عرض مشاركة مفردة
  #12  
قديم 14-12-2006
boulos boulos غير متصل
Gold User
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,586
boulos is on a distinguished road
تابع....

الكلام سهل خاصة عندما يدلك العواطف ، فما أحلى كلام الإنجيل عن المحبة والصفح الرائعين بلا شبيه ولا نظير ، لكن محاكم التفتيش والحروب الصليبية قالت في الواقع قولاً آخر مكتوباً بدم الأبرياء وصراخ الثكالى. في التاريخ الديني يوجد نصان ، أحدهما نظري خطابي إرشادي وعظي قصصي حكمي روائي عاطفي يخاطب القلوب والأرواح ، والآخر هو ما تم تدوينه في الواقع فعلاً وحدثاً ، وهو كما حدث في المسيحية حدث في الإسلام ، ودونه المسلمون بأيديهم ، كلون من الفخار والعزة و السؤدد ليفاخروا به التاريخ كله ، وكلا النصين مقدس. وكلاهما عندما فعل في الواقع بالفعل البشري ونوازعه ورغباته أدى إلى احتلال البلاد والإسراف في القتل والإستبداد بالعباد ، مع قهر وظلم بلا شبيه ولا نظير ، لأنه تم تدوينه بدم الناس وأوجاعهم وبالإبادات الجماعية الشاملة التي نسميها اليوم جرائم حرب ضد الإنسانية.
اليوم يوجه لنا المشتغلون بالدين علينا الخطاب الأول ويغطون حتى على مصادر الخطاب الثاني ، ويطلبون عودة بلادنا إلى نظامها الخليفي الأول ، و يطلب الاتحاد العالمي للإخوان إحياء الخلافة هدفاً رئيسياً في برنامجه. لذلك يصبح واجباً على المسلم أن يعلم ما هو مقبل عليه في حال إستلام الإخوان أو أحد إخوانهم لحكم مصر المحروسة لا قدر الله ولا كان. نعود للخلفاء الراشدين قدوة المسلمين والذين تحولت فعالهم في المذهب السني إلى سـُنة كسنة الرسول مكملة له بالضرورة ، بحسبانها النموذج الذي يدعو له المتأسلمون على كافة ضروبهم لنجد الواقع ينطق بغير أقوالنا المأثورة ، فالخليفة الذي قبل من الإعرابي قوله : أن يقومه بسيفه ، هو من قوّم الجزيرة كلها بسيفه ، فقتل أهلها شر قتلة ، قتل من اعترضوا على خلافته وشكوا في شرعية حكمه وصحة بيعته ، وقتل من قرر ترك الإسلام إلى دين قومه ، فأمر برمي الجميع من شواهق الجبال وتنكيسهم في الآبار وحرقهم بالنار ، وأخذ الأطفال والنساء والثروات غنيمة للمسليمن المحالفين لحكم أبي بكر ، وهو ما دونته كتب السير والأخبار الإسلامية على اتفاق والخليفة الثاني العادل ، هو من استعبد شعوباً بكاملها ومات مقتولاً بيد واحد ممن تعرضوا للقهر والإستعباد في خلافته ، أما الخليفة الثالث فكان واضحاً من البداية في التمييز وعدم العدل خاصة في العطاء فكان أن قتله أقاربه وصحابته الذين هم صحابة النبي قتلاً أقرب إلى المثلة ، فكسروا أضلاعه بعد موته عندما نزوا عليه بأقدامهم ، ورفض المسلمون دفنه في مقابرهم فدفن في حش كوكب مدفن اليهود.
ستواجهنا هنا مشكلة أخرى فبأي الخلفاء الراشدين سنقتدي في دولتنا الإسلامية المقبلة؟ وبأي طريقة سيتم اختيار الخليفة ، لأن الخلفاء الأربعة كان لكل منهم طريقة في الوصول إلى الحكم. الخليفة أبو بكر انتصر بحديث "الإمامة في قريش" أو "الخلفاء من قريش" وفي تأويل آخر رمزي اعتبر تكليف النبي له بالصلاة بالمسلمين في مرضه الأخير ، تفويضاً له بالخلافة ، ولم يكن تعييناً واضحاً دقيقاً بالمرة. واختار أبو بكر عمراً من بعده ، واختار عمر من بعده ستة يختاروا من بينهم واحداً ، وفي ولاية على أقوال كثيرة. كل هذا يشير إلى أن رب الإسلام لم يضع للمسلمين نظاماً واضحاً في الحكم ليتبعوه ، بدليل اختلاف الهداة الراشدين وإلا كان تصرف وفعال وطريقة كل خليفة في الحكم مخالفة لمعلوم من الدين بالضرورة.
الرد مع إقتباس