا متزامنا بانهيار هناك. فنواب الشعب هم نماذج، اختيارية بناء علي دعايتهم وقت الترشح والانتخاب، ولا مجال لاختبارها إلا في واقع الممارسة. فلم يقاوم أكثريتهم الفساد بمثل الإجماع في قضية الحجاب. لهذا يمكن أن نطلق عليهم ممثلين وليسوا نوابا. هنا نستدعي مقولة فرويد ثانية، فلو أن الفساد يقع في دائرة ما يفكروا فيه لتحدثوا عنه. لكنهم عند الحديث، عن لحم النساء وكشف العورات والحجاب قاموا قومة رجل واحد بالكلام وتمثيل ادوار التقوى والورع. وباتوا لا يعرفون عن تاريخ بلدهم وعراقتها سوي الذعر المصاحب للشرف عند الحديث عن المرأة التي تذكرهم بالمكبوت العربي الأول، فقاموا بعدوانهم علي وزير الثقافة. فهل هناك مكبوت في ممارستهم السياسية تحت القبة أيضا جعلهم لا ينطقون بما هو سياسي؟ أم انه الخوف من رؤية الجمال بكل تنويعاته لأنهم لا يملكون القدرة والضبط الإنساني الداخلي علي مقاومته كسلطة قاهرة تحملها النساء بجمالهن.

elbadryk@gmail.com
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
الرد مع إقتباس