عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 06-12-2006
الصورة الرمزية لـ ABDELMESSIH67
ABDELMESSIH67 ABDELMESSIH67 غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2003
المشاركات: 3,949
ABDELMESSIH67 is on a distinguished road
الأمر نفسه ينطبق على الإسلام الذي اجتاز فترتين حاسمتين في مرحلته التأسيسية: الفترة المكية، حيث كانت التعاليم ترتبط بالعقيدة وبالوعد والوعيد، لكنها تنحو اجتماعياً منحى المسالمة والموادعة. لم يكن لمحمد أي سلطة في مكة سوى مساندة قومه بني هاشم له ضد عداء قريش. وفي الفترة المدينية صار الإسلام دولة، وتوحدت السلطتان الزمنية والروحية في يد القائد الروحي والنبي الذي يتلقى الوحي. ونلاحظ هنا أن التعاليم الدينية أخذت منحنى دنيوياً، وأن ممارسات النبي صارت ممارسات قائد الدولة. هذا التحول، هل هو تحول في بنية الدين ذاته، أم هو تحول تاريخي؟ وماذا لو لم يلق محمد تأييد أهل المدينة ومساندتهم ؟‍‍ لكن السؤال الأخطر: هل هذا التوحّد التاريخي الذي حدث في المدينة بين السلطتين خاص بشخص النبي أم أنه توحد أبدي دائم يجب الحفاظ عليه؟ من الواضح أن الخلاف بين الأنصار وأهل مكة حول مسألة "الحكم" انصب على هذه النقطة، ومن الواضح أنه كان ثمة اتجاهان: اتجاه للفصل تزعمه أهل المدينة، واتجاه للدمج تزعمه أهل مكة. وتغلب اتجاه الدمج، وهذه غلبة تاريخية تفسرها نظرية العصبية عند ابن خلدون، بمعنى أنها غلبة اجتماعية سياسية لا إقرار لمبدأ ديني. وهكذا نرى العودة للتاريخ الاجتماعي السياسي لكل من المسيحية والإسلام تنفي هذا التعارض الذي يضع الأولى في خانة "الآخرة" ويضع الثاني في خانة "الدنيا".

ويقودنا ذلك إلى الالتباس الخامس، وهو التباس خاص بإيديولوجيا الإسلام السياسي الراهنة: إذا كان الإسلام ديناً ودنيا، وإذا كانت العلمانية هي الدنيوية، فلماذا لا يستوعب الإسلام العلمانية، ولماذا ترفض الجماعات الاسلامية العلمانية وتعاديها باسم الإسلام ؟ في هذا السؤال ينكشف المستور: يجيب البعض أن الإسلام لا يعادي العلمانية لأنه لا يعادي العلم من جهة، ولا يهمل الدنيا من جهة أخرى، وهذا لا يفسر ذلك العداء الشديد للعلمانية الذي يصل إلى حد التحريم والتكفير. وهنا نصل إلى تعارض الشعار الإسلامي (الاسلام دين ودنيا) مع موقف أيديولوجيا الإسلام السياسي من القضايا الدنيوية: السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية من جهة، والثقافية، الفكرية الإبداعية من جهة أخرى. اتجاهات أسلمة العلوم والفنون والآداب، وكذلك المؤسسات والبنى، التي تفضي إلى تحكيم المعايير الأخروية| الأخلاقية في الممارسات الدنيوية. وبعبارة أخرى، المطلوب ارتهان الدنيا لصالح الدين، أو بالأحرى التأويل السلطوي للدين، وهو ما يؤدي إلى نفي الإنسان وإلى نفي العالم…. في تاريخ الفكر الإسلامي يجب الفحص فيما إذا كان الفكر يوجه حركة الإنسان ناحية الله (الأشعرية والصوفية) أو فيما إذا كان ينطلق من بنية اللحظة التأسيسية الأولى في الوحي: الله يخاطب الإنسان بلغته موجهاً له رسالة لتحقيق مصلحته الدنيوية أولا. وسنجد أن سيادة الاتجاه الأول السلطوي سيادة لها أسباب إجتماعية تاريخية، وليست نابعة من صدق موضوعي يتماهى مع جوهر الدين.

هنا نصل إلى الخلاصة:

أولاً: إذا كان التوحد بين السلطة الزمنية والسلطة الروحية حدثاً تاريخياً وواقعة اجتماعية، فمعنى ذلك أنها ليست جوهر الإسلام. ويكون النداء العلماني الراهن نداء في معركة اجتماعية يتم فيها ارتهان العالم والإنسان لصالح التأويل السياسي النفعي البراجماتي (السلطوي) للإسلام.

ثانياً: إن واقعة الوحي ذاتها واقعة تاريخية وليست واقعة أزلية ميتافيزيقية، بدليل أن المسلمين اختلفوا في علم الكلام حول "قدم الكلام الإلهي أو حدوثه" (قِدَم القرآن وخلقه). وهذا الخلاف يؤكد أن سيطرة مفهوم "القدم" يجد تفسيره في التاريخ الاجتماعي السياسي ولا يعطى للمفهوم صدقاً موضوعياً. ومن منظور فلسفي لاهوتي يجب التفريق بين الفعل الإلهي في التاريخ والفعل الإلهي خارج التاريخ. الفعل الإلهي في التاريخ فعل تاريخي خاضع لمنهج التحليل التاريخي، وهكذا الوحي والكلام الإلهي والقرآن. إن سعي لغة النص لتحويل اللحظي والتاريخي إلى دائم وأبدي وثابت هو جزء من بنية اللغة بشكل عام، وواحد من أهم آليات اللغة الدينية بشكل خاص. لكن هذا التسامي والتعالي بالدلالات لا ينفي أهمية الفحص التاريخي للدلالات. لذلك نجد أن استناد الخطاب الإسلامي إلى بعض النصوص لطرح مفاهيمه وأفكاره يحتاج إلى تفكيك لكشف بنية الدلالة واكتشاف تاريخيتها، وهنا تنكشف كل أيديولوجيا التزييف للدين وللدنيا، كما يتبين حجم الفزع الأيديولوجي الإسلامي من النداء العلماني.

أنتهى المقال



لي تحفظات على بعض ما جاء في المقال , هل من تعليقات
عبد المسيح
__________________
فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخُمِهَا. فَيَكُونُ عَلاَمَةً وَشَهَادَةً لِرَبِّ الْجُنُودِ فِي أَرْضِ مِصْرَ. لأَنَّهُمْ يَصْرُخُونَ إِلَى الرَّبِّ بِسَبَبِ الْمُضَايِقِينَ فَيُرْسِلُ لَهُمْ مُخَلِّصاً وَمُحَامِياً وَيُنْقِذُهُمْ. فَيُعْرَفُ الرَّبُّ فِي مِصْرَ وَيَعْرِفُ الْمِصْريُّونَ الرَّبَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَيُقَدِّمُونَ ذَبِيحَةً وتقدمه وَيَنْذُرُونَ لِلرَّبِّ نَذْراً وَيُوفُونَ بِهِ. وَيَضْرِبُ الرَّبُّ مِصْرَ ضَارِباً فَشَافِياً فَيَرْجِعُونَ إِلَى الرَّبِّ فَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَيَشْفِيهِمْ. «فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ سِكَّةٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى أَشُّورَ فَيَجِيءُ الآشوريون إِلَى مِصْرَ وَالْمِصْرِيُّونَ إِلَى أَشُّورَ وَيَعْبُدُ الْمِصْرِيُّونَ مَعَ الآشوريين. فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ إِسْرَائِيلُ ثُلْثاً لِمِصْرَ وَلأَشُّورَ بَرَكَةً فِي الأَرْضِ بِهَا يُبَارِكُ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلاً: مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ وَعَمَلُ يَدَيَّ أَشُّورُ وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلُ».
www.copts.net
الرد مع إقتباس